«صوت الأمة».. سيرة ومسيرة على أرض سيناء
الإثنين، 24 فبراير 2020 04:37 م
كنت فى منطقة جباليا (شمال شرق غزة) إبان الحرب الإسرائيلية على غزة فى أواخر2008 عندما تلقيت اتصالا هاتفيا من مصر، وكان على الطرف الآخر من الهاتف الزميلة إيمان محجوب مسئول قسم المراسلين بصحيفة «صوت الأمة».
أخبرتنى الزميلة برغبة الصحيفة فى أن انضم لكتيبتها الصحفية بشبه جزيرة سيناء، ولأننى على علم بمكانة ومستوى «صوت الأمة» ، قبلت بالمهمة وكانت أولى إسهاماتى بعدة تقارير ميدانية ومقابلات مع عدد من المسئولين والوزراء من قطاع غزة.
أنهيت مهمتى بالقطاع كونى موفدا من أحد الصحف الأردنية، وعدت إلى مدينة العريش خلال النصف الأول من يناير 2009 لتبدأ مسيرة العمل المنتظمة مع «صوت الأمة»، التى حازت كل اهتمامى ووقتى، وأنهيت عقدى مع الصحيفة الأردنية لعدم التفرغ.
خلال تلك الفترة كانت شبه جزيرة سيناء- خاصة الوسط والشمال- منطقة خصبة للعمل الصحفى الميدانى، نظرا لما كانت تمر به المنطقة من عمليات تهريب للبشر والبضائع والأسلحة وخلافه بين الجانبين المصرى والفلسطينى عبر الأنفاق، إلى جانب قضية تهريب المهاجرين الأفارقة القادمين عبر السودان فى طريقهم إلى إسرائيل.
ومن هنا كان لنا دور فى تناول هذه القضايا التى انفردت بها «صوت الأمة» وأصبح كل عدد منها يحتوى على صفحة من سيناء تتابع وتحلل كل ما يدور فوق الأرض وما تحتها، إلى أن بدأت عمليات إطلاق صواريخ بدائية الصنع، عقب ثورة 25 يناير بواسطة مجموعة مسلحة أطلقت على نفسها جماعة «أنصار بيت المقدس» متخذه من أراضى سيناء قاعدة لإطلاقها على إسرائيل.
تابعنا مسارات تلك الجماعة التى تلقت الدعم اللوجستى من سلاح وعناصر من حركة حماس بقطاع غزة، بجانب حصولها على الأسلحة المهربة من ليبيا إبان تولى المخلوع محمد مرسى حكم البلاد خلال عام 2012، ومن بعد مبايعتها لتنظيم «داعش» الإرهابى الذى أعلن حربه على المنشآت الحيوية والقوات المسلحة فى سيناء، وكشفنا العديد من أسرار وخفايا تلك الجماعات والتنظيمات الإرهابية عبر صفحات «صوت الأمة».
رصدنا عبر تقارير وتحقيقات ميدانية نشرت بأعداد متلاحقة العديد من بطولات القوات المسلحة والشرطة المدنية على أرض مدن رفح والشيخ زويد والعريش، خلال عدة سنوات جففت خلالها جذور ومتابع الإرهاب وأنهت ممرات الأنفاق التى كانت تخترق الحدود المصرية الشرقية فى رفح.
ولا أنسى أبدا عندما كنت بصحبة أحد الزملاء فى سيارته متجهين لمعاينة موقع انفجار عبوة ناسفة بمنطقة حى السبيل جنوب العريش، عندما برزت مقدمة سيارة من نهاية طريق فرعى على الطريق الرئيسى مطلقة النار وسط الحى، حينها فوجئنا بحملة عسكرية قرب موقع الانفجار، وعندما حاول زميلى العودة إلى الخلف أطلقت القوات نيرانها المكثفة فى الهواء باتجاه السيارة فترجلنا منها رافعين أيدينا إلى أعلى حتى وصلت قوة عسكرية وفتشت السيارة وطلب الضابط المرافق للحملة منا الصعود إلى المدرعة.
حينها أبرزت له عددا من صحيفة «صوت الأمة» كان بحقيبتى، وأطلعته على أحد التقارير الميدانية المنشور على صفحة كاملة حول عملية ناجحة لقوات الجيش قضت خلالها على مجموعة كبيرة من الإرهابيين خلال محاولتهم الوصول إلى قسم شرطة الشيخ زويد، وعندها تيقن الضابط من صحة روايتنا حول تواجدنا بالمنطقة بغرض العمل الصحفى، سمح لنا بالمغادرة.
اليوم ونحن نحتفى بالعدد الـ 1000 من «صوت الأمة»، أجدنى مدينا لها بمسيرة حافلة من العمل والعطاء، الذى تخللته مواقف نبيلة جسدت أعظم المشاعر الإنسانية التى جمعتنى بزملاء وأساتذة ومصادر أكن لهم كل تقدير واحترام، و لا أنسى أيضا أنها كانت نافذة لمرحلة الاستقرار الصحفى بالتحاقى بعضوية نقابة الصحفيين.
ومن هنا أجدد اعتزازى وتقديرى لصحيفة «صوت الأمة» البيت الكبير لى ولزملائى الذين عاشوا معى خلال مسيرتها السابقة حتى بلغت رقما صحيحا بفضل عطائهم وإخلاصهم، متمنيا لكل من ينتمى لهذه الكتيبة الصحفية التى أشرف أنى أحد أبناءها كل التوفيق والسداد..
عاشت «صوت الأمة».. وتحيا مصر.