العالم سيتعافى قريبا
الأربعاء، 06 مايو 2020 09:59 م
هل حقا بأن عالم مابعد فايروس كورونا لن يكون كسابقه؟
هذا الطرح قد تكرر كثيرا في الآونة الأخيرة وعزز من حضوره أنه قد ورد على لسان جملة من المسؤولين في دول عربية وأخرى غربية.
ويقيني أن الباعث لهذه الرؤية التشاؤمية، هو عدم الوصول للقاح يحول دون استمرارية تفشي فايروس كوفيد١٩، ويعجل بشفاء الأعداد المتصاعدة من المصابين به.
إلى جانب تباطؤ الحركة الاقتصادية و تعطل التبادل التجاري في بعض الدول كما أن توقف القطاع الخاص عن العمل جراء هذه الجائحة قد أصبح يهدد مداخيل العاملين لديه مما يهدد بتزايد نسبة البطالة في المجتمعات التي طبقت آليات الحجر الاجتماعي.
لكن ماتخبرنا به نظرية الحضارات إلى جانب ما يعيه العقل البشري من متغيرات قد طالت وجه هذا العالم الحضاري وتحديدا عقب الكثير من الكوارث على امتداديته التاريخية، كل ذلك يشكل لنا فهمًا عقليًا مفاده أن عالمنا هذا قادر أن يستعيد توازنه وأن يحدد مساراته الحضارية المفترضه ومن ثم يواصل السير فيها.
فبعدد تجاوز الستون مليون قتيل وجريح ومفقود عقب الحرب العالمية الثانية، ودمار شبه كلي قد طال مدن بعينها كلندن وباريس إلى جانب كارثة مهولة قد طالت مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين وفوق ذلك تم تسوية مدن الرايخ الثالث بالأرض، إلا أن عالمنا هذا قد تمكن من أستعادة توازنه وإعادة تشكيل حضارته بشكل مثل ثورة في أغلب مناحيه ومجالاته والتي كان منها الصناعي والتكنولوجي، ليتحول لعالم أكثر حضارية وتمدن مما كان عليه من قبل.
ولذا فهذه الجائحة المرضية التي وسمت العالم بميسمها في قادم الأيام ستصبح مجرد ذكرى مدونة تحويها تلك الأدبيات الكتابية التي تعنى بتاريخ الآنسان، مركونة على أرفف المكتبات.
وليس أدل على ذلك من أن حالات التعافي الاقتصادي واستعادة اتزان ميزان التجارة العالمي قد بدأ يُلْحَظ في دول غربية وأوروبية قد كانت هي من الأكثر المتضررين من هذا الوباء الفتاك، أمثال إيطاليا وأسبانيا وإنجلترا وحتى أميركا.
وحتى في النطاق الآسيوي، قد وجدنا أن مهد هذه الجائحة المرضية وأعني بها الصين قد تجاوزت مربعات الخطر وبدأت تتلمس ضوء الصباح، وخليجيا قد وجدنا بأن مجلة " السياسة الخارجية Foreign Policy "، الشهيرة قد نشرت على صفحات عددها الأخير مامفاده أن السعودية ستكون هي الرابح الأكبر بعد انتهاء هذه الجائحة المرضية العالمية، إذ ستحضى بحصتها النفطية المفترضة في السوق العالمية، وستستطيع استعادة موقفها الاقتصادي الذي يضمن اتزان اسواق النفط العالمية واستكمال اقتصاديات العالم تعافيها من تلك التداعيات السلبية التي سببها فيروس كوفيد١٩.
ما أوردته في هذا المقال ليس مجرد نظرة تفاؤلية تقوم على العاطفة المجردة، وإنما هي رؤية تشكلت بناء على معطيات بدأت تتكامل بعد أن وصل المنحنى التصاعدي لفيروس كورنا المستجد مداه، ولدرايتي بالحقائق التاريخية لواقع وحضارية عالمنا المعاصر.