الرابحون من معركة تفشي الفيروس اللعين
السبت، 04 يوليو 2020 06:00 م مصطفى الجمل
- تحويل المصانع إلى إنتاج أدوات الوقاية أنقذ العمالة من التشريد
- ركود سوق الملابس دفع المصانع لإنتاج الكمامات القماش
- الأزمة منحت الفرصة لتصنيع المنتجات المستوردة محليا
- ركود سوق الملابس دفع المصانع لإنتاج الكمامات القماش
- الأزمة منحت الفرصة لتصنيع المنتجات المستوردة محليا
"رب ضارة نافعة".. حكمة شهيرة ربما تتجلى في أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد حول العالم، إذ رغم الأضرار الكبيرة التي سببها الفيروس اللعين، على صعيد قطاع الأعمال والاقتصاد في مصر، إلا أن هناك عدد كبير من رجال الأعمال الشباب، الذين طوعوا تلك الأزمة بحرفية ومهارة، وجعلها منحة بدلا من محنة، عبر تغيير نشاطهم التجاري الأساسي، والاتجاه إلى إنتاج أدوات الحماية من كورونا.
وألغت حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، السبت الماضي، الإجراءات الاحترازية، وما يتضمنها من حظر تجول وغلق المقاهي ودور العبادة والسينمات، لكن في الوقت نفسه شددت على المواطنين بضرورة ارتداء «الكمامات» واستعمال أدوات الوقاية من الإصابة بالفيروس، وهو ما منح الفرصة لرجال الأعمال الشباب، لإنتاج تلك الأدوات، سواء الكمامة وقناع الوجه أو المطهرات.
كيف أنقذت الكمامات القماش العمالة في المصانع؟
بعد ركود كبير في سوق الملابس- وصل إلى أكثر من 30%،- وتكدس المخازن بالمنتجات التي لا تجد من يشتريها، وظهر هذا جليا في موسم عيد الفطر، بدأ عدد من المصانع في إنتاج وصناعة الكمامات القماش التي يمكن غسلها أكثر من مرة، عقب فرض الدولة قرارا بارتداء المواطنين الكمامات خلال تواجدهم في الأماكن العامة والحكومية ووسائل المواصلات، الأمر الذي ساهم في احتفاظ تلك المصانع بالعمالة.
عمرو حسن، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، أرجع اتجاه مصانع الملابس إلى إنتاج الكمامات القماش، لسببين، هما تراجع أحجام المبيعات بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى تكدس المخازن بالملابس، وأيضا تشغيل العمالة في المصانع، ما يساهم في تقليل تكلفة المصانع نتيجة الأوضاع الحالية.
ويقدر حسن، عدد المصانع العاملة على إنتاج الكمامات، بنحو 350 مصنعا، يتراوح إنتاج المصنع الواحد بين 10-30 ألف كمامة يوميا، بأسعار تبدأ من 10 إلى 12 جنيه، ومصنعة بقطن بنسبة 100% ويمكن غسلها 25 مرة وبنفس المواصفات التي حددتها وزارة الصناعة والتجارة، لافتا إلى أن المصنعين يبيعون الكمامات بأسعار التكلفة لمساعدة المستهلك في تخطي جائجة كورونا وتحريك عجلة التصنيع.
من ألواح ضد أشعة الشمس إلى «ماسكات» وقاية
ومن بين رجال الأعمال الشباب، الذين توجهوا إلى إنتاج الكمامات وأدوات الوقاية من فيروس كورونا، عمرو فتوح، الذي يعد المصنع الوحيد في مصر لإنتاج البولي كربونيت، وهي ألوالح معالجة ضد أشعة الشمس والأشعة فوق البنفسجية، وتستخدم غالبا في المباني الخارجية كأسقف للملاعب والمسابح.
وكغيره من رجال الأعمال، تأثر فتوح بأزمة تفشي فيروس كورنا، بعد حدث ركود كبير في قطاع المقاولات، ما دفعه بالأخير إلى تطويع استخدام ألواح البولي كربونيت فى إنتاج قناعات «ماسكات» وقاية للوجه، مستغلا تميز تلك الألواح بأعلى درجه من النقاء والشفافية والرؤية العالية، علاوة على مرونة وقابليتها للغسل والتعقيم وغير قابلة للكسر.
يقول فتوح، إن أزمة جائحة فيروس كورونا أثرت سلبا على كافة القطاعات الاقتصادية محليا وعالميا، ومن أكثر القطاعات المتضررة بعد القطاع السياحى هو القطاع الصناعي، والذي يعاني من العمالة الكثيفة وارتفاع التكلفة الثابتة، ولذا فكرت بدلا من غلق المصنع خلال الفترة الحالية، تطوير إنتاج المصنع من ألواح البولي كربونيت إلى تصنيع واقي الوجه، موضحاً أن هذا التغيير يأتي لعدة أسباب أبرزها أن ألواح البولي كربونيت هي المادة الخام لإنتاج هذه «الماسكات» بأعلى جودة، قبل أن يشير إلى أن أغلب الماسكات المستوردة والمنتجة محليا في بداية أزمة كورونا لم تكن بجودة عالية، ولم تفي بالغرض في حماية مرتديها من الإصابة بالفيروس.. ويضيف: «حاولنا إنتاج قناعات بجودة عالية لتوفير الحماية للمواطنين والأطقم الطبية، والذين أشادوا بالقناعات بعد استخدامها».
وبحسب «فتوح»، فإن هناك سبب آخر لاتجاه مصنعه إلى تصنيع قناعات الوجه، وهو يتعلق بتشغيل العمالة الكثيفة التي تعمل بالمصنع، ويتحمل سداد رواتبها كاملة بانتظام منذ بداية الأزمة. ويضيف: «لم ننشغل بحجم الأرباح المحققة من وراء تصنيع القناعات، وهو هامش ربح ضئيل لأننا ننتج القناعات بجودة مرتفعة وأسعار تناسب السوق، ولكن الهدف من التصنيع تحمل سداد رواتب العاملين، وعدم التفريط في أي عمالة».
ويرى رجل الأعمال الشاب، أن هناك فرص تصديرية كبيرة لتلك القناعات في أسواق عديدة، إلا أننا نحترم قرار الحكومة بوقف تصدير أدوات الحماية من الفيروس لتحقيق الاكتفاء الذاتي محليا، لأن الأهم هو صحة المواطن المصري وتحقيق الاكتفاء المحلي أولا، ومن ثم التصدير حال توافرها في الأسواق.
وفي 17يونيو الماضي، أصدرت وزيرة الصناعة والتجارة، نيفين جامع قرارا باستمرار العمل بالقرار الوزاري الصادر بشأن وقف تصدير الماسكات الجراحية وأقنعة الوجه «كمامات» ومستلزمات الوقاية من العدوى وذلك لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من تاريخ نشر القرار بالجريدة الرسمية، ونص القرار، على السماح بتصدير الكميات الفائضة فقط عن احتياجات السوق المحلي، والتي تقدرها الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية بموافقة وزيرة التجارة والصناعة، بهدف توفير احتياجات المواطنين والمؤسسات الطبية من هذه المنتجات، خاصة فى ظل الإجراءات الاحترازية التي تتبعها الحكومة لحماية المواطنين من الفيروس اللعين.
بوابة التعقيم تنعش الشركات الصغيرة والمتوسطة
اتجهت عدد من المصانع إلى إنتاج بوابات التعقيم، بعد تحويل نشاطها الأساسي، وهو ما ساهم في إنعاش الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما يقول «محمد ممدوح»، وهو رجل أعمال شاب، يعمل في مجال المقاولات بشكل رئيسي، كما له استثمارات في قطاعي الصناعة والتعليم والتدريب، قبل أن تتأثر جميعها سلباً بنسب متفاوتة جراء جائحة فيروس كورونا.
يقول ممدوح، إن التنوع في الاستثمار دفعه إلى التفكير في إنتاج بوابات تعقيم لوضعها بمواقع الإنشاءات لتعقيم العمال قبل مباشرة عملهم، ويضيف: «لم أكن أسعد حظا عن غيري من رجال الأعمال الذين تأثروا سلبا بسبب جائحة كورونا، خاصة وأن معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة تقدم خدمات للشركات الكبرى العاملة في قطاعات مثل المقاولات والبترول، ومع توقفها في بداية الحظر حدث شبه شلل تام في الشركات الصغيرة».
وبحسب «ممدوح»، لم تكن لأزمة فيروس كورونا تداعيات سلبية فقط بل منحت الفرصة لتصنيع المنتجات المستوردة محليا، وهو الأمر الذي طالما نادى به الرئيس السيسي. يقول ممدوح: «بدأنا تدريجيا البحث عن تصنيع منتج مستورد محلياً، وتم الاستقرار على تصنيع بوابات التعقيم بعد الطلب الكبير عليها عقب قرار الحكومة استئناف العمل بكامل الطاقة في مواقع الإنشاءات بالمشروعات القومية الكبرى المختلفة».
ويشير رجال الأعمال الشاب، إلى أنه بدأ التعاون مع مهندسين ومتخصصين في مجال التعقيم الطبي، لبحث تصنيع «كابينة» لقياس درجة الحرارة، وتعقيم الأفراد. ويكمل: «بالفعل نجحنا في تصنيع بوابة بنسبة تصنيع محلي 75%، ووفرناها للشركات والأندية لحماية العاملين والمترددين عليها»، متمنيا أن تنجح مصر في القضاء على فيروس كورونا، وتجاوز الأزمة بفضل المنتجات المصرية.
وثار خلاف كبير حول جدوى بوابات التعقيم، ففي حين أكدت منظمة الصحة العالمية عدم جدواها، وتحذير عددا من الأطباء كونها تسبب أمراضاً، امتلأت السوشيال ميديا بإعلانات لمصانع وشركات تعرض بوابات التعقيم تحتوي على أجهزة لقياس درجة حرارة الشخص الذي يعبر من خلالها، بحيث تعطي تنبيها في حال ارتفاع درجة حرارته عن المستوى الطبيعي، كما تقوم أيضا بتسليط أشعة فوق بنفسجية أو رش رذاذ، يحتوي مادة كيميائية مطهرة على الشخص من كافة الاتجاهات لفترة محددة، بهدف الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد.