جاسوس فى بيتى.. «صوت الأمة» تفتح ملف الخصوصية وسرية البيانات على أشهر منصات الإنترنت
السبت، 07 مارس 2020 09:00 مأحمد قنديل
فضائح «فيس بوك» و«جوجل» واتهامهما بالتجسس تنذر المستخدمين من الأخطار المنتظرة
«نحن جميعًا بالنسبة إليهم كتاب مفتوح، حياتنا مكشوفة، فهم يعرفون عنا كل شىء، يراقبوننا فى أغلب الأحيان، لديهم معرفة جيدة أين نذهب وبمن نلتقى ومع من نتحدث ونتراسل وماذا نتصفح، يملكون كافة ملفاتنا وبيانتنا العامة والخاصة، بل وصلت قدرتهم لتحديد أهوائنا والتأثير على قرارتنا وتوجيهنا نحو أهدافهم، وكذلك لديهم ما يكفى من قوة لتجريدنا من أموالنا وممتلكاتنا إذ أرادوا ذلك يومًا».
فى حال ظن البعض أن الضمير المستتر هنا يقصد به جهاز استخبارات محنك لديه قدرة عالية وإمكانات يستخدمها للتجسس على المواطنين من أجل استغلالهم فإن ظنه خاطئ، لأن المقصود هنا منصات التواصل الاجتماعى ومقدمو خدمات الإنترنت الأشهر حول العالم، الذين غالبًا ما زعموا احترامهم للخصوصية وأمانتهم على سرية المعلومات والبيانات، لكن اتضح أخيرًا أن كل مزاعمهم كاذبة ومضللة.
إذا كنت تقوم بعمل سرى، واتخذت كافة الإجراءات الاحترازية لجعل نشاطك خفيًا، واحتطت جيدًا من أجل ألا يعرف أحد شيئًا عن عملك، حتى وصلك الاعتقاد بأنه لا يوجد شريك فى معلومات ما تفعله، فإنك بالتأكيد مخطئ، فهناك من لديه أدوات كافية لمراقبتك جيدًا، والعيش معك لحظة بلحظة برضائك، ودون أن تراه مجسدًا أمامك، بل إنك غالبًا ما تحفظ هذه الأدوات جيدًا فى جيبك أو منزلك أو سيارتك.
أبرز المنصات التى تقدم خدمات الإنترنت هى «جوجل»، و«فيس بوك»، ولعلهما أيضًا أبرز المتهمين بعدم الأمانة على المعلومات، وذلك وفقًا لما نشر فى تقارير صحفية أجنبية مؤخرًا، وإجراءات قانونية اتخذت ضدهما.
جوجل.. جاسوس يلازمك
الجميع يعرف أن تطبيقات شركة جوجل التكنولوجية، تتطلب الوصول إلى كافة المعلومات التى نستخدمها عبر الحواسب والهواتف الذكية، وغالبًا نكون مضطرين إليه رجوعًا لأهمية التطبيقات المستخدمة بالنسبة إلينا، ووفقًا لسياسات جوجل التى نقرأها عبر منصاتهم، فإن هذه المعلومات تخضع لسرية تامة ولا يطلع عليها أحد، حيث نرصد أبرز التطبيقات والخدمات التى تقدمها جوجل ويستخدمها أغلب رواد شبكة الإنترنت حول العالم.
أولًا.. البريد الإلكترونى
يمتلك أغلب رواد شبكة الإنترنت حول العالم حسابا بريديا عبر «جوجل»، ويستخدمه الأغلبية فى أعمالهم وحياتهم الخاصة، ومراسلة بعضهم البعض.
ثانيًا.. مساحات التخزين
أيضًا يعتبر البعض مساحات التخزين التى توفرها جوجل أداة مهمة لحفظ ملفاتهم وبياناتهم، وهو ما يعد أمرًا خطيرًا كونه يجعل المنصة لديها كافة الوثائق الخاصة بالفرد.
ثالثًا.. خرائط جوجل وخدمات القمر الصناعى
لا شك أن هناك الملايين حول العالم يستخدمون خدمات القمر الصناعى والخرائط من أجل الوصول لوجهاتهم ومساعدتهم فى المرور، وهو ما يجعل المنصة قادرة على تحديد مواقع كل مستخدم وأماكن زياراته.
رابعًا.. تطبيقات التصفح والاطلاع
أيضًا لا يستغنى أحد من مستخدمين شبكة الإنترنت عن المتصفح الإلكترونى وتطبيقات الاطلاع مثل متصفح المقاطع، وهو ما يجعل المنصة لديها معرفة جيدة بما نتصفحه ونتسلل إليه عبر شبكة الإنترنت.
خامسًا.. تطبيقات المراسلة
تلك التطبيقات تتطلب الوصول إلى أرقام الهواتف المسجلة لدينا وكذلك الوصول لخاصية الميكروفون ما يتيح لهم التجسس علينا.
إذا كان هناك من يعتقد أن كل تلك المعلومات التى تحصل عليها جوجل لا تستغل مطلقًا، فإنه مخطئ، ولعل الدليل على ذلك الإحصائيات التى تقوم بها من آن لآخر فى شتى المجالات لقياس نشاطات المستخدمين عبر أدواتهم، فضًلا عن محاولة التحكم فى المستخدمين، فغالبًا ما نجد إعلانات تصل إلينا وفقًا لما كنا نتصفحه، ما يدفعنا لاتخاذ بعض قرارات الشراء وغيرها، وأيضًا كثيرًا ما تصل رسائل للمستخدمين ومكالمات من شركات تسويق، تسعى لهدف معين، وهو ما يؤكد أنه يتم تسريب بيانات المستخدمين.
كل مزاعم الخصوصية وحفظ بيانات المستخدمين التى تنص عليها جوجل، هى أمور واهية ولا صحة لها، فقد نشرت تقارير صحفية تتهم جوجل بالتجسس على المواطنين والمستخدمين، وهو ما كشفته دعوى قضائية أمريكية أكدت أن شركة «جوجل» الأمريكية تتجسس على الأطفال داخل فصولهم الدراسية، وذلك وفقًا لما نشره موقع «تايمز نيوز ناو».
اتهم النائب العام فى ولاية نيو مكسيكو الأمريكية، هيكتور بالديراس، جوجل، بالتجسس على الأطفال داخل فصولهم الدراسية، ويأتى الاتهام الأمريكى، بعد تدقيق واسع النطاق من تحالف ضم 50 مدعيًا عاما من جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، وأوضحت لائحة الاتهام أن «جوجل» استغلت تطبيقاتها ومنتجاتها التعليمية مثل «كروم بوكس» للتجسس على الأطفال وعائلاتهم.
ووفق الدعوى القضائية، شاركت «جوجل» فى جمع المعلومات الشخصية من خلال تطبيقاتها التعليمية، وتمكنت من الوصول إلى تلك المعلومات عبر تطبيقات «جى سيوت فو إيديوكيشن» و«مستندات جوجل» وتطبيق البريد الإلكترونى «جيميل» وتقويم جوجل.
وأشارت الدعوى إلى أن أكثر من 90 مليون طالب ومعلم وقعوا ضحية تـطبيقات جوجل، وتم جمع معلومات من أكثر من 25 مليون طالب ومعلم عبر أجهزة «كروم بوكس» والحواسيب المحمولة «لابتوب»، التى تعمل بنظام تشغيل «كروم».
من جانبها، رفضت «جوجل» التعليق على تلك الاتهامات، بينما قالت إن فريقها القانونى يدرس الاتهامات للرد عليها بصورة رسمية.
فيس بوك.. يتلاعب بنا
«جوجل».. ليست الجهة الوحيدة المتهمة بالتجسس، فقد سبقها منصة أخرى لا تقل عنها شهرة وتوسعا، فرغم تحقيق منصة التواصل الاجتماعى «فيس بوك» الصدارة فى العالم من ناحية الاستخدام، وتعدد تطبيقاتها، إلا أنها واجهت الكثير من الاتهامات خلال السنوات الأخيرة تزامنًا مع توسعها المستمر واستحواذها على المنصات الأكثر استخدامًا، مثل منصة تبادل الصور إنستجرام، وتطبيق المراسلة الأشهر واتس آب.
ولعل الأزمة الأكبر لفيس بوك، التى أثبتت عدم ثقتها فى بيانات المستخدمين، كانت فضيحة تسريب بيانات الرواد والمستخدمين واستغلالها للتلاعب فى الانتخابات الأمريكية من قبل شركة روسية، والتى عرفت إعلاميًا بفضيحة «كامبيردج»، والتى جرى على أثرها تحقيق من الكونجرس الأمريكى مع مارك زوكربيرج مؤسس «فيس بوك»، حيث تضمنت البيانات المسروقة أسماء المستخدمين، وأرقام هواتفهم، وكلمات المرور، وقوائم الأصدقاء، وجهات الاتصال، وقوائم البريد الإلكترونى.
ولم تكن الأزمة لم تكن الأخيرة بالنسبة لفيس بوك، فقد تلاها عدد من المشاكل الأخرى والتى تفقد ثقة المستخدمين، وكان من أبرزها استخدام تطبيق من تطبيقات فيسبوك- يسمى (Nametests)- فى قرصنة بيانات أكثر من 120 مليون حساب مستخدم، ما زاد من مخاوف وقلق مستخدمى فيسبوك، فضلًا عن انشقاق بعض الشركاء أصحاب المنصات التابعة مثل إنستجرام، وكذلك الإعلان المكرر من إدارة المنصة عن تعرض الموقع للاختراق من قبل قراصنة إلكترونيين، وغير ذلك من أمور مشابهة.
الأمور لم تنته عند هذا الحد، ففى بداية العام الحالى، أجبر حكم قضائى، شبكة التواصل الاجتماعى الأشهر فى العالم «فيسبوك» على دفع تعويضات، بسبب انتهاكها ما أطلقت عليه «الخصوصية البيومترية».
وحسبما ذكرت صحيفة «تايمز نيوز ناو»، فقد أقرت محكمة فيدرالية أمريكية بأن توقيع فيسبوك صفقة مع لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية بقيمة 5 مليارات دولار أمريكى، بشأن التشارك فى ممارسة البيانات، يمثل انتهاكا لقانون الولايات المتحدة الأمريكية بشأن خصوصية مستخدميها.
ووفقًا للصحيفة، فإنه من المقرر أن تدفع «فيس بوك» تعويضات تصل إلى 550 مليون دولار، بسبب استغلالها «غير المشروع» لصور «وجه» المستخدمين، ومشاركتها مع جهات حكومية من دون علم المستخدم.
ويقول جاى إيدلسون المحامى المدعى فى تلك القضية، إن هذا الحكم سيساعد فى تأسيس مبدأ «الخصوصية البيومترية»، بعدما شاع استخدام تقنية «التعرف على الوجه» من قبل شركات تكنولوجيا كبرى عديدة، حيث تستخدم «فيسبوك» التقنيات البيومترية بالتعاون مع جهات حكومية فى تقنيات لـ«التعرف على الوجه لصالح جهات إنفاذ القانون» أو «مراقبة الحدود»، لكن تخشى منظمات حقوقية من استغلالها فى تعقب أشخاص بعينهم والتجسس عليهم.