"لنا الشرعية الدولية والمحلية".. لهذه الأسباب تحركت مصر "صراحة" تجاه الأوضاع في ليبيا
السبت، 20 يونيو 2020 10:11 ممحمد الشرقاوي
خلال الشهر الجاري، بدا التعامل المصري مع الأزمة الليبية واضحاً للجميع، بما يؤكد ضرورة إنهاء الأزمة الليبية وفرض الاستقرار وتدعيم مؤسسات الدولة، وهو ما تدعو له بداية من تدهور الأوضاع في طرابلس منذ 2011.
وفي الآونة الأخيرة وجهت القيادة المصرية رسائل واضحة وصارمة للمجتمع الدولي، بأنه لا مساس بأمن ليبيا، وأن القاهرة تدعم فرض السلام في ليبيا وحل الأزمة، بما يحفظ حقوق الليبيين ومقدراتهم.
محطتان أكدت من خلالهما القيادة المصرية دعمها الكامل لحل الأزمة الليبية، وقدمت أطر لحل الأزمة، حتى لو تطلب الأمر تدخلاً عسكرياً، شرط موافقة الليبيين، وخلال الأسبوع الأول من يونيو الجاري، أعلن الرئيس السيسي عن المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية "إعلان القاهرة"، بحضور القائد العام للجيش الليبي المشير حفتر ورئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح.
وهدفت المبادرة المصرية لفرض الاستقرار ومنع التدخل الأجنبي في ليبيا، وخاصة التدخلات التركية العسكرية على الأرض من خلال إرسال الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا، واليوم السبت بعث برسالة أكثر صرامة ووضوحاً.
الرئيس السيسي قال إن أي تدخل مباشر من مصر في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية، سواء في إطار میثاق الأمم المتحدة (حق الدفاع عن النفس)، أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي (مجلس النواب)"، متابعاً: أي تدخل مباشر في ليبيا سيهدف لتأمين الحدود ووقف إطلاق النار ووضع حد للتدخلات الأجنبية في ليبيا، مع الحرص على التوصل إلى تسوية شاملة في ليبيا.
ويرى خبراء دوليون، أن خطاب السيسي خلال تفقده القوات العسكرية بالمنطقة الغربية، واضح جداً ويحمل رسائل مباشرة للجميع، كونه يؤكد على أن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، جزء من أمن المنطقة العربية، خاصة دول الجوار المباشر، باعتبار أن وجود الميليشيات في ليبيا يهدد الأمن المصري والقومي والعربي علاوة على كونه ضد إرادة الشعب.
ويرتبط الأمن القومي لمصر بأمن ليبيا واستقرارها، بشكل مباشر، فخلال السنوات الماضية، عانت مصر والجزائر أيضاً من مسألة الإرهاب والعنف، وسبق أن تسلل إرهابيون من الحدود الليبية، ونفذوا هجمات داخل مصر، وبالتالي كيف يمكن أن يقبل الرئيس المصري بآلاف العناصر الإرهابية على حدود بلاده!
وجاء موقف مصر الحازم، نتيجة متغيرات جرت على الأراضي الليبية خلال الفترة الأخيرة، تهدد أمن مصر بشكل مباشر، متمثلة في رحلات المرتزقة السوريين إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق وميليشياتها، ضد الجيش الليبي، ضمن مخطط تركي لتهديد أمن مصر، وهو ما أعلن عنه الإرهابيون صراحة بأنهم يريدون التقدم باتجاه الحدود، ومن بينها تصريحات لمسؤولين بحكومة الوفاق.
ومن بين المتغيرات، الرغبة التركية وسعيها للسيطرة على الأراضي الليبية، من خلال قواعد عسكرية تسعى إلى إنشائها هناك، أكد ذلك زيارة مسؤولين أتراك عسكريين وسياسيين لطرابلس، وهو ما وصفه نشطاء ليبيون: "من أجل تسلم مفاتيح ليبيا". وأعلنت أنقرة عن نيتها إنشاء قواعدتين عسكريتين جوية في الوطية، وبحرية في مصراته، وهو ما يمثل تهديداً للمنطقة ككل.
ويرى خبراء أن الرد المصري في ذلك التوقيت مدروس وليس مجرد تصريحات عشوائية وإنما كرد فعل على تدخل تركيا، وبالتالي فهو رسالة تحذير للبلطجة التركية، على الرغم من وجود مبادرة سياسية طرحتها مصر مبنية على مخرجات برلين، التي وافق عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلا أن العناد التركي ما زال مستمرا.
الرئيس السيسي وجه رسائل صارمة أيضاً لميليشيات حكومة الوفاق الإرهابية، بأن تتوقف عن هذا العبث والتحضيرات لهجوم على موقع الهلال النفطي، لأنها تعول على ميليشيات تركيا التي لن تتمكن من مساعدتها في الميدان، وهذا سيثنيها عن المغامرة والهجوم على قوات الجيش الليبي في الجفرة أو سرت، حيث يطمع أردوغان في الهيمنة على النفط والغاز الليبي، وكسب ورقة قوية ليفاوض بها دولا أوروبية مثل اليونان، في مسألة نفط وغاز شرق المتوسط.
المؤكد للجميع أن مصر تلتزم الصبر حيال الأوضاع الإقليمية القائمة في دول الجوار، إلا أن الرئيس السيسي قال: "من يظن أن صبرنا ضعف فهو مخطأ تماما"، لكنها تؤكد أيضاً على جاهزيتها حال طلبت القبائل الليبية ذلك، بالإضافة على موقفها الثابت تجاه حل الأزمة الليبية.