واستعرض المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في دراسة له عددا من العوامل غير السياسية التي لا بد أن تأخذها السودان فى الاعتبار منها، تغير طبيعة المناخ الحالي بما لا يوفر كميات المياه الكافية من الأمطار، بالإضافة إلى الأفق الزراعي التنموي الذي سيعتمده السودان خلال المراحل المقبلة يعتمد بشكل كامل على نصيب البلاد من النيل، علاوة على مدى تأثُّر المشروعات التنموية العملاقة القائمة بتنفيذ السد، لا سيما تلك التي تعتمد على مياه النيل مثل: مشروع الجزيرة، وكنانة وغيرها من المشاريع.
أما عن الأضرار الناجمة عن بناء السد، أشار المركز إلى عدد من الأثار منها انخفاض منسوب المياه في النيل الأزرق لأن السد سيحول نظام الري إلى الري بالرفع، الذي يتسم بتكاليفه العالية وخاصة مع نقص الكهرباء والمواد البترولية في البلاد، علاوة على حجز الطمي أمام سد النهضة سيحرم السودان من المغذي الطبيعي لأراضيه، ما يتطلب استخدام الأسمدة الصناعية سواء بالاستيراد أو بالتصنيع الذي يتطلب كميات من الكهرباء أكبر من التي سيحصل عليها السودان من سد النهضة الأثيوبي، كما أن حجز الطمي أمام سد النهضة سيوقف صناعة الطوب الأحمر في السودان، وسيزيد من معدلات النحر في النيل الأزرق، ما يهدد المنشأت المائية والسدود وكذلك الجسور.
كما ستؤدي بحيرة سد النهضة لغمر غابات شجرية، وستتحلل في المياه مما يمثل خطراً بيئياً على الثروة السمكية بالسودان، أما أعظم المخاطر هو احتمال انهيار سد النهضة والذي ستختفي معه معظم السدود والمدن والقرى السودانية، وأي نقص في تدفق النيل الأزرق ستكون تبعاته خطيرة على السودان، لعدم توفر سدود تخزينية كبيرة لها تستطيع تعويض هذا العجز المتوقع، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، ما يزيد من تكاليف رفعها بالإضافة إلى نقص كميات المياه الجوفية المتاحة.
خبراء سودانيون: أثار السد مدمرة علي السودان
وكشف خبراء سودانيون الآثار السلبية لسد النهضة على الخرطوم حيث ستكون تداعيات السد "مدمرة" على السودان، بدرجة تتجاوز تأثيراته المحتملة على مصر، ما يحتّم على الخرطوم أن تتخذ موقفاً أكثر تشددا في نظرتها المتساهلة مع السد.
وقال محمد عثمان مؤسس مجموعة مخاطر السد الإثيوبى إن خطر سد النهضة الإثيوبي يتركز على السودان تحديداً، لأنه يقام في منطقة حدودية بما لا يدع للسودان فترة زمنية كافية لاستقبال المياه في حالة المخاطر، وبخاصة أن السودان ليس لديه بحيرات لتصريف المياه الزائدة إذا تعرض السد لمخاطر.
وقانونيا، ليس من حق إثيوبيا بناءه في إقليم بني شنقول السوداني المحتل وعلى النيل الأزرق دون موافقة، فالاتفاقية الموقعة عام 1902 تحظر على إثيوبيا بناء أي إنشاءات على السد مقابل السماح لها بإدارة إقليم بني شنقول الذي تمتد حدوده إلى بحيرة تانا، وعليه فإن جزءاً كبيراً من مياه النيل الأزرق التي تصل لمصروالسودان بالأساس تنبع من الإقليم السوداني المحتل، على حد تعبيره.
أما الدكتور أحمد المفتي العضو المستقيل من اللجنة الرسمية السودانية حول سد النهضة فقال: إن الأمر بالنسبة للسودان مسألة حياة أو موت، لأن كل ما حدث يقنن الوضع الحالي الذي يسلب السودان أمنه المائي، ويعرضه للغرق أو العطش، محذرا من خطورة انهيار سد النهضة الإثيوبي، عقب انهيار إحدى بوابات سد "أوين – نالوبالي".
وقال المهندس دياب حسين الخبير السودانى فى السدود المائية وعضو اللجنة الدولية لتقييم سد النهضة إن اثيوبيا وعدت بعمل نموذج حسابى ثنائي الأبعاد ويسمى النموذج break analysis dam لتوضيح الكميات المنسابة والسرعة والأبعاد والإنشاءات المتأثرة، لافتا إلى أن أديس أبابا تتهرب من تنفيذ هذا الوعد ولم تلتزم به حتى نهاية عمل اللجنة، وهو ما يدل على خطورة هذا السد إذا انهار.
وقد اختلف الخبراء حول وجود فوالق أم لا، لكن المندوب السوداني في الوفد، قال إنه لا توجد فوالق لأن الوادي عبارة عن تعرية، مما يجعل التربة هشة والجبلين في طرفي الوادي مختلفان لذا استبعد الفوالق، ولكنه أكد وجود الكهوف رغم إنكار اثيوبيا وفي رد إثيوبيا على التقرير: لا توجد فوالق ولا كهوف في الموقع ولكن لا يستبعد وجود فوالق داخل البحيرة على بعد 100 كيلو .
واتهم الخبراء السودانيون اثيوبيا بعمل دراسة مسح مائي مفصل بشبكات، لمعرفة أي مشاكل تؤدي لحدوث شقوق وفوالق فى منطقة بناء السد، ويمكن أن تكون الفوالق موجودة في اقرب مسافة لأن المسح المائي لوعورة المنطقة من ناحية السلامة ووجود فوالق أو شقوق داخل بحيرة محملة بأطماء وأخشاب وممارسة الشعب الأثيوبي في البحيرة مع ضغط المياه و الطمي تؤدى إلى حركة قوية مثل "تسونامي".
وأشار الخبير السودانى الدكتور إبراهيم الأمين إلى عدم وجود سيناريوهات لدى السودان في حالة حدوث انهيار لسد النهضة ، إذ يمكن لمياه السد أن تصل إلى سد الروصيرص في 8 ساعات وإلى سنار خلال يوم أو يوم ونصف والخرطوم في 8 أيام .
فيما أكد الدكتور أحمد عبد الرحمن العاقب أن التوربينات المولدة للطاقة في سد النهضة سوف تأخذ 80-90% من الطاقة الدافعة للمياه مما يجعل نهر النيل الأزرق نهراً فاقداً للطاقة، وهذه الطاقة في النيل الأزرق هي القوة الدافعة لنهر النيل الأبيض شمالاً، وفقدان النيل الأزرق لطاقته يجعل منه نهراً بطيء، مما يزيد من حجم النباتات المائية المزعجة والطحالب ذات الروائح الكريهة فيكثر استخدام منظفات المياه مثل الكلور مما يفقد مياه النيل لطعمها الأساسى.