بنت «صوت الأمة» والأب الروحي
الإثنين، 24 فبراير 2020 11:32 م
علاقتى بجريدة «صوت الأمة» بدأت منذ شهر فبراير 2004، فى عهد رئيس التحرير عادل حمودة، بالمقر القديم فى ميدان لبنان بالمهندسين، وكنت محظوظة بالانضمام لهذه الكتيبة بعد مقابلة مع أستاذى وسكرتير تحرير الجريدة فى ذاك الوقت عبدالفتاح على، وكذلك مقابلة الدكتور محمد الباز سكرتير عام التحرير وقتها، وبدأ المشوار بنشر العديد من الموضوعات الهامة بـ «مانيشتات» صفحة أولى، بعد المرور على أكبر ديسك مركزى بقيادة ياسر الزيات.
المرور بـ 5 مدارس صحفية بداية من «عادل حمودة، وإبراهيم عيسى، ووائل الإبراشى، وسيد عبد العاطي، وعبد الحليم قنديل) توليفة ممتزجة بسياسات مختلفة وخبرات لا يمكن أن نتعلمها فى مكان واحد، فكلهم أساتذة كبار ولهم التقدير والاحترام، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع بعضهم.
المكان يشع بالطاقة الإيجابية، بوجود حالة من التعاون بين الزملاء والأصدقاء خاصة القدماء، لا يغفلون عن التنافس لكن بكل شرف دون الاعتداء على مصادر الآخرين، أو التكبر لاحتواء زميل جديد، ومرت السنين وكان فى طياتها العديد من المواقف الصعبة سواء على المستوى الشخصى أو المهنى، فكنت عندما أغضب من موقف ما، ابتعد فترة حتى أهدأ ثم أذكر نفسى أننى بنت «صوت الأمة»، ولا يمكن أن أتركها فأرجع دون الالتفات إلى الوراء.
الثبات والاستمرار لم يكن اختيارى بقدر ما هو قرارى، حتى لو مررت بالعديد من الأزمات، فكانت المواقف بالنسبة لى تزيد من إصرارى وعنادى وتمسكى بالمكان وليس الأشخاص، فلم أفكر يوما فى ترك الجريدة والذهاب وراء أى رئيس تحرير فى مكانه الجديد، وهذا ما كان يسعد «الأب الروحى» لصوت الأمة، عصام إسماعيل فهمى، الذى لا توفيه أى كلمات تكتب أو تصاغ، بعد مرور 20 عاما على إنشاء الجريدة.
الهادئ العفوى البسيط صاحب الابتسامة الدائمة، العنيف والعصبى أحيانا لكنه طيب القلب والمتفهم، لا يمكن أن يغلق بابه فى وجه أحد، يجلس ويسمع الحوار بالكامل، يستنبط الشخصية المتحدثة له من خلال الحوار، يأخذ القرار دون الإعلان عنه دون اندفاع أو تسرع، مرور 20 عاما على فكرته التى حققها مع الكيانات الأخرى، يجعلنى أتحدث عنه بشكل أكبر، فهو رحل لكنه يعيش بداخلنا بموافقه التى لا يختلف عليها اثنان، فهو صاحب خبرة ومع ذلك لم أتذكر أنه تدخل ولو لمرة واحدة فى المادة الصحفية.
ومع ذلك كان صاحب رأى ورؤية ثاقبة، قوى وصامد لا يهتز مهما حدث من مغامرات أو معارك قضائية يدافع بكل ما لديه عن الكيانات الصحفية بلسان معارض أمام صمت الصامتين ومراقبة وابتعاد الخائفين، فكان صاحب مبدأ ومناضلا ولا يخاف فى الحق لومة لائم.
كان ابنه البكر وتجربته الأولى بالتسعينيات بإصدار صحيفة الدستور، ثم ولدت صحيفة «صوت الأمة»، وكانا من أهم الصحف المعارضة، ثم توالت الإصدارات الصحيفة «صوت الأمة» الرياضية، وصحيفتا «عين» و«الحلوة» الفنيتان.
يعتبر أبناء المهنة أبناءه، يدافع عنهم ويقف بجوارهم عندما تحدث مشكلة بسبب نشر موضوع أدى للدخول إلى الساحات القضائية، فلم يتخل أو يتراجع حتى تنتهى المعركة، أبعده المرض عن التواجد داخل الجريدة، لكنه كان دائما الغائب الحاضر بمتابعته لكل صغيرة وكبيرة تحدث داخل مقر «صوت الأمة»، فكان على علم بكل ما يحدث ولا يمكن اتخاذ قرار دون الرجوع إليه.
حتى توفى فهمى، فى 12 يناير 2015 بمستشفى الصفا، وفقدنا واحدا من أهم مؤسسى الصحافة الخاصة فى مصر، لكن بقيت الفكرة والكيان لـ«صوت الأمة»، ولن ترحل بوجود أبنائها وقيادتها.