تعليق الدراسة.. وماذا عن التعليم عن بعد؟
السبت، 14 مارس 2020 06:58 م
بعد تداولات كثيرة وتضارب لم تخلُ من الشائعات على السوشيال ميديا والجروبات، وضع توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعليق الدراسة في المدارس والجامعات كإجراء احترازي لمنع انتشار فيروس كورونا وحماية لصحة الطلاب والطالبات، النقاط على الحروف، وأخدم عواصف لم تكن تُحمد عقباها.
قرار تعليق الدراسة لم يكن يقل أهمية عن باقي الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها مصر لمواجهة خطر الفيروس القاتل الذي ضرب دول كبرى، وسبقت مصر بإجراء تعليق الدراسة، بعد مطالبات كثيرة من أولياء الأمور خوفا على أبنائهم، وشائعات استهدفت بعدا سياسيا للصيد في المياه العكرة.
على المستوى الشخصي أصابتني حالة من الارتياح للقرار كواحد من أولياء الأمور الخائفين على أبنائهم بعد أيام من الرعب وإجرءات شخصية تحملها الأطفال، مرهقة ومقلقة إلى أبعد حد ممكن لا يشعر بها إلا من عاشها فعليا.
لا حديث يعلو الآن داخل جروبات المدارس ومواقع التواصل الاجتماعي على قرار تعليق الدراسة، مع ذلك ظهرت تساؤلات بشأن البدائل التي سيعتمد عليها وزير التربية والتعليم، والتعليم العالي، لإكمال العملية التعليمية دون توقف تزامنا مع قرار تعليق الدراسة، وتخوفات من المستوى التعليمي المحصلة التعليمية للطلاب إذا ما اضطررنا إلى تمديد القرار إلى ما بعد الأسبوعين، خاصة من الإعلان الدوري للحكومة عن تزايد الحالات يوما تلو الآخر، وصحيح أن الوضع في مصر مستقرا إلى حد ما بشهادة منظمة الصحة العالمية، وعدد حالات الإصابة لم يتفاقم بعد مقارنة بالدول الأخرى مع عدد لا يذكر من حالات الوفاة تمت الإعلان عنها، لكن الإجرءات الاحترازية تقتضي التفكير في الأمر.
على أرض الواقع، وكأحد البدائل التي من الممكن إتاحتها، ذهبت فاعلية القنوات التعليمية أدراج الرياح، وتم تجميدها على مدار سنوات بعدما كان الاعتماد عليها بشكل ليس بقليل في العملية التعليمية خاصة مع جودة المادة والمحتوى، كنت واحدا من الجيل الذي اعتمد على تلك القنوات كأحد الأساليب المتاحة وقتها لمراجعة المواد والتخفيف من وطأة الأموال المهدرة على الدروس الخصوصية، لكن منذ سنوات لم يعد أحد يلتفت إلى القنوات التعليمية وأصبحت أطلالا.
كواحدة من التجارب الملهمة والتي تابعتها بنفسي أول بأول بل وناقشت مدى فاعليتها مع زملاء هناك منذ قرار تعليق الدراسة لديهم، كانت تجربة الإمارات ولحقتها السعودية في التعليم عن بعد، كبديل عن حضور الطلاب إلى المدارس منعا للاختلاط وانتشار فيروس كورونا.
في التفاصيل أتاحت الدولتان (الإمارات والسعودية) مواقع إلكترونية وأبلكيشن على الهواتف مع قنوات على اليوتيوب إضافة إلى قنوات فضائية للمعلمين والطلاب لضمان انتظام العملية التعليمية من المنازل، مع توجيهات إلى أولياء الأمور بمتابعات الحالة أول بأول، وإتاحة الدروس من قبل الوزارة يوما بيوم، مع إمكانية وضع اختبارات مرحلية لتقييم العملية ككل.
بعد قرار تعليق الدراسة في مصر انتظرت، كواحد من أولياء الأمور، قرارا ملحقا من وزير التعليم طارق شوقي وزير التعليم العالي، ينظمان فيه سير العملية التعليمية دون توقف بقرار الإجازة عن طريق الوسائل الإلكترونية وتفعيل التعليم عن بعد، مع صورة أكثر تنظيما للأمور وعدم ترك الحبل على الغارب والقيل والقال وضمان الحفاظ على المحصلة التعليمية حتى لو كان قرار التعليق لأسبوعين فقط، لكن ولا حياة لمن تنادي، فرح الطلاب بالقرار بنزعة التخلص من حمل الدراسة، وضرب أولياء الأمور كفا بكف مع ضبابية الأيام المقبلة والامتحانات، ونفض وزيرا التربية والتعليم والتعليم العالي عن نفسهما حمل الإجراءات الاحترازية والطوارئ في المدارس والجامعات، ويبدو أن الأمر انتهى على ذلك.
الملاحظة المهمة هنا، أن تنظيم عملية التعليم عن بعد تحمل جانبا مهما للغاية يبدو أنه غاب عن مسؤولي وزارة التربية والتعليم، وهو أن أغلب الطلاب سيلجأون إلى الكافيهات والشوارع وصالات الألعاب والخروجات بعد قرار الإجازة و"كأنك يا أبو زيد ما غزيت" وضاع الهدف من تعليق الدراسة وهو عدم الاختلاط في الأساس.
ربما تصل كلماتي إلى وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، للخروج بإعلان على وجه السرعة بتنظيم عملية التعليم عن بعد، خاصة أن كل المنازل الآن لا تخلو من الإنترنت، بل والطلاب أنفسهم حتى في المراحل الأولى يحملون الهواتف الذكية، ناهيك عن الوسائل الأخرى لمن لا يملك مثل القنوات التعليمية على التليفزيون، كل هذا يتبادر إلى ذهنك، مع وضع في الاعتبار الخطوات التي حارب من أجلها سيادة الوزير طارق شوقي لإحلال التابلت محل الكتب الدراسية والاعتماد على التكنولوجيا قلبا وقالبا كأحد المحاور الأساسية في تطوير التعليم، أليس هذا وقت الاعتماد على التابلت، أليس هذا وقت تفعيل تجربة التعليم الإلكتروني، ووقتها فعلا سيكون مناسبا القول رب كورونا نافعة.