في ظل ما يعيشه الأتراك من حرب ضد فيروس كورونا القاتل، لم يسلموا أيضاً من انتهاكات الرئيس التركي رجب أردوغان، بل وطالت الاعتقالات فئات كثيرة، بنسب متزايدة خلال شهري مايو ويونيو الجاري.
الاعتقالات التي نفذتها حكومة الرئيس التركي، كانت لمجرد التعبير عن الرأي أو انتقاد الرئيس رجب أردوغان، وهو ما أكدته مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، في تقرير لها، اليوم الأربعاء.
التقرير الحقوقي حمل عنوان: "في عهد أردوغان… لم يفلت أحد من الاعتقال"، أفاد بأن حالات الاعتقال بين المواطنين الأتراك ارتفعت خلال شهري مايو ويونيو 2020، بسبب التعبير عن آراءهم أو انتقادهم للحكومة ورئيس الجمهورية، فقد تم اعتقال 6 صحفيين والتصديق على أحكام 17 أخرين، بالإضافة لاعتقال 28 شخص مدني بتهم مختلفة، و118 عسكرياً، و5 من رؤساء البلديات، و3 نواب معارضين.
شريف عبد الحميد، مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت، قال إنه خلال شهري مايو ويونيو 2020، اعتقلت الحكومة التركية مواطنين مدنيين وعسكريين؛ بتهمة الانضمام إلى حركة الخدمة، كما نفذت مجموعة أخرى تجاه عدد من الصحفيين والنواب وحكام الولايات بتهمة الإرهاب وإثارة الرأي العام، وهي تهم جاهزة في تركيا لكل من يعارض سياسات الحزب الحاكم أو يقوم برصد وفضح انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا.
من جهته، قال أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت إنه في عهد أردوغان، اعتقلت السلطات التركية واحتجزت الآلاف من الأتراك لأسباب زائفة، ما بين معارضين سلميين، وسجناء سياسيين، وسجناء غير سياسيين بالمرة، ربما تم احتجاز بعضهم لمجرد تعبيرهم عن أراءهم أو انتقادهم للرئيس والحكومة.
وأضاف عقيل أن الاضطهاد الجماعي قد أسفر عن سجن ما يزيد عن 50.000 شخص بناء على اتهامات ملفقة منذ محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016. فمنذ ذلك التاريخ قامت الحكومة بتجديد قانون الطوارئ ثلاث مرات، وأصدرت قانون الإرهاب والتي بموجبهم اعتقلت الآلاف من الاتراك من المدنيين والعسكريين.
واستمرت الاعتقالات التركية على الرغم من تفشي فيروس كورونا في مدن تركية، وخاصة مع إعلان تركيا عودة الحياة إلى طبيعتها مطلع هذا الشهر، واستأنفت أيضا الملاحقات الأمنية، التي انطلقت عقب انقلاب يوليو 2016، بعد توقف قرابة شهرين.
ويحمل الرئيس التركي رجب أردوغان حركة الخدمة مسئولية تدير انقلاب عام 2016 إلا أن اتهامه يفتقر إلى أدلة ملموسة.
ومنذ محاولة الانقلاب، أطلقت تركيا حملة أسمتها "تطهير"، شملت كافة القطاعات العامة وأسفرت عن اعتقال نحو 80 ألف شخص في انتظار المحاكمة، وعزل أو أوقف عن العمل حوالي 150 ألفا من موظفي الحكومة وأفراد الجيش والشرطة وغيرهم.
في الوقت ذاته، قالت منظمة حقوق الإنسان التركية بمدينة ديار بكر، إن الفترة بين عامي 2016 و2019 شهد قفزات كبيرة في أعداد شكاوى حالات التعذيب والمعاملة السيئة بالسنوات العشر الأخيرة.
وبحسب تقرير صدر عنها حديثاً، فإن عام 2018 كان الأكثر استقبالًا لطلبات فحص حالات العنف والتعذيب، لافتًا إلى حدوث قفزات كبيرة في الفترة بين 2016-2019.
وأشار التقرير الحقوقي، إلى أن السنوات العشر الأخيرة شهدت استقبال 3 آلاف و659 طلبًا لفحص حالات انتهاكات لحقوق الإنسان في ديا بكر، مشيرًا إلى أن من بيها 689 طلبًا بشأن أفعال تسببت في إصابات نتيجة العنف الجسدي من قبل الموظفين الحكوميين.
وأشار إلى أن الطلبات التي تم استلامها خلال الـ 10 سنوات الأخيرة 97 منها لسيدات و592 طلبًا لرجال، مشيرًا إلى أن الشكاوى الأكثر كانت من حراس الأمن في القطاع الحكومي بعدد بلغ 324 شكوى، تلاهم في المرتبة الثانية رجال الشرطة بعدد 280 طلبًا، ثم رجال الجيش بعدد 71 شكوى.
ولفت التقرير إلى أن الفترة بين 2010 و2015 كانت تشهد مفاوضات السلام بين الأكراد والحكومة التركية، لذلك شهدت هدوءً في انتهاكات حقوق الإنسان، وفي أعقاب محاولة انقلاب 2016 بدأت الانتهاكات تزيد مرة أخرى.
وعلى الرغم من تهم الانتماء لحركة الخدمة، صدر اعتراف من النائب العام بأنقرة، يكشف أن محاولة الانقلاب في عام 2016 تم تدبيرها من قبل السلطة السياسية من أجل العثور على دليل وذريعة لإعلان حركة الخدمة منظمة إرهابية وتصفية الجيش من غير المرغوبين فيهم بتهمة الانتماء إلى هذه المنظمة.
وقال النائب العام في أنقرة وعضو المحكمة العليا المسؤول عن تحقيقات الانقلاب الفاشل هارون كودالاك، إنهم لم يتمكنوا من العثور على أدلة تثبت أن حركة الخدمة منظمة مسلحة في مذكرة الادعاء الرئيسية الخاصة بهذه الحركة، المذكرة التي نشرت قبل فترة قصيرة من المحاولة الانقلابية الغاشمة في 15 يوليو 2016.