شهدت معظم دول العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية صدور قرارات بحظر التجوال لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، وهو نفس الإجراء الذي قامت به مصر، والتي قررت حظر التجوال على المواطنين ومنعهم من الانتقال أو التحرك على جميع الطرق، من الساعة 9 مساء وحتى الساعة 6 صباحاَ مع السماح بالحركة الضرورية المرتبطة بالاحتياجات الطارئة التى يقدرها مأمورو الضبط القضائي.
ومع صدور قرار الحظر ظهرت إشكالية تواجه كل من يستهين بعملية خرق حظر التجوال وبات الجميع يسأل، هل عملية خرق حظر التجوال جريمة تجيز الضبط والتفتيش وقائياً عقب ضبط المتهم؟، وما هو تقدير رجل الضبط القضائي في هذا الأمر؟، وهل تكون عملية التفتيش صحيحة حال وجود ثمة ممنوعات مع المتهم.
بحسب الخبير القانوني والمحامى محمد شليل، يجب أن نعلم أن عملية خرق حظر التجوال والانتقال بالطرق العامة خلال ساعات الحظر دون مبرر بمثابة جريمة تجيز الضبط والتفتيش إعمالاَ للمادتين 34، 25 من قانون الإجراءات الجنائية التى تجيزان لمأمور الضبط القضائى، ولأى فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر الضبط أن يقبض على المتهم فى أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على 3 أشهر إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه، كما أن المادة 46 من القانون خولت له تفتيش المتهم فى الحالات التى يجوز فيها القبض أو الغرض منه، وأياَ ما كان سبب القبض.
وماذا يعني التفتيش الوقائي؟
التفتيش الوقائي هو إجراء تحفظي يسوغ لأى فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر القبض، وسند إباحة هو تسهيل عملية القبض على المتهم والتحفظ عليه بتجريده مما عسى أن يحمله من سلاح أو أشياء قد تساعد على الهرب، وتحوطاَ ودرءاَ لما يحتمل من أن يحق المتهم أذى بشخصه من شئ يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره، مما يباشر القبض عليه، ومن ثم يكون تفتيش المتهم بخرق حظر التجوال مشروعاَ، وما يسفر عنه من ضبط ممنوعات بحوزته صحيحاَ ومنتجاَ لكافة آثاره القانونية.
كيف رأت محكمة النقض قرار الحظر؟
سبق لمحكمة النقض المصرية التصدي لهذا الأمر فى الطعن المقيد برقم 51378 لسنة 85 القضائية، حيث أكدت أن ضابط الواقعة شاهد المتهم جالساَ أسفل الكوبرى وقت الحظر، فأسرع نحوه وما أن شاهده الأخير حتى حاول الفرار إلا أنه تمكن من ضبطه وبتفتيشه وقائياَ وقت الحظر عثر معه بين طيات ملابسه على المخدر المضبوط مما يدل على أن المتهم شوهد فى حالة من حالات التلبس بالجريمة والمبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وهى مشاهدة الضابط للمتهم حال جلوسه أسفل كوبرى وقت الحظر دون مبرر، ومحاولته الفرار من رجال الشرطة، وبتفتيشه وقائياَ عقب ضبطه مخترقاَ الحظر فى ذلك الوقت، مما يوفر وجود المتهم على تلك الحالة، مما يعد دليلاَ على وجود اتهام يبرر تفتيشه وقائياَ خشية حمله ثمة ممنوعات ومن ثم يكون ما وقع من الضابط تفتيش صحيح.
محكمة النقض
لما كان ذلك – وكان تقدير حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التى توكله بداءة لرجل الضبط القضائي، على أن يكون تقديره خاضعاَ لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع بغير معقب، ما دامت النتيجة التى انتهت إليها تتفق منطقياَ مع المقدمات والوقائع التى أثبتتها فى حكمها، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها – وإذ كان ما رتبه الحكم – على الاعتبارات السائغة التي أوردها فيما سلف بيانه من إجازة القبض على الطاعن صحيحاَ فى القانون، وذلك على تقدير حالة التلبس بجريمة خرق حظر التجوال، وما دام من الجائز لرجل الضبط القضائي قانوناَ القبض على المتهم – الطاعن – واصطحابه إلى القسم تمهيداَ لعرضه على سلطة التحقيق وفقا للمادتين 34، 36 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه يجوز تفتيشه على مقتضى المادة 46 من ذلك القانون.
مستند 1