هل نصوم شهر رمضان الكريم؟
السبت، 11 أبريل 2020 08:00 ممنال القاضى
«الإفتاء» تجيز للمصابين بكورونا عدم الصيام.. وتلقى بمسئولية الإفطار الجماعى فى ملعب الأطباء
هل نصوم رمضان فى ظل انتشار كورونا؟.. سؤال شغل بال الكثير، ورغم أن جوهر الشريعة الإسلامية الحفاظ على صحة الإنسان، إلا أن المؤسسات المنوطة بالفتوى فى مصر لم تحسم أمرها بعد، فالأمر ستكون له تداعيات خطيرة.
كثير من الناس طالب بفتوى لتوقف الصيام فى رمضان، وهو ما وصفه البعض الآخر تجاوزا فى حق العبادات وحق الفريضة التى أكد الله عليها لعظيم فضلها وأجرها، لكن طالما لا يتعارض مع مقاصد الإسلام السامية.
ومع اقتراب شهر رمضان لم تحسم لجان الفتوى أمرها بعد، فى ظل تطورات الوضع الطبى، لكن هناك فتوى كانت صريحة بعدم جواز صيام الشهر الكريم لمرضى فيروس كورونا المستجد، وفقا لدار الإفتاء المصرية، والعلة تمثيل الخطر على المريض ومن حوله.
الدكتور محمد البدارى عضو لجنة الفتوى بالأزهر، قال إن الله تعالى دعا الناس للتكاثر والإعمار فى الأرض، وبالتالى وجب لذلك صحة جيدة لبنيان الإنسان، فإذا حسمت الجهات الطبية أمرها بعدم جواز الصيام سيكون هذا رأى الفتوى، لحماية الجميع من انتشار الأوبئة، وهو واجب شرعا، مضيفا «إذا أقبل شهر رمضان، ولم تنته جائحة كورونا وجب على الجميع اتباع كافة الإجراءات الاحترازية، ورغم مشقة ذلك على النفس المسلمة، إلا أنه يجب تحمل وقف صلوات الجماعة والتراويح وكل مظاهر الصوم، بما يتفق مع التعليمات الطبية، بقاعدة لا ضرر ولا ضرار».
المركز العالمى للفتوى الإلكترونية التابع لدار الإفتاء، كان له تعليق على سؤال يقول: ما حكم صيام شهر رمضان فى حال رأى الأطباءُ ضرورة بقاء فم الصَّائم رطبا طوال اليوم؛ كإجراء وقائى من العدوى بفيروس كورونا المُستجد (كوفيد – 19)؟»، وجاء نص الجواب: وإن كان الأمر سابقا لأوانه؛ فإنه لا يجوز للمسلم أن يُفطِرَ رمضان إلَّا إذا قرَّر الأطباء وثبت علميّا أن الصِّيام سيجعله عرضة للإصابة والهلاك بفيروس كُورونا، وهو أمر لم يثبت علميّا حتى هذه اللحظة.
واستطردت دار الإفتاء المصرية فى تفسير علل الفتوى بشكل مفصل، فقالت: إن الإسلام حث على حِفَظِ النَّفس وصيانتها بكلِّ الطُّرق والسُّبل التى تدرأ عنها الهلاك، وتمنع عنها الضرر؛ ومن ذلك ما قعَّده الفقهاء من القواعد الوقائية فى الشريعة الإسلامية بقاعدة (الدَّفع أقوى من الرَّفع): حيث قرَّروا فيها بأنه إذا أمكن رفع الضَّرر قبل وقوعه وحدوثه؛ فهذا أَولى وأفضل من رفعه بعد الوقوع، فهذا من باب العلاج الوقائى؛ لأنَّه إن أمكن علاج الأمر ودفعه قبل حدوثه فهذا يُجَنِّب المجتمع الأضرار والكوارث التى من الممكن أن تحدث إذا لم نُسرع بمعالجة الأمور.
وقد يثور هنا تساؤل ألا وهو: هل من الأمور الوقائية كون الفم رطبا دائما حتى لا يُصاب الشَّخص بعدوى فيروس كورونا المستجد؟ وهل يتوجَّب على المسلم الإفطار فى رمضان كإجراء وقائى بترطيب فمه؛ ليحمى نفسه من العدوى بهذا الفيروس؟ والحقيقة: أنه لم يثبت علميّا حتى هذه اللحظة.
وإذا أراد الصائم لأى سببٍ آخر أن يجعل فمه رطبا، فقد سَنَّ له الإسلام المضمضة حال الوضوء، فيستعين بها على ترطيب فمه؛ شريطة ألَّا يُبالغ فى ذلك؛ كى لا يدخل الماء إلى جوفه فيبطل صومه؛ وذلك لما جاء عن سيدنا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ هَشَشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرا عَظِيما، قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنْ الْمَاءِ وَأَنْتَ صَائِمٌ» قُلْتُ: لا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: «فَمَهْ» [أخرجه أبو داود]، فقوله: «أَرَأَيْت لَوْ مَضْمَضْت مِنْ الْمَاء»: فِيهِ إِشَارَة إِلَى أن مجرَّد المضمضة حال الصوم ليس فيها شىء إذا لم يدخل الماء فى جوف الصائم، لكن الإفطار من عدم لم يحسم بعد، وعليه: فلا يجوز للمسلمين الإفطار فى رمضان إلا للمرضى وأصحاب أمراض المناعة وأصحاب الأعذار الذين يُرخَّصُ لهم الفِطر، أو إذا ثبت علميّا أنَّ لعدم شرب الماء تأثيرا صحيّا على الصائمين؛ كإجراء وقائى لهم من الإصابة بهذا المرض بالإفطار فى رمضان؛ فيرجع فى حكم ذلك للأطباء الثِّقات وما يرونه؛ للحفاظ على صحة الإنسان، فهم أهل الاختصاص فى هذه المسألة، وقرارهم مُلزِمٌ لكلِّ صائم مسلم بالإفطار من عدمه، ونؤكِّد على أنَّه إذا استمرَّ الحظر وبقى النَّاس فى منازلِهم فيجب الصَّوم؛ لأنَّه ببقائهم بالمنزل لن يكون هناك خطر يهدد حياتهم بعدوى.
ومع ذلك ففى حالة الضرورة، فالرأى القاطع فى هذه المسألة يكون لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
«رب شعبان هو رب رمضان» مقولة نطق بها وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، مؤكدا بها على وقف إقامة الصلاة الجامعة فى شهر رمضان، إن استمرت علة كورونا، مؤكدا أن رب رمضان هو رب شعبان ولم يتم الصلاة فى المساجد إلا فى حالة إعلان عدم وجود ولا حالة مصاب بكورونا.
ولفت الوزير على أن الله عزوجل رحيم بالعباد ويدعى للحفاظ على أمن وسلامة الناس ضمن مقاصد الشرع .
الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الدينى قال فى تصريح خاص لـ«صوت الأمة»، إن جميع أطقم الأئمة والمفتشين على استعداد لتغيير قرارات الوزارة حال التأكد من انتهاء أزمة كورونا، ولكن إلى الآن تم توقف جميع الأنشطة وتم تغير الخطة الدعوية نهائيا وإلغاء كافة الملتقيات الدينية فى رمضان والقوافل والدعوية.
هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف كانت لها أطروحة حول الزكاة وخروجها قبل رمضان للمتضررين من كورونا، وأجابت عن سؤال: هل يجوز تعجيل الزكاة قبل موعد وجوبها لسَنَة أو لسنتين لمواجهة آثار انتشار الفيروس، ولتحقيق التكافل بين أفراد المجتمع؟ بأن الإسلام يؤيد مبدأ التكافل الاجتماعى بكل صوره وأشكاله، وإذا كان يؤيده فى الأوقات العادية فإنه يفرضه فرضا فى أوقات الأزمات والجوائح والطوارئ والظروف الحرجة التى يكون الناس فيها أحوج إلى التعاون والتكافل حتى يصلوا إلى بر الأمان.
ولعل من أبرز صور التكافل الصدقة والزكاة، ورعاية المتضررين، والأرامل، والمساكين، والعُـمَّال المتضررين من انتشار هذا الوباء، وأيضا الوقوف فى وجه المحتكرين والمستغلين.
وأكدت هيئة العلماء على وجوب مساعدة المحتاجين من أصحاب الأعمال اليدوية الذين يكتسبون أرزاقهم يوما بيوم، والذين هم فى أَمَسِّ الحاجة إلى مَن يُساعدهم بإيصال بعض الأغذية، ومواد الإعاشة الضَّرورية لهم، وهؤلاء المحتاجون معروفون ويسهل التعرُّف عليهم وبخاصة فى القُرى والأرياف. وحبَّذا لو ركَّزت الجمعيَّات الأهلية نشاطها فى هذه الخدمات التى يوجبها الشرع والعقل والمروءة الإنسانية فى هذه الظروف.
ومذهب الجمهور أنه يجوز تعجيل الزَّكاة وإخراجها مقدَّما على موعد استحقاقها بسَنَةٍ أو سنتين، وهو ما تمس الحاجة إلى الفتوى به الآن، وما يدل على جواز ذلك ما رواه أبو داود وغيره من استئذان العباس بن عبدالمطلب للنبى (Õ) فى تعجيل صدقته- أى إخراج زكاته قبل موعدها- فأذن له.