لم تستمع سوى لصوت التعليم
رتيبة عواد.. أول فتاة بدوية جامعية بالشيخ زويد: انتصرت على العادات واستكملت تعليمى بدعم والدى
الأحد، 01 مارس 2020 07:00 صمحمد الحر
واجهت صعوبات عديدة خلال دراستى الجامعية إلا أنها لم تمنعنى من مواصلة رغبتى فى التعليم
لم ترضخ للبقاء وسط ظلام العادات القبلية والعائلية التى تحاصر تعليم البنات، وتكتفى بتعليمهن حتى الصف الثالث الإعدادى فقط، وتمسكت بحلمها فى أن تكمل طريق العلم، وواصلت مسيرتها بالالتحاق بالمرحلة الثانوية بتشجيع من والدها، لتحصل على الثانوية العامة سنة 1982، وتحقق حلمها بالالتحاق بكلية الهندسة، إنها المهندسة رتيبة عواد حسن، أول فتاة بدوية جامعية، تحصل على شهادة بكالوريوس الهندسة قسم مدنى عام 1982 فى بادية ومدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، كما أنها أول سيدة بدوية وسيناوية، تصل لمنصب مدير إدارة هندسية بمجلس مدينة الشيخ زويد.
تقول المهندسة رتيبة عواد لـ «صوت الأمة»: إنها نشأت بين أسرة مكونة من أربع أخوات بنات وثلاثة أخوة شباب، وكان ترتيبها الثانية فى هذه الأسرة، ولم تكمل شقيقتها الكبرى تعليمها بعدما رضخت لعادات قبلية، تقضى بأن تلزم «البنت» بيتها بعد المرحلة الإعدادية.
أضافت: «كنت متفوقة من بداية المرحلة الإبتدائية وحتى المرحلة الإعدادية، وكان طموحى كبيرا وجامحا لاستكمال تعليمى والالتحاق بكلية الهندسة، وانضم والدى، الموظف البسيط الحاصل على الإعدادية عام 1956 لصفى، ووقف جانبى وشجعنى، حتى وصلت للمرحلة الثانوية، وتصدينا معا لمعارضة العائلة والأقارب، أمام اصرارى فى أن استكمال تعليمى والالتحاق بالجامعة، وهو ما حدث بالفعل بعد أن حصلت على الثانوية العامة عام 1982 ودخلت كلية الهندسة جامعة قناة السويس، لأنى أحب العمل الميدانى «عاوزة أنهض ببلدى، وأعمل كل جهدى حتى يكون لها مكان على الخريطة»، والحمد لله قدرت من أول يوم اتخرجت فيه أنى أبدا مشوار العمل بكل اصرار.
وقالت: «واجهت صعوبات عديدة خلال دراستى الجامعية، إلا أنها لم تمنعنى من مواصلة رغبتى فى أن أنهى دراستى الجامعية مهما كانت صعوبة ما أعانيه فى رحلة التعليم أثناء الدراسة الجامعية بالإسماعيلية، وكانت الغربة هى أكبر مشكلة تواجهنى، لأننى مرتبطة جدا بعائلتى، ولم أكن معتادة على مغادرة مدينة الشيخ زويد التى تقع فى أقصى الشمال الشرقى بسيناء، إلى جانب صعوبة المواصلات، حيث كنت اتنقل من خلال عدة مواصلات، تبدأ من قريتى لمدينة الشيخ زويد، ومنها إلى مدينة العريش، لاستقل مواصلة أخرى من العريش إلى مدينة الإسماعيلية لمسافة تصل لنحو 300 كم، وكانت الاتصالات أكبر مشكلة، ولكننى استطعت التغلب على كل هذه المصاعب بالإصرار والتشجيع من والدى، وباقى أسرتى التى دعمتنى بكل السبل لأحقق طموحى».
واستكملت حديثها قائلة: «كنت طالبة متفوقة دائما، ولم انشغل إلا بدراستى، وكان داخلى إصرار على أن انتصر على العادات والتقاليد التى أرادت أن تحرمنى من استكمال حلمى لأظل فى بيتى انتظر قدرى، وقد ساعدنى على ذلك تشجيع ودعم أساتذتى لى».
لم يتوقف طموح المهندسة رتيبة عند التخرج بحصولها على بكالوريوس الهندسة بتفوق، بل تخطت فكرة الاكتفاء وسعت للعمل الحكومى، حيث قالت: «قدمت أوراقى بإحدى المسابقات بمحافظة شمال سيناء، وتم تعيينى مهندسة بالإدارة الهندسية بمجلس مدينة الشيخ زويد عام 1989، مهندسة إنشاءات، وأثناء عملى كنت محبوبة من كل رؤسائى، لأننى دائما طموحة، وأسعى لتذليل كل المعوقات لإتمام أى مشروع مهما كان صعوبته، حيث تدرجت بعدة مواقع إلى أن وصلت لمنصبى الحالى كمدير للإدارة الهندسية بمجلس مدينة الشيخ زويد، ولأكون أول سيدة سيناوية وابنة قبيلة تصل إلى هذا المنصب باجتهادى وثقة رؤسائى، وهذه أهم شهادة تقدير وتكريم بالنسبة لى».
وأشارت رتيبة إلى أنها لم تنس دورها كأم، وأعطت كل اهتمامها بأولادها والتحقت ابنتها الوحيدة «خلود» بكلية الطب، وتخرجت لتعمل طبيبة فى المستشفى الجامعى بالإسماعيلية بقسم الجهاز الهضمى والكبد، كما حصل ابنها الثانى «خالد» على بكالوريوس الهندسة المدنية، ويعمل مهندسا مدنيا، فى حين لايزال الابن الثالث لها «أحمد» على مقاعد الدراسة بمرحلة الثانوية العامة.
وتوجه أول مهندسة بدوية بشمال سيناء رسالتها إلى كل فتاة سيناوية: «كونى طموحة ولا تستسلمى للصعاب، لأن من لا يحب صعود الجبال يبقى أبد الدهر بين الحفر، فارفعى اسم بلدك عاليا، وكونى أنت لأنك تحبين أن تكونى هكذا، وقفى واصمدى من أجل كيانك».