ليست مجرد صحيفة.. إنها حالة عشق
الثلاثاء، 25 فبراير 2020 03:08 م
العدد «1000».. عندما طُلب منا كفريق عمل جريدة «صوت الأمة»، كتابة مقال صحفى بمناسبة صدور العدد رقم 1000، وفى ثوانٍ قليلة جدا عاد بى الزمان إلى الوراء لسنوات طويلة، شعرت خلالها بالحنين إلى الماضى.. تذكرت أول يوم لى بمقر الجريدة القديم بفيلا «ميدان لبنان» بالمهندسين، هناك قضيت أجمل وأصعب وأهم أيام حياتى فى بلاط صاحبة الجلالة بين زملاء جمعنا التقدير والاحترام والتنافس الشريف والغيرة المهنية ومشاكساتنا مع رؤساء الأقسام والتحرير أيضا.
كانت بدايتى مع الصحافة غير ممهدة أو مفروشة بالورود، خاصة بعد أن جمعت لسنوات قليلة ما بين وظيفتى الحكومية، حيث عملت إخصائية أعلام فى إحدى المدارس الحكومية التى كانت توفرها الدولة فى ذلك الوقت لأوائل الخريجين، حيث تخرجت فى كلية التربية النوعية قسم الصحافة والتليفزيون بجامعة عين شمس، فكنت فى الصباح الباكر إخصائية إعلام، وبعد انتهاء اليوم الدراسى أحاول جمع ما تبقى من جهد وصفاء ذهن وأذهب على الفور لعشقى «الصحافة» الذى لم أتنازل عنه يوما، حتى شعرت بأنى أصبحت أحمل بداخلى تناقضين، الأول يخشى مدير المدرسة كعادة المدرسين، والثانى يمكن بكلمة منى أن أذهب بنفس المدير وراء الشمس، وهو ما حدث بالفعل عندما كتبت أحد التحقيقات فى أحدى الصحف الأسبوعية الخاصة التى عملت بها لفترة قصيرة، قبل التحاقى بفريق عمل جريدة «صوت الأمة».
التحقيق كان عن «أجهزة الكمبيوتر المخزنة بالمدارس»، وعلى الفور خرجت لجنة من وزارة التربية والتعليم، تفحص كل كلمة تم سردها بالتحقيق، حتى تم التأكد من صحتها، وأن المنظومة الجديدة التى وضعتها الوزارة لم يتم تنفيذها، ليرسل وزير التربية والتعليم آنذاك الدكتور حسين كامل بهاء الدين، خطابا يشكرنى فيه على مجهودى، مؤكدا أنه تمت إحالة كافة المقصرين للتحقيق.
فى ذلك اليوم فقط تأكدت من عدم قدرتى على الاستمرار فى مهنة التدريس «السامية» رغم نجاحى فيها، وبالفعل انقطعت عن العمل حتى تم «إنهاء خدمتى»، وفى ذلك اليوم فقط شعرت بأن الصحافة «معشوقتى»، أصبحت قَدر لا يمكن التخلص منه، وعملت كثيرا حتى جاءت الفرصة لانضم لكتيبة «صوت الأمة» مع الإصدار الثانى، بعد أن قام المغفور له عصام إسماعيل فهمى بتطوير الصحيفة والتجهيز للانطلاق بها كأهم صحيفة مستقلة فى مصر «بكل ما تحمله هذه الكلمة» من معنى.
فى وقت قصير استطاعت «صوت الأمة» أن تكون صوت المواطن المهموم بأحوال بلده، ففى الصحيفة كتبت وكشفت الكثير من قضايا الفساد وكتبت عن ظلم نظام مبارك ورجاله الذين سيطروا على كل أركان الدولة، فلم يعد المواطن البسيط يشعر بأى تغيير سوى أنه «مطحون».
فى «صوت الأمة» تعلمت كيف أن صوت الحق عالٍ دائما، وأن على الصحفى ألا يخشى شيئا أو يخاف أحد من أصحاب النفوذ، وهو ما حدث بالفعل عندما تناولت الكثير من قضايا مافيا الأراضى، وعكست معاناة المواطن البسيط ومشكلاته ومخالفات وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، الذى تم الحكم عليه فى القضية التى اشتهرت إعلاميا «بسخرة المجندين»، وذلك بعد أن وفقنى الله فى كشف ما يقوم به من مخالفات فى حق من استأمنه الله عليهم، وبالفعل رغم مخاوف رئيس التحرير وقتها «الأستاذ السيد عبد العاطى»، من نشر التحقيق لما لحبيب العادلى من سطوة فى ذلك الوقت، إلا أن الموضوع كان موثقا بمواد القانون والسيديهات التى تكشف ما يقوم به المجندون فى فيلا العادلى بمدينة السادس من أكتوبر ليخرج التحقيق للنور وتتم إدانته.
كما كان العمل دائما داخل الجريدة، يقوم على السبق الصحفى، وكيف نصنع الخبر لأننا جريدة أسبوعية، والقارئ يحتاج أن يقرأ الجديد لتظل «صوت الأمة» صرحا شامخا فى بلاط صاحبة الجلالة وحالة العشق الأبدية.