هل الخلع يعني تنازل الزوجة عن جميع حقوقها؟
الإثنين، 02 مارس 2020 02:00 م
شرع الإسلام جميع المناهج الحية الهادفة إلى إصلاح الأسرة ونموها، والمرأة في هذا الجانب تتحمل العبء الأهم والأكبر، فبحكم تكوينها العاطفي، وغلبة المشاعر الإنسانية على سلوكها، تكون الأقدر على تكوين المناخ الدافئ في علاقتها بزوجها، فتشيع في البيت أجواء الألفة والمودة.
وبذلك تكون المرأة هي المسئولة غالبا عن ضعف الرابطة العاطفية بين ركني البيت، إن لم تستثمر تلك الطاقة النفسية التي حباها الله تعالى، فالرجل بحكم تكوينه النفسي والبنيوي، يتأثر بشكل واضح بهذه العواطف، مما يؤثر على علاقته ببيته وأهله، ويجعله أكثر انجذاباَ لزوجته، وأقل انفعالاَ مع أي مؤثر قد يهدد استقرار الحياة بينهما، فالواقع يؤكد على أن قدرة الرجل أكبر في ضمان استقرار الحياة الزوجية، وأكثر أناة في مواجهة ما يعترضها من خلافات، إلا أن الانصاف يقتضي بأن هذا الحكم أغلبي وليس عاما.
لماذا أباح الشرع للمرأة خلع الرجل؟
ومن المعلوم أن الزواج ترابط بين الزوجين وتعاشر بالمعروف، ينتج عنه بناء أسرة وإنشاء جيل «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»، فإذا لم يتحقق هذا المعنى من الزواج، وساءت العشرة، فإن الزوج مأمور بالاصطبار والعمل على الإصلاح ما وسعه ذلك، فإن تعسر العلاج فتسريح الزوجة بإحسان «فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ»، وكما أعطى الشرع للرجل حق التسريح وهو الطلاق أعطى أيضاَ للمرأة حق «الخلع» حال التخلص من تلك العلاقة إذا كان الرجل هو السبب في إفسادها.
في التقرير التالي، يلقى صوت الأمة الضوء على إشكالية الخلع من حيث المعنى لغة وفقهاَ والأساس القانوني لعملية الخلع، وما هي الحكمة من تقرير مسألة الخلع في الوقت الذى يعارض الكثيرين من الشيوخ وفقهاء القانون لمسألة تطبيق الخلع في المجتمع المصري؟ وهل كل الحقوق أو الأمور يجوز الحكم عليها من الناحية القانونية أم أن القانون حفظ للمرأة حقوق لا يمكن بأى حال من الأحوال الخلع عليها – بحسب الخبير القانوني والمحاضر بجامعة حلوان سها حماده عمران.
- الخلع لغة واصطلاحا
الخُلع بالضم من الخَلع بالفتح وهو النزع لغة، الخلع مأخوذ من خلع الثوب إذا ازاله، فكل من الزوجين لباس للأخر، قال تعالى: "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن"، أما معنى الخلع في الفقه بضم الخاء تعنى إزالة ملك النكاح وهي في اصطلاح الفقهاء افتراق بالتراضي مقابل عوض تدفعه الزوجة عوضا لزوجها عن خسارته بسبب الطلاق، وقد يكون بغير بدل إذا خلع الزوج زوجته من دون بدل منها، فذلك يكون كناية من كنايات الطلاق يقع به الطلاق البائن، كما في مذهب الحنفية ويكون طلاقا رجعيا طبقا للمادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1925- وفقا لـ"عمران".
- الأساس القانوني للخلع
وقد سمي إنهاء الحياة الزوجية بهذه الطريقة بالخلع لقوله تعالى: «هن لباس لكم وأنتم لباس لهن»، فالآية الكريمة تشبه الزوجين بأن كل منهم لباس للأخر فمتى افتدت المرأة نفسها من زوجها فهي كمن خلعت الثوب عن جسدها، أما عن الأساس القانوني لعملية الخلع هو نص المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 م، فبموجب هذه المادة تقرر نظام الخلع كأساس قانوني صحيح وقد سبق وأن أورد المشرع ذكره في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية في موضوعين هما المادتين 6، 24 إلا أنه لم يعين في تنظيم تشريعي يبين كيفية تطبيقه، وكذا فقد ألغى المشرع لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بموجب القانون رقم 1 لسنة 2000م.
وقد أحال نص المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 م إلى نص المادة 18 فقرة 2 والمادة 19 فقرة 1، 2 من ذات القانون في خصوص تعيين الحكمين وسماع أقوالهم حيث تنص المادة 20: «للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه».
ولا تحكم المحكمة بالتطليق بالخلع إلا بعد محاولة الإصلاح بين الزوجين، وندبها لحكمين لموالاة مساعي الصلح بين الزوجين، خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وعلى الوجه المبين بالفقرة الثانية من المادة 18 والفقرتين الأولى والثانية من المادة 19 من هذا القانون، وبعد أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وانه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار او نفقتهم او أي حق من حقوقهم. ويقع الخلع في جميع الأحوال طلاق بائن، ويكون الحكم- فى جميع الأحوال- غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن- الكلام لـ «عمران».
- مالا يجوز الخلع عليه
يجوز الخلع على كافة ما يتفق عليه الزوجان - مادامت في حدود حقوق كل منهم على الآخر ويملك كل منهم التنازل عنها، ولكن لا يعني ذلك أن يشتمل على أمور مشروعة للمطلقة خلعاً فيبطل من الشروط على سبيل المثال: إسقاط حضانة الصغار فهذا ليس حق للزوجة حتى تتنازل عنة ولكنه حق للصغير، وأيضا نفقة الصغار وكذلك حق سكناهم فهذه حقوق إن تنازلت عنها الزوجة لا تصح ويبطل الشرط، ولكن يقع الخلع صحيحا.
كذلك المعاملات المالية بين الزوجين ولم يشملها الخلع، كما لو كانت الزوجة مدينة للزوج أو العكس أو كانت هناك بينهم مشاركة في تجارة أو عقد من عقود البيع فالخلع لا يؤثر على الحقوق والالتزامات التي تنشئها بينهم تلك العقود، فلكل طرف الحق في المطالبة بها بموجب القواعد العامة في المطالبة، وفى حال المنازعة في هذا الشأن فيكون للقضاء بحثها دون أن يكون للخلع أثر مترتب عليها.