أطباء ملهمون.. أقمار وشموس أضاءت طريق الخير
السبت، 09 مايو 2020 10:00 مكتبت.. إيمان محجوب
- طبيب الغلابة.. محمد مشالي رفض الملايين وانحاز للفقراء
- أمير قلوبنا.. السير مجدي يعقوب ترك العالمية لعلاج قلوب أطفال مصر
- أيقونة العمل الخيري.. مجاهد مصطفى صاحب ٢ مليون كشف مجاني
-
الطبيب المتجول.. سيد شكرى يتقاضي قيمه كشفه من سعادة الاخرين
هم كالمصابيح علي الطرق المظلمة يشعون بالضوء ليري كل منا قيمة ومعني الحياة، فمن عزيمتهم يستعيد كل من قهرته الظروف إصراره علي العمل واستكمال الطريق، ومن زهدهم في الاموال والشهرة ينقذوا الانفس من سجون الضياع وحب المال والشهوات.. أنهم "الملهمون" الذين يعيشون بيننا، فمن سيرتهم وقصص كفاحهم وعطائهم نستمد وقود الحياة.
تمتلئ سماء مصر بكثير من الأقمار المنيرة والنجوم المشعة التي تلهمنا، فقمرنا مجدي يعقوب في أسوان رفض العالمية واستقر في مستشفى صغير يعالج من خلاله قلوب الأطفال علي ضفاف النيل، وملهمنا العظيم الذي استقر بجوار سيدي "أحمد البدوي" بطنطا رفض الملايين وظل طوال عمره يعالج الفقراء بخمسة حنيهات حتي لقب بطبيب الغلابة، اما ايقونه العمل الخيري الدكتور مجاهد مصطفي في بني سويف فاقام مشروع خيري متكامل من أجل علاج الفقراء، وفي المنوفية الدكتور سيد شكري الطبيب المتجول الذي يذهب للقري للكشف علي البسطاء بالمجان.
طبيب الغلابة.. الملهم الاول
عاد نجم الدكتور محمد عبد الغفار مشالي للتوهج من جديد، بعد أن ظهر لدقيقتين فقط، في برنامج على فضائية خليجية، حيث رفض طبيب الغلابة أن تُصرف له ملايين الجنيهات لتجديد عيادته، كمساعدة من البرنامج، وقبل فقط سماعة طبية كهدية رمزية بـ80 جنيهًا مصريًا، ناصحًا مقدم البرنامج بالتوجه للجمعيات الخيرية والتبرع بالمبلغ الذى كان ينوى تقديمه إليه لتجديد عيادته أو انتقاله إلى عيادة أخرى، وقال إنه لا يريد سيارات فارهة أو ملابس بعشرات الألوف إنما يكفيه القليل من الطعام .
وتخرج الدكتور محمد مشالي عام 1967 من كلية طب القصر العيني، وسخر نفسه لعلاج الفقراء والمحتاجين تنفيذًا لوصية والده التي ظل يرددها حتى على فراش الموت، وبدأ الدكتور مشالي حياته العملية طبيبًا في مستشفى الحميات، وتدرج في المناصب حتى أصبح مديرًا للمستشفى، ثم افتتح عيادته الخاصة للأمراض الباطنية والحميات والأطفال في 14 سبتمبر 1975، أي بعد تخرجه بـ8 سنوات، وكان الكشف الطبي في بداية افتتاح العيادة بـ 5 قروش، وبمرور الوقت أصبح ما بين 5 إلى 10 جنيهات مصرية، وفي كثير من الأحيان يقبل مرضاه مجانًا.
تجاوز "مشالى" عمره 75 عامًا، لكنه مصر على استكمال مشواره الطبي في خدمة الفقراء والمحتاجين، حيث يفتتح عيادته من العاشرة صباحًا وحتى التاسعة مساءً، ليقدم خدماته الطبية للمحتاجين.
تزوج الدكتور محمد مشالي وأنجب ثلاثة ذكور، جميعهم درسوا الهندسة، وتزوجوا وكونوا أسرهم في مدينة طنطا، كما تكفل بتربية أبناء شقيقه الذي توفي وتركهم أطفالًا صغارًا، شبوا الآن وتعلموا في كنف عمهم.
ويتذكر الدكتور محمد مشالي واقعة إنسانية أثرت في حياته العملية والإنسانية، عندما تم انتدابه للعمل كطبيب في وحدة صحية في منطقة فقيرة، فقد كان شاهدًا على انتحار طفلٍ يعاني من مرض السكر حرقًا، بعدما عجزت والدته عن شراء إبرة الأنسولين له، فبثمنها تريد إطعام بقية صغارها بعض الخبز والفلافل، وقال الطفل لوالدته أنه تخلص من حياته كي يوفر ثمن الأنسولين لإخوته، ويتذكر الدكتور مشالي أن هذا الطفل مات في حضنه، وسمع منه آخر كلمات لوالدته، فظلت هذه الواقعة في وجدانه المحرك الأساسي لمساعدة وعلاج الفقراء والمحتاجين.
أمير القلوب الدكتور مجدي يعقوب
أسطورة الطب وأمير القلوب، السير مجدي يعقوب الذي رفض العمل في مستشفيات عالمية بأجور خرافية، واختار العمل بأجر رمزي في مستشفي القلب بأسوان لعلاج قلوب اطفال مصر.
ولد يعقوب بتاريخ 16 نوفمبر عام 1935 بمدينة بلبيس محافظة الشرقية وحصل على بكالوريوس الطب من جامعة القاهرة، ثم انتقل إلى شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية حيث تخصص فى جراحة القلب، بعدها حط الرحال فى بريطانيا، وتزوج من طبيبة ألمانية توفيت عام 2012، وله منها ثلاثة أطفال هم أندرو وصوفى وليزا.
وبعد سنوات قليلة من انتقاله إلى بريطانيا، أصبح مستشاراً اختصاصياً فى أمراض القلب والصدر فى مستشفى هارتفيلد فى عام 1962، ثم أصبح بروفيسور فى المعهد الوطنى للقلب والرئة عام 1986، كما شارك فى تطوير تقنيات زراعة القلب والرئة.
أجرى السير مجدى يعقوب أكبر عدد من عمليات الزراعة الجراحية فى العالم، وبفضله أصبح مستشفى هارتفيلد مركزا رياديا فى الزراعة الجراحية حيث يجرى أكثر من 200 عملية سنويا، ثم أصبح مديرا للدراسات والأبحاث الطبية عام 1992 وهو العام نفسه الذى مُنح فيه لقب «سير»، وللسير مجدى المئات من الأوراق البحثية المنشورة عن أبحاثه الخاصة.
أسس السير مجدى يعقوب «سلسلة الأمل» فى المملكة المتحدة عام 1995، وهى مؤسسة طبية خيرية تهدف إلى مساعدة الأطفال الذين يعانون من أمراض قلبية خطيرة تهدد حياتهم وذلك بتقديم العلاج الطبى والجراحى مجانا، وقد سميت هذه المؤسسة الخيرية بهذا الاسم، لأن سلسلة من الأشخاص المشتركين فى هذا المشروع يتبرعون بالمال، وبالمساعدة الطبية وغيرها.
وقام الدكتور مجدى يعقوب بعد تزايد حالات مرضى القلب فى التفكير فى بإنشاء أول مركز فى الشرق الأوسط متخصص فى أبحاث القلب وعملياته الجراحية، وتم تنفيذ الفكرة خلال عام 2009 بعقد ثلاثى بين وزارة الإسكان ومحافظة أسوان ومؤسسة مجدى يعقوب للقلب، فتم تخصيص مساحة 37 فدانا لإنشاء المركز الجديد، يتكون المركز الجديد من 4 مبان، أحدها إدارى والآخر طبى والثالث للأبحاث والأخير سكنى لتوفير إقامة للعاملين ولأهالى المرضى بالمجان، المركز الجديد سيرفع الطاقة الاستيعابية من 100 سرير إلى 300 سرير.
يعمل المركز الجديد بكافة أجهزته ومعامله اعتمادا على مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية، حتى يكون نموذجا للبيئة الصحية، وداعماً لمكافحة التلوث البيئى، اشترك فى تنفيذه اثنان من كبرى الشركات الهندسية فى العالم، وأنه تم تصميم عياداته الخارجية لتسمح باستقبال ما بين 80 إلى 100 ألف مريض سنويا.
مجاهد مصطفى.. أيقونة العمل الخيري
ملهمنا الصعيدي صاحب رقم قياسي في الاعمال الخيرية، إنه الدكتور مجاهد مصطفى ابن قرية طلا مركز الفشن بمحافظة بني سويف، الذي تم تكريمه بدولة الإمارات العربية ضمن مبادرة صناع الأمل، لتفرغه أكثر من 30 عاما لعلاج الفقراء بأجر رمزي في بني سويف.
وعالج الطبيب مجاهد مصطفى "حسب ما أكده خلال تكريمه" 2 مليون حالة، خلال 30 عاما بمعدل 60 ألف حالة سنويا، وأجرى آلاف العمليات الجراحية بمبلغ رمزى "10 جنيهات" ويجرى الكشف يوميًا على أكثر من 200 حالة من قرى الصعيد ويساعد الأيتام ويساند المحتاجين ويدعم الفقراء وشارك فى دعم 1500 طالب من الأيتام لتوفير مستلزمات الدراسة.
وقال الدكتور مجاهد مصطفى إن بدايته كانت مع وصية والده الذي أوصاه على الفقراء وطالبه بمساعدتهم، وأضاف: "تركت التعيين فى مستشفى سمسطا وتفرغت لعلاج الغلابة لمدة 30 عام، بأجر رمزي بدأ من 3 جنيهات حتى وصل إلى 10 جنيهات، قبل أن أفكر مرة أخرى في إعادته إلى 5 جنيهات، مؤكداً أنه يجرى الكشف يومياً من السادسة صباحاً وحتى الخامسة مساءً على ما يقرب من 250 مريض.
الطبيب المتجول سيد شكري
بجلباب بسيط وعباءة تغطى أكتافه، حاملاً أدواته البسيطة، فى حقيبة صغيرة ورافعاً "كشاف" الفحص أعلى رأسه، يتجول الدكتور سيد شكرى بين عربات قطار القاهرة شبين الكوم، باحثاً عن السعادة فى علاج الفقراء والبسطاء، وتقديم الخدمة لهم بدون أى مقابل، غير مكترثا بما يقال وما سيقال عنه، ولكنه أيقن أن سعادته فى هذا العمل.
الدكتور سيد شكرى، كبير أخصائيين بالإدارة الصحية ببركة السبع التابعة لمديرية الصحة بالمنوفية، وتخصصه الأساسى علاج الأنف والاذن، وهوايته التجول في الأماكن العامة ومواقف السيارات للكشف على الأهالى دون مقابل، لإزالة المواد الصمغية الموجودة داخل الأذن بسبب إهمال الكشف على الأذن، مما يسبب عدم الاتزان لدى السائق وتؤدى إلى زيادة حوادث الطرق.
وأشار الدكتور سيد شكرى إلى أن عمله بقسم الطوارئ في مستشفى قويسنا المركزي، حعله يكتشف أن 20% من الحوادث السبب فيها وجود مواد صمغية متكونة داخل الأذن، لذلك كان قراراه بأن يساعد المواطنيين على تنظيف أذنهم، وقال إنه لا يعمل مجانًا وإنما يتقاضى مقابل عمله سعادة ودعوات من الناس، معقبًا "أنا سعيد بسعادة الآخرين ودعوتهم لي، وأكتفي براتبي من الصحة، لأنى أرى الطب مهنة إنسانية فى المقام الأول بعيدًا عن جشع بعض الأطباء فى غلاء تكاليف الكشف، لذلك أنزل إلى القطارات والمواصلات العامة والقري".