6 دول تستحوذ على 75% من صادرات القمح العالمية.. كيف أمن السيسي احتياجات مصر بعد كورونا؟
الأحد، 28 يونيو 2020 07:44 مسامي بلتاجي
نفوذ الدول يتداخل مع نفوذ الشركات الكبرى في الأسواق العالمية للسلع الزراعية والغذائية
رئيس الجمهورية ناشد المواطنين توريد الكميات الزائدة عن ضروريات الاستهلاك بإجمالي 4,152,721 طنا إضافية لخطة التوريد
استهلاك المزارعين من القمح لعام قادم يقدر بنحو 1,447,279 طنا
رئيس الجمهورية ناشد المواطنين توريد الكميات الزائدة عن ضروريات الاستهلاك بإجمالي 4,152,721 طنا إضافية لخطة التوريد
استهلاك المزارعين من القمح لعام قادم يقدر بنحو 1,447,279 طنا
يتداخل نفوذ الدول مع نفوذ الشركات الكبرى في الأسواق العالمية للسلع الزراعية والغذائية، إذ أن عدد محدود من الدول التي لديها فائض من إنتاجها، يسهم في بنسبة كبيرة من صادرات عدد من السلع الزراعية والغذائية الأساسية، في مواجهة عدد ضخم من الدول التي تعد مستوردا صافيا من الدول التي لديها فائض، حتى باتت الدول العربية مطالبة بمواجهة التحديات التي نهدد الأمن الغذائي العربي، سواء ما تعلق منها بالنمو السكاني المرتفع، والاستغلال الجائر للموارد الزراعية المحدودة والانكشاف الغذائي العربي، في ظل الارتفاع في الارتفاع المتزايد للأسعار العالمية للسلع الغذائية الزراعية الناتج عن الاحتكارات التي تسيطر على مصادر الغذاء العالمي، كهدف لم يعد يحتمل التأجيل أو التراخي؛ وذلك وفق ما جاء في تقرير حول نتائج المؤتمر العلمي الخامس عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، والذي عقد في يومي 13 و14 ديسمبر 2019، بعنوان: "التنمية العربية بين التحديات الراهنة وآفاق الثورة الصناعية الرابعة"، والذي ناقش تحديات الأمن الغذائي العربي، بالتعاون مع المعهد العربي للتخطيط واتحاد الغرف العربية.
وبحسب التقرير، المشار إليها، تتركز نسبة 75% من إجمالي صادرات القمح على مستوى العالم، في يد 6 دول، هي: الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 23.6%، فرنسا 13.4%، كل من استراليا وكندا بنسبة 12.7% لكل منهما، الأرجنتين 8.1%، وألمانيا بنسبة 4.1%.
في ذات التقرير، تمت الإشارة إلى أن 5 دول سيطرت على 90% من إجمالي صادرات الذرة الشامية، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 53.6%، الأرجنتين 13.1%، الصين 10.3%، فرنسا 8.2%، والبرازيل 4.1%.
وصادرات الفول الصويا، بحسب تقرير الغرف التجارية العربية والمعهد العربي للتخطيط، تسيطر على 90% منها، ثلاث دول، هي: الولايات المتحدة الأمريكية 46.3%، البرازيل 31.1%، والأرجنتين 12.9%.
أما بالنسبة للبذور الزيتية الأخرى، تخف درجة التركيز في الاستحواذ على سوق الصادرات، حيث تسيطر 9 دول على 80% من إجمالي صادرات بذور عباد الشمس، بينما تسيطر 4 دول نامية على 57% من صادرات بذور السمسم.
تقرير معهد التخطيط العربي والغرف التجارية العربية، المشار إليه، أفاد بأن درجة التركيز في السيطرة على أسواق الصادرات الزراعية والغذائية، تكون أعلي فيما يتعلق بصادرات الزيوت النباتية، خاصة زيت الذرة، والذي تسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على نحو نصف صادراته العالمية؛ وزيت النخيل، الذي تسيطر دولتان على 88% من إجمالي صادراته، هما: ماليزيا وأندونيسيا؛ وزيت الصويا، الذي يساهم كل من البرازيل والأرجنتين بنحو ثلثي صادراته؛ وزيت عباد الشمس، الذي يأتي أكثر من ثلث صادراته من الأرجنتين وأوكرانيا؛ في حين تسيطر 3 دول على نصف الصادرات العالمية من السكر، وهي: البرازيل، تايلاند، وكوبا.
ما سبقت الإشارة إليه، يلقي بظلاله، بل ويثمن قيمة وأهمية الدعوة الصادقة، التي وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لمزارعي القمح للموسم الحالي 2020، بتوريد أكبر كميات ممكنة من محصول هذا العام، والذي يبلغ إجماليه 9.2 مليون طن، وفقا للعرض الذي قدمه وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، السيد القصير، في كلمته، خلال فعاليات افتتاح الرئيس لمحطة معالجة مياه الصرف بمصرف المحسمة بمحافظة السويس، في 22 أبريل 2020.
وفي تعقيبه على كميات إنتاج القمح في موسم 2020، ناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مزراعي القمح بتوريد ما تبقى لديهم من الإنتاج من القمح، إلى وزارة التموين والتجارة الداخلية، بعد الاحتفاظ بحصص من الاحتياجات التي لا تزيد على الضرورة؛ لافتا إلى أن ظروف أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-10)، وما صاحبها من حالة عدم اليقين، التي قد تستمر حتى ديسمبر 2020، تستدعي الاحتياط والاحتفاظ بكميات كافية لصالح المواطنين، خلال الفترة المقبلة.
جدير بالذكر، الاحتياطي الاستراتيجي المحلي من القمح في مصر، بلغ -وقت إطلاق دعوة رئيس الجمهورية للمزارعين- نحو 2.4 مليون طن، بما يكفي 3 شهور؛ وذلك قياسا على ما أعلنه الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، في 9 أبريل 2020، من أن كمية 3.6 مليون طن، مستهدف توريدها خلال موسم توريد القمح المحلي، والذي بدأ اعتبارا من 15 ابريل 2020؛ بالإضافة إلى الاحتياطي من القمح، المشار إليه، بما يعني أن القمح يكفي البلاد نحو 8 شهور؛ فضلا عن أن القيادة السياسية وجهت بزيادة المخزون من القمح المستورد خلال موسم التوريد المحلي، حيث سيتم استيراد 800 ألف طن.
وفي الوقت الذي أمنت فيه الدولة، احتياجات الاستهلاك من القمح حتى 8 شهور قادمة، أي تقريبا شهر ديسمبر 2020، من خلال المخزون الاستراتيجي الحقيقي، ووكذلك المتوقع من التوريد بإجمالي كميات 3.6 مليون طن، تأتي الرؤية الثاقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي، في مناشدة مزارعي القمح بتوريد كميات إضافية، تؤمن عدة شهور، اتساقا مع توقعات برنامج الغذاء العالمي، بأن أزمة تفشي فيروس كورونا، ستخلف وراءها معاناة لنحو 130 مليون شخص من الجوع الحاد بحلول نهاية 2020، وهو حجم الزيادة في الفجوة في الطلب على الغذاء، وفي مقدمته القمح.
أكد الدكتور علي مصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، في بدايات موسم التوريد، وعقب دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، المنوه عنها، أن معدل توريد القمح هذا العام هو الأعلى منذ عدة سنوات سابقة، حيث تم حتى 4 مايو 2020، توريد مليون وربع المليون طن، مشيرا إلى أن معدل التوريد اليومي يبلغ نحو 120 ألف طن؛ جاء ذلك خلال اجتماع معه، عقده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بمقر المجلس، في 4 مايو 2020؛ وأوضح وزير التموين أن وزارة المالية أتاحت حتى ذلك التاريخ 5.2 مليار جنيه لصرف مستحقات المزارعين الذين يوردون محاصيلهم من القمح، حيث يتم دفع المستحقات للجهات المسوقة في مدة أقصاها 48 ساعة؛ وصرح أحمد كمال، المتحدث باسم الوزارة، في تصريح خاص لـ"صوت الأمة"، استلام وتوريد كميات من القمح المحلي، وصلت إلى إجمالي نحو 3.5 مليون طن، حتى نهاية الأسبوع الثالث من يونيو 2020؛ وذلك من إجمالي 3.6 مليون طن قمح مستهدف استهلامها، وفق ما أعلنته الوزارة، قبل بداية موسم التوريد، في 15 أبريل 2020.
وتستمر وزارة التموين والتجارة الداخلية، في استلام وتوريد القمح المحلي، للموسم الحالي 2020، حتي 15 يوليو 2020 المقبل، وذلك في عدد من المواقع التي تم تحديدها بقرار وزاري، رقم 24، والصادر في 14 يونيو 2020، بعد عدد من المواقع التخزينية التابعة للجهات التسويقية الرئيسية، اعتبارا من 15 يونيو، اليوم التالي ليوم صدور القرار، نظرا لانخفاض معدل الكميات اليومية الموردة والمفرزة.
ونص قرار وزير التموين والتجارة الداخلية، المنوه عنه، على غلق كافة المواقع التخزينية التابعة للجهات المسوقة الرئيسية، من التاريخ المشار إليه، مع استمرار التوريد في عدد 51 موقعا، موزعين على 22 محافظة من بين 27 محافظة على مستوى الجمهورية؛ وذلك تأسيسا على انخفاض معدل الكميات اليومية الموردة والمفرزة، كما سبقت الإشارة، وبناءا على موقف أرصدة الأقماح المستوردة المتاحة للطحن في الموانئ والصوامع والمطاحن التموينية، وعملا على توفير أرصدة استراتيجية من الأقماح بتلك المطاحن.
هذا، ونص قرار وزير التموين والتجارة الداخلية، على استمرار أعمال استلام القمح بالمحافظات والمواقع التالية : صوامع (الحسينية، صان الحجر، العاشر من رمضان)، وشون (القرين التابعة للبنك الزراعي المصري، الغابة، وسفيطة)، بمحافظة الشرقية؛ صومعتي (وادي النطرون، دمنهور) وشونة (أبو حمص - التابعة للبنك الزراعي) بمحافظة البحيرة؛ صومعة شربين وشونة ميت علي التابعة للبنك الزراعي، بمحافظة الدقهلية؛ هنجر، وشونتي سيدي سالم وبيلا التابعة للبنك الزراعي، بمحافظة كفر الشيخ؛ صومعة كينج مريوط؛ صومعتي بنها وعرب العليقات، وشونة كفر سعد البحيري التابعة للبنك الزراعي، بمحافظة القليوبية؛ صومعة طنطا للشركة القابضة للصوامع والتخزين، وشونتي كفر الزيات التابعة للبنك الزراعي ودفرا التابعة للمطاحن، بمحافظة الغربية؛ شونة بركة السبع التابعة للبنك الزراعي وصومعة شرع الله، بمحافظة المنوفية؛ صومعة القنطرة شرق، وشونة القصاصين التابعة للبنك الزراعي، بمحافظة الاسماعيلية؛ شونة مطحن البستانية بدمياط؛ شونة التبين بالقاهرة؛ صومعة الحمام بمرسى مطروح؛ صومعة برقاش وشونة الصف بالجيزة؛ صومعة طاميةو شونة قلمشاة التابعة للبنك الزراعي المصري؛ صومعتي الودى 2 و(كوم أبو راضي) وشونتي سمسطا وأهناسيا التابعتين للبنك الزراعي،، شونة مطحن الواسطي، بمحافظة بني سويف؛ صومعتي بني مزار والبهنسا، وشونتي المنيا المركزية ومغاغة التابعتين للبنك الزراعي، بمحافظة المنيا؛ صومعة أسيوط التابعة للشركة القابضة، وشونتي عرب مطير والغنايم التابعتين للبنك الزراعي، وشونة ساحل سليم التابعة للمطاحند بمحافظة أسيوط؛ صومعة طهطا وشونتي طهطا وطما التابعتين للمطاحن، بمحافظة سوهاج؛ صومعة المراشدة بمحافظة قنا؛ بنكر إسنا بمحافظة الأقصر؛ صومعة المفالسة وصومعة إدفو التابعة للمطاحن، بمحافظة أسوان؛ وصومعة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد.
وإذا كان إجمالي الإنتاج من القمح المحلي لموسم 2020، بلغ 9.2 مليون، لمساحة منزرعة بلغ إجماليها 3.4 مليون فدان، وفقا لإحصاءات وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، بواقع 2705.9 كيلو جرام للفدان (2.7 طن أو 18 أردبا)، في حين إجمالي المتوقع توريده منه 3.6 مليون طن، وفقا لتقديرات وزارة التموين والتجارة الداخلية، فإن الفارق بين الإنتاج والتوريد، يبلغ 5.6 مليون طن؛ والفارق المشار إليه، يعادل 60.8% من إجمالي الإنتاج، ويعادل 155.5% من إجمالي كميات التوريد المتوقعة؛ ووفقا لتصريحات وزير التموين والتجارة الداخلية، في 9 أبريل 2020، بأن 3.6 مليون طن قمح، تكفي متطلبات الاستهلاك لفترة 4.5 شهر، فإن 5.6 مليون طن، تكفي 7 شهور أخرى.
وبالنظر إلى إحصاءات تقرير المنظمة العربية للتنمية الزراعية، حول "أوضاع الأمن الغذائي العربي 2017"، والتي أشارت إلى أن متوسط نصيب الفرد من المتاح للاستهلاك حينها، بلغ 164.8 كيلو جرام في السنة، بمعدل 13.7 كجم في الشهر، ما يوازي ثلاثة أرباع أردب؛ وذلك في حين كان تعداد سكان مصر في 2017، قد بلغ 94798827 نسمة، فإن تعداد مصر في نهاية موسم توريد القمح في منتصف يوليو 2020، سيحقق عدد نحو 100657000 نسمة، مما يتطلب نحو 1379000 طنا في الشهر؛ أي أن الفارق البالغ 5.6 مليون طن، يمكنه أن يؤمن احتياجات 4 شهور، وفقا لتعداد السكان حتى يوليو 2020؛ وفي هذا الصدد، جدير بالذكر، وصل تعداد سكان مصر، 100548754 نسمة، في حوالي الساعة 01.25 صباح يوم الأحد، 28 يونيو 2020.
وتوضح تصريحات الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، في 13 أبريل 2020، والتي أكدت فيها زيادة نسبة المشتغلين إلى 26.6% وتحقيق 8% معدل بطالة، يتضح أن قوة العمل نحو 26,676,950 تسمة، منها نحو 8,803,400 نسمة، وفقا لإحصاءات المعهد العربي للتخطيط، في تقرير حول "خصائص ومعوقات القطاع الزراعي والأمن الغذائي على المستوى العربي: الموارد والاستثمار والتمويل"، من أن نسبة القوى العاملة الزراعية إلى إجمالي القوى العاملة الكلية، تتراوح بين 30% و33% في مصر، تتطلب إجمالي كميات تخزين لعام كامل تصل إلى 1,447,279 طنا، ما يعني فائضا عن حاجة المزارعين للاستهلاك الشخصي، يقدر بنحو 4,152,721 طنا، يفترض توريدها لوزارة التموين والتجارة الداخلية، بناء على مناشدة الرئيس السيسي، وهي كميات تكفي احتياجات الاستهلاك المحلي لمدة 5 شهور إضافية.