عندما طٌعن القذافي والأسد بخنجر أردوغان
الثلاثاء، 18 فبراير 2020 01:56 م
يعتقد البعض عند تحليل وقراءة سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الوقت الراهن، خاصة في الملفين الليبي السوري، أنه عدو لدود للأنظمة العميقة في هذه الدول على طول الخط، باعتباره داعم لثورتين أطاحت واحدة منهما بالعقيد الليبي معمر القذافي، والثانية زعزعت حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
ولكن بالاطلاع على أرشيف أردوغان من الفيديوهات والأخبار والصور التي تملأ محركات البحث، سنلاحظ للوهلة الأولى أن الرئيس التركي كان صديقا بل حليفا ودودا لهذين النظامين، يتبادل الزيارات معهما كثيرا، حتى لم يكن يفوت فرصة لاصطحاب عائلته عندما كان يزور قصر الأسد الرئاسي أو القذافي، وهذا بالطبع كان يمثل نقطة قوة في العلاقة بين تركيا من جهة وسوريا وليبيا من جهة أخرى.
ولكن ماذا حدث وما الذي تغير وجعل أردوغان الحليف القوى للرئيس السوري بشار الأسد وللرئيس الليبي الراحل معمر القذافي قبل ثورات الربيع العربي، أكبر أعدائهما لم يترك مناسبة إلا ويذكر فيها فشلهما في إدارة بلادهما، ولم يقف عند هذا الحد بل أصبح نقطة انطلاق لتكوين معارضة لهذين النظامين من الخارج.
لا أكتب في هذا التوقيت من أجل الدفاع عن النظام السوري الراهن أو لذكر محاسن إدارة القذافي لليبيا في العقد السابق، فكلا النظامين يأخذ عليه الكثير، ولكن أن تكون في موضع الحليف وبين عشية وضحاها تنقلب لتصبح عدوا تفتح أبواب بلادك لأبواق ما يطلقون على نفسهما معارضة وتوجه إعلامك ليكون سهما في ظهر نظامين تربطك بهما علاقات وطيدة، هذا الأمر يحتاج إلى توضيح.. هل الأمر تعلق بمصلحة تركيا في هذا التوقيت أم انطلق أردوغان في تجاه استراتيجية جديدة أعطى ظهره فيها لحلفائه؟ مستندا لمقولة سياسية شهيرة «لا عداء دائم ولا صداقة دائمة في السياسة بل مصلحة دائمة».
استوقفني عندما بحثت في الأرشيف فيديو تحت عنوان «حفل تسليم أردوغان جائزة القذافي لحقوق الإنسان» عندها قال أردوغان وسط مؤيدي الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي «هذه الجائزة ستمنحني القدرة والعزيمة من أجل التضحية لرفعة هذه الأمة أشكر العميد القذافي على نيلي هذه الثقة».
الأمر تكرر في سوريا أيضًا، في حديث آخر هذه المرة قبل نحو 15 عاما بالعاصمة دمشق رفع أردوغان الذي كان وقتها رئيسًا لوزراء تركيا صوته عاليا بعد منحه الدكتوراة الفخرية من جامعة «حلب» لتحية الرئيس السوري بشار الأسد متمنيًا للشعب السوري المستقبل المشرق تحت قيادته.
لك أن تتخيل أن صاحب هذه الأحاديث المليئة بالتفاؤل عن مستقبل هذين النظامين، شخصا سخر الـ 10 سنوات الماضية كل أدوات دولته لإسقاطهما وكشف وفق قوله زيف وجوههما أمام المنطقة، بزعم أن مستقبل شعوب الدولتان سيكون مشرقا عندما يسمحان للديمقراطية بطرق أبوابهما، لكن هذا لم يحدث ولم نسمع سوى أصوات القذائف، مصاحبة شعارات واهية لم تزيد المشهد إلا عبثا كـ «المعارضة المسلحة، المرتزقة، الثوار الأحرار، وحروب الوكالة، والتدخل الأجنبي».