الرقصة الأخيرة للإخوان في تونس
السبت، 11 يوليو 2020 06:00 ممحمود على
تزامناً مع احتفال المصريين والعرب بالذكرى السابعة لثورة 30 يونيو، تعيش تونس اجواء مشابهة، بعدما شهدت الشوارع والميادين التونسية على مدار الأسبوع الماضى مظاهرات ووقفات مطالبة برحيل حكم جماعة الإخوان الإرهابية الممثل في "حركة النهضة" ورئيسها راشد الغنوشى، الذى فاز بدعم من رفاق الإخوان برئاسة البرلمان التونسى.
ولم تقف التحركات في تونس عند المظاهرات الشعبية، بعدما أعلنت عبير موسى، رئيسة الحزب الدستورى الحر، انهم سيقيمون دعوى ضد قانونية تأسيس حركة "النهضة" الإخوانية، بعدما عرقل "الغنوشى" مقترحا فى البرلمان يصنف الإخوان جماعة إرهابية، وقالت أن تأسيس "النهضة" مخالف للقانون التونسى، مؤكدة أن الحركة فتحت الباب أمام تأسيس فرع لجمعية علماء المسلمين القطرية، التى يتزعمها يوسف القرضاوى عام 2012، إبان حكومة حمادى الجبالى، المنتمى للنهضة، وقالت أن هذه الجمعية، ومقرها الرئيسى فى قطر، تعمل وفقا للقانون القطرى، مما يعنى أنها كيان أجنبى، وعرضت وثيقة قانونية قطرية عن عمل الجمعية، مشيرة إلى أن فرع الجمعية فى تونس يضم عبد المجيد النجار، ومحمد بوزغيبة الذى رشحته النهضة لشغل منصب فى المحكمة الدستورية التونسية، مؤكدة أن راشد الغنوشى، زعيم النهضة عضو فى هذه الجمعية.
وقالت عبير موسى أن الجمعية القطرية ليست سوى واجهة من أجل تمويل النهضة، فالأموال ترسل من قطر إلى تونس لتمويل الجمعية ومن ثم إلى حركة النهضة، واصفة كيان القرضاوى بـ"جمعية أجنبية تتغلغل فى تونس"، لافتة إلى أنها تنتظر إجابات من مصرف تونسى، بناء على حق الحصول على المعلومات، من أجل معرفة التمويل الذى يصل إلى فرع الجمعية فى تونس.
واعتبر بعض النواب رفض البرلمان التونسي ورئيسه الغنوشي عقد جلسة تصنيف الجماعة إرهابية في تونس خرقًا للقانون، وتجاوزا خطير من رئيس حركة النهضة الإخوانية في أكبر سلطة تشريعية بالبلاد، لاسيما وأن رئاسة البرلمان لم تقدم أي حجج قانونية لإبطال مناقشة اللائحة.
عدم الاستقرار السياسي كما يقول التونيسيون ليس فقط السبب الرئيسي لبدء حقبة جديدة من الاحتجاجات الرافضة لاستمرار حركة النهضة داخل المشهد السياسي التونسي، بل أن هناك اتهامات من قبل نواب إلى الحركة بإنها تسعى إلى إغراق البلاد في الديون الخارجية بسبب السياسات الفاشلة وانتمائها الخارجي.
وقالت نسرين العماري النائبة عن كتلة الإصلاح (15 مقعداً) أن ما حدث في مكتب البرلمان التونسي هو "الفضيحة"، تجاوز خلالها رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي الفصل 141 من النظام الداخلي، مؤكدة "أنه ليس من حق رئيس البرلمان مناقشة اللائحة مهما كان مضمونها وإنما يقتصر دوره على تحديد جلسة عامة"، مشيرة إلى تصويتها رفقة طارق الفتيتي (نائب رئيس البرلمان) وممثلي كتلة الإصلاح على تحديد جلسة للمناقشة والتصويت على لائحة تصنيف الإخوان تنظيم إرهابي.
ولم تكن فضيحة رئيس حركة النهضة الغنوشي كما وصفها بعض النواب التونسيين برفضه مناقشة اللائحة بالمخالفة للتشريعات التونسية، إلا دليلا إضافيا على ارتباطه هو حركته الإخوانية بالإرهاب، لاسيما وأن الجماعة التي تصنف في مصر والسعودية والإمارات والبحرين إرهابية، لم تتخل في أديباتها عن مساندة التطرف في كل هذه الدول، كما أن هذا التحرك المثير داخل البرلمان التونسي، يثبت بما لا يدع مجالا للشك الاتهامات المتواصلة للغنوشي من جانب التونسيين بإسهامه في التغطية على الجماعات ذات الإيدلوجية المتطرفة والتكفيرية داخل البلاد وفتح منابر الإعلام والمساجد ليبثوا سمومهم داخل المجتمع التونسي، وإعطائهم الدعم المعنوي والسياسي من أجل الاستمرار في نشاطهم وتنفيذ أجندتهم التدميرية والتخريبية في الوطن العربي.
كل هذا دفع الأحزاب التونسية إلى تنظيم مظاهرات ووقفات احتجاجية بالعاصمة من أجل التنديد بممارسات حركة النهضة ورئيسها راشد العنوشي، حيث نظم الحزب الدستوري الحر التونسي وقفة احتجاجية وسط العاصمة في شارع الحبيب بورقيبة، ودعا المشاركون في الوقفة إلى نبذ العنف السياسي، ورفعوا لافتات تؤكد على مدنية الدولة، ورفض حركات الإسلام السياسي التي تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية وهى بعيدة كل البعد عنها.
وأكدت عبير موسي، أن البرلمان أصبح تحت سيطرة الإخوان، مستدركة بالقول: "تونس لن تكون إخوانية أبدا.. وعلى البلاد أن تصنف هذه الجماعة "الإخوان" إرهابية" مؤكدة أن الديمقراطية ليست فوضى وتقتضي أن تتحمل الدولة مسئوليتها.
وعاد الحزب الدستوري الحر الذي يترأسه عبير موسى إلى صدارة المشهد السياسي في تونس من جديد (17 مقعدا برلمانيا)، بفضل المناوشات والتعليقات التي تفرضها موسى داخل جلسات البرلمان، وإحراجها في أكثر من جلسة رئيس البرلمان راشد الغنوشي بسبب سياساته المريبة الداخلية والخارجية، فيما نظم الحزب عددا من الاعتصامات مؤخرا داخل البرلمان لرفضه استمرار الغنوشي على رأس السلطة التشريعية، كما نظم الحزب مسيرة احتجاجية مؤخرا في الشارع الرئيسي للعاصمة التونسية للدعوة إلى تصنيف الإخوان جماعة إرهابية.
ورغم أن السياسة الخارجية يحددها ويقرها الرئيس التونسي بموجب الدستور، إلا أن حركة النهضة ورئيسها الغنوشي مصرون على رسم سياسة تونس الخارجية وبالأخص تجاه الملف الليبي بعيدا عن الرئاسة، وهو ما دفع الرئيس التونسي قيس سعيد إلى إصدار توضيحات في أكثر من مرة ربما تشير إلى ضرورة أن يقف الإخوان في تونس عند حدهم بالابتعاد عن السياسة الخارجية.
ولكن ظل رئيس حركة النهضة مستمرا في انتهاكه للدستور، فبعد أن توجه إلى تركيا في الماضي وأجرى لقاء مثير للجدل بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان أظهر من خلاله دعمه للتحالف التركي الإخواني في ليبيا، تعدى سلطاته واختصاصاته مرة أخرى قبل أسابيع وأجرى اتصالا برئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج من أجل تهنئة على سيطرة ميليشياته على قاعدة الوطية الجوية القريبة من الحدود التونسية.
وتغاضى الغنوشي عما ستسفر عنه هذه التطورات الليبية على الأمن القومي التونسي بوصول جماعات متطرفة ومتشددة على الحدود التونسية، فضلا عن عدم وقوفه على مسافة واحدة مع جميع الأطراف في ليبيا قد يجعل تونس تخسر كثيرا في الملف الليبي كما يقول متابعون ومهتمون بالشأن التونسي.
واستطردت عبير موسى حديثها عن ممارسات النهضة في الملف الخارجي مشيرة أن تونس وأمنها القومي في خطر، مؤكدة أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يسعى لتنفيذ أجندة “الإخوان” في المغرب العربي، واحتلال ليبيا، موضحت خلال مشاركتها في الوقفة الاحتجاجية أنه يجب الحفاظ على حدود تونس والهوية الوطنية والأمن القومي.
وتلاحق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي اتهامات عديدة بجعل تونس قاعدة لوجستية لتسهيل التدخل التركي في ليبيا، وهو ما يعمل على زعزعة الأمن التونسي وفقا لمراقبون أشاروا الملف الخارجي وهو من اختصاصات مؤسسة الرئاسة التونسية.