مراجع الدم.. ماذا يقرأ الإرهابيون؟

الأحد، 10 مايو 2020 04:00 ص
مراجع الدم.. ماذا يقرأ الإرهابيون؟
الارهاب - أرشيفية
أيمن عبد التواب

  • «معالم في الطريق».. قرآن التكفيريين ودستورهم و«سيد قطب» نبيهم
  • «إدارة التوحش» بداية الدولة الإسلامية الجديدة للوصول إلى النموذج الأفغاني
  • «الفريضة الغائبة» يضع الأساس الفكري لـ«الجهاد المصري»
  • «ملة إبراهيم» يحرم الانتماء للمؤسسات العسكرية ويكفر قوات الأمن العربي
 
الجرائم والمجارز التي يرتكبها الإرهابيون والتكفيريون بحق العسكريين والمدنيين، تحت ستار الدين، أو باسم الإسلام، تطرح تساؤلات عدة، هل يؤمنون بدين غير الذي نؤمن به؟.. وهل إسلامهم غير إسلامنا، ونبيهم غير نبينا، وقرآنهم غير قرآننا، وسنتهم غير سنتنا، وفقههم غير فقهنا؟.. وإذا كانوا بشرًا مثلنا، فلماذا تحجرت قلوبهم وجاءوا بكل هذه القسوة؟، وما الروافد التي يتكئون عليها لتبرير فكرهم التكفيري الذي بصير «عقيدة» يقدمون حياتهم دفاعًا عنها، وانتصارًا لها؟.
 
الإجابة على هذه الاستفهامات تتطلب منا الولوج إلى عقل الإرهابي، لمعرفة ماذا يقرأ، وما أهم الكتب والمصادر والمراجع التي يرتكن عليها، وتصيغ أفكاره وأدبياته القائمة على نبذ الآخر، وإقصائه، وقبل أن نفعل ذلك، علينا التفريق أولًا بين مصطلحي «الإرهاب» و«التكفير»، فالأول لم يستقر مفهومه، ويُروّج له إلا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، أما «التكفير» فقديم يرجع إلى «الخوارج»، الذين خرجوا على أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- رافعين شعار «إن الحكم إلا الله»، لما قبل التحكيم بينه وبين أنصار معاوية بن أبي سفيان.
 
 لكن هذين المصطلحين، وإن كانا مختلفين، باتا- منذ سنوات- يستخدمان بمعنى واحدٍ تقريبًا؛ فأينما وُجد التكفير وُجد الإرهاب الذي يتبعه التفجير والتدمير، والحرق، والقتل، فـ«الخوارج» عندما كفروا الإمام «علي» لم يفكروا في مآثره، وقتلوه بدم بارد، وأنهوا الخلافة الراشدة، وكذلك تفعل كل الجماعات والتنظيمات التكفيرية الحديثة القائمة على التكفير والقتل بالمذهب، والقتل بالجنسية، والقتل بالوظيفة، كقتل «أنصار بيت المقدس» قوات الجيش والشرطة، فأي مصادر يتكئ عليها عناصر هذه الميليشيات؟،  وأي كتبٍ شَرَّعت لهم تكفير الآخر، وأصَّلت استباحة دم الآخر، وصاغت لهم مناهج التطرف وأدبيات العنف التي تنجح- ولو بنسبة ضئيلة- في استقطاب أشخاص، وتجنيدهم في كيانات إرهابية بزعم تطبيق وهم «الخلافة الإسلامية»؟.

«معالم في الطريق»
يعتبر كتاب «معالم في الطريق» لمؤلفه المنظر الإخواني الأبرز، سيد قطب، بمثابة «وتد خيمة التطرف»، فهو من أكثر الكتب التي تؤصل للفكر التكفيري، وأفكاره عظيمة الأثر في نفوس التكفيريين، فهذا زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، يقول في كتابه «فرسان تحت راية النبي»: «سيد قطب هو الذي وضع دستورنا في كتابه (معالم في الطريق)، وهو مصدر الإحياء الأصولي، وإن كتابه (العدالة الاجتماعية في الإسلام)، يعد أهم إنتاج عقلي وفكري للتيارات المتطرفة، وإن فكره كان شرارة البدء في إشعال الثورة ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج».
 
هذا الكتاب أطلق فيه «قطب» شيطانه ووصم كل المجتمعات الإسلامية بـ«الجاهلية»؛ لأنها بعيدة عن تطبيق شريعة الإسلام- بحسب زعمه –، وأنه يجب نسف هذه المجتمعات فكريًا وعمليًا، وأن حكام هذه المجتمعات ومحكوميها «جاهليين» لابد من التصدي لهم بكل السُبل؛ لأنهم يطبقون قوانين وضعية، معتبرًا أن مَنْ يفعل ذلك ينافسون الله- تعالى- في حكمه، ومن هنا كان كتاب المعالم نواة لفكرة «الحاكمية» التي انتشر بسببها الإرهاب في العالم.
 
وخطورة هذا الكتاب- بحسب الشيخ محمد عبد اللطيف السبكي- تكمن في أن القارئ العادي قد يظنه كتابًا دعويًا، لكن «أسلوبه استفزازي، يفاجأ القارئ بما يهيج مشاعره الدينية، خاصة إذا كان من الشباب أو البسطاء، الذين يندفعون في غير رؤية إلى دعوة الداعى باسم الدين، ويتقبّلون ما يوحى إليهم من أحداث، ويحسبون أنها دعوة الحق الخالصة لوجه الله، وأن الأخذ بها سبيل إلى الجنة».
 
ومن مكامن خطورته أيضًا «أنه حول الجماعة إلى فرقة ناجية، اعتمادًا على مدونة انتقائية للنصوص المرجعية تؤسس بها لشرعيتها في مواجهة الآخر، ويحمل رؤية فلسفية تجعل المختلف كافرًا وجاهليًا بالضرورة».

«الفريضة الغائبة»
يعد هذا الكتاب بمثابة «الأساس الفكري» الأول لتنظيم الجهاد في مصر، وهو من تأليف محمد عبد السلام فرج، فمنذ نشأة الجهاد عام 1966، فإنه لم يكتب تأصيلاً فكرياً وفقهياً وعقائدياً مفصلاً للاستراتيجية التي تبناها التيار وظل هكذا حتى عام 1980، وعندما كتب فرج كتابه، إذ كان الجهاديون يعتمدون على الكلام الشفهي، مع الاستعانة بأجزاء من كتب فقه وتفسير قرآن وغيرها مثل فتوى ابن تيمية عن التتار، وتفسير ابن كثير لآية «أفحكم الجاهلية يبغون»، وتفسير سيد قطب لآيات الحكم والسياسة.
 
 وخطورة الكتاب تكمن في ذهابه إلى أن القتال هو المواجهة، وأن الجهاد فرض عين، ولا يجوز تعطيله أو تأجيله تحت أي مسمى، لأن «ديار المسلمين أصبحت ديار كفر وجب قتال أهلها».. ورغم إعدام محمد عبد السلام عام 1982م، لضلوعه في اغتيال الرئيس أنور السادات، فإن كتابه ظل مؤثراً على تيار الجهاد حتى اليوم.

«إدارة التوحش»
نشر هذا الكتاب عام 2004 باسم مستعار «أبو بكر ناجي»، وهو عن مجموعة مقالات تشرح فكر واستراتيجية تنظيم قاعدة الجهاد، ويعد من أخطر إنتاجات التطرف والتكفير لتنظيم القاعدة، ثم اعتمده تنظيم داعش الإرهابي، كأحد الكتب في تأهيل عناصره، ولخطورته الشديدة ترجمته الإدارة الأمريكية ووزعته على دوائرها الأمنية.
 
أما الاسم الحقيقي لمؤلف «إدارة التوحش»، فهو «محمد خليل الحكايمة»، أحد أعضاء الجماعة الإسلامية في مصر، وكان ضمن المجموعة التي رفضت مراجعات الجماعة الإسلامية، وانضمت إلى القاعدة لاحقا، ويرى «الحكايمة»- في كتابه- أن «الدولة الإسلامية الجديدة» تبدأ بخلق «مناخ فوضوي» يسمح بنمو خلاياها، موضحًا أن الفوضى التي على التنظيم خلقها لابد أن تكون «فوضى متوحشة» تحول الأراضي العربية إلى رقعة ممتدة من النموذج الأفغاني قبل سيطرة تنظيم طالبان على أفغانستان، أرض يتناحر الجميع عليها، فيحلم سكانها بالمنقذ الذى يخلصهم من هلاك الحرب، فيظهر أبطال «الدولة الإسلامية» ليحاربوا الأشرار وينتصروا عليهم ويبسطوا سيطرتهم عليها.

«مسائل من فقه الجهاد»
الكتاب من تأليف «أبو عبد الله المهاجر» المشهور بـ«عبدالرحمن العلي»، وعلى الرغم من أنه يحمل الجنسية المصرية، إلا انه تلقَّى علومه الإسلامية في باكستان، وكانت تربطه علاقة وثيقة بأبو مصعب الزرقاوي، وكان مرشحاً لتولي مسؤولية اللجنة العلمية والشرعية في تنظيم القاعدة.
 
يعد كتاب «مسائل من فقه الجهاد» الأساس لمعظم المنطلقات الفقهية والدينية لتنظيم داعش، إذ لا نظير له في بحث وإيجاد الآثار والنقول كافة من التراث الفقهي، والتي تفضي إلى أبشع وسائل القتل حيث رائحة الدم والقتل والتوحش تفوح من الكتاب الذي يشتهر باسم «فقه الدم».
 
وخصص الكتاب فصلاً كاملاً بعنوان: «مشروعية قطع رؤوس الكفار المحاربين»، أكد فيه أن قطع الرؤوس أمر مقصود، بل محبوب لله ورسوله، وأوجد شواهد وآثار دينية في تبرير وتسويغ مختلف وسائل القتل والتعذيب، فلم يكتف بالذبح والإحراق، وإنما تناول القتل بإلقاء الأفاعي والعقارب، وبالإيهام بالغرق، وبهدم الجدران والبيوت، وبالرمي من الشاهق، والسعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، من نووية وكيمياوية وجرثومية.

«دعوة المقاومة الإسلامية العالمية»
وهو كتاب ضخم، يقع في نحو 1600 صفحة، ويركز فيه مؤلفه أبو مصعب السوري على فكرة الجهاد والمقاومة دون التنظيم وهيكليته، وعلى الحصيلة الحسابية للعمل الجهادي دون إيلاء اهتمام كبير بـ«إقامة الحكومة الشرعية».
 
صنف الكتاب، من قبل بعض المعنيين، بأنه الأخطر في العالم خلال السنوات الماضية، رغم أنه صدرت طبعته الأولى للمرة الأولى وانتشر بين عناصر التيار الجهادي عام 2004، إلا أن خطورته لم تتضح إلا بعد أن انتشرت ذئاب داعش المنفردة حول العالم، إذ ينفرد الكتاب بالظهور الأول لتكتيك «إرهاب الذئاب المنفردة» لكن تحت مسمى آخر هو «الجهاد الفردي»، ولهذا السبب تحديدا يمكن اعتبار «أبو مصعب السوري» بمثابة الأب الروحي لتنظيم داعش، والذي استأثرت تنظيراته الجهادية المبتكرة باهتمام مراكز الأبحاث والدراسات المعنية، بالنظر لما تنطوي عليه أفكاره.

«ملة إبراهيم»
يرتكز الكتاب على فكرة الأخذ بـ«ملة النبي إبراهيم»، وهذا الأخذ و«التأسي» يتمثل بالكفر «بالطاغوت» والبراءة منه، وتكمن خطورته في تحريمه الانتماء للمؤسسات العسكرية والانضمام لها، وتكفير القوات الأمنية العربية.
 
مؤلف الكتاب هو السياسي الأردني، أبو محمد المقدسي، الذي يعد المنظر الأول لـ«السلفية الجهادية» على مستوى العالم، وأول من استخدم هذا المصطلح، ويعد كتاب «ملة إبراهيم» من أخطر الأدبيات التي صاغت سلوك التيار الجهادي التكفيري، ويلتقي فيه «المقدسي» مع ما طرحه سيد قطب، في كتاب «معالم في الطريق» من حيث التأثير وصياغة الأيديولوجيا للمنهج الحركي الجهادي.

مؤلفات «سيد إمام» 
يعد المصري «سيد إمام» أو «سيد فضل»، أبرز منظري الجهاد العالمي، انتشرت كتبه في منطقة القبائل الأفغانية إبّان فترة ما يسمى بـ«الجهاد الأفغاني» ضد الاتحاد السوفيتي، ويعد كتابه «العمدة في إعداد العدة» أحد أبرز المرجعيات التي استندت إليها السلفية الجهادية فيما بعد، وله كتاب «الجامع في طلب العلم»، ترجم إلى لغات عدة، باعتباره دستورًا للتنظيمات التكفيرية المسلحة مثل داعش والقاعدة.
 
أما كتابه «الإرهاب من الإسلام ومن أنكر ذلك فقد كفر»، فقد بنى فيه نظريته على الآية القرآنية: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم»، معتقدا أن الآية تعني أن الإرهاب واجب شرعي، كما يعتقد أن محاربة الإرهاب هي محاربة للإسلام ذاته، ويلبس الحقائق بالجهل، ويصور أن سماحة الإسلام هي في حمل السلاح وسفك دماء الأطفال والأبرياء.

«الجهاد والاجتهاد»
نشر الكتاب عام 1999، وهو من تأليف «أبو قتادة الفلسطيني»، وهو من أشهر المنظرين لأطروحات وخطابات السلفية الجهادية، وكان من المؤيدين للجماعات الإسلامية المقاتلة في الجزائر.
 
وأبو قتادة يكفر جميع علماء الإسلام ويحرض على القتل، ويفتى بذبح الأطفال ويبيح السلب والسبى، ويرى أن هناك كفارا أصليين وهناك كفار مرتدون، فالأصليون كالنصارى واليهود والمجوس وغيرهم، والمرتدون من دان من المسلمين بغير دين الإسلام كالبعثية والعلمانية والشيوعية وغيرها، أو من أتى بناقض من نواقض التوحيد.

«آيات الرحمن في جهاد الأفغان»
يعد مؤلف الكتاب، عبد الله عزام، الأب الروحي للجهاديين، وكان تأثيره طاغيًا، وانتشرت فتواه أن الجهاد فرض عين، كتب في وصيته: «الناس كلهم آثمون بسبب ترك الجهاد.. لا إذن لوالد على ولده، ولا زوج على زوجته». 
 
وكرس عزام حياته لجذب الشباب العرب للجهاد الأفغاني، وتدريجيًا زاد نفوذه وشهرته، حتى أنشأ دار خدمات الجهاد عام 1984،  وفى الكتاب يحاول تصوير ما قام به تنظيم طالبان انتصار للشعب الأفغانى نفسه، متداولًا قصصًا أسطورية عن دفاع طيور عن المجاهدين تحت قذائف الطائرات هناك.

«فصول في الإمامة والبيعة»
وهو من الأدبيات المفضلة لدى تنظيم داعش الإرهابي. ألفه أبو المنذر الشنقيطي، أحد المرجعيات التي أرست أفكار التطرف بشكل عام، ويرى أن «تنصيب الإمام واجب شرعي على المسلمين في كل مكان، ولا يختص به زمان عن زمان، ومن زعم أن نصب الإمام غير واجب في هذه الأيام فقد افترى على الله، لأنه عارض الائتلاف وزعم أن الشرع أقر الناس على التفرق والاختلاف».

«أهل التوقف بين الشك واليقين»
أحد أشهر مؤلفات حلمي هاشم المكنى بـ«عبد الرحمن شاكر نعم الله»، ضابط شرطة مصري سابق، طرد من الخدمة، وبعد خروجه من السجن درس الشريعة والفقه، وانتهج المذهب التكفيري، وخصص كتابه للرد على من يتوقفون عن تكفير الشعوب، وجعل تكفير من لم يكفرهم من أصل الدين، ومن توقف في تكفيرهم فهو كافر. فعلى حد زعمه إن كل الديار الآن دار كفر والأصل في أهلها الكفر.

«معالم الطائفة المنصورة»
كتبه عبد الله المهاجر، المعروف بـ«ميسرة الغريب»، عضو اللجنة الشرعية لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. وهو يفسّر سياسة التنظيم في التكفير والقتل واستباحة دماء، كل من يؤمن بالديمقراطية ويمارسها، ومن يقبل بالأحكام الوضعية ويحكم بها، وتكفّر الأحزاب الوطنية والقومية والبعثية والاشتراكية، والجماعات الإسلامية التي تقبل بالانتخابات.
 
وهناك كتب أخرى مثل كتاب «الولاء والبراء؛ عقيدة منقولة وواقع مفقود» لزعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، و«مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق»، لـ«أبو زكريا أحمد بن إبراهيم بن محمد» المشهور بابن النحاس، فيه عن الجهاد، و«إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام»، تأليف عثمان بن عبد الرحمن التميمى، ويتحدث عن قيام الخلافة، وتطبيق الشريعة، وينتصر لجرائم داعش، ومقالات الراحل عمر عبد الرحمن، أبرز قياديي الجماعة الإسلامية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق