«صوت الأمة» فصل من نبوءات العقل الجمعى المصرى
السبت، 22 فبراير 2020 03:11 م
أطلقنا عليها فيما بيننا، بيت العائلة، لعدم وجود فارق أو حاجز نفسى بين وافدها الجديد وأبنائها القدامى، فسرعان ما كان الوافد الجديد، يندمج فى النسيج الذى تميزت به وحافظت عليه، فى أغلب مراحل وفترات صدور أعداها، رغم تناوب عظماء على رئاسة تحريرها، يشار إليهم بالبنان؛ فضلا عن أبنائها الذين تتلمذوا فيها، وبنوا قواعدهم المهنية الراسخة، لينطلقوا منها إلى مقدمات الصفوف فى المجالين الصحفى والإعلامى؛ إنها صحيفة «صوت الأمة»، التى عبرت، رغم المصاعب، جسورا ممتدة، لتنير شمعتها رقم 1000.
ظلت «صوت الأمة» بالنسبة لأبنائها، نواة اليقين، فى قيمة التمسك بالقلم، وفى انتصار القضية التى تتبناها؛ ولعل ثلاثة مواقف لثلاثة رؤساء تحرير، عاصرتهم، من الأعلام الذين تولوا رئاسة تحريرها، تدل على أنها ليست مجرد اسم لصحيفة، ولكنها بحق، هى «صوت الأمة» ومنبر الضمير الشعبى والعقل الجمعى المصرى.
فى عام 2009، ومع حلول ذكرى ثورة يوليو 1952، كإحدى الثورات التى التحم فيها الشعب مع جيشه، كنا قد شاركنا فى ملف العدد بمناسبة الاحتفال بذكرى الثورة، وكان رئيس التحرير، حينها، الكاتب الصحفى القدير «سيد عبد العاطى»، فاختار عنوانا للملف، هو «عاوزين ثورة تانية»، وكأنه الدعاء الذى كانت أبواب السماء مفتوحة لإجابته، فتحققت نبوءة «صوت الأمة» بعد نحو عام وخمسة شهور فقط، بميلاد ثورة 25 يناير 2011؛ وكانت «صوت الأمة» فى 2009 أيضا، تناولت فى لاحق لعدد النبوءة، موضوع المؤتمر العام للحزب الوطنى الديمقراطى (الحاكم حينها)، وكانت صورة الغلاف، لنجل رئيس الجمهورية حينها، جمال مبارك، وهو يرفع زجاجة (مياه معدنية)، ليشرب منها حتى أفرغها، وحملت الصورة عبارة (خلصت يا جمال)، بما فى تلك العبارة من تورية ومغزى لكل لبيب بالإشارة يفهم، أن النهاية اقتربت أو حلت.
بعد ذلك، تولى الكاتب الصحفى والإعلامى اللامع، وائل الإبراشى، رئاسة تحرير «صوت الأمة»، للولاية الثانية، وخلال ما يقرب من عام (2010)، تبنت الصحيفة الحملة ضد وزير المالية الأسبق، يوسف بطرس غالى، بسبب ما ورد من مغالاة فى مشروع قانون الضريبة العقارية على المساكن، وشارك فيها فريق محررى «صوت الأمة»، وكانت الزميلة الراحلة سمر الضوى أبرزهم، لدرجة أن الوزير اختصمها ورئيس التحرير، فى دعوى قضائية، كانت قد استمرت إلى قيام ثورة يناير 2011، وهروب وزير المالية خارج البلاد؛ كما كان السبق لصحيفة «صوت الأمة»، فى فترة رئاسة الإبراشى، فى كشف استغلال نفوذ وزير الداخلية الأسبق، اللواء حبيب العادلى، واستخدامه سيارات وزارة الداخلية فى نقل أغراض خاصة بمزرعته، وهو الموضوع الذى كشفت عن تفاصيله ومستنداته، الزميلة ريهام عاطف، لتكون حيثيات موضوع أول حكم بإدانة العادلى، فيما بعد يناير 2011.
أستاذى وقدوتى، الدكتور عبد الحليم قنديل، صاحب كتاب «كارت أحمر للرئيس» فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، كانت فترة رئاسته الثانية لتحرير «صوت الأمة»، فى مارس 2011، ولم يتوقف«قنديلنا» عن إصدار الكروت الحمراء، للأنظمة الحاكمة إذا لزم الأمر، فكان عدد «صوت الأمة» الذى صدر قبيل ثورة 30 يونيو 2013، متزامنا مع الحدث، يحمل غلافه صور عدد من قيادات الجماعة الإرهابية، التى لم تحمل من اسمها إلا شعار «الإخوان المسلمون»، ومن بينهم الرئيس الإخوانى المخلوع «محمد مرسى»، مع كلمة (بالجزمة)؛ ولاستطلاع رأى الجماعة- التى ظلت عمرها محظورة تستغل ثغرات القوانين- فيما آل إليه حالها فى الرفض الشعبى لاستمرارها فى الحكم، قبل بيان 3 يوليو 2013، وفى اتصال تليفونى مع الدكتور عبد الرحمن البر، الذى لقبوه مفتيا للجماعة، اعتبر البر أن الغلاف إساءة لهم، فأكدت له أنهم هم من أساءوا إلى أنفسهم، خاصة أن لفظ (الجزمة)، هو اللفظ الذى ورد من قبل على لسان المرشد الأسبق، مهدى عاكف، وانعكس فى تصرفات الجماعة وتمسكها بالسطة حتى مع قيام ثورة شعبية ضد الجماعة.