الله غالب.. تساؤلات لشيخ ضال ومضل
السبت، 04 أبريل 2020 12:13 م
صباح أمس الجمعة، كان لازماً شراء متطلبات المنزل، وفي إحدى المطاعم، فتح أحدهم النقاش عن غلق المساجد، وأعلن عامل "النصبة" عن نيته هو وزملاءه عن الصلاة في المسجد.
تدخلت سريعاً، وقولت: إن الله أحل الصلاة بعيداً عن المسجد في أوقات الكوارث والأزمات، وأن هناك ما يسمى بفقه النوازل تحدث عن كافة تلك الأمور، وكدت أبدء الشرح، غير أن شخص من ورائي، قال وهل: يرضى الله بذلك؟
لوهلة أحسست أن النقاش لن يفيد، فجاوبته: نعم يرضى الله بذلك، لكنه تابع: المشكلة في الناس، أنهم استسهلوا النعمة، وأن أهالينا هم من عودونا على ذلك، ولكي لا يطولهم الذنب، علينا شكر الله.
ابتسمت ابتسامة خفيفة وأمنت على كلامه، فما يقوله حق، وتحدثت لعامل المطعم، أن في ذلك ضرر له، قال: وحتى الصلاة في حرم المسجد ممنوعة، أجبته: نعم، ستضر نفسك والإمام، فالدولة حازمة في تطبيق الأمر، وأن من يفعل ذلك وسمح به يعفى من وظيفته.
طلبت السلامة للجميع، وغادرت متجهاً إلى منزلي، وفي الطريق وجدت "خناقة" كبيرة، بين عدد من المصلين وإمام المسجد المقفول، فهم أردوا الصلاة في حرم المسجد، لكن الإمام منعهم، وتناقش معهم ولا حياة لمن تنادي.
ارتفع الصوت ولولا حرمة المسجد لوجدت سباباً للإمام، توقفت أشاهد، وإذ برجل أراه متطرفاً في عقله، يهاجم الإمام، ويستدل بقول الله تعالى: "والعصر. إن الإنسان لفي خسر"، ويزيد من تعصب الناس وتوترهم، ويريد إقامة الصلاة، درجة أن فتح "سجادته" ووقف عليها والناس من وراءه.
تدخلت سريعاً، لأمور كثيرة، أولها خشية انتشار الوباء، وثانيها علمي يؤهلني للتحدث في الأمور الدينية، فأنا خريج جامعة الأزهر الشريف، وبدأت في الحديث: يا شيخ! ما يقوله الإمام صحيح ولا يجوز لكم الصلاة هنا، والشرع أحل ذلك.
لم يلتفت صاحب اللحية السوداء والوجه العبوس لكلامي، فأنا في نظره ممن منع بيوت الله أن يرفع فيها اسمه، ورفع تكبيرة الإحرام بعدما اصطف وراءه 6 أو 7 رجال، أقام أحدهم الصلاة.
لم يكن جهل الشيخ مقتصراً على ضعف الحجة والكلام مع إمام المسجد، بداية من عدم علاقة سورة "العصر" بالموقف، لكن أفعاله كشفت عن جهل مترسخ، فدون خطبة الجمعة، صلى ركعتيها جهراً، وهو مالا يصح فقهياً.
إذاً الصلاة التي حارب من أجلها باطلة، فكيف سيقابل بها ربه؟، وإن كانت نيته وخوفه على الصلاة شيئاً مشروعاً؛ إلا أن ما فعله يأثم عليه.
ألم تصل لمسامع الشيخ الضال فتوى دار الإفتاء، وهي إحدى الجهات الرسمية المخول لها بالفتوى، والتي تقول: إن هناك مجموعة من الأسباب التي يُترخَّصُ بها لترك الجماعة في المسجد بل والجمعة، ومنها أسباب عامة؛ كالمطر الشديد والوحل الذي يُتأذى به وكذا الظلمة التي لا يُبصر بها الإنسان طريقه إلى المسجد، ومنها أسباب خاصة؛ كالمرض، والخوف على نفسه أو ماله أو أهله، وكذلك أكل ما له رائحة كريهة، وأيضًا إذا غلبه النوم، وغير ذلك من الأسباب وما يشبهها.
ألم يصل إلى ذهنه أو حدثه مشايخه عن الحديث الذي ورد في الصحيحين، أن عبدالله بن عباس قال لِمُؤَذِّنِه في يوم مَطِير: «إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم»، قال: فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: «أتعجبون من ذا، قد فعل ذا من هو خير مني، إن الجمعة عَزْمة -أي: واجبة-، وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدَّحض -أي: والزلل والزلق».
ألم تصل له علة الفتوى وحيثياتها، والتي تقول أن خطر الفيروسات والأوبئة الفتاكة المنتشرة وخوف الإصابة بها أشد، خاصة مع عدم توفر دواء طبي ناجع لها، لذا فالقول بجواز الترخُّص بترك صلاة الجماعات في المساجد عند حصول الوباء ووقوعه بل وتوقعُّه أمر مقبول من جهة الشرع والعقل.
ألم يعرف الدليل على أن الخوف والمرض من الأعذار المبيحة للتخلف عن صلاة الجماعة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه، عذر»، قالوا: وما العذر؟، قال: «خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى» [رواه أبو داود].
وهل يعلم أن الأصل في تلك الفتوى؟ القاعدة التي تقول: "لا ضرر ولا ضرار"، وأنه إذا أخبرت الجهات المعنية بضرورة منع الاختلاط في الجمع والجماعات بقدر ما وألزمت به، فيجب حينئذ الامتثال لذلك، ويتدرج في ذلك بما يراعي هذه التوصيات والإلزامات، ويبقى شعار الأذان".
ألم يفقه الشيخ المضل، ما قالته مشيخ الأزهر- المؤسسة الضالة في نظره- التنبيهات العشرة حول صلاة الجُمُعة، والتي فندها مركز الأزهر العالميّ للفتوى الإلكترونية، وهي:
1) لا تنعقد صلاةُ الجُمُعة في المنزل وإن كَثُر عددُ المصلِّين؛ وإنما تُصلى ظهرًا أربع ركعات.
2) يُؤذِّن لها مؤذنو المساجد الجامعة، ويُنادون في أذانهم: «ألَا صلُّوا في بُيوتكم ظهرًا، ألَا صلُّوا في رِحَالكُم ظهرًا»، بدل قولهم: «حي على الصَّلاة، حي على الصَّلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح».
3) يَكتفي المُصلّون في منازلهم بأذانِ المسجد، وتُستحب إقامةُ أحدِهم للصَّلاة قبل أدائها.
4) يُستحب أنْ تُقَام الجَمَاعة في البيت لصلاة الجُمُعة ظهرًا، وأنْ يَؤمَّ الرجل فيها أهله ذُكورًا، وإناثًا.
5) إذا صلَّى الرَّجل بزوجته جماعةً؛ وقفت الزَّوجة خلفَه.
6) إذا كان للرَّجل ولدٌ من الذُّكور وزوجة؛ صلَّى الولد عن يمينه، وصلَّت زوجتُه خلفَه.
7) إذا كان للرَّجل أولادٌ ذكورٌ وإناثٌ وزوجةٌ؛ صلَّى الذُّكورُ خلفه في صفٍّ، وصلَّت الزَّوجة والبنات في صفٍّ آخر خلف الذُّكور.
8) تُصلَّى سُنن الظهر الرَّواتب على وجهها المعلوم قبل الصَّلاة وبعدها (أربع ركعات قبلها واثنتان بعدها).
9) يُشرع القنوتُ (الدُّعاء) بعد الرَّفع من ركوع آخر ركعة من صلاة الظُّهر؛ تضرُّعًا إلى الله سُبحانه أن يرفع عنَّا وعن العالمين
البلاء.
10) من كان حريصًا على صلاة الجُمُعة قبل ذلك، وحال الظَّرف الرَّاهن دون أدائها جمعة في المسجد؛ له أجرُها كاملًا وإنْ صلَّاها في بيته ظهرًا إنْ شاء الله؛ لحديثِ سيِّدنا رسول الله ﷺ: «إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» [أخرجه البخاري].