جائحة كوورنا.. العقود الدولية التفصيلية للأعمال الإنشائية الأكثر تأثرا بالفيروس
الثلاثاء، 05 مايو 2020 01:00 م
اتخذت معظم دول العالم أثرت إجراءات احترازية، تفادياً لانتشار فيروس - كورونا المستجد - كوفيد 19 - وبالأخص على الأنشطة التجارية، خصوصاً بعد تعليق عدد من الدول رحلات السفر الدولية.
الإجراءات التى اتخذتها الدول انعكست بشكل مباشر على الالتزامات التعاقدية التي ربما تمس قطاعات أكبر من غيرها، مثل الإنشاءات بمختلف فروعها، وما ترتب على ذلك بشأن عقود إنشاء العقارات بغرض الاستثمار، وبل امتد الأمر إلى عقود التوريد والتبادلات التجارية، بل أمتد إلى عقود القروض، سواء الخاصة بالمؤسسات والشركات أو الأفراد.
وضمن أهم هذه العقود التي تأثرت بفيروس كورونا – كوفيد 19 - عقود الفيديك وهي أهم العقود الهندسية وأكثرها فعالة وانتشاراً، وذلك لأنها عقود متزنة تحدد مسئولية الأطراف المتعاقدة بشكل واضح بالإضافة إلى الشروط الدولية لأعمال البناء والهندسة والتي يجب على كل المقاولين الدراية بهذه الشروط ومنها حالات تنفيذ العقد وفسخه وإنهائه والشروط الواجب إتباعها في كل حالة منها.
تعريف عقود الفيديك
في التقرير التالي نكشف آثار فيروس كورونا على عقود الفيديك الذي هو بمثابة عقد إنشائي يُنظّم سلسلة العمل الإنشائي من الألف إلى الياء، وهو يعود إلى الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين، ويقع المقرّ الأم للفيديك في سويسرا – جنيف، والفيديك هو عقد "Contract" يتم فيه وضع الخطوط العريضة والتفاصيل الجزئية للعمل الإنشائي وتحديد علاقة صاحب العمل مع المُقاول وكذلك مع جهاز الإشراف المتمثّل بالمهندس المُقيم – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض ميشيل إبراهيم حليم.
عقد الفيديك يعرف عقد الفيديك بأنّه معيار عالمي للاستشارات الصناعية، تم تطويره على مدار خمسين عاماً، ويتم التعرف عليه واستخدامه عالمياً بالسلطات القضائية، ويعتبر مرجعاً لجميع أنواع المشاريع، كما يرمز اختصار الفيديك للاتحاد الدولي للاستشارات الهندسية حيث استخدمت شروط العقد فى أعمال البناء والهندسة المدنية، ويجب أن يكون جميع المقاولين على دراية بهذه الشروط، كما يحتوي عقد الفيديك على جزأين، الجزء الأول يتحدث عن الشروط العامة، بينما يتضمن الجزء الثاني على التطبيق الخاص لهذه الشروط – وفقا لـ"حليم".
الكتب الـ 4 لعقود الفيديك من الأحمر للأخضر
ويتميز عقد الفيديك الخاص بالهندسة الدولية بأنه يمتلك شروطاً ذات أهمية كبيرة، توفر الالتزام به وإعطاء الحقوق وتحمل المسؤولية اتجاه الأطراف المعنية بتنفيذ العقد،حيث صدر كتاب الفيديك الخاص بالاستشارات الهندسية منذ القرن الماضي، وكرس الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين نفسه لتصنيف وثائق الإدارة الخاصة بجميع المشاريع، وتمّ إصدار الطبعة الأولى من عقد فيديك والخاص بأعمال الهندسة المدنية وأعمال البناء في عام 1957م، وأُطلق عليه لقب الكتاب الأحمر، ثم تم إصدار الطبعة الثانية والثالثة والرابعة في الأعوام 1963م، و1977م، و1987م على التوالي، وشمل "عقد الفيديك" على عدة تحديثات وإصدارات ساعدت على إثراء متطلبات الأطراف المعنية بمجال إدارة العقود وهي:
1-عقد فيديك الذي يشمل شروط البناء وأطلق عليه ما يسمى بالكتاب الأحمر.
2-عقد فيديك الذي يشمل شروط وأسس البناء والتصميم وأطلق عليه الكتاب الأصفر.
3-عقد فيديك خاص بشروط عقود المشاريع الجاهزة وأطلق عليه مسمى الكتاب الفضي.
4-عقد فيديك الخاص بالعقود القصيرة وأطلق عليه مسمى الكتاب الأخضر.
4 شروط يجب أن تتوافر فى القوة القاهرة لتطبيقها على عقود الفيديك
وعقد الفيديك – الكلام لـ"حليم" - فى حقيقة الأمر شأنه شأن كل العقود يخضع طرفيه لالتزامات قد يحدث حدث عارض يحول دون تنفيذ هذه الالتزامات مثل جائحة فيروس كورونا – كوفيد 19 - التي أصابت معظم دول العالم بما فيهم مصر فهل يعتبر هذه الجائحة قوة قاهرة في مجال عقود الفيديك وما الأثر المترتب عليها بالنسبة لكل من أطراف العقد؟ بداية القوة القاهرة عرفتها المادة 19 /1 النموذج الصادر في 1999 بأنها حدث استثنائي خارج عن إرادة الأطراف ولا يستطيع أحد الأطراف تفاديها ويجب أن تتوافر فيه أربعة شروط:
1-أن تكون الإحداث الاستثنائية خارجة عن نطاق سيطرة طرف من الأطراف.
2-ألا يكون الأطراف على علم به قبل إبرام العقد.
3-أن يكون الحدث قد قام بعد عدم استطاعة الأطراف تجنبه أو تجاوزه.
4-ألا يكون قد تسبب فيه طرف من أطراف العقد .
6 حالات استثنائية وضعها المشرع الدولى فى عقود الفيديك
ويجب أن تتوافر هذه الشروط مجتمعة حتى يتسنى وصف الحدث بالقوة القاهرة، فالقوة القاهرة التي كان منصوص عليها في نموذج 99 في البند 5/8 بنص صريح على اعتبار – الوباء - قوة قاهرة تؤثر على تنفيذ الالتزامات والتي يمكن الاستفادة منه لتمديد وقت تنفيذ الالتزام لم تعد موجودة بالتعديل الأخير الوارد في عام 2017 حيث استبدل مصطلح القوة القاهرة بـ "الأحداث الاستثنائية"، والتعديل الأخير 2017 لم يكتفي بتوافر هذه الشروط حتى يمكن أن يطلق على الحدث الجديد حدث استثنائي ووضع ستة حالات يمكن أن يطلق عليها أحداث استثنائية :
1-الحرب والأعمال العدائية سواء أعلنت الحرب أم لم تعلن و الغزو وفعل الأعداء الأجانب.
2-التمرد الإرهاب والثورة والعصيان و القوة العسكرية والاستيلاء بالقوة والحرب الأهلية.
3-الشغب والاضطرابات والإخلال بالنظام العام والإضراب والحصار .
4-الإضراب والإغلاق ولا يشمل فقط أشخاص المقاول أو موظفي المقاول من الباطن .
5-ذخائر الحرب والمواد المتفجرة والتأين الإشعاعي والتلوث الناتج عن النشاط الإشعاعي باستثناء ما يعزى إلي استخدام المقاول لهذه الزخائر أو المتفجرات أو الإشعاعات أو النشاط الإشعاعي .
6-الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو تسونا مي أو نشاط بركاني أو إعصار.
كيف أصبحت عقود الفيديك الأكثر تأثرا بفيروس كورونا؟
ونجد هنا في البند السادس استحدث التعديل أحداث استثنائية لم تكن موجودة في نموذج 99 لاستحداثها بعد ذلك التاريخ وهي "تسونامي" والجدير بالذكر أن التعديل لم يقتصر على الأحداث الاستثنائية - القوة القاهرة - على حالات معينة على سبيل الحصر بل ترك الباب مفتوحا لأي حالة استثنائية ينطبق عليها تلك الشروط باعتبارها قوة قاهرة، وجدير بالذكر أن نموذج 99 ذكر كلمة وباء - epidemic- باعتباره قوة قاهرة إلا أن منظمة الصحة العالمية في 11 مارس الماضي اعتبرت فيروس كورونا جائحة - pandemic- وهو لفظ أعم وأشمل ولا يقتصر على نطاق محدد بل امتد ليشمل كل دول العالم وتأثرها به وتأثر حركة البضائع والتجارة على مستوى العالم وبالتالي يمكن الاستفادة منه باعتباره أحد الأحداث الاستثنائية - القوة القاهرة - التي نصت عليها عقود العمل الهندسة المدنية أو ما يعرف بالكتاب الأحمر 2017 .
ومن هنا يعتبر فيروس كورونا – كوفيد 19 قوة قاهرة تؤثر على الالتزامات التي تم التعاقد عليها وفقاً لعقود الفيديك تلك العقود التي انفردت بنماذج ونصوص تٌعالج حالة القوة القاهرة التي تنشأ حال تنفيذ العقد وأثرها على كل من أطراف العقد ومقاولي الباطن: لكن ما الإجراءات التي يجب أن تتبعها كمقاول أو رب عمل حال عدم القدرة على تنفيذ الالتزامات التعاقدية وفقا لعقود الفيديك حال حدوث القوة القاهرة:
أولا: الإخطار بتحقق القوة القاهرة
إن لم يستطع أحد أطراف العقد القيام بتنفيذ التزاماته التعاقدية وأخل بالتزامه نتيجة القوة القاهرة يجب عليه إخطار الطرف الأخر بالحدث "القوة القاهرة" وبالالتزامات التي حال هذا الحدث دون تنفيذها خلال 14 يوماً من تاريخ العلم أو من تاريخ وجوب العلم بهذا الحدث أو الظرف المكون للقوة القاهرة وفقا للمادة 19/2 وعليه يكون هذا الطرف غير مسؤول ومعفي من تنفيذ التزامه التعاقدي ما دام الأثر المانع للقوة القاهرة قائماً .
ثانيا : الحد من التأخر في تنفيذ الالتزامات
وفقاً للمادة 19/3 على كل طرف استخدام مسعى معقول للتقليل من التأخير في تنفيذ التزامه أو الأداء المحدد وتمديد مدة تنفيذ الالتزام من أجل الحد من التأخير في تنفيذ الالتزام الناتج عن القوة القاهرة .
آثار القوة القاهرة لكل من طرفي العقد :
إذا كان تنفيذ الاعتمال سيتأخر فسيتم مد وقت تنفيذ هذه الإعمال إذا تكبد المقاول مبالغ إضافية فمن حقه تمديد الوقت والتعويض عن التكاليف الإضافية الناتجة عن هذا الحدث .
أثر القوة القاهرة على مقاولي الباطن :
يجوز الاتفاق بين المقاول الرئيسي ومقاولي الباطن على شروط إضافية أو شروط أوسع للإعفاء من القوة القاهرة إلا أن صاحب العمل لا يتحمل تبعة هذه الاتفاقات مع مقاولي الباطن ولا تعفي المقاول الرئيسي من مسئوليته أمام صاحب العمل في حال عدم أدائه لالتزاماته.
إنهاء العقد نتيجة للقوة القاهرة وفقا لنموذج الكتاب الأحمر99 :
الإنهاء الاختياري:
إذا تم إيقاف تنفيذ العمل لمدة 84 يوماً متواصلة أو 140 يوماً متفرقة يتم إخطار الطرف المتضرر للطرف الأخر بإنهاء العقد ويتم الإنهاء خلال 7 أيام من تقديم الإخطار وعلى المقاول الامتثال للبند 3/16 من العقد، وفي حال الإنهاء يجب أن يقوم المهندس باحتساب المبالغ والعمال وتكلفة المواد وأي مبالغ أخرى يتكبدها المقاول لتنفيذ الأعمال المؤقتة ومعدات المقاولة وتكاليف العمالة .
طرق تسوية النزاع في عقود اعمال الهندسة المدنية 99 :
1-الطرق الودية من خلال "المفاوضات" و"الوساطة".
2-عن طريق - مجلس تسوية المنازعات - يبرز هنا دور المهندس في حل المنازعات وعلى الأخير أن يخطر الطرفين بقراره خلال 84 يوماً من تاريخ طلب بتدخله لحل النزاع ويقوم مجلس فض المنازعات بنفس الإجراءات خلال نفس المدة فإن اعترض احد الأطراف على قرار المهندس وأبدى رغبته في عرض النزاع على التحكيم عليه إبداء ذلك خلال 70 يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار وإلا أصبح قراره نهائيا وملزماً وبعد ذلك يتم اللجوء إلي "التحكيم" أو "النزاع القضائي" حسب ما هو وارد بنص الاتفاق في العقد.
أثر توافر شرط القوة القاهرة جائحة فيروس كورونا على عقود الفيديك
تنص المادة 19/7 على الإعفاء من مسئولية التنفيذ ودون الإخلال بأي حكم آخر في المادة 19، إذا نشأ أي حادث أو ظرف خارج عن سيطرة الطرفين وجل امتثال أحد الطرفين أو كليهما بالتزاماته التعاقدية مستحيلاً أو مخالفاً للقانون أو يؤدي بمقتضي القانون الذي يحكم العقد إلى إعفاء الطرفين من الاستمرار في تنفيذ العقد عندئذ وبعد إخطار من أي الطرفين إلى الطرف الآخر بهذا الحدث أو الظرف يعفى الطرفين من مواصلة التنفيذ وذلك دون الإخلال بحقوق أي منهما بخصوص إخلال سابق بالعقد .