كل ما تريد معرفته عن «النشوز» شرعا وقانونا وآثاره المترتبة
الأحد، 23 فبراير 2020 04:00 م
في كثير من البيوت المصرية هناك الكثير من العبارات التي تتحدث عن الطلاق وتوقيع الأيمان التي تنهي العلاقة الزوجية، فما بين «إنت طالق وإنت ناشز» ويخص الأول إنهاء الرباط المقدس، فيما بين طرفى العلاقة الزوجية، أما التعبير الثانى فيخص وقف نفقة الزوجة على زوجها.
وعنت الشرائع السماوية بما يرسخ العلاقة الزوجية، لأن الزوجان هما دعامة كل أسرة والأصل الذى تتفرع منه الفروع، فإذا قام كل واحد منهما بحق الآخر تحققت النعمة المرجوة من الزواج.
ويعد النشوز أخطر أمراض الحياة الزوجية، نظرًا لجهل الكثير من الأزواج والزوجات بحقوق كل منهما على الآخر، وبعدهم عن المنهج القويم فى المعاملة والإصلاح فى حالة وقوع خلاف أو غيره، وتسرعهم فى اللجوء إلى المحاكم حتى كثرت حالات الطلاق والخلع، وهناك إشكالية النشوز من الناحية الشرعية والقانونية.
النشوز من الناحية الفقهية، هو معصية الزوج فيما فرض الله عليها من طاعته، فكأن الزوجة تترفّع عن طاعة الزوج، وفسره ابن عباس وعطاء، بأنه معصية الزوج فيما يلزمها من طاعته، وعند الدردير: إذا خرجت عن طاعته، أو تركت حقوق الله، أو أغلقت الباب دونه، أو خانته فى نفسها أو ماله، ويُعرف من أمور كثيرة، لا سبيل إلى حصرها أو الإحاطة بها، أهمها: تغيّر طباع الزوجة عما كانت عليه قبلاً.
وجاء فى روح البيان: هو أن يكون إذا دعاها أجابته بالتلبية، وإذا خاطبها أجابته بكلام جميل حسن، ثم صارت بعد ذلك، لا تجيب بالتلبية، ولا تكلمه بكلام جميل، وكما لو أنها صارت تأتيه إلى فراشه مكرهة دون عذر، بعد أن كانت تأتى طائعة، أو كانت تستقبله هاشة واقفة، فلم تعد كذلك، أو أنها تخرج من المنزل بدون إذنه، وبلا ضرورة.
وبالنسبة لنشوز الزوجة، أما نشوز الزوج، فله أيضاً صورٍ كثيرة، فمن ذلك مثلاً: أن يكلمها بكلام غير لَيّنٍ، أو يهجرها في الفراش بدون حق، أو يقوم بظلمها، أو بمنعها حقاً من حقوقها، أو يبخل عليها بنفقتها أو كسوتها، أو يسيء إليها، بالإساءات التى سبق أن ذكرناها فى أكثر من موضع، وتختلف أسباب النشوز من رجل إلى آخر، حسب تعليمه ودرجة ثقافته، وبيئته التى يعيش فيها.
والنشوز في القانون فهو امتناع الزوجة عن متابعة زوجها رغم تحقق شروطه وصدور قرار قضائى بذلك، ولا يتحقق هذا النشوز إلا بعد صدور قرار باعتبارها ناشزا وصاحب الصلاحية فى اصدار هذا القرار هو رئيس التنفيذ الشرعى وليس القاضى الشرعى كما قد يتوهم البعض، ويترتب على النشوز القانونى حرمان الزوجة من نفقتها فقط اما نفقة الأولاد فلا يجوز أن تحرم منها لأى سبب من الاسباب، وتزول صفة النشوز عن المرأة وبالتالى آثاره عند رجوعها عن رأيها ومتابعتها له شريطة توافر شَرطى النشوز "قبض المهر المعجل وتوافر المسكن الشرعى".
ويتحقق النشوز بخروج الزوجة عن طاعة زوجها بهجرها لمنزل الزوجية الأمر الذى معه ينتفى شرط الاحتباس الذى هو أساس النفقة وتعتبر الزوجة ناشزا فى إحدى الحالتين:
- الفرض الأول: أن يوجه الزوج إنذار بالدخول في الطاعة لزوجته فلا تعترض عليه في المواعيد القانونية "30 يوما من تاريخ الانذار"، فإن انقضت تلك المدة دون الاعتراض تصبح الزوجة ناشزا ويحق للزوج إقامة دعوى لإثبات هذا النشوز .
- الفرض الثانى: وهى أن تعترض الزوجة على إنذار الدخول فى الطاعة ويقضى فيه برفض اعتراضها بحكم نهائى فى هذه الحالة أيضا يحق للزوج أقامة دعوى لأثبات نشوز الزوجة .
ويتم إثبات النشوز فى حقيقة الأمر يتم بتوجيه إنذار رسمى على يد محضر للزوجة يخطر فيه الزوج زوجته بضرورة أن تكف الزوجة عن معصية النشوز وأن تدخل فى عصمة زوجها على أن يشترط فى هذا الانذار أن يتم توجيه للزوجة في المكان التي تقيم فيه ليتصل علمها به وأن يبين الزوج فى صدر الإنذار مسكن الطاعة الذى يرغب فى أن تدخل الزوجة فيه لعصمته، على أن ينتظر الزوج الميعاد القانونى للاعتراض على هذا الإنذار قبل تحريك دعوى أثبات النشوز.
ويترتب على نشوز الزوجة وقف نفقتها من اليوم التالى لتاريخ إنذار الدخول فى الطاعة ويرتب على ذلك سقوط نفقتها، وعدم قدرتها على المطالبة بأي نفقة لها كونها قد خرجت عن طاعة زوجها، وفقا للمشرع المصري.
ونظم المشرع المصرى مسألة النشوز في المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929، التى تنص على أن: 1Jإذا أمتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجية من تاريخ الامتناع، وتعتبر ممتنعه دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها، وعليه أن يبين في هذا الإعلان المسكن... إلخ».
ويرتبط حكم النشوز بالحياة الزوجية، فهو يدور وجودا وعدما مع العلاقة الزوجية، فإن انقضت العلاقة الزوجية بالطلاق أو بالوفاة أنقطع آثر حكم النشوز وعليه فالزوجة الناشزا إذا ما طلقت أن تطالب بنفقة لمتعتها إذا توافرت شروطها على أن تخصم مدة نشوزها من نفقة المتعة، ويحق لها كذلك المطالبة بنفقة عدة وكافة حقوق المترتبة على الطلاق.
وتختلف حالات الطلاق بمدى تأثيرها على حكم النشوز، فالطلاق الرجعي لا يقطع أثار النشوز فتظل الزوجة ناشزا فى عدتها وأن أرجعها الزوج قبل انقضاء العدة ظلت ناشزا أما الطلاق البائن فهو الذى يقطع أثار النشوز وفى هذا يمكنا الاستناد لحكم محكمة النقض الذى يقضى بالتالى:
«الطلاق الرجعى، أثره هو انتقاص عدد الطلقات التى يملكها الزوج عدم زوال حقوق الزوج علي الزوجة إلا بانقضاء العدة، أما الرجعة فماهيتها امتداد للزوجية القائمة مع عدم اشتراط الاشهاد عليها ولا رضاء الزوجة أو علمها، وإعلان الزوج زوجته للدخول في طاعته وتطليقه لها ثم مراجعتها قبل العدة، أما عدم امتثالها للإنذار أثره هو اعتبارها ناشزا دون حاجة لتوجيه إنذار أخر"، وذلك طبقا للطعن رقم 326 لسنة 63 ق جلسة 30/3/1998».
ويحق للزوجة إنهاء حالة النشوز بدخولها لطاعة زوجها وتمكين زوجها منها علي أن يشترط لأثبات كف الزوجة عن معصية النشوز أن يصاحب هذا الكف أية مظاهر مادية، وذلك للأثبات كأن تقوم الزوجة بتسليم نفسها على يد محضر للزوج لتثبت أنها ترغب في الكف عن النشوز ورغبتها في الدخول الي طاعته أو أن تقيم دعوى لأثبات اقلاعها عن معصية النشوز.
«ويتعين علي الزوجة التي اقعلت عن معصية النشوز أن تقيم ضد الزوج الدعوي بطلب الحكم بأثبات أقلاعها عن النشوز وعودتها إلى طاعة الزوج، التي لها أثباتها بالبينة الشرعية وكافة طرق الإثبات، أن الحكم بالنشوز إنما يكون بطبيعته حكما مؤقتا مرهون بإقلاع الزوجة عن معصية النشوز والعودة إلى طاعة الزوج وهذه العودة يمكن أن تتم بطريقة أو أخرى كثر منها في العمل قيام الزوجة بتوجيه إنذار إلى الزوج على يد محضر ومصاحبة المحضر إلى منزل الزوجية عارضه نفسها عليه، بحيث أنه إذا أمتنع عن قبولها في مسكن الزوجية أثبت المحضر ذلك في إجابته على الإنذار الموجه إلى الزوج».