من مهندس بترول لمعلم السينما المصرية... مفارقات في حياة الراحل محمد رضا
الجمعة، 21 فبراير 2020 08:00 مولاء عكاشة
عمله كمهندس بترول والذي كان يكفل له حياة كريمة ومستقرة، لم يثنيه لحظة واحدة عن عشقه الدفين، الذي بدأ معه في سن صغيرة الي أن صار شاب يافعا، ففي المدرسة الأبتدائية كون فرقة تمثيل وكان يرأسها، ولكن ظروف الحياة، اجبرته على إستكمال مشواره التعليمي في مجال الهندسة، وبعد حصوله على دبلومة الهندسة التطبيقية، عين بشركة "شل" بالسويس، وحلم الطفلة مازاله يسري في وجدانه، رغم انخراطه في الحياة العملية، إلى أن جاءت اللحظة الحاسة والفاصلة في حياة معلم السينما المصرية.
وفي مجلة "دنيا الفن" قرأء الفنان الراحل إعلانا عن مسابقة لاكتشاف الوجوه الجديدة، لينقلب بعدها حاله رأس على عقب، ودون لحظة تفكير واحدة، ترك حياته ومستقبله، وسافر إلى القاهرة، دون أن يأخذ تصريح بالسفر من صاحب العمل، كل ما كان يشغل باله هو إجتياز المسابقة والوصول إلى أولى خطوات الحلم الذي ظل يراوده من الصغر، وشارك في المسابقة التي كان أحد أعضاء لجنتها المخرج الكبير صلاح أبو يوسف، وفرحته بحصوله على المركز الثاني، كانت أكبر من حزنه على فصله من وظيفته الأساسية، فلم يعبئ بأي نتائج سلبية لهذا الفصل.
وبعدها بدأ الفنان محمد رضا "معلم السينما المصرية"، الذي يحل اليوم 21/2 ذكرى وفاته، مشواره الفني بأدوار صغيرة، إنحصرت في دور الطبيب ووكيل النيابة والظابط، وعندما أراد الفنان الراحل ثقل موهبته بالدراسة الأكاديمة، قرر الألتحاق بالمعهد العالي للفون المسرحية، وتخرج فيه عام 1953، ثم جاءت النقطة الفاصلة في مشواره الفنية، وصعوده سلم المجد، جين أسند إليه المخرج كمال ياسن دور المعلم "كرشة" في مسرحية "زقاق المدق"، وبعد نجاح منقطع النظير في هذا الدور، تم إسناده إليه مرة أخرى عندما تم إنتاج الرواية كفيلم سينمائي، وبعد عرض المسرحية والفيلم، قال نجيب محفظ، مؤلف زقاق المدق، "إن محمد رضا أدي دور المعلم كما رسمته وبنفس الشكل".
بعد تألق الفنان الراحل في دور المعلم، الذي جذب إليه أنظار المخرجين والمنتجين، قرر أن يكون شغله الشاغل هو "شخصية المعلم" فأراد ان يكون هو الممثل الحصري لهذة الشخصية في السينما المصرية، فكان دائم الذهاب الي الحارات والمقاهي الشعبية، والجلوس مع "معلمين" هذه المناطق والأنصات لهم ولطريقة كلامهم وملابسهم، الأمر الذي جعله يبدع في هذا الدور حتى كان يظنه البعض أنه كان تجارا أو معلما في الحقيقة والبعض الأخر ظن أنه أمي ولم يكمل تعليه، وكان هذا دليلا على تألقه وإبداعه في دور المعلم.
وفي شهر رمضان عام 1995 أثناء تصوير حلقات مسلسل "ساكن قصادي"، ذهب المعلم لتصوير مشاهده وهو صائما، وبعد الأنتهاء عاد إلى البيت وأفطر مع زوجته، ثم أتصل به مراسل من الإذاعة ليجري معه حورا عبر الهاتف، وأثناء المكالمة وهو منهكما في الأجابة على أسئلة المراسل، سقطت منه سماعة التليفون فجأة من يده مفارقا الحياة، في مثل هذا اليوم 21 فبراير.