بطل القصة هو المتحدث باسم وزارة الصحة اليونانية وخبير الأمراض المعدية، البروفيسور سوتيريس تسيودراس، الذي تقول تفاصيل قصته إنه استشعر خطر الجائحة منذ البداية قادما من الجارة إيطاليا، فهب مسرعا لينقذ أرواحا كانت تنتظر مصيرا مشابها لما ألم بآلاف الأوروبيين.
وفي التفاصيل بدأت القصة مع إعلان إيطاليا عن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد، حينها أحس تسودراس أن المصيبة باتت على الأبواب، وطالب بشكل حثيث وفوري بإغلاق كافة المرافق التي يحدث فيها تجمع بشري، وبدأ بإقفال الكنائس بشكل جزئي ومن ثم بشكل كامل، ثم جمع حوله أشخاصا مؤثرين في مجال الصحة اليونانية وبدأ خطة مدروسة لدرء البلية.
وباقتراح منه، أنشأت السلطات غرفة عمليات مكونة من 26 عالما، كما أعدت 13 مركزا طبيا، في حين وصل عدد الوفيات في إيطاليا 11 شخصا و330 إصابة، أي أن الوضع لم يكن خطيرا حتى هناك، إلا أن عالم الأوبئة اليوناني قرر تفادي الشر قبل حدوثه، وهو الخطأ الذي وقعت فيه معظم دول أوروبا حتى تفشى المرض.
في 26 فبراير الماضي، سجلت الصحة اليونانية ما كان محسوبا له، وهو أول حالة في اليونان في مدينة سالونيك لامرأة قادمة من شمال إيطاليا.
وبسرعة البرق، أغلقت المدرسة التي أصيب فيها الطفل ابن المصابة بالحجر الصحي، وفي اليوم التالي تماما، أعلن عن 3 حالات أخرى، (اثنتان في سالونيك وواحدة في أثينا)، وكذلك حسم الأمر مجددا فقد تم إلغاء رحلات أطفال المدارس في الخارج، والمهرجانات الجماعية، والكرنفالات، ومنتدى دلفيك الاقتصادي.
لا تقل مشاكل اليونان عن جارتها إيطاليا، فالبلاد تعاني أيضا من وضع اقتصادي مترنح، ونقص في الكوادر الطبية ونقص في المستلزمات وعلى رأسها الكمامات الطبية، كما أن نسبة كبيرة من السكان يعودون لفئة كبار العمر.
إلا أنه ومع ذلك، فقد أعطت غرفة العمليات على الفور توصيات واستجابت على إثرها السلطات، مطبقة الحجر الصحي على مراحل.
في 8 مارس الماضي، ألغيت المظاهرات بمناسبة يوم المرأة، وأغلقت المدارس والجامعات ورياض الأطفال.
وبعد 10 أيام تقريبا، وصلت رسالة طوارئ على جميع الهواتف المحمولة تطلب من الجميع البقاء في المنزل معلنة انتشار الوباء.
وفرضت السلطات منع التجمع.
تقول تقارير، إن تسودراس الأب لسبعة أطفال يغني كل يوم أحد في دير المدينة، ويتحدث دائما بنبرة مهدئة وذات مصداقية.
ويقدم تسودراس تحديثا يوميا للحكومة عن حالة الفيروس التاجي الذي يؤثر على البلاد، ويقدم نصائح بشكل معتاد مدروسة بالظروف الحالية، فمع نقص الأقنعة الطبية الواقية أشار عالم الأوبئة بحسب ما نقلته صحف محلية على لسانه، إلى أن الحقائق حول المرض ولا يقين حول التدابير الوقائية، لكن وبعد الاستفسار من المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، نكرر النصيحة بعدم ارتداء الأقنعة إلا للأشخاص المصابين بالفيروس، أو أولئك الذين يرعونهم، أو موظفي المستشفى، مؤكدا أنه "إذا مارسنا جميعا التباعد الاجتماعي بشكل صحيح، فلن نحتاج إلى أقنعة".
يشار إلى أن اليونان كانت سجلت 50 حالة وفاة مقابل 1459 إصابة حتى اليوم، ما جعلها إحدى أقل الدول تضررا من وباء كورونا المستجد رغم قربها واتصالاتها مع إيطاليا.
من جانبه، حث رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس اليونانيين الخميس، على مواصلة الالتزام بإجراءات العزل العام والبقاء في منازلهم لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد وتجنب تكرار المآسي التي تشهدها دول أخرى.
وقال أمام البرلمان إن "إبريل هو الشهر الأشد أهمية... إذا تراخينا سندفع الثمن ويتعين ألا ندع هذا يحدث"، مضيفا: "لم نبدأ مرحلة النهاية.. لكننا في نهاية مرحلة البداية... تفادينا، فيما يبدو، حتى الآن الأحداث المأساوية في إيطاليا وإسبانيا... والولايات المتحدة".
إلى ذلك أشار وزير الصحة اليوناني فاسيليس كيكيلياس إلى أن الوزارة تتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية المواطنين، وحتى قبل ذلك بكثير من البلدان الأخرى، منوها إلى أنه تم تحويل العديد من الأسرة في المستشفيات إلى وحدات العناية المركزة.
كما شكر كيكيلياس تسيودراس وفريقه، مشددا على أن جميع البيانات الوبائية المعدية يأخذها بعين الاعتبار.