القوى الناعمة تواجه الإرهاب والتكفيريين: «الاختيار» يعيد الحياة للدراما الوطنية
الأحد، 31 مايو 2020 09:00 صكتب- محمد أبوليلة:
- دراما رمضان 2021 تبدأ بثلاثية «الاختيار 2» و«القاهرة كابول و«هجمة مرتدة» لتخليد البطولات المصرية
- الالتفاف الجماهيرى حول ملحمة «منسى» فى المسلسل تكتب شهادة الميلاد لدراما الرسائل الجادة
مشاهد بعينها من مسلسل «الاختيار 1» لا تزال محفورة فى أذهان الكثيرين من المصريين والعرب، أولئك الذين شاهدوا حلقات المسلسل الوطنى غير المسبوق فى الدراما العربية طوال شهر رمضان 2020، ورغم انتهاء حلقات المسلسل منذ أوائل الأسبوع الماضى، إلا أن أحداثه ومشاهده التى توثق ما جرى فى مصر طيلة التسع سنوات الماضية حاضرة وفارقة.
ذلك المسلسل الذى يُجسد حياة الشهيد العقيد أركان حرب أحمد صابر المنسى قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذى استشهد فى كمين «مربع البرث»، بمدينة رفح المصرية عام 2017، أثناء التصدى لهجوم إرهابى فى سيناء، ويُظهِر العمل العديد من الجوانب الاجتماعية والإنسانية فى حياة البطل الراحل، رآه غالبية المصريين عملا فنيا عظيما، يؤجج المشاعر ويوقد روح الانتماء والبطولة فى نفوس النشء.
من تابع مسلسل «الاختيار 1» منذ اللحظة الأولى سيرى بدايته بمشهد اللحظات الأخيرة فى حياة الضابط أحمد المنسى، الذى استشهد عام 2017، أثناء دفاعه هو وجنوده عن نقطة تمركزهم فى منطقة البرث، فى ملحمة لاتزال حاضرة فى أذهان الجميع، حيث أبرزت حلقات المسلسل الأولى الاختلافات بين شخصية المنسى والإرهابى هشام عشماوى الذى انشق عن قوات الصاعقة وانضم للإرهابيين من الجماعات التكفيرية، وتبدأ قصة «الاختيار 1» من هنا، حيث يرتكز المسلسل على اللقطات الحربية لتوثيق تحركات الجيش المصرى فى سيناء، فيدمج بين مشاهد وثائقية وأخرى مصورة بتقنيات ومؤثرات بصرية متطورة.
«رد اعتبار» لـ الدراما المصرية
ولأول مرة يوثق المصريون عبر منصات التواصل الاجتماعى مشاهد المسلسل من داخل منازلهم بعد آخر حلقة، إذ امتزجت مشاعر الحزن والفرح والفخر أبطال لم يتوانوا فى تقديم الغالى والنفيس من أجل الوطن، ولأول مرة- منذ سنوات- اجتمعت العائلة فى نفس المكان لمشاهدة «دراما وطنية» كادت تختفى عن شاشة التلفاز.
هذه المشاهد ذكرت الكثيرين باجتماع الأسر فى الثمانينيات لمتابعة مسلسل «دموع فى عيون وقحة» للفنان عادل إمام، أو مسلسل «رأفت الهجان» للفنان محمود عبدالعزيز، فكثير من المصريين متعطشون لهذه النوعية من المسلسلات، لأن أهميتها تكمن فى تعريف الأجيال الجديدة بتاريخها وإنجازات جيشها وأعدائه الحقيقيين، فالاختيار فى وجهة نظر الكثيرين امتداد لتلك الأعمال القديمة، التى يتوقون إلى مشاهدتها لما تحمله من رسائل جادة وحقيقية.
حسب وصف كثير من المحللين الفنيين والسياسيين فإن مسلسل «الاختيار 1» رد الاعتبار للدراما المصرية، عندما ارتبطت أحداث المسلسل بسيناء، لأن سيناء هى البقعة المصرية الأكثر ثراء بالدم المصرى، فهى جزء جوهرى من تاريخ مصر، وتربط بين تاريخ وجغرافية مصر، فمعارك سيناء تلخص القاعدة الأساسية للوطنية المصرية، ومسلسل «الاختيار 1» أظهر للمصريين العدو الحقيقى لمصر، لأن ما يحدث فى سيناء حاليا هو امتداد لحرب اكتوبر 73، فالعدو واحد بأطراف متعددة
لماذا الاختيار؟
«الدور النفسى للأعمال الدرامية الوطنية كمسلسل «الاختيار 1» هو تأجيج اللُحمة الوطنية، والحس الوطنى داخل المجتمع».. هذه الجملة كانت بداية لرأى الإعلامى يوسف الحسينى حول الهدف من مسلسل «الاختيار 1»، حيث أضاف فى تصريحات تليفزيوينة، أن الأعمال الدرامية التى تتناول البطولات تجعل المواطنين جزءا من هذه الملاحم التاريخية، ذاكرا أن هوليوود أنتجت أكثر من 300 فيلم لبطولات مجندين داخل الجيش الأمريكى فى أوروبا أيام الحرب العالمية الثانية، لكنه أشار إلى أن مصر لم تستثمر هذا الاستثمار رغم من امتلاكها لآلاف البطولات، منوها أن عدم الاستثمار انعكس سلبا على المجتمع، وأدى إلى تغييب العقل الجمعى والحس الوطنى عن أجيال، كما لفت إلى أن أدوات القوى الناعمة تعمل على إشعال الحس الوطنى، إضافة إلى أنها تسهم فى عدم اختراق الصف أو العبث بالعقول، مؤكدا أن الدولة بدأت فى استيعاب أدوات القوى الناعمة واستيعاب أهميتها وحسن استخدامها خلال الفترة الأخيرة.
هوامش على «الممر»
ولم يكن مسلسل «الاختيار 1» هو العمل الوطنى الأول الذى أجج كل هذه المشاعر لدى المصريين، ففى صيف العام الماضى أنتجت السينما المصرية أحد أهم الأفلام الحربية منذ عشرات السنين، وهو فيلم «الممر»، الذى يتناول جزءا من بطولات الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف مع العدو الإسرائيلى، حيث احتفى الفيلم بحرب الاستنزاف التى بدأت عقب الهزيمة مباشرة واستمرت ثلاث سنوات حتى بناء حائط الصواريخ عام 1970.
ورغم أن أول مشاهد الفيلم بدأت بنكسة يونيو منتقدا أداء القيادة فى مصر خلال حرب يونيو 1967، خصوصا القيادة العسكرية التى حملها مسئولية الهزيمة وليس الجنود أو الضباط الذين كانوا متمسكين بالقتال حتى اللحظة الأخيرة، إلا أنه ركز بشكل كبير على بطولات الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف خلف خطوط العدو الإسرائيلى من خلال إبراز هذه البطولات، والتى ظهرت فى أحد مشاهد الفيلم على لسان بطله الفنان أحمد عز الذى كان يقوم بدور قائد كتيبة صاعقة موكلة لها عملية نوعية خلف خطوط العدو عندما قال بحماس فى جنوده: «الحرب لم تبدأ فى ٥ يونيو، بل بدأت الآن»، حيث كان يقصد تلك العملية التى كلفته بها القيادة بتدمير أكبر معسكر للعدو فى قلب سيناء عقب الهزيمة بأسابيع قليلة.
«الممر» كان على غرار «الاختيار 1»، فالاثنان أججا المشاعر الوطنية لدى المصريين، وذكراهم ببطولات منسية للجيش المصرى، فى سيناء، وخلقا حالة من الوعى الوطنى غير مسبوقة لدى فنانى ومُثقفى مصر، جعلتهم متحمسين للمشاركة فى أعمال وطنية من هذا اللون.
«الاختيار 2» وإبراهيم الرفاعى
ولم تمر على انتهاء الحلقة الأخيرة من مسلسل «الاختيار» سوى ساعات قليلة، إلا وكشف تامر مرسى، رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، عن جزء ثان من مسلسل «الاختيار 1»، حيث كتب عبر حسابه على «فيس بوك»، «الاختيار 2» حصريا على شاشات المتحدة.. رمضان 2021».
هذه المفاجأة جعلت هناك توقعات بأن يروى الجزء الثانى من «الاختيار 2» قصة حياة أسطورة الصاعقة المصرية الشهيد إبراهيم الرفاعى، الذى أذاق العدو الإسرائيلى ويلات الهزيمة فى حرب الاستنزاف وأكتوبر، هذه التوقعات يرى أصحابها أنها كانت نتيجة من حيث انتهى المشهد الأخير من الجزء الأول لـ «الاختيار» ظهر البطل إبراهيم الرفاعى، أسطورة الصاعقة المصرية، حيث كان يزور أحمد منسى برفقة نجله حمزة قبر الأول، ويتحدث مع نجله عن عظمة ورجولة «الرفاعى».
ومن ضمن القصص المعروفة أن البطل إبراهيم الرفاعى كان فى حياة الشهيد البطل أحمد منسى دائما، وكان بمثابة القدوة والملهم له، وأن لقب الأسطورة ورثه منسى عن إبراهيم الرفاعى أسطورة الصاعقة المصرية، وفى إحدى حلقات مسلسل «الاختيار 1» ظهر فى جدران منزل منسى برواز يحمل صورة إبراهيم الرفاعى الذى كان حاضرا فى ذهن منسى من خلال مواقفه الشجاعية والإنسانية.
دراما البطولات
وجدير بالذكر إلى أنه بعد نجاح فيلم «الممر» كان قد أعلن عن تجسيد شخصية البطل إبراهيم الرفاعى فى عمل فنى من بطولة الفنان محمد إمام، ولم يتم الكشف عن تفاصيل العمل حتى الآن، فيما شهدت وسائل التواصل الاجتماعى مطالب بعرض الجزء الثانى لمسلسل الزيبق، للنجم كريم عبدالعزيز فى رمضان المقبل، حيث تتناول أحداث المسلسل قصة حقيقية من ملفات المخابرات المصرية.
ومن المقرر أيضا أن يتم عرض مسلسل «هجمة مرتدة»، و«القاهرة كابول» فى الموسم الرمضانى القادم، حسبما أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، والمسلسلان من ملفات المخابرات المصرية، وكان مقرر عرضهما فى رمضان الماضى، وتأجل عرض العملين بسبب أزمة كورونا، فمسلسل «القاهرة كابول» تم تأجيله بسبب أزمة كورونا، حيث إن دور الفنان فتحى عبدالوهاب يتطلب السفر إلى خارج مصر، بالتحديد فى إيطاليا، ويشارك فى بطولة «القاهرة كابول» العديد من النجوم منهم فتحى عبدالوهاب، وطارق لطفى، وخالد الصاوى، وحنان مطاوع، ونبيل الحلفاوى، من تأليف عبدالرحيم كمال، وإخراج حسام على.
وكذلك دور أحمد عز الذى يؤديه فى مسلسل «هجمة مرتدة»، يتطلب السفر إلى بعض الدول الأوروبية المسلسل من تأليف باهر دويدار، وإخراج أحمد علاء الديب، ويشارك فى بطولته هشام سليم ومحمود البزاوى وأحمد فؤاد سليم ومحمد جمعة ومايان السيد وخالد أنور.