عكاشة ينكر عذاب القبر.. أنت بتفهم في البيچو يا دكتور؟
الأربعاء، 11 مارس 2020 11:51 ص
ركب بعض المسافرين سيارة "بيجو 7 راكب"، ولاحظوا أن السائق كان مرتبكًا، لكنهم لم يبالوا.. فلما انطلقت السيارة سار السائق بسرعة.. فقال له أحدهم: لو سمحت هدي شوية.. فقال له السائق: أنت بتفهم في البيجو؟ قال له: لأ.. فقال له: خلاص اخرس.. فلما زادات السرعة أكثر، قال راكب آخر: يا سطى هدي شوية.. فزعق فيه السائق: أنت بتفهم في البيجو؟ قاله: لأ.. فقال له: خلاص اخرس.. فلما أصبحت السرعة جنونية، صرخ فيه أحدهم: يا عم هتموتنا.. فقال له: أنت بتفهم في البيجو؟ قال له: أيوه.. قال له: طب أبوس إيدك تعالى وقفها!
انتهت النكتة القديمة، لكن بقي أثرها والمغزى منها، والذي يعبر عن حال الذين يتصدرون المشهد، ويُفتون في أمورٍ ليست من صميم اختصاصهم؛ فيثيرون الجدل بكلامهم، وآرائهم الشاذة، التي يكون ضررها أكبر من نفعها.. هؤلاء ينطبق عليهم المأثور: «إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب».
ما سبق ينطبق على رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، أحمد عكاشة. فعلى الرغم من احترامنا وتقديرنا لقامته العلمية والطبية، إلا أنه بإنكاره عذاب القبر ذكرني بـ«السائق» الذي لا يفهم في البيجو! فالطبيب النفسي المحترم أقحم نفسه في ميدان ليس ميدانه، وأوقع نفسه في علمٍ لا يجيد العوم في بحوره، فأنكر أمرًا أجمع عليه الفقهاء على مر العصور، ولم يشذ عنهم إلا القليل، وخاصة من الذين يرفضون إدخال الدين في الحياة، وليس في السياسة فقط!
الدكتور عكاشة، خلال لقائه مع الزميل وائل الإبراشي، على شاشة القناة الأولى، قال نصًا: «الموت نوعين، نوع يعقبه يقظة، مثل النوم، ونوع لا يعقبه يقظة، وهو الوفاة.. الوفاة عبارة عن إنسان نايم.. عارف لما تنام 8 ساعات هو ده.. أنت عارف إنك نايم بعمق، فخايف ليه من الوفاة.. ده أنت نايم نومة حلوة جدًا.. ومتحسش بالدنيا.. والجماعة إللي بيقولوا عذاب وبتاع.. مفيش الكلام ده.. حتى دينيًا غلط»!
المؤكد أن ما نفاه الطبيب النفسي الكبير، وإنكاره لعذاب القبر، سيثير الجدل حوله، وسيجعله في مرمى نيران الانتقاد الحاد، وقد يتعدى إلى الهجوم على شخصه، لأنه أفتى في تخصص بعيد كل البعد عن تخصصه. وربما يضعه أحدهم في موقف حرج، بسؤاله عن موقفه من أحد علماء الدين، إذا ما أدلى الأخير برأيه في أمر يتعلق بالطب، بوجه عام، أو في الطب النفسي، على وجه الخصوص؟
فما نعرفه وعلى يقين منه أن القبر أول منازل الآخرة، وفيه يُبشر الإنسان بمكانه في الجنة، أو بمنزله في النار، أعاذنا الله منها؛ وكثير من البشر يشغلون أنفسهم، ويهتمون بالاستفسار عما يحدث في القبر بعد الدفن. وكان يجب على الدكتور عكاشة أن يُتعب نفسه قليلًا، ويسأل «الشيخ جوجل» عن عذاب القبر، وظني أن جوجل لن يبخل عليه بأدلة ثبوته.. وإن امتنع جوجل، فلن يبخل عليه أصدقاؤه ومعارفه في «لجنة الفتوى» بالأزهر الشريف، أو يطلع هو بنفسه على إجابة اللجنة الموجودة بتفاصيلها على شبكة الإنترنت. لكنه لم يفعل. أو ربما فعل، لكن عقله زين له رأيه وإنكاره، فرآه حسنًا.
إن النبي- صلى الله عليه وسلم- أمرنا- وفقًا للحديث الذي رواه مسلم في صحيحه- أن نستعيذ من عذاب القبر، في أعقاب التشهد الأخير من كل صلاة، قائلًا: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ».. فهل لا تصلي يا دكتور عكاشة، أم تصلي دون أن تستعيذ من هذه الأربع؟
لقد كان من الممكن يا دكتور عكاشة أن أسوق لك كثيرًا من الأدلة الشرعية، من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، التي تثبت عذاب القبر، لكني لن أفعل، فكلها متاحة، وبإمكان أي شخص الحصول عليها بـ«ضغطة زر» على كيبورد الكمبيوتر، أو لوحة مفاتيح أي هاتف ذكي متصل بالإنترنت.. ولتسمح لي أن أهمس في أذنك، وأنصحك مخلصًا بالتركيز في مجالك «الطب النفسي»، والابتعاد عن هذه الحفرة التي توهم كثيرون قبلك أنهم قادرون على ردمها، أو إغلاق فوهتها، لكنهم سقطوا فيها، وكانوا نسيًا منسيًا!