آيا صوفيا.. خطوة مفضوحة من أردوغان لترقيع ثوب شعبيته المتهاوية
الأحد، 12 يوليو 2020 10:11 ص
في مسعى من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى ترقيع ثوب شعبيته المتهاوية، نتيجة الأزمات الداخلية حيث الفقر والبطالة وانهيار العملة، والخارجية وتداعياتها الاقتصادية التي تتمثل في عدوانه على الدول العربية وأزمته مع دول الاتحاد الأوروبي، لجأ الديكتاتور إلى قرار تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد رغم الاعتراضات الدولية والمحلية.
ويعد آيا صوفيا صرحا فنيا ومعماريا موجود في منطقة السلطان أحمد، بمدينة إسطنبول، وجرى تحويله إلى مسجد مع الدولة العثمانية، بعدما كان كنيسة في أصله، قبل أن يصبح متحفًا في العام 1934.
بداية أزمة
بالرغم من التحذيرات الدولية من تغيير وضع المعلم الأثري الذي يرجع تاريخه إلى 1500 عام والذي له قيمة كبيرة لدى المسيحيين والمسلمين، لكن رجب طيب أردوغان، وقع أمس الجمعة مرسومًا يقضي بإعادة متحف آيا صوفيا إلى مسجد وفتحه للصلاة، وذلك بعدما أبطلت محكمة عليا قرارًا لمؤسس تركيا الحديثة بتحويل المبنى إلى متحف، ونشر القرار عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل بعد ساعة فقط من قرار المحكمة.
اقرأ أيضا:
المتناقض.. أردوغان في 2109: لن نسمح بتحويل أيا صوفيا لمسجد.. وفي 2020: فتحه انتصار للمسلمين
وأعلن أردوغان في مارس 2019، إنه يخطط لإعادة آيا صوفيا إلى أصله، وليس جعله مجانيًا فقط، وأنه لن يصبح متحفًا، وسيسمى مسجدًا، وبعدها وكشفت المعارضة التركية أن أردوغان يحاول إثارة الرأي العام بمتاجرته بـ«آيا صوفيا»، بعد أن أثار القرار غضب الرأي العالمي الذي اعتبر استفزاز للعالم الحر، كما حذرت مؤسسات دولية من تسبب القرار في إشعال فتيل النيران بين أصحاب الأديان.
في 2 يوليو الماضي، أكد مجلس الدولة التركي، أنه سيعلن قراره النهائي بعد 15 يومًا، لكن القرار خرج سريعا وبشكل مفاجئ وأعلن أمس الجمعة، بتحويل المتحف إلى مسجد، وإلغاء مرسوم مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة، بتحويله إلى متحف منذ 1934، مبررا ذلك إلى أنه «سند الملكية قد خصصه كمسجد ومن ثم فإن استخدامه في غير هذه الطبيعة غير جائز قانونا».
وأضاف مجلس الدولة الذي يعد أعلى محكمة إدارية في تركيا أن «القرار الحكومي الصادر في عام 1934 الذي أوقف استخدامه كمسجد وخصصه كمتحف لم يكن متفقا مع القوانين»، في إشارة إلى مرسوم أتاتورك.
حالة من الجدل أثارها قرار أردوغان بين أوساط المعارضة التي أكدت أنه محاولة فقط من الرئيس التركي لإنقاذ شعبيته التي انهارت بسبب أفعاله الطائشة، موضحة أن هذا ظهر خلال الانتخابات البلدية الأخيرة والتي فازت فيها المعارضة العام الماضي في إسطنبول وأنقرة.
واتهمت أحزاب المعارضة، أردوغان باستغلال متحف آيا صوفيا وتحويله إلى مسجد لجعل الناس ينسون الصعوبات الاقتصادية القاتمة التي يعاني منه الأتراك بسبب أفعاله التي زادت مع انتشار وباء كوفيد 19.
ولاستغلال الحدث أفضل استغلال، خرج أردوغان في كلمة متلفزة ليرسل رسائل مشفرة، دائما ما يلجأ إليها خلال خطاباته الرسمية التي تؤكد إصراره على تحقيق حلم الدولة العثمانية، قائلا: إن آيا صوفيا سوف يعود مسجدًا تنفيذًا لوصية السلطان محمد الفاتح، مؤكدًا إلغاء دخول السياح إلى المسجد بتذاكر، بحسب موقع «تركيا الآن».
وأوضح الموقع أن الرئاسة التركية تعمدت خروج خطاب أردوغان في تمام الساعة 20.53، في إشارة بهذا التاريخ إلى عام 2053 الذي بحلوله سيكون مر 600 عام على فتح السلطان محمد الفاتح القسطنطنية.
انتقادات دولية
عقب القرار المفضوح للرئيس التركي، خرجت انتقادات دولية تندد بتحويل المتحف إلى مسجد، حيث عبرت الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا عن أسفها من أن القضاء التركي لم يعر مخاوفها اهتماما عندما اتخذ قراره وقالت إن القرار قد يثير انقسامات أكبر، بحسب وكالة تاس الروسية للأنباء.
وقال المتحدث باسم الكنيسة، فلاديمير ليغويدا، إننا «نلاحظ أنه لم يتم الإصغاء إلى مخاوف ملايين المسيحيين»، وذلك بعدما أبطلت أعلى محكمة إدارية في تركيا قرارا يعطي الصرح الذي يعود بناؤه للقرن السادس، وضع متحف، موضحا أن القرار «يظهر أن جميع المناشدات حول ضرورة التعاطي مع الوضع ببالغ الحساسية، تم تجاهلها».
ومن جانبه قال البطريرك المسكوني بارثولوميو، الذي يتخذ من إسطنبول مقرًا له، وهو الزعيم الروحي لنحو 300 مليون مسيحي أرثوذكسي في العالم إن «تحويل آيا صوفيا إلى مسجد سيثير غضب ملايين المسيحيين حول العالم» وسيتسبب في شرخ بين الشرق والغرب.
أما اليونان حثت اليونان تركيا على الحفاظ على صفة المبنى الأثري كمتحف، موضحة أنها والولايات المتحدة يتابعان عن كثب مصير التراث البيزنطي في تركيا، وأعربتا عن قلقهما.
وقال سام براونباك مسؤول الحريات الدينية في وزارة الخارجية الأمريكية: «ندعو الحكومة التركية إلى الحفاظ على وضع آيا صوفيا الحالي كمتحف».
ونددت وزيرة الثقافة اليونانية لينا ميندوني، بهذه الخطوة قائلة إن «هذا النصب العالمي يتم استغلاله لخدمة مصالح سياسية محلية»، مضيفة أن إعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد وقد تؤثر على العلاقات بين أنقرة وأثينا مع ازدياد الخلافات حول استخراج الغاز في البحر الأبيض المتوسط.
أما منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، قالت إنها تشعر بالحزن معبرة عن آسفها بعد قرار مجلس الدولة التركي بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد.
ويعود تاريخ آيا صوفيا إلى القرن السادس حيث أنشأ في عهد حكم الإمبراطور البيزنطي جستنيان، وتعتبر واحدة من أهم الآثار الموروثة من العهد البيزنطي، وبعد استيلاء العثمانيين على القسطنطينية في 1453، تم تحويل الكنيسة إلى مسجد، كن عقب انهيار الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى، قرر مصطفى كمال أتاتورك في 1935، تحويله إلى متحف.