هل قتل الخليفة الراشد نفسه؟.. عثمان بن عفان والفتنة الكبرى

السبت، 25 أبريل 2020 09:00 م
هل قتل الخليفة الراشد نفسه؟.. عثمان بن عفان والفتنة الكبرى
عثمان بن عفان
محمد الشرقاوى

  • لهذه الأسباب تخلى الصحابة عن «عثمان».. ولهذا دفن فى مقابر اليهود
  • عرب الفسطاط قادوا الثورة.. وتراخِى الخليفة وجيوش الفتح عجل بمقتله
  • حاول على بن أبى طالب إنقاذه ورفض بنو أمية وخانه حامل ختمه
     
فى عام 35 من الهجرة، قتل الصحابى الجليل عثمان بن عفان، الخليفة الثالث للمسلمين بعد وفاة النبى محمد صلى الله عليه.
لم يشفع لعثمان-أمام من قتلوه - كونه من كبار الصحابة، ولا كونه ذا النورين، ولا خليفة راشدا، ولا مجهز جيوش المسلمين فى وقت العسرة، فى أن يدفن بجوار الصحابة رضوان الله عليهم، لكنه دفن بمقابر اليهود.
 
حوادث كثيرة مهدت لقتل عثمان بن عفان ودفنه بهذه الصورة، كان من بينها مواقفه وتراخيه، وكانت من أسباب التعجيل بمقتله، كذلك مجموعات ثائرة خرجت من المدن بتحريض، وكانت منها مجموعة من مصر.
 
فى عام 34 من الهجرة، وتحديدا فى الكوفة ظهرت بوادر الفتنة، حين طالب أهلها بتغيير الوالى سعيد بن العاص، ثم لم ينتظروا بل منعوا دخوله الكوفة، واختاروا مكانه أبا موسى الأشعرى، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولى أبا موسى فوافق عثمان مجاراة لهم لمنع الفتنة.
 
كانت تلك بداية اللعنة، فالولاة الذين عينهم عثمان بن عفان من بنى أمية، استشروا فى الأرض فسادا، وبات هناك كثير من مواطن الخلل، فدفع كل ذلك بثلاث مجموعات ثائرة، من الكوفة والبصرة ومصر وتحديدا من عرب الفسطاط، باتجاه المدينة المنورة لمجادلة الخليفة ومطالبته بالإصلاح، وإرغامه على التراجع فيما يأخذونه عليه، فى سنة 35 من الهجرة.

على بن أبى طالب ينقذ عثمان
فى المدينة نزلت المجموعات الثائرة فى 3 أماكن متفرقة، كان أهمها مكان يقال له «ذو خشب» حيث نزل المصريون من عرب الفسطاط، واقتصر الأمر على المجادلات السلمية، ورغم كثرة المتمردين وعدم وجود مقاتلة فى المدينة، فقد تصدى لهم عدد من الصحابة مثل عَلىّ بن أبى طالب وسعد بن أبى وقاص والمغيرة بن شعبة وزيد بن ثابت والزبير بن العوام ومحمد بن سلمة (رضى الله عنهم)، وبحسب السير، فقد روى أن «على» شرح لهم خطأ تصرفاتهم، كما دافع عثمان عن نفسه دفاعا مقبولا، واستمرت تلك المرحلة لمدة شهر تقريبا، وقاد ابن أبى طالب محاولات الصلح بين الخليفة والمتمردين، وانتهت بأن وافق عثمان على مطالب الثائرين فقفلوا راجعين إلى أمصارهم.
 
وخلال المفاوضات طالب وفد عرب الفسطاط الخليفة عثمان بعزل والى مصر عبدالله بن أبى السرح، ووضع محمد بن أبى بكر مكانه، فوافق الخليفة على ذلك.

خيانة مروان بن الحكم
وفى طريق عودتهم إلى مصر لحقهم غلام قيل إنه كان يتراءى لهم ثم يغيب عنهم، فلما أمسكوا به وجدوه يحمل رسالة إلى عبدالله بن أبى السرح وجدوا فيها: «إذا أتاك محمد بن أبى بكر وفلان وفلان فاقتلهم، وأبطل كتابهم، وأقر على عملك حتى يأتيك رأيى»، فعاد الوفد المصرى إلى المدينة مرة أخرى، ولكن الغريب أن الوفدين الكوفى والبصرى عادا فى الوقت نفسه تقريبا، وربما أرسل خلفهم عرب الفسطاط من طالبهم بالرجوع، وبعودة المجموعات الثلاث للمدينة تبدأ المرحلة الثانية.
 
عرض المتمردون الرسالة التى عثروا عليها، على «عثمان»، بحضور على بن أبى طالب ومحمد بن مسلمة فأنكرها، فشكوا فى حامل ختم الخليفة مروان بن الحكم، وطلبوا من عثمان خلع نفسه لضعفه وغفلته وخبث بطانته؛ أى أن مطالبهم زادت حدة، لكن الخليفة رفض المطالب، وقال جملته التى أفضت إلى موته فيما بعد: «لا أنزع قميصا ألبسنيه الله، ولكنى أتوب وأنزع»، فردوا عليه بقولهم «لو كان هذا أول ذنب تبت منه قبلنا، ولكنا رأيناك تتوب ثم تعود، ولسنا منصرفين حتى نخلعك أو نقتلك أو تلحق أرواحنا بالله تعالى، وإن منعك أصحابك وأهلك قاتلناهم حتى نخلص إليك».
 
ولما فشلت المحاولات السلمية لعزل عثمان، فرض المتمردون الحصار حول بيت الخليفة، ومنعوه من الخروج للصلاة ولكن لم يمنعوا الناس عنه، فقال: «أما أن أتبرأ من خلافة الله فالقتل أحب إلى من ذلك، وأما قولكم تقاتلون من منعنى فإنى لا آمر أحدا بقتالكم، فمن قاتلكم فبغير أمرى قاتل، ولو أردت قتالكم لكتبت إلى الأجناد فقدموا علىّ أو لحقت ببعض أطرافى».

الصحابة يتركون عثمان بسبب نقضه العهد
اتحد المتمردون من الأقطار الثلاثة حول عثمان، وكان يصلى بهم الغافقى بن حرب العكى، الذى دان له الكوفيون والبصريون وعرب الفسطاط، أما أهل المدينة فقد تفرقوا فى مزارعهم، ولزموا بيوتهم، ولم يكن يخرج أحد منهم إلا بسيفه ليمتنع به، واعتزل بعض كبار الصحابة الأمر لأنهم رأوا أن عثمان نكث بوعوده، فقبعوا فى بيوتهم لكنهم أرسلوا بعض أبنائهم إلى عثمان لحمايته.
وكتب عثمان إلى ولاته يستنجدهم ويأمرهم بالعجلة، وأشار عليه نصحاؤه من بنى أمية أن يعدهم ويطاولهم حتى تأتى فرق النجدة، وأن يستخدم على بن أبى طالب بما له من مكانة.
 
يقول ابن الأثير فى كتابه «الكامل»، إن مروان بن الحكم قال لعثمان: «أعطهم ما سألوك وطاولهم ما طاولوك، فإنهم قوم بغوا عليك ولا عهد لهم».
 
واستدعى عثمان عَلِيّا وطلب منه مجادلة المتمردين وإقناعهم بالكف عنه وأن يشترط لهم ما يرى، فقال له عليّ: «قد كنت أعطيتهم أولا عهدا فلم تف به، فلا تعوزنى هذه المرة فإنى معطيهم عليك الحق»، فلما أقسم عثمان بأنه سيفى خرج على إليهم، وطلب منهم إمهال الخليفة ثلاثة أيام حتى يحقق مطالبهم التى فى المدينة، وأما مطالبهم خارجها فحتى تصل الرسل بها. 
 
وبالفعل كف عنه المتمردون ثلاثا، ولما انتهى الأجل دون إنجاز مطالبهم شددوا الحصار عليه، وكرروا مطالبهم بعزل عماله ورد مظالمهم، فأطل عليهم عثمان وقال: «إن كنت مستعملا من أردتم وعازلا من كرهتم فلست فى شىء والأمر أمركم». فقالوا: «والله لتفعلن أو لتخلعن أو لتقتلن».
 
حال بنو أمية بين نصيحة على وعثمان، وطالبوه بعدم الاستجابة لمطالب المتمردين، فعاتبه على بن أبى طالب وآذنه بالفراق وقال له: «والله إنى لأكثر الناس ذبا عنك، ولكنى كلما جئت بشىء أظنه لك رضا، جاء مروان بأخرى فسمعت قوله وتركت قولى».

الروايات تختلف هنا
وفق تاريخ الطبرى، فإن عثمان أطل على محاصريه يوما، وقال لهم فيما قال: «إنكم إن قتلتمونى وضعتم السيف على رقابكم، ثم لم يرفعه الله عز وجل عنكم إلى يوم القيامة.. فإنكم إن قتلتمونى لم تصلّوا من بعدى جميعا أبدا، ولم تقتسموا بعدى فيئا جميعا أبدا، ولن يرفع الله عنكم الاختلاف أبدا». 
 
ورد عليه المتمردون: «كنت أهلا للولاية ولكن بدلت بعد ذلك وأحدثت ما قد علمت، وأما ما ذكرت مما يصيبنا إن نحن قتلناك من البلاء، فإنه لا ينبغى ترك إقامة الحق عليك مخافة الفتنة.. وأن الذين قاموا دونك ومنعوك منا إنما يقاتلون بغير أمرك فإنما يقاتلون لتمسكك بالإمارة، فلو أنك خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال دونك»، وهنا سكت عثمان ولزم الدار وقرر عدم الدفاع عن نفسه، وطلب ممن لديه فى الدار ألا يقاتلوا، وألح عليهم وقال لهم كما فى «العقد الفريد» لابن عبد ربه الأندلسى: «أَعْزِمُ عَلَى كُلِّ مَنْ رَأَى أَنَّ لِيَ عَلَيْهِ سَمْعا وَطَاعَة إِلا كَفَّ يَدَهُ وَسِلاحَهُ، فَإِنَّ أَفْضَلَكُمْ عَنِّى غَنَاء مَنْ كَفَّ يَدَهُ وَسِلاحَهُ». 
 
ووعد غلمانه أنه سيعتق من كف يده منهم، فانصرف من كانوا عنده إلا قلة بينهم الحسن بن على، وعبد الله بن عباس، ومحمد بن طلحة، وعبد الله بن الزبير وأشباه لهم.
 
ورغم محاولات على بن أبى طالب، وحث عثمان على الاستجابة، إلا أن بعض بنى أمية كانوا يأبون عليه الاستجابة لتلك المطالب، فلما مضت ثمانى عشرة ليلة قدم ركبان من الأمصار، فأخبروا المتمردين بخبر من تهيّأ إليهم من جنود الأمصار، وعندها حالوا بين الناس وبين عثمان، ومنعوه كل شىء حتى الماء والطعام.
 
جاءهم عليٌّ بن أبى طالب وقال لهم: «إن الذى تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، فلا تقطعوا عن هذا الرجل الماء ولا المادة، فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقى!». فقالوا: «لا والله ولا نعمة عين»، فرمى على بعمامته فى الدار بأنى قد نهضت ورجعت. وجاءت أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبى سفيان (رضى الله عنها) على بغلة لها، فضربوا وجه البغلة وقطعوا حبلها بالسيف، فنفرت الدابة وكادت تسقط عنها، فتلقاها الناس فأخذوها وذهبوا بها إلى بيتها، وبلغ طلحة والزبير ما لقى علىٌّ وأم حبيبة، فلزما بيتيهما، وخرجت عائشة إلى الحج واستتبعت أخاها محمدا فأبى، ووفق الطبرى، فإن المتمردين قالوا: «نعاجله قبل أن تقدم الأمداد».
 
تأخر الدعم الذى طلبه عثمان فى بداية الأزمة، حتى أربعين يوما، وهو ما استغربه أهل المدينة وكبار الصحابة، ما يعنى أنه كان هناك تمرد واسع ضد عثمان، وفسر المؤرخون تأخر الدعم من الأمصار، بقولهم: إما لأن ولاة الأمصار، مثلهم مثل كثير من الصحابة، لم يتصوروا إمكانية قتل الخليفة لذا لم يتعجلوا الأمر رغم طلب الخليفة لأنهم توقعوا أن يحل الموضوع سلما، وربما أيضا لأن جيوش الأمصار لم تكن تعتبر نفسها مسئولة عن حماية الخليفة وأنها فقط جيوش فتوح تخص الأمة وتُعنى بنشر الإسلام فقط.
 
وفى اليوم الأربعين للحصار علم المتمردون أن الحُجاج يريدون قصدهم، وأن فرق النجدة من جنود الأمصار قاربوا المدينة فقالوا: «لا يخرجنا من هذا الأمر الذى وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل، فيشتغل الناس عنا بذلك»، وأرادوا اقتحام الباب فمنعهم الحسن بن على، وابن الزبير، ومحمد بن طلحة، ومروان بن الحكم، ومن معهم.
 
ومرة أخرى زجر عثمان المدافعين عنه وقال لهم: «أنتم فى حل من نصرتى»، فأبوا، فأقسم عليهم ليدخلن الدار، فلما دخلوا أغلق الباب دون المتمردين الذين أضرموا النار فى الباب فأحرقوه والسقيفة التى عليه، فثار من فى الدار، وكان عثمان يصلى، فلما انتهى قال لهم: «إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد عهد إلى عهدا فأنا صابر عليه، ولم يحرقوا الباب إلا وهم يطلبون ما هو أعظم منه، فأحرج على رجل أن يستقتل أو يقاتل»، ولبس السراويل للمرة الأولى حتى لا تكشف عورته عندما يقتل، ثم جلس ليقرأ القرآن.

الرواية الأخرى 
هاجم المتمردون دار عثمان من الدور المجاورة، ولم ينتبه المدافعون عن الباب لذلك، ولم يتمكنوا من ردهم، حتى وصلوا إلى حجرة عثمان، فلما وجدوه يقرأ القرآن هابوه، فتقدم منه الغافقى بن حرب العكى وضربه بالسيف، ثم توالى على ضربه أفراد من عرب الفسطاط (كنانة بن بشر التجيبى، وقتيرة السكونى، وسودان بن حمران السكونى)، ومن أهل البصرة (حكيم بن جبلة البصرى، وحرقوص بن زهير السعدى)، ومن الكوفيين (الأشتر مالك بن مالك بن الحارث النخعى)، ومن أهل المدينة (محمد بن أبى بكر الصديق، وعمير بن ضابئ البرجمى).

لم تنته الفتنة 
قُتل عثمان بن عفان، صائما، يوم الجمعة 18 من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين، وهو ابن 82 عاما، وقطعت أصابع زوجة عثمان، نائلة بنت الفرافصة، وهى تدافع عنه، كما أصيب الحسن بن على بسهم، وخضب الدم وجهه، ونهب المتمردون ما فى البيت حتى أخذوا ما على النساء وتحرشوا بهن، ثم ذهبوا إلى بيت المال ونهبوه أيضا.
 
ولما بلغ الخبر عَلِيّا وطلحة والزبير وسعدا وبعض كبار الصحابة فزعوا إلى الدار، وعنّف عَلِى ولديه لتفريطهما فى الدفاع عن عثمان، وقيل إنه لطم الحسن، وضرب الحسين وشتم محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير.
 

فى دفنه روايات
 
ظل عثمان 3 ليال لا يدفن، حيث رفض القتلة دفنه ولم يسمحوا بذلك إلا عندما هددتهم أم المؤمنين أم حبيبة (رضى الله عنها)، وهى ابنة عم لعثمان، فنقله بعض أهله ليلا، فى ثيابه ودون أن يغسل، فوق مصراع الباب.
 
ولما سمع بعض الناس بذلك قعدوا له فى الطريق بالحجارة يريدون رجمه، ولذا كان من يحملونه خائفين متعجلين لدرجة أن رأس الخليفة كانت تصطدم من شدة الجرى بحرف الباب، فاضطر من يحملونه لدخول حديقة قرب البقيع ودفنوه فيها.
 
والأرجح أنه لم يحضر دفنه إلا عدد قليل جدا يوجد تضارب فى ذكرهم، وربما كانوا عليا وطلحة والزبير والحسن بن على وزيدا بن ثابت، وكعبا بن مالك، وبعض أقارب عثمان، مثل ابنة عثمان الخامسة ومروان بن الحكم.
 

رواية الطبرانى 
تقول إن الصحابى الجليل عثمان لم يدفن فى البقيع بجوار صحابة رسول الله، بل دفن بمقابر «اليهود»، بعدما ظل 3 أيام مطروحا على «كناسة بنى فلان»، وهى مكان لوضع القمامة.
 
بعدها قام 12 عشر رجلا منهم: جدى مالك بن أبى عامر، وحويطب بن عبد العزى، وحكيم بن حزام، وعبد الله بن الزبير، ومعهم عائشة بنت عثمان معهم، أتوا إلى جسده بمصباح فحملوه على باب، وإن رأسه يقول على الباب «طق طق» حتى أتوا به البقيع، فاختلفوا فى الصلاة عليه، فصلى عليه حكيم بن حزام أو حويطب بن عبد العزى ثم أرادوا دفنه، كما جاء فى معرفة الصحابة لأبى نعيم الأصفانى.
 
ولما أراد الصحابة والتابعون دفنه بالبقيع، ثار رجل من بنى مازن فقال: والله لئن دفنتموه مع المسلمين، لأخبرن الناس، فحملوه حتى أتوا به إلى حش كوكب، وهو بستان لرجل يسمى كوكب تدفن فيه اليهود موتاها.
 
فلما وصلوا إلى حش كوكب وأرادت ابنته البكاء عليه، نهرها عبدالله بن الزبير، وقال لها «اسكتى»، حتى لا يخرج الثائرون فيمنعون دفنه مرة أخرى، فلما دفنوه وسووا عليه التراب قال لها ابن الزبير: «صيحى ما بدا لك أن تصيحى».
 
وقال الطبرانى فى المعجم الكبير والطبرى فى تاريخ الأمم والملوك: «إن عثمان كان يمر بحش كوكب فيقول: ليدفنن ههنا رجل صالح». 
 
كان قتل عثمان (رضى الله عنه) حدثا مأساويا فارقا فى التاريخ الإسلامى كله، حيث كان بمثابة الحدث المؤسس لفتنة أكبر نتج عنها انشقاق أمة الإسلام تماما كما حذر عثمان نفسه.

وقد لاحظ هذا ثُمامة بن عدى القرشى (رضى الله عنه)، وكان عاملا لعثمان على صنعاء، فلما أتاه نبأ قَتْله بكى وقال‏:‏ «الْيَوْمَ انْتُزِعَتْ خِلافَةُ النُّبُوَّةِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَارَتْ مُلْكا وَجَبْرِيَّة مَنْ أَخَذَ شَيْئا غَلَبَ عَلَيْهِ».

ويبدو من المصادر المتوافرة أن هذه الوفود كانت منظمة وليست عشوائية، فعلى سبيل المثال فى كتاب «ولاة مصر» لمحمد بن يوسف الكندى (بيروت 1959) توجد إشارة إلى أن محمد بن حذيفة الذى قام بتثوير عرب الفسطاط هو الذى قرر إرسال جيش ضد عثمان (ص 40)، وانظر أيضا: هشام جعيط: الفتنة، ص 115.
 
كانوا كما يقول ابن كثير: «قريبا من ألفى مقاتل من الأبطال، وربما لم يكن فى أهل المدينة هذه العدة من المقاتلة لأن الناس كانوا فى الثغور والأقاليم فى كل جهة» (ابن كثير: البداية والنهاية، 4/217).
 
راجع الطبرى: تاريخ الرسل والملوك، 4/375.[4] راجع ابن الأثير: الكامل فى التاريخ، 3/60 – 61، الطبرى: السابق، 4/376.
 
فى «أنساب الأشراف» (5/68 – 71) أن بعض الصحابة كطلحة وأبوهريرة قد أيدوا علنا حصار عثمان، بل وساعدوا المتمردين، وفعل مثلهم كثيرون ممن يسمون صغار الصحابة، ومن بدو المدينة ممن يكرهون عثمان وبنى أمية، وقد شارك بعض هؤلاء فى الحصار، بل وشجعوا على قتل عثمان (رضى الله عنه).
 
ابن الأثير: الكامل فى التاريخ، 3/62.
 
الطبري: تاريخ الرسل والملوك، 4/395. خرج لنجدته – بعد تلكؤ – حشد كبير من أهل البصرة بقيادة مجاشع بن مسعود، وفرقة من مصر بقيادة معاوية بن حديج، كما خرجت فرقة شامية بقيادة حبيب بن مسلمة. وفى «العقد الفريد» عن الشّعبى قال: كتب عثمان إلى مُعاوية: «أن أمدّني».
 
فأمدّه بأربعة آلاف مع يزيد بن أسَد بن كرز البَجَليّ. فتلقاه الناس بقتل عثمان فانصرف، فقال: «لو دخلتُ المدينة وعثمان حيّ ما تركت بها مُختلفا إلا قتلتُه، لأن الخاذل والقاتل سواء» (ابن عبد ربه: «العقد الفريد»، 2/94).
 
ذكر ابن العربى فى «العواصم من القواصم» (تحقيق الطالبي، ص291) عدا من قتلة ومصيرهم: (1) الغافقى بن حرب العكى قتل سنة 36هـ/656م، (2) كنانة (2) كنانة بن بشر التجيبى قتل سنة 36هـ/656م، (3) سودان بن حمران قتل يوم الجمل سنة 36هـ/656م، (4) عبدالله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، كان مع عليّ فى صفين وقتل سنة 38هـ/658م، (5) حبيب بن جبلة البصرى العبدى قتل يوم الجمل سنة 36هـ/656م، (6) مالك بن الحارث الأشتر، هلك فى طريقه إلى مصر سنة 38هـ/658م، (7) محمد بن أبى بكر الصديق، قتل سنة 38هـ/658م، (8) عبدالرحمن بن عديس البلوي، قتله أعرابى بحمص سنة 36هـ/656م لما علم أنه من قتلة عثمان.
 
وكان الحسن البصرى يقول: «ما علمت أحدا أشرِك فى دم عثمان ولا أعان عليه إلا قُتل» (ابن شبة: تاريخ المدينة المنورة، 4/1252).[14] الطبري: تاريخ الرسل والملوك، 4/415، والهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، (9/118-119).[15] عندما تولى معاوية اشترى هذه الحديقة وأمر بهدمها وضمها إلى البقيع، وأمر الناس فدفنوا موتاهم حول قبره، فأصبحت مقابر بنى أمية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة