في زمن كورونا.. ماذا تغير داخل عيادات الأطباء النفسيين؟
الثلاثاء، 07 أبريل 2020 03:53 مأمل عبد المنعم
طبيب نفسي: حالات القلق من الموت زادت مع فيروس كورونا والوسواس القهري والاكتئاب زاد 6 أضعاف
قدمت الدولة ووزيرة الصحة لمرضى كورونا، خدمات الدعم النفسي أثناء فترات العزل المنزلي وكذلك للمصابين والمخالطين، وذلك من خلال الخط الساخن ١٠٥، كما تم تفعيل خطين آخرين هما ٠٨٠٠٨٨٨٧٠٠ و ٠٢٢٠٨١٦٨٣١، حيث يتم إعادة الاتصال بالمواطن خلال ٢٤ ساعه من تاريخ الاتصال بواسطة فريق من الأطباء المتخصصين في كل من الدعم النفسي والدعم الاجتماعي.
وتشمل خدمة الدعم النفسي أيضًا أعضاء الفرق الطبية داخل مستشفيات العزل، كما تستهدف أيضًا ضرورة التوعية بأن الإصابة بفيروس كورونا ليست وصمة، ويتم الإجابة عن استفسارات الجمهور حول كيفية التعامل مع الضغوطات المتزايدة، و تم تدريب 150 متخصصًا في الصحة النفسية للدعم النفسي والرد على استفسارات الجمهور على صفحات اوزارة الصحة الرسمية وذلك في إطار الجهود المبذولة لمواجهة الوباء.
جاء هذا بعد مناشدة الدكتور محمد طالب، نائب مدير مستشفى النجيلة بمحافظة مطروح، بأن الدعم النفسي للمصابين بالفيروس مهم ومؤثر جدا في علاج المريض، وأكد ضرورة ألا يشعر المريض بأنه شخص منبوذ، لكن على العكس يجب أن نقدم له كل الدعم؛ لأن النفسية تؤثر بشكل كبير على المناعة.
وأضاف أنه لاحظ في أكثر من مريض أن الحالات ذات النفسية العالية تكون نسبة شفاءها أسرع؛ وطالب بتقديم كل الدعم لمرضى الكورونا وتحفيزهم، وتوفير جو نفسي مناسب لهم، خاصة بعد شفاءهم وخروجهم من العزل، وعودتهم لعملهم وحياتهم الطبيعية".
وقدم الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، روشتة للتعامل مع مرضى فيروس "كورونا"، مؤكداً أن المرض العضوي يترتب عليه مجموعة من الاثار التي تضعف المناعة لدى المريض حتى لو تم شفائه، موضحاً أن الآثار النفسية تظل معه فترة طويلة من الحياة، ويزداد الأمر وطأة عندما يكون هذا المرض العضوي جديد على المجتمع وعلى العلوم الطبية والإنسانية كما وجد قديماً في مرضى السرطان.
وأضاف "هندي" في تصريحات خاصة لـ" صوت الأمة" أن ما نجده الآن في مصابي فيروس كورونا التي تنقلب حياتهم رأساً على عقب في غضون أيام وساعات معدودة، فيجد نفسه قد ترك ماله وأهله وسكنه وذويه وفارق الحياة اجتماعياً قبل أن يواجه فجيعة الموت الحقيقي وهو ما لم يحدث، وذلك منذ اللحظات الأولى من عزله في الحجر الصحي، و على الطبيب النفسي بث الطمأنينة في نفسه وتهدئته من روعة المرض، وليس بالحديث معه فقط بل بالسلوك الفعلي.
ولفت أن مع تقديم العقاقير يجب مراعاة أن المريض بعيداً عن أسرته، ويجب فتح الحوار معه لإزالة آثار مشاعر الشجن، مستشهداً بحالة المريضة التي تم عزلها بمستشفى الإسكندرية في أسباعها الأخيرة من الحمل، وتقديم الطاقم المعالج لها المساعدة النفسية وكأنها بين أشقاءها، لدرجة أنهم ساهموا معها في اختيار اسم المولود، مما ساعد في شفاء الحالة ووضعت أول طفل سليم في تاريخ الإنسانية من مريضة متعافية من مرض كورونا.
ويرى استشاري الصحة النفسية، أن المعالج النفسي يحاور المريض بإستخدام العلاج السلوكي المعرفي من خلال عرض الحقائق والمعلومات عن طبيعة المرض وأسلوب العلاج والفترات العصبية التي يمر بها ورفع روحه المعنوية ليقبل على العلاج بتفاؤل ويعاني نفسه على تخطي مرحلة العزل الصعبة، كما يقوم المعالج النفسي بالإنصات الجيد والاصغاء الواعي لكل ما يعتري مريض الكورونا من مخاوف وتساؤلات وأفكار مغلوطة إتجاه مرضه، ليقوم بترتيب افكاره وطرح مخاوفه المرضية جانباً.
وأكد "هندي" أن هناك ارتفاع في درجات القلق والخوف المرضي لدى عامة الناس من الإصابة بمرض الكورونا، موضحاً أن الحالات المترددة عليه زادت من 4-6 أضعاف بالنسبة للوسواس القهري، وبنفس النسبة في حالات الاكتئاب، وزادت حالات القلق من الموت وهو مرض جديد عبارة عن شعور يعجل من وفاة صاحبة، وذلك بالإنشغال الدائم بالوفاة وطقوس الدفن والتفكير في تحلل الجسد والخوف من مفارقة الأحباء والمقربين مثل الأبناء، موضحاً أن من أهم علامات هذا المرض تتبع وفيات مرضى الكورونا وطريقة غسلهم، وحمل جثثهم وشعائر جنازتهم.
أما عن أهم شكاوي يواجها مع المرضى أثناء هذه الفترة، هي أمراض "السيكوسوماتية" تلك الأمراض النفسية والاجتماعية التي تأخذ أشكال عضوية في المصريين دائماً والعرب بصفة عامة، يميلون إلى "جسنمة" المرض النفسي، حيث يجد الجسم لديهم متمسكاً بالأعراض والأمراض النفسية فكثيراً ما يشكو بالصداع المزمن أو النصفي أو تساقط الشعر أو صعوبة التنفس أو الحكة الجلدية أو الآلام في الرقبة والغضروف والفقرات القاطنية وخشونة الركبة وبعض الأضطرابات المعدية، كالقولون وارتجاع المرئ واضطرابات الطمث والدورة الشهرية عند النساء.
ويشير "هندي" إلى أن المريض النفسي المتعلق "بفوبيا الكورونا" يأخذ أعراضًا أخرى، مثل خفقان وسرعة ضربات القلب والنهجان وقلة النشاط، وفرط الشهية العصبي، وبعض اضطرابات النوم المصاحبة بالكوابيس والأحلام المزعجة، ولذلك نصح المصريين بالثبات الانفعالي في مواجهة هذا الفيروس اللعين والتحلي بالهدوء النفسي وإدراك أن الموت والحياة هما شيئان بأمر الله ويده، فالمرض لا يعني الموت، فكم من مريض عاش الدهر، وكم من متعافي يتزين والقبر يناديه.