لمن الجنة؟.. شيخ الأزهر: الأوروبيون أهل فترة.. وأساتذة: لا أحد يملك مفاتيح الجنة

السبت، 29 فبراير 2020 09:00 م
لمن الجنة؟.. شيخ الأزهر: الأوروبيون أهل فترة.. وأساتذة: لا أحد يملك مفاتيح الجنة
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
محمد الشرقاوي

لمن الجنة؟.. سؤال آثار جدلا على الساحة السياسية والدينية على مر عقود، فبين اختزالها للمسلمين فقط، بحسب فهم النص القرآنى، وبين أنها تشمل كل من قدم صالحا للبشرية مهما كانت ديانته، بحسب فهم آخر للنص القرآنى أيضا.
 
قضية احتكار الجنة، طرحت مؤخرا على الساحة، بفتوى للداعية عبدالله رشدى، والذى منعته وزارة الأوقاف مؤخرا من الخطابة والإمامة، بسبب فتاواه المتشددة والمثيرة للجدل.
 
رشدى أفتى فى 23 فبراير، عبر حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى بأن الجراح الشهير مجدى يعقوب لن يدخل الجنة قائلا: «العمل الدنيوى ما دام ليس صادرا عن الإيمان بالله ورسوله فقيمته دنيوية بحتة، تستحق الشكر والثناء والتبجيل منا نحن البشر فى الدنيا فقط، لكنه لا وزن له يوم القيامة، ‏ومن السفاهة أن تطلب شهادة بقبول عملك فى الآخرة من دين لا تؤمن به أصلا فى الدنيا»، ولم يلتفت رشدى فى فتواه إلى ما قاله أساتذة وعلماء أزهريون، من نفس المدرسة التى يتباهى بها الداعية الموقوف، الأزهر الشريف.
 
الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، رد على قضية «احتكار الجنة» فى فتاوى متعددة، منها قوله «إن الجنة ليست وقفا على شريعة من الشرائع، فلا نقول إنها لليهود فقط كما زعموا، وليست للمسيحيين فقط وليست وقفا على المسلمين فهى ملك لله، يدخل فيها من يشاء من عباده».
 
يضيف أستاذ الفقه المقارن، أن «أهل الكتاب من اليهود الموادعين، والمسيحيين بمختلف طوائفهم وكنائسهم ليسوا بكفار، بدليل قوله تعالى: «وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ»، وقوله: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، الذى يفصل بينهم ليس شيخا ولا حاخام، فالله سبحانه وتعالى هو الذى سيفصل بينهم فالخلق خلقه والجنة جنته».
 
كريمة أشار إلى حديث نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم، والذى صححته كتب الأحاديث: «لن يدْخل أحد مِنْكُم الْجنَّة بِعَمَلِهِ. قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَلَا أَنا؛ إِلَّا أَن يتغمدنى الله برحمة مِنْهُ وَفضل»، لذا فإن الرحمة تشمل كافة الخلق، وفق قول كريمة. 
 
ووفق كتب وتفاسير، توصل علماء الدين الإسلامى إلى إمكانية دخول أهل الكتاب الجنة، خاصة ممن يخدمون الإنسانية جميعا، مستندين لنص قرآنى اشتملت عليه آية من سورة المائدة، يقول الله: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».
 
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر كان من بين هؤلاء، حيث أفتى بأن الأوروبيين ينطبق عليهم حكم «أهل الفترة» لن يعذبهم الله، لأن دعوة النبى محمد (ص)، بلغتهم الآن بطريقة مغلوطة ومغشوشة ومنفرة، وقال الطيب فى فتواه، إن الناس فى أوروبا الآن لا يعرفون عن الإسلام إلا ما يرونه على الشاشات من قتل وغيره، ولذا ينطبق عليهم ما ينطبق على أهل الفترة، لأن العلم لم يحصل عندهم، فكيف يعذب الله - سبحانه وتعالى- شعوبا مثل الشعوب الأوروبية، وهى لم تعرف عن محمد (ص) أى صورة صحيحة، وكذلك الحال مع الوثنيين فى أدغال أفريقيا الذين لم تبلغهم الدعوة أو بلغتهم بصورة مشوهة ومنفرة وحملتهم على كراهية الإسلام ونبى الإسلام.
 
وأرجع الطيب تخريجته الفقهية إلى وجود تقصير من علماء الإسلام فى تبليغ رسالة الدين السمح إلى غير المؤمنين به أو الوثنيين، وهذا التقصير من ناحيتين: حين سكت عن توصيل الرسالة للناس ومن شاء فليؤمن بعد ذلك ومن شاء فليكفر، وحين تم تصوير الإسلام بصورة رديئة مجزأة وملفقة.
 
واستند باحثون إلى قول الطيب فى أن العذاب الذى نصت عليه الشريعة الإسلامية فى حق الكافرين بالدين الإسلامى يخرجهم من تلك الدائرة وبالتالى لهم الحق فى دخول الجنة، طالما أنهم يعملون الصالحات ويخدمون البشرية. 
 
وللدكتور كريمة رأى إضافى فى ذلك، يقول فيه إن الله أثنى على أهل الكتاب والعلماء منهم، مضيفا: إن الله قال للرسول صلى الله عليه وسلم لو ارتبت فى مسألة فاسأل أهل الكتاب والذى عنده علم الكتاب.
 
وبخصوص صك الشهادة والموت دفاعا عن الدين والعرض، واشتمال الشهيد غير المسلم على ذلك، كان للعلماء خلاف فى ذلك، يقول الشيخ جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف، إن دماء الجنود المسيحيين اختلطت بدماء المسلمين فى صفوف القوات المسلحة، والذين استشهدوا فى سيناء، وبالتالى حسابهم عند الله، فلا ينبغى أن نوزع الخصوصيات على أُناس معينة، والله هو الذى يعلم هذا شهيد وهذا غير شهيد، وقد يقدم هذا المسيحى إلى الجنة بسبب هذا القتل والخيانة الغادرة. 
 
وتابع وكيل وزارة الأوقاف: «هذا المسيحى قد يبعث على نيته، وهو كان مرابطًا فى سبيل الله ويحمى حدود بلده، وبالتالى كيف لا يحتسب شهيدا؟»، ويرى جابر من يتحدثون عن صكوك الجنة متشددون. 
 
بينما أوضح الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الشهداء من المسيحيين وغيرهم لهم نفس الحقوق، حتى إنه فى الدنيا الشهيد، الذى يموت منهم له نفس الحقوق للشهيد المسلم، لأن الشهادة لها أحكام متعلقة بالدنيا وأخرى متعلقة بالآخرة، وأمر الآخرة مرده لله ومن سوء الأدب الحكم عليه. 
 
وقال عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن الذى يقاتل لكى تكون كلمة الله هى العليا، هو الذى يقاتل فى سبيل الله، مؤكدا أن المسألة ليست خاصة بالإسلام، وإنما تتعلق بالإخلاص لله، مستندا إلى ذلك بتبين الرسول صلى الله عليه وسلم بأن هناك بعض المسلمين من يقاتل رياء أو شجاعة أو من أجل أى مأرب آخر.
 
ويعزز ذلك قول الشيخ محمد القويسنى، أحد مشايخ الأزهر: إنه لا يستطيع أحد أن يحكم عليهم بدخولهم الجنة أو النار، فهو أمر متروك لله تعالى وحده، ولا يستطيع أحد أن يخوض فيه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة