حاكموا مدير المعهد القومى للأورام.. تستر على المصاب بكورونا فانتقل الفيروس لـ16 آخرين

السبت، 11 أبريل 2020 09:00 م
حاكموا مدير المعهد القومى للأورام.. تستر على المصاب بكورونا فانتقل الفيروس لـ16 آخرين
المعهد القومي للاورام
إبراهيم الديب ومحمد أبوليلة

 
الوضع كان هادئا.. فجأة ظهرت حالة وحيدة لممرض مصاب بفيروس كورونا، وبدلا من اتخاذ الإجراءات الوقائية المعمول بها فى كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها، للحفاظ على حياة بقية العاملين والمتعاملين معه، تم التستر على الوضع، وكأن الإصابة بفيروس كورونا باتت جريمة، فكانت النتيجة نقل الفيروس إلى 16 آخرين.. هذا هو الحال فى المعهد القومى للأورام، التابع لجامعة القاهرة.
 
الأسبوع الماضى كان مأساويا داخل المعهد القومى للأورام، بعد الإعلان عن إصابة ١٧ شخصا من الأطباء والتمريض بالمعهد بفيروس كورونا المستجد، وتم فتح تحقيق للوقوف على أسباب التقصير إن وجدت، ومعاقبة المتسببين والاطلاع على كافة التفاصيل حول الأزمة، كما قررت الجامعة تعيين فريقين جديدين لمكافحة العدوى والجودة بالمعهد، لتولى إدارة الملف خلال المرحلة المقبلة فى ضوء المتابعة مع اللجنة الفنية التى تم تشكيلها من الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة لمراجعة كافة البروتوكولات الطبية المعمول بها فى مجالات مكافحة العدوى وضمان السلامة للأطقم الطبية والعاملين والمترددين من المرضى.
 
فيما وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، الحكومة بسرعة إجراء الكشف الطبى على جميع العاملين بمعهد الأورام من الأطباء وأطقم التمريض، وجميع المرضى الذين ترددوا على المعهد خلال الأسبوعين الماضيين وكذلك حصر كافة المخالطين لأى حالات إيجابية للكشف الطبى عليهم، مع توفير الرعاية الكاملة لكافة الحالات المصابة من إجراءات طبية فورية للعزل والعلاج، وتم بالفعل إجراء فحوصات وجار الاستكمال لحوالى ٣٥٠٠ شخص، أما نتائج المرضى فى المعهد فجاءت جميعها سلبية.
 
ما حدث فى المعهد القومى للأورام، جريمة مكتملة الأركان يتحمل مسئوليتها كاملا عميد المعهد، الدكتور حاتم قاسم، الذى تهاون وتقاعس عن أداء واجبه الوطنى كطبيب مسئول عن حياة الآلاف من مرضى المرض الخبيث، وكشخص مسئول يجلس على كرسى أحد أهم الصروح الطبية فى مصر، وكإنسان من الدرجة الأولى كان الأولى بمدير معهد الأورام أن يكون أشد حرصا على نفسه وأهل بيته وأسرته وجميع من يخالطهم، وكذلك أرواح المرضى المعلقة فى عنقه، وسلامة الأطباء الذين يرأسهم ويمتثلون لأوامره وتعليماته من الناحية الطبية والإدارية، لكنه أهمل فى حمايتهم من الوقوع فريسة فى قبضة الإصابة بفيروس كورونا المستجد، فى الوقت الذى يوجه فيه الشعب المصرى بكامله كل التحية والتقدير والاعتزاز، بالدور الوطنى العظيم الذى يؤدونه بكل كفاءة وتضحية وتفان، استحقوا من أجله أن يطلق عليهم (جيش مصر الأبيض).
 
تأخر الدكتور حاتم قاسم، عميد معهد الأورام، عن اتخاذ قرارات صارمة من شأنها الحد من انتشار فيروس كورونا بين مرضى المعهد وطاقمه الطبى، ما أسفر عن إصابة 17 حالة بفيروس كورونا، فضلا عن معاناتهم مع آلام الأورام التى لا تتحملها أجسادهم الواهنة من هذا المرض الخبيث الذى ينهش أجسادهم النحيلة ليلا ونهارا، دون رحمة أو شفقة.
 
نتفهم أن هناك أوقات عصيبة تمر بها البلاد، تستلزم من كل شخص مسئول فى منصبه، أن يكون على دراية كاملة بحجم المسئولية المنوط به تأديتها والتعامل مع تابعاتها، وما يلزمه من قرارات يصدرها ن شأنها تقديم كامل الدعم للأشخاص المسئول عنهم وعن أرواحهم، كما نتفهم أن هناك تنسيقا يتم بين جميع المسئولين فى الدولة، وكافة الجهات المعنية بإدارة الأزمة، لكن ما لا نتفهمه هو الموقف المخزى الذى اتخذه مسئول بحجم الدكتور حاتم قاسم، كعميد لمعهد الأورام، الذى يتوافد عليه الآلاف يوميا للعلاج من مرض السرطان، وإهماله فى رعاية أرواح المرضى الذى ينهش أجسادهم السرطان، خاصة وأنه تمت إحاطته بالأمر قبل استفحاله.
 
لم يكن الدكتور حاتم قاسم، مدير معهد الأورام، على غفلة من أمره بشأن وجود إصابات بين مرضاه وطاقمه الطبى والتمريضى داخل المعهد، حتى يتسنى لنا أن نعفيه من الذنب الذى يطوق عنقه أمام الله والقانون، فقد تواصل معه الزميل هشام السروجى، مدير تحرير «صوت الأمة»، فور ورود معلومات مؤكدة له يوم الإثنين 30 مارس ٢٠٢٠، بوجود أكثر من حالة بين المرضى وأطقم التمريض والأطباء، تحمل فيروس كورونا، وذلك حرصا من المؤسسة الصحفية العريقة على الشفافية والتأكد من صحة أو كذب المعلومة، حتى لا يتم نشر أى معلومات من شأنها إثارة الرأى العام وبث الخوف والذعر بين المواطنين، خاصة فى ظل حالة القلق التى يعيشونها هذه الأيام.
 
جاء رد فعل الدكتور حاتم قاسم، فى غاية الغرابة، فقد تعامل عميد معهد الأورام مع الأمر وكأنه متهم، أو كأنه يتم توجيه اللوم له، وبادر بالتشنج والتعالى مع من حدثه، بل وللأسف الشديد فإنه لم يأخذ المعلومة من منطلق منصبه كمسؤول عن حياة الآلاف من مرضى السرطان، ولا عن سلامة طاقمه الطبى الذى تحتاجه الدولة فى هذه الأيام العصيبة والفارقة فى عمر الأمم، فيما استخدم سلطاته كعميد للمعهد ومارس كل الضغوط الممكنة منه ومن معاونيه، على الدكتورة ريم عماد، الطبيبة بمعهد الأورام، التى كانت أول من كشفت عن الأزمة عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى الفيسبوك، بإصابة أحد أفراد طاقم التمريض، بفيروس كورونا، وعدم التزامه بفترة العزل الصحى المنزلى، ونزوله إلى مباشرة عمله، ما تسبب فى نقله العدوى لعدد من زملائه داخل معهد الأورام.
 
لم يتعامل الدكتور حاتم قاسم مع ما نشرته الدكتورة ريم عماد، من معلومات عن مسألة إصابة أحد أفراد أطقم التمريض، بشكل جاد كمسئول عن أروح مرضى وأصحاء، بل سلط عليها معاونيه لإجبارها على حذف ما نشرته على صفحتها الشخصية، وأغلق هاتفه المحمول ونام مستريح الضمير، غير عابئ بما ستسفر عنه اللحظات قبل الساعات القادمة، هنىء البال مستريح الضمير هادئ النفس، وكأنه لن تكون هناك أى أزمة تستوجب منه حتى ولو تقصى الحقيقة والتأكد من صحة المعلومة، أو مجرد التدقيق فيها، لمنع وقوع كارثة صحية فى أحد أهم الأماكن التى يتردد عليها مواطنون فقراء من كل محافظات مصر، للعلاج من مرض أنهك أجسادهم المحملة بالفقر والمرض، وترك الأمر يسير وكأن شيئا لم يكن.
 
ما قام به الدكتور حاتم قاسم، عميد معهد الأورام، أمر لا يوصف بالمخزى فقط، ولا يستوجب مجرد فتح تحقيق معه من جانب جامعة القاهرة، قد ينتهى بإقالته من منصبه كعميد لمعهد الأورام، بل أنه يجب أن يقدم لمحاكمة عاجلة بتهمة الخيانة العظمى، وتعمد نشر الوباء بين المصريين مرضى وأصحاء، ليس لتقاعسه فقط عن أداء واجبه كمسئول فى الدولة، بل لأنه تعمد تجاهل ما نما إلى سمعه وعلمه عن وجود إصابات داخل معهد الأورام، ما يستوجب تغريمه كافة المصروفات المالية التى ستتحملها الدولة ووزارة الصحة وجامعة القاهرة، لإجراء التقصى الوبائى لكل من خالط حالة ممرض معهد الأورام الذى نقل العدوى بين جنبات المبنى الذى تحمل آهات وأنين مرضى السرطان، وفيه ما يكفيه من قصص سجلتها جدارن المعهد بمزيج من الحزن والألم والوجع. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق