"وتد الاقتصاد".. أزمات مرت على القطاع المصرفي في مصر

الخميس، 16 أبريل 2020 01:00 م
"وتد الاقتصاد".. أزمات مرت على القطاع المصرفي في مصر
أسماء أمين

واجه القطاع المصرفى العديد من الأزمات الطاحنة منذ نشأة البنوك فى مصر، فأظهر صلابة فى مواجهة التحديات، ولعب دورا بارزا فى الاقتصاد المصرى منذ البداية.
 
مع الاستمرار في دور القطاع المصرفي الأساسي في تمويل النمو الاقتصادي، فقد أثبتت البنوك المصرية صلابتها ومرونتها  أمام جميع أنواع الصدمات والأزمات الدولية والمحلية، نتيجة تطبيق برنامج الإصلاح المصرفى، والذى انطلق عام 2016.
 
 
دور القطاع المصرفى فى أزمة كورونا 
 
ظهرت قوة القطاع المصرفي فى ظل الأزمات وآخرها أزمة كورونا ليقوم البنك المركزى بقيادة طارق عامر بإطلاق العديد من المبادرات والتى تقدر بالميارات ليقف بجوار كل القطاعات  العاملة بالسوق المصرى، فقد أطلق مبادرة تأجيل الاستحقاقات الائتمانية للشركات المتوسطة والصغيرة والمتناهية لمدة ستة أشهر، وعدم تطبيق عوائد وغرامات إضافية على التأخر في السداد، فضلًا عن وضع خطط عاجلة لزيادة الحدود الائتمانية مع البنوك الخارجية بما يضمن استمرار توفير التمويل اللازم لعمليات التجارة الخارجية، إضافة إلى عدد من القرارات الجريئة التي من شأنها ان تحد من انتشار فيروس كورونا بين المواطنين والعاملين بالقطاع المصرفي.
 
وقام البنك المركزى والبنوك المصرفية بتدعيم جميع القطاعات الاقتصادية بالمبادرات الخاصة بالصناعة والتمويل العقارى وغيرها حاليًا في محاربة فيروس كرونا وقدرته على التصدي للأزمات واجتيازها بقراراته.
 
القطاع المصرفى الحصان الأسود
 
والإصلاح الاقتصادى الذى بدأته الدولة فى 2016، بتحرير سعر الصرف حول القطاع المصرفى  إلى الحصان الأسود، والوقود المحرك لكل القطاعات الاقتصادية، مثل الصناعى والعقارى والسياحى والطاقة، سواء من خلال قروض مشتركة أو من خلال مبادرات  لمساندة القطاعات الاستراتيجية في الدولة ودعم بيئة التنمية ومناخ الاستثمار، ومن ضمن هذه المبادرات مبادرة دعم وتعزيز فرص تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وذلك بضح 200 مليار جنيه من الجهاز المصرفي لتمويل هذه المشروعات بعائد لا يزيد عن 5%، وكذلك مبادرة تمويل القطاع السياحي بنحو 5 مليارات جنيه، واستحداث برامج تمويلية داعمة للمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة حتى تتمكن هذه المشروعات من الحصول علي تمويل منخفض التكلفة ،وبهذه الإصلاحات كانت حماية البنوك المصرية من التداعيات  للأزمة المالية العالمية، التى شهدها العالم عام 2008، وكذلك من آثار الاضطرابات السياسية والاقتصادية لثورة 25 يناير2011 ، ولم يعد القطاع المصرفى المصرى عبئا على الدولة، بل بات قويا، ولديه سيولة كافية يمكن ضخها فى السوق المحلية، لتلبية احتياجات المشروعات التنموية، ومواجهة الآثار المتوقعة لتقلّص حجم الاستثمار الأجنبى المباشر
 
بداية برامج الإصلاح المصرفى
 
وبدأت عمليات  برامج الإصلاح،  خلال الفترة 1991 - 1998 بتحرير سوق الصرف الأجنبى، ودمجت الحكومة السوقين الأولى والثانوية للعملة فى سوق واحدة، وهو ما أدى إلى استقرار سعر العملة و خلال الفترة 1998 - 2004، والذى ركّز على التجارة وإصلاح المؤسسات، فإنه لم يخلُ من الاستعانة بالسياسات النقدية، التى كان أبرزها تحرير سعر الصرف بشكل جزئى.
 
ومع انتشار حالة الركود فى الأسواق وحدوث التخبطات المالية نتيجة انتشار شركات تشغيل الأموال، أطلقت الحكومة خطة إصلاح شاملة ومتكاملة للقطاع المالى فى سبتمبر 2004، التى اعتمدت بشكل أكبر من ذى قبل على الإصلاحات النقدية، فلم يقتصر الإصلاح هذه المرة، على سوق الصرف والتحكم فى أسعار الفائدة فقط، لكنها امتدت لتحدث تطويراً شاملاً للقطاع المصرفى، الذى كان يمثل العمود الفقرى للاقتصاد القومى، حيث قام البنك المركزى بقيادة فاروق العقدة فى ذلك الوقت بإصلاحات هيكلية شاملة فى القطاع المصرفى
 
كما أن دور البنوك لم يعد قاصراً فقط على التمويل، بل أصبح مبادراً وداعماً قوياً لمشروعات البنية التحتية، تتمثل فى عدة قطاعات كتوسعات الكهرباء والغاز وقطاع البترول، وليس ذلك فحسب، بل تحقيق وتهيئة التمويل الخارجى للكثير من المشروعات من خلال الشراكات مع البنوك الدولية
 
الجهود التاريخية
ويأتى هذا الدور الذى لعبه القطاع المصرفى استكمالا للجهود التاريخية له فى دعم القطاعات الاقتصادية،  منذ نشأة البنوك فى مصر، حيث لعب البنك العقارى المصرى، الذى تأسس عام 1880 برأسمال 40 مليون فرنك فرنسى فى رواج القطاع الزراعى، الذى كان يمثل النشاط الرئيسى للاقتصاد المصرى آنذاك، بالإضافة إلى دور البنك الأهلى المصرى الذى أنشئ عام 1898 برأسمال 3 ملايين جنيه إسترلينى فى دعم المشروعات القومية للدولة، وتبعه بنك مصر الذى تأسس عام 1920 بهدف استثمار المدخرات القومية وتوجيهها لدعم النمو الاقتصادى والاجتماعى بفكر وطنى خالص.
 
ويذكر أن إجمالى أصول البنوك فى القطاع بنحو 5.7 تريليون جنيه، بما يوازى 113% من الناتج المحلى الإجمالى الاسمى لمصر، مما يؤكد أن القطاع المصرفى هو المحرك الرئيسى للتنمية، نظراً لحاجة الشركات إلى التمويل، وما زال هناك هامش متوافر من التمويل.
 
والتاريخ يؤكد ان البنوك المصرية مان لها دور بارز فى الاقتصاد المصرى منذ نشأت البنوك ،فقد  وقام طلعت حرب بتأسيس هذا المصرف لتمويل المشروعات الإقتصادية و لرفع شؤون الدولة اقتصاديا ذلك لبعض المشاكل التي حدثت في الاحتلال البريطاني لمصر فأثرت علي شؤون الدولة سياسياً وأدى إلي تدهور اقتصاد البلاد آنذاك.
 
وبدأت بعدها تتبلور فكرة بنك وطني للمصريين للتحرر من الاحتكار المصرفي الأجنبي، وساهم في إنشاء "شركة التعاون المالي" بهدف الإقراض المالي للمصريين، ومع انتشار دعوته التف حوله الكثيرون ونجحوا في تأسيس "بنك مصر" عام 1920، وتوالت العديد من المشروعات الاقتصادية الكبرى داخل وخارج مصر، إفقد عمل على تحرير الاقتصاد المصري من التبعية الأجنبية وساهم في تأسيس بنك مصر والعديد من الشركات العملاقة التي تحمل اسم مصر مثل شركة مصر للغزل والنسيج ومصر للطيران ومصر للتأمين ومصر للمناجم والمحاجر ومصر لصناعة وتكرير البترول 
 
 
 
وعن فترة النكسة ودور البنوك في حماية الأمن الاقتصادي المصري ،كانت هناك ميزانية نقدية بالنقد الأجنبي غير ميزانية النقد المصري‏، وكانت الحكومة تقترض من البنك المركزي وهيئة السلع التموينية تقترض من البنك الأهلي‏، وبنك مصر،وذلك لشراء القمح والدقيق والشاي والسكر والزيت‏،في تلك الفترة لم تكن لدي البنوك موارد سوي ودائع الناس والباقي سحب علي المكشوف‏، وكان هناك خلل رأسمالي شديد،‏ وأصبح من الضعف إلي درجة ألا يتواكب مع حجم الأعمال المنفذة والقروض كانت كبيرة‏، ولم يكن هناك بند للمخصصات‏،‏ وفي فترة النكسة لولا الجهاز المصرفي لكانت مصر حدث لها الكثير علي سبيل المثال عندما قامت الحرب لم يكن بالمستشفيات قطن ولاشاش فسارعت البنوك للاستيراد ولحسن الحظ حافظت البنوك المصرية علي علاقاتها الطيبة بالمراسلين في الخارج وتأخرت عن السداد ثلاث مرات، وكان يتم الجدولة ،حيث تم جدولة في المرة الأولي‏600‏ مليون دولار والمرة الثانية‏900‏ مليون دولار بينما اضطررت البنوك  للإعلان عن الجدولة الثالثة عام‏1977‏ حين أنشئت هيئة الخليج للتنمية ودخلت كل من المملكة السعودية والكويت والإمارات وقطر لتقديم ملياري دولار لدعم الاقتصاد المصري‏.‏
 
وبادرت بتمويل المشروعات الصناعية العملاقة مثل شركة ايديال للأجهزة المنزلية والنصر للسيارات بينما كان تخصص البنك الأهلي التجارة الخارجية‏،‏ وكان يستورد الدواء لمصر‏.‏
 
فى 13 فبراير 1960، أمم الرئيس عبد الناصر بنك مصر، أكبر مصرف تجارى فى البلاد وكل الشركات الصناعية المرتبطة، بعدما سقط هذا الصرح العملاق تحت سيطرة الاحتكارات البريطانية والأمريكية استرده عبد الناصر لمصر.
 
 
 
25 يناير وشلل الاقتصاد
 
وخلال ثورة يناير 2011  واجه الاقتصاد المصري أزمات  طاحنة نتيجة للأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية المرتبكة، والفوضى التى أدت إلى انحراف وشلل اقتصادي تام في أرجاء البلاد، حيث توقفت المصانع  فكان لها آثار فادحة على الاقتصاد المصري، أدت لاستنزاف الاحتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي، حتى أنه وصل لمعدلات كارثية، تخطت 12 مليار دولار في 2012، كما أدت إلى توقف قطاع السياحة والذي كان يقدر دخله سنويًا قبل 2011 بـ10 مليار دولار؛ ما نتج عنه شلل حقيقي في الاقتصاد المصري.
 
 
تحريك سعر الصرف 
 
وبعد ثورة 30 يونيو اتجهت الدولة نحو الانفتاح على العالم وجذب الاستثمارات، نتيجة لبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذى تبنته الدولي وقام البنك المركزى  بتحريك سعر الصرف، والذي أدى إلى القضاء على السوق الموازية في الاتجار في العملة؛ وتوفير كميات من العملة للشركات العاملة في مصر سواء محلية أو أجنبية، لتنشيط الصناعة مرة أخرى، ونتج عنه انتعاش في ايرادات قناة السويس بلغت 6.5 مليار دولار، بالإضافة إلى ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج لـ62.5 مليار دولار. وأشار أبو زيد، إلى إطلاق الدولة للعديد من المبادرات في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي  تعد قاطرة النمو.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق