فيروس كورونا يتنحى جانبا.. وخلافات السياسة تتصدر المشهد من جديد
الإثنين، 01 يونيو 2020 11:00 ص
تراجع الاهتمام بفيروس كورونا المستجد، عن صدارة الأوليات في العالم قليلا، بعد أسابيع طويلة لم يكن فيها صوت يعلو فوق صوت الوباء القاتل وتداعياته الاقتصادية المدمرة، لتطغى القضايا السياسية المعتادة التى غابت عن الأنظار فى الفترة الماضية الواجهة.
ورغم أن الوباء لا يزال يحصد آلاف الأرواح يوميا، ناهيك عن العدد المتزايد للإصابات، تصدرت الاحتجاجات ضد عنف الشرطة الأمريكية المشهد لعدة أيام، حيث أدى مصرع الأمريكى من أصل أفريقى جورج فلويد على يد ضباط الشرطة فى مدينة مينيابوليس بولاية منيسوتا إلى حالة من الغضب الشديد التى انتشرت فى ولايات ومدن كثيرة.
وأشعل المحتجون النيران بسيارات الشرطة وتم قطع الطرق الحرة، بينما تم تحطيم نوافذ المبانى وقامت الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، بل ولجأت أحيانا إلى الرصاص المطاطى بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".
وفى واشنطن، اشتبك المحتجون على مصرع فلويد مع الخدمة السرية وشرطة العاصمة فى ثانى مواجهة عنيفة خلال أقل من 24 ساعة بين مسئولى تنفيذ القانون ونشطاء ضد وحشية الشرطة. وتجمع نحو ألف شخص فى محيط البيت الأبيض الذى أحاط به مركبات الشرطة والحواجز المعدنية وصفوف من عملاء الخدمة السرية المسلحون ورجال الشرطة. وتفرق المحتجون فيما بعد فى جماعات أصغر واتجهوا نحو وسط المدينة ليحرقوا ويحطوا النوافذ فى طريقهم. وتعرضت بعض المتاجر والمطاعم القريبة من البيت الأبيض للنهب، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.
وقالت شبكة "سى إن إن" الأمريكية إن 25 مدينة فى الولايات المتحدة قد أصبحت تحت حظر التجول مع استمرار الاحتجاجات فى البلاد فى الساعات الأولى من صباح، الأحد، ضد تورط الشرطة فى مصرع جورج فلويد أثناء محاولة القبض عليه الأسبوع الماضى، وتنتشر هذه المدن فى 16 ولاية، فيما تم نشر الحرس الوطنى فى حوالى 10 ولايات إلى جانب مقاطعة كولومبيا.
وأثناء الاحتجاجات، انشغل الأمريكيون أيضا بمعركة الرئيس مع مواقع التواصل الاجتماعى بعد توقيعه أمرا تنفيذيا من شأنه أن يرفع الحصانة التى تتمتع بها شركات التكنولوجيا بشأن المحتوى المنشور عبر منصاتها. وجاء ذلك بعد أن قام موقع تويتر بوضع تصنيف "تقصى حقائق" على تغريدتين لترامب بشأن التصويت بالبريد فى الانتخابات.
عادت قضية البريكست إلى مقدمة المشهد البريطاني السياسى بعد السجال بين بروكسل ولندن بشأن المفاوضات الخاصة بالانسحاب. حيث حذر كبير مفاوضى الاتحاد الأوروبى ميشال بارنيه من أن بريطانيا تواجه خروجا من الكتلة بدون اتفاق ما لم يفِ رئيس حكومتها بوريس جونسون بالوعود التى قطعه عند تأمين اتفاق الانسحاب.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "تايمز" البريطانية فإن بارنيه اتهم رئيس الوزراء البريطانى بمحاولة التراجع عن الالتزامات المكتوبة فى الإعلان السياسى الموقع مع المفوضية الأوروبية. وأعلن بارنيه أنه لن يكون هناك اتفاق تجارة ما لم يتم الامتثال للنص الذى تم التفاوض عليه بالحرف، مشيرا أن بريطانيا ستخسر المزيد من فشل المحادثات.
وفى مقابلة مع صحيفة التايمز قال بارنيه إن بريطانيا تراجعت خطوات للوراء عن الالتزامات الأصلية، وأشار إلى ضرورة أن يكون المفاوضون البريطانيون منسجمون تماما مع ما وقع عليه رئيس الوزراء مع بروكسل لأن 27 رئس دولة وحكومة والبرلمان الأوروبى ليس لديهم ذاكرة قصيرة.
ومضى قائلا: نتذكر بشكل واضح جدا النص الذى تفاوضنا عليه مع بوريس جونسون. ونريد فقط رؤية الامتثال له بالحرف. ولو لم يحدث هذا فلن يكون هناك اتفاق. وسبق أن اتهم بارنيه بريطانيا بالفشل فى التواصل بشأن قضايا التنظيمات والمعايير الخاصة بالاتحاد الأوروبى والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
فى إسبانيا، بدأت الحياة السياسية تعود إلى طبيعتها فى البلاد، على الرغم من استمرار أزمة كورونا، حيث بدأت تدب الخلافات والأزمات من جديد وخرج العديد من الاحتجاجات، وسط جدل سياسى مش بشكل غير مسبوق، داخل البرلمان الاسبانى وخارجه، حيث تشن المعارضة اليمينة هجوما شرسا على الحكومة ورئيسها بيدرو سانتشيز للتفاوض على كل خطوة فى البرلمان مع الأحزاب الإقليمية تحت الابتزاز والشروط التعجيزية لإنقاذ حكومته التى فازت بثقة مجلس النواب بفارق صوت واحد.
وكان الجدل البرلمانى وصل نهاية الأسبوع الماضى إلى حدة لم يعرفها منذ سنوات، عندما توجه المتحدث باسم حزب فوكس اليمينى المتطرف بشتم إيجليسياس قائلا: "أنت ابن إرهابى، وسليلة أرستقراطية الإرهاب السياسى، وعبء على الديمقراطية فى إسبانيا"، وكان إيجليسياس خاطب الحزب اليمينى "أنتم تراودكم فكرة القيام بانقلاب لكن تنقصكم الجرأة للقيام بذلك".
وفى سياق الهجوم على الحكومة الذي تتنافس على التصعيد فيه القوى والأحزاب اليمينية، ينظم حزب فوكس مظاهرات يومية بالسيارات كل مساء في العاصمة مدريد، ومعظم المدن الكبرى الأخرى، ويخرج أنصاره إلى الشرفات يقرعون الطناجر احتجاجاً على أداء الحكومة، ويطالبون باستقالتها.
وأوضحت صحيفة "الباييس" الإسبانية أن الملك فيليبي السادس الذي يتنامى قلقه إزاء هذا المشهد السياسي المشحون فى مثل هذه الظروف الصعبة، وأمام احتمالات تصعيد اجتماعى بسبب التداعيات الاقتصادية للأزمة، باشر منذ أيام بإجراء اتصالات ومشاورات بعيدة عن الأضواء، في محاولة لتهدئة الأجواء، وتوحيد الصفوف أمام التحديات المقبلة.