كورونا ومجتمع ما بعد الحظر
الأربعاء، 27 مايو 2020 11:50 ص
نوشك أن نقول إنها كمسلَّمة تاريخة في علاقة ارتباط الأمراض الوبائية بالمجتمعات الحضارية هي تلك التي رصدتها أدبيات التاريخ، والتي تشير إلى أنه ما إن يظهر وباء ما ليهلك البشر ، حتى نجده بعد حين قد خفت أثره و تراجعت حدته، ثم مايلبث أن يعاود الظهور مجددا ولكن بشكل هو الأشد شراسةً وفتكا من ذي قبل، من ذلك ماجرى في العصور الوسطى حين تفشي الطاعون، وماتلاه في بدايات القرن العشرين حين ظهرت الإنفلونزا الأسبانية ليتكرر حضورها وفتكها بالبشر آنذاك.
وكأن هذه الفيروسات المسببة لهذا الأوبئة الفتاكة ما أن تبدأ في الإنزياح حتى تعاود الظهور بعد أن تحور مظهريتها في قوالب مرضية هي الأشد فتكا.
ومرحليا ومع تفشي جائحة كورونا التي طالت عالمنا الحضاري فحدت من حرية الحركة والتنقل وأثرت في اقتصادياته، فقد شعرت حكومات العالم بحالة من الأمان النسبي بعد إن طال النمط المرضي للفيروس قدراً يسيراً من التحجيم، خاصةً في حدته و قدرته على العدوى، وهو ما أبانته آخر الدراسات التي أشارت إلى أن معدل الإصابة قد أنخفض من معدل إصابة الفرد المريض لثلاثة أشخاص، إلى قدرته فقط على إصابة أقل من شخص واحد، هذا إلى جانب ارتفاع معدل حالات الشفاء، وأدراك حكومات العالم أن الوصول للقاح ناجح هي عملية قد تحتاج لفترة تقارب العام، الأمر الذي ولّدَ توجهاً عالميا ينادي بتطبيق فكرة التعايش مع الفيروس، الذي سيكون متوطنا معنا لفترة زمنية ليست بالقليلة.
ومجمل ذلك قد دفع بعض حكومات العالم للاتجاه للتقليل من حدة التقييد، سعيا منها للوصول وفق خطة مزامنة معدةً سلفا لعودة الحياة لمجتمعاتها من جديد وهو أمر جيد الحدوت.
لكن كي تضمن دول العالم ومنها عالمنا العربي عدم حصول موجة مرضية أخرى يعاود فيها الفيروس الضهور بمنحىً يتسم بالضراوة والفتك، فإن شعوبها مطالبة أن تتسم بالحضارية والوعي النوعي، من خلال تبنى مفاهيم صحية بعينها، أولاها هو الإلتزام الشديد بالإجراءات الاحترازية التي يأتي على رأسها الاهتمام بنظافة اليدين وتجنب لمس الوجه ما أمكن وإرتداء القفازات وكمامة الوجه إلى جانب تطبيق فكرة التباعد بين الأفراد التي لو تحولت لثقافة متبناه فإن ذلك مما سيكون له الأثر الإيجابي والأنجح في تجنيبهم مخاطر تكرار تفشي هذا الوباء، إلى أن تتمكن مراكز البحث الدوائي من الوصول للقاح المنشود.