تحدث عن الفرج والثدي.. تراث الأغاني ينتصر لـ «شاكوش» على هاني شاكر (فيديو)
الثلاثاء، 18 فبراير 2020 04:21 م
مصطفى الجمل
حالة جدلية جديدة تسيطر على مناقشات المصريين في الشارع والمقاهي وقبلهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب الأزمة التي نشبت مؤخرًا بين عدد من المطربين الشباب، المتخصصين في أغاني الراب المعدلة، أو كما نطلق عليها «المهرجانات» من ناحية، ونقابة المهن الموسيقية التي يتولى أمرها أمير الغناء العربي الفنان هاني شاكر، من ناحية أخرى، الذي استصدر قرارًا من مجلس النقابة يقضي بوقف تعامل الفنادق والملاهي والكافيهات وقاعات الأفراح مع أي مطرب يقدم هذا اللون مع الغناء، وتبعه بإصدار قرار بوقف منحهم تراخيص تقديم الحفلات الغنائية، لأجل غير مسمى.
معارضة قوية للقرار يقابلها تأييد وتصفيق شديد، أوجدت استفهامات متلاحقة ومتتابعة حول كلمات هذه الأغاني، أولها وأهمها هل ما يقدمه هؤلاء الشباب من كلمات بعيداً عن تناول المجتمع المصري بحضره وريفه، وهل للموضوع أصل في تراث المصريين الغنائي، وهل المعارضة القوية لهذا اللون الشائع ومنتشر بين كل المصريين سببها غرابة هذا اللون على المجتمع، أم أن الأمر متعلق بعوامل خارجية كمظهر الشباب ولهجتهم الممثلة طبقة تسكن عشوائيات المدينة؟
«أشرب خمور وحشيش»، المقطع الذي أثار غضب نقيب المهن الموسيقية ومؤيديه، واضطره لاتخاذ القرار سالف الذكر، إن كان قد خدش حياء المعارضين لهذا اللون، فقد سبقه في التراث ما هو أصعب وأكثر تعرضًا للحياة الجنسية للمصريين، وكانت الأغاني التي تعتمد على هذه الكلمات تردد يوميًا على ألسنة سكان الريف قبل سكان الحضر، ولم يكن لأحد أن يتأذى من هذه الكلمات، وبعد التطور التكنولوجي ونقل هذه الأغاني من الساحات والتجمعات الشعبية إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لم تجد معارضة كتلك التي أوجدت لأغاني المهرجانات.
يا منجد علّي المرتبة
عروستنا حلوة مؤدبة.. يا منجد علّي المرتبة
عروستنا ناعمة غُريِّبة.. يا منجد علّي المرتبة
واعمل حساب الشقلبة
الكلمات السابقة غنتها منذ عشرات السنوات المصرية ليلى نظمي، ورددها من خلفها مئات المواطنين في قرى ونجوع المحروسة، احتفالًا بحفل زفاف أحد أبنائهم، وببحث أكثر قليلاً ستكتشف أن التراث ممتلئ عن آخره بأغاني من هذه النوعية المكتظة بالايحاءات الجنسية، التي كانت مصدرها بشكل كبير مباريات حوارية بين السيدات، أو كما يقولون«كيد النسا».
«كيد النسا» رفع بشكل كبير سقف الإبداع في التراث الشعبي، دون أن يقترب أحدًا منه ويجرمه ويعتبره عيبًا، لعدة أمور– ليس من بينها أن وقتها لم يكن هناك نقاد فنيين أو سلفيين- الثابت منها وأهمها وأقربها للمنطق أن هذه الكلمات كانت في البداية لم تخرج من الحيز النسوي في احتفالاتهن البعيدة كل البعد عن مجتمع الرجال، ومع مرور الزمن وبدء تسرب هذه الكلمات لمسامع الرجال وزوال الخطوط الفاصلة في القرية بين احتفالات الجنسين لم تلق اعتراضًا أيضًا لأنها أصبحت بقوة التاريخ تراثًا شعبيًا يزف البهجة والسرور في المنازل.
«ثدي الفتاة» كان له مكانة مميزة في تلك الأغاني، فاحتل المساحة الأكبر من الوصف ففي إحدى الأغاني تقول الست نعيمة المصرية :«من ميتى وأنت غايب.. ده الرمان استوى»، ملمحة إلى الرحلة الطويلة التي غاب فيها العريس بالخارج من أجل جمع المال الكافي للزواج، وبعده عن خطيبته حتى استوى عودها وثديها، وتزامن ذلك مع موسم جمع فاكهة الرمان.
وفي أغنية أخرى يقول المغني: «والعرباوي كان عيان.. وصفوله البرتكان.. والبرتكان دوا العيان» في إشارة إلى أن تأخر الزواج يصيب الشاب بالمرض والاكتئاب، حتى يصف الطبيب له الزواج المعبر عنه مجازاً بثدي الفتاة «البرتكان»، وتقول أخرى: «بيضة بياض اللبن وأحلى من الفلة.. وادي صدرها ريش نعام.. صفطه الهوى غنا» واصفة جمال جسد العروس بصفة عامة وصدرها بصفة خاصة، حتى أنه يشبه ريش النعام في ملمسه.
كما كان لعين الفتاة نصيب مشابه من الغزل، فتقول إحداهن:« والعين تشيل وقية.. من الكحل أبو دلال» واصفة جمال العروس وزينتها وجمال عينيها الواسعتين واللتين تزينهما بالكحل.
عذاب العازب
ولم تنس هذه الأغاني نقل حالة العازب قبل الزواج، ففي أغنية من تلك الأغاني تقول الفتيات: «عيني ع العازب عيني عليه.. والمخدة بين رجليه» ناقلة حال الشاب الذي بزغت منه معالم الرجولة وحان وقت زواجه ولم يهده الله لشريكة العمر بعد، فيستغني عنها بوضع المخدة بين رجليه، وتم ترجمة هذه الأغنية حديثًا في مهرجانات شعبية حملت اسم «الوسادة الخالية».
دروس جنسية مجانية
لم تقف أغاني التراث عند حد وصف العروسين قبل الزواج، بل وصل الأمر لحد وصف شكل العلاقة الجنسية في أول ليالي الزفاف، وكأن الأغاني كانت بمثابة دروس تثقيفية جنسية للشباب المقبلين على الزواج، فتقول إحدى المغنيات: « تحت الصرة بشوية.. أرنب صايد غزال».. واصفة شكل العضوين الذكري والأنثي ومكان التلاقي بينهما، وتضيف أخرى: «حلو مص الشفايف.. ومحدّق يا لمون»، واصفة طعم القُبلة الأولى بين الزوجين ولذتها مشبهة إياها بلذة أكل اللمون المقطوف قبل أن يستوي على الشجر.
واستكمالاً للدورس المجانية، وصفت إحدى المغنيات كيف تستقطب الفتاة عريسها نحوها ليلة الزفاف، بقولها: «هاتلي خمرة نضيفة.. وأقلعلك بالقميص».
ومن أشهر الأغاني التي قيلت في وصف العلاقة الزوجية بين العروسين: «ياللي ع الترعة حود ع المالح»، والتي تقول فيها الفتاة: « يا اللي على الترعة حوّد على المالح.. شعري بيوجعني من شد امبارح.. خدي بيوجعني من بوس امبارح.. وسطي بيوجعني من رقص امبارح.. ضهري بيوجعني من نوم امبارح.. حاسب على بيتنا بانيينه امبارح»، فالأغنية تصف آثار مداعبة الزوج لزوجه في أول ليالي الزفاف، وكيف أن تؤثر تلك المداعبة على تصدع للمنزل حديث البناء.
وتقول أغنية أخرى: «الليل طويل وحركاته كتير.. أنا اللي بطني بتوجعني.. لا واد ولا بنتي هتنفعني أنا عاوزة حبيبي يدلعني.. ويشيل ويحط على السرير»، في إشارة إلى رغبة الفتاة في قضاء أكبر فترة ممكنة مع حبيبها دون إنجاب حتى يستطيعا التمتع بوقتهما بعيدا عن متطلبات الأطفال التي لا تنتهي ولا تنقطع في أشهرهم الأولى.
العروس في بيتها
ولعل من أشهر هذه الأغاني، ما قيل في وصف شكل تعامل العروس في بيتها بعد الزواج وسيرها في البيت بما يريحها من ثياب، فتقول الأغنية: «ما اعرفش أدق الكسبرة.. إلا بقميص المسخرة.. ما اعرفش أدق التوم.. إلا بقميص النوم»، واصفة كيف تظهر العروس الجديد دلالها على زوجها في بداية حياتهما فتتمسك بارتداء ثياب خفيفة لا يجوز أن يراها غيره، حتى تجبره على أن يحضر منزلاً له مستقلاً عن أهله وأقاربه.
ومما ذكر في سياق دلال الزوجة على زوجها داخل منزلهم بعد الزفاف، الأغنية التي تقول: «يا سي مصطفي يا بيه.. يا لعيب الكاراتية.. يا ميا على شربات.. يا مدوب كل البنات.. يا سي مصطفي يا بيه.. يا ميا على ليمون.. يا شاغل كل العيون.. يا سي مصطفي يا بيه» ويتغير الاسم باسم العريس.
ويمكن الرد من قبل الزوج على هذه الأغنية بأغنية أخرى يدلل فيها زوجته فيقول: « على حلة الحمام.. هتعيطي ما تعيطي.. أهي ليلة والسلام.. على حلة الملوخية.. هتعيطي ما تعيطي.. أهي ليلة ومعدية».