الاكاديميى الإماراتي عبدالخالق عبدالله: قطر كانت دائمًا تُغرد خارج السرب.. والنموذج الخليجي يفقد بعض من رونقه بدون التحول الديمقراطي
الإثنين، 17 فبراير 2020 08:00 مأجرى الحوار: يوسف أيوب – شيريهان المنيري - تصوير حسن محمد
»» سلطنة عمان منعزلة وتحاول الحفاظ على خصوصيتها.. المصالحة مع قطر ستأتى تدريجياً وليست فجائية
»» تركيا المستفيدة الوحيدة ماليا وسياسيا وعسكرياً من استمرار الأزمة القطرية
»» تركيا المستفيدة الوحيدة ماليا وسياسيا وعسكرياً من استمرار الأزمة القطرية
»» حمد بن خليفة الحاكم الرسمي للدوحة وأكتشف أن طموحاته مبالغ فيها
«لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر» كتاب يعد الأكثر جدلا في الخليج أصدره الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبدالخالق عبدالله، في العام 2018، خاصة أنه يتضمن أفكار ورؤى، يعتبرها متابعون أنها «متناقضة»، فيما يقيمها آخرون بأنها انحيازا تجاه خليج ينتمي له الكاتب.
«صوت الأمة» إجرت حوارا مع الدكتور عبدالخالق عبدالله، لمناقشته حول الأفكار الجدلية التي تناولها في كتابه، والتي حاول من خلالها أن يمرر فكرته الرئيسية بأن الخليج العربي هو المسيطر في الكل العربي وليس العكس، وأن هناك خفوت لعواصم عربية رئيسية لصالح أخرى خليجية، استلمت الراية سياسياً واقتصادياً.
وإلى نص الحوار..
من يقرأ الكتاب للوهلة الأولى سيلاحظ وجود بعض التناقضات بين فصولة خاصة فما يتعلق بتناولك للأزمة الخليجية مع قطر.. كيف ترى ذلك؟
حضور قطر في كتابي بالفعل مُتذبذب، لأن فترة رصدي اتخذت حوالي 10 سنوات، وفي فترة ما كان الحضور القطري أهم من حضور الإمارات أو السعودية وكانت لها صولات وجولات، لكن تراجع هذا الحضور مع المقاطعة الرباعية للدوحة، ومن قبل عند انسحاب الأمير السابق حمد بن خليفة وحضور تميم، فتصدرت الإمارات ثم أصبحت الإمارات والسعودية متصدرتان، أي أن التذبذب يعود إلى تراجع المؤشرات.
في نهاية الكتاب طرحت 3 سيناريوهات للتعامل مع الأزمة القطرية، لكن من يطلع هذه السيناريوهات يلاحظ تحيز من جانبك لحدوث هدوء في منظومة التعاون الخليجي وعودة العلاقات مع قطر، فهل بالفعل كان ذلك مقصد؟
جاء الكتاب في 2017 وصدر في 2018 وحاولت أن ألحق بعض التطورات، لكن كانت القراءة صعبة في ظل المواجهات الشديدة، وكان من الصعب التنبؤ في هذا التوقيت حتى عن المدة التي ستستمر خلالها الأزمة، التي لم يكن من المتوقع استمرارها هذه المدة.
في الكتاب ذكرت أننا أمام حقبة "محمدية" شبابية تتكون من الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد، فإلى أي معيار استندت خاصة أن الثلاثة لا ينتمون إلى أعمار متقاربة؟
فارق العمر صحيح ربما كبير ويصل إلى 30 عام، لكن هؤلاء يمثلوا جيل جديد من القادة الخليجيين مقارنة بالآباء المؤسسين.. وكلمة شباب التي ذكرتها عنيت بها أنهم ظهروا بطموحات ورؤى وفكر جديد وظروف إقليمية جديدة، وبالتالي هي قيادة محمدية بعيدًا عن العُمر، ولعلنا نلحظ أن أكثر اثنان متفاهمان اليوم رغم فارق السن هما الشيخ محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان، فبينهما توافق وانسجام مذهل.
بالعودة إلى حديث التناقضات في الكتاب، فقد ذكرت أن فكرة الديمقراطيات قائمة في دول الخليج، وبعدها عدت وقلت أن الدولة الخليجية الوحيدة التي تتميز بهذا المناخ هو الكويت، إلى أي رأى تميل؟
في رأيى أن التحدي الديمقراطي هو اكثر التحديات التي تواجه المنطقة ما بين أربع تحديات رئيسية الأمني، والسكاني، والعولمي، والديمقراطي، لكن هذا الأمر لا يوجد طلب أو إلحاح أو ضغط شعبي له والانفتاح وايضًا لا يوجد ضغط دولي.
لحظة الخليج لن تكون جاذبة أو مشرقة بالنسبة للمنطقة وبالتالي النموذج الخليجي يفقد بعض من رونقه بدون التحول الديمقراطي.
لماذا يشعر القارئ بأن هناك تفاوت في الرؤى بين فصول الكتاب بعضها وبعض؟
فكرة كتابي الرئيسي هي 2 أو 3 بعيدًا عن التفاصيل، ففكرتي الرئيسية أن هذه الدول الـ6 مجتمعة وأحيانًا فُرادى، يجب أن ننظر إليهم نظرة مختلفة جدًا عن النظرة التي كنا ننظرها قبل 20 عام، هناك حالة خليجية جديدة على مستويات مختلفة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ومعرفيًا.
هذه الحالة الجديدة لا تستقيم بالنظرة التقليدية انها دول صغيرة أو ريعية، لكي يُثبت الكتاب هذه الأطروحة هناك عدد من الجداول مُرفقة من مؤشرات دولية في جميع المجالات تؤكد ما أطرحه بأن هناك خليج جديد، وهو خليج القرن 21 والذي يختلف عن عما سبق وجميع الانطباعات الساقة يجب أن تُراجع.
الفكرة الثانية أن هذا الخليج أيضًا ليس فقط في داخله الجديد وإنما هناك جديد في علاقته مع محيطه العربي والكل العربي، بحيث لأول مرة أصبح الجزء الخليجي أكثر تأثيرًا على الكل العربي من العكس، وهذه لحظة استثنائية تعني أن مركز الثقل السياسي والمالي والاجتماعي والمعرفي كله انتقل إلى أبوظبي والرياض والدوحة ودبي، بعيدًا عن القاهرة وبغداد وبيروت ودمشق.. هذه هي التحولات والمستجدات.
تحدثت عن فكرة الخليج الجديد لكن هناك البعض يرى أننا أمام خليج اقتصادي جديد وليس سياسي، لأن دول الخليج اتفقت على مبادئ التعاون الاقتصادي لكن لازالت الخلافات السياسية قائمة؛ فهل الخليج الاقتصادي قادر على نقل الثقل السياسي من العواصم الرئيسية مثل القاهرة وبغداد ودمشق إلى الخليج.. أم أنها فقط لحظة مؤقتة؟
لاشك ان الثقل الاقتصادي يكون دائمًا هو الجذع الرئيسي لأي ثُقل كان، فالولايات المتحدة الأمريكية تأخذ اليوم ثقلها الحقيقي كونها الاقتصاد الأكبر في العالم، وإذا أتينا إلى الصين فأهميتها السياسية والاجتماعية ليست بأهمية ثُقلها الاقتصادي، لكن السؤال هو كيف سيُحول هذا الثُقل الاقتصادي إلى الأثقال الأخرى إن صحّ التعبير؟.. نعم الاقتصاد هو الركيزة، لكن البعد الاقتصادي مختلف حاليًا عما يعتقد الكثيرين، فهو لم يُعد نفطيًا في الخليج، النفط ليس هو ما يدفع بلحظة الخليج.. هذه اللحظة متوافقة مع مرحلة ما بعد النفط.
نحن نتحدث عن اقتصاديات متنوعة جدًا جدًا في الإمارات والسعودية، فالصناديق السيادية اليوم في نفس أهمية النفط؛ خاصة أن حجمها في الخليج مجتمعة وصل إلى 3 تريليون دولار، مما يعني أنها تساوي اجمالي قيمة النفط المخزون في أرض هذه الدول، فهي ضخمة وعائدها يوازي عائد النفط.
الثُقل الاقتصادي ليس نفطيًا؛ ولحظة الخليج لم تكن لحظة بدون البعد الإعلامي والسياسي وأيضًا البعد العسكري، فنرى أن دول الخليج اليوم محترفة وقوية ولها وزنها من حيث التحديث.
الجدير بالذكر أن 38 عام من مجلس التعاون أضاف على لحظة الخليج؛ وهو البعد المؤسسى، فدول الخليج دائمًا مصدر حضورها الدبلوماسي وقوتها أنها تتحدث كمجموعة واحدة.
دول الخليج هي المجموعة الأكثر استقرارًا من 35 دولة في المنطقة من باكستان إلى المغرب، وعندما تنظر لهذه المنطقة بما فيها مصر ترى أن الـ6 دول الخليجية مستقرة سياسيًا فلا تشهد أي اختلافات أو عنف كباقي دول المنطقة.
الأمر ليس بأن هناك نفط وإنما كيف يُدار، ولعل الفرق بين العراق والسعودية في إدارة النقط لدليل على ذلك، بالملخص البعد الاقتصادي مهم جدًا في لحظة الخليج وإنما عوامل كثير أيضًا اجتمعت لكي تجعل هذه اللحظة مؤثرة.
هل هذه اللحظة انحسرت الآن في ظل الخلافات الحالية؟
رغم الخلافات فاللحظة قائمة وفق أمرين، وهما أن هناك لأول مرة قيادة سعودية إماراتية لهذه اللحظة عوضت عن القيادة الجماعية، فالتأثير الخليجي القائم بالتنسيق بينهما، الأمر الثاني هو أن الخلافات الخليجية كانت في الأصل موجودة قبل تفجُر النزاع مع قطر، فقد كانت هناك خلافات ومنافسات ومناكفات أحيانًا، وقطر كانت دائمًا تُغرد خارج السرب.. والتصدع الذي حدث بعد 2017 حدث فقط في الجزء المؤسسي للحظة خليجية كبيرة؛ ممثلًا في مجلس التعاون الذي ربما حدث فيه شللًا وتصدعًا وإنما هو جزء صغير من لحظة عالمية سياسية اقتصادية دبلوماسية كبيرة جدًا، ولذلك فالتأثير وإن وُجد فهو قليل جدًا.
هل معنى حديثك عن قيادة سعودية إماراتية استبعاد دولتين كبار مثل الكويت وسلطنة عمان؟
هناك مساهمات للجميع، لكن أكبر اقتصادين في المنطقة الخليجي هما اقتصاد الإمارات والسعودية، وسلطنة عمان دائمًا منعزلة ولديها هذا التوجه المختلف، ولها طريقتها ونهجها ودائمًا تحاول الحفاظ على هذه الخصوصية.
أما الكويت فهذا الجدل السياسي والوضع الداخلي بها أنهكها كثيرًا وابعدهم كثيرًا، لذلك ظلت السعودية والإمارات وقطر، حتى انكفأت الأخيرة قليلًا بعد المقاطعة، وظلت القيادة السعودية الإماراتية في المقدمة وهو ما سيستمر لسنوات مقبلة بحُكم الثُقل الاقتصادي الذي يُمثل 60% من اقتصاد منطقة الخليج، إلى جانب أن لديهما الجيوش الأكبر في الخليج، والصندوقين السياديين الأقوى لدى السعودية والإمارات.
حديثك من الناحية الاقتصادية متفائل ويختلف عما جاء في آخر توقعات لصندوق النقد الدولي بأنه بعد 15 عام إن لم يكن هناك سرعة في الإصلاحات المالية فثروة دول الخليج ستتلاشى، فما رأيك؟
صندوق النقد الدولي يُغير وجهة نظره وتوقعاته تقريبًا كل 6 أشهر، واعتقد في هذا السياق أن هناك انكماش وبطء اقتصادي على الصعيد العالمي بشكل عام في كل الدول باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، ما يعني أن الجميع يمُر بقدر من التباطؤ والانكسار وربما الركود الاقتصادي.. فهل سيستمر أو لا يستمر فهو يعتمد على الأوضاع الاقتصادية العالمية، أسعار النفط أيضًا مهمة هل ستظل 50 أو 60 دولار أم سنتراجع، هذه كلها تقديرات لا يُمكن أن نتكهن بها.
مهما كان الوضع فمع الرؤية السعودية وانفتاحها ومع توقعات بأن الاقتصاد الإماراتي يتزايد فأراهن علي أن السيناريو الأخضر أو الأكثر اخضرارًا هو الذي سيسود خلال السنوات المقبلة.
وكما ذكرت في كتابي لحظة الخليج مستمرة نتيجة لأسباب عديدة أهمها أن حدة التوتر مع إيران تقريبًا تتراجع، أيضًا الهدوء الذي تشهده الساحة اليمنية، إلى جانب سعر النفط الذي لازال على 60 دولار وربما لن يتراجع أكثر، والنمو الاقتصادي الذي إذا حدث انكماش فسيكون مؤقتًا، كما أنه لا يوجد هناك أي سبب بالاعتقاد أن دول الخليج لن تكون مستقرة كما هي عليه الآن، واضف على هذا وذاك أن أزمة قطر يبدو أننا اليوم أفضل حالًا عما كنا عليه قبل سنة أو سنتين، فجميع المؤشرات الحيوية تنبئ بأن لحظة الخليج سياسيًا أو اقتصاديًا قائمة خلال الفترة القريبة المقبلة.
هل تُلمح إلى أن الوقت الحالي بالنسبة للأزمة مع قطر أفضل مما قبل؟
إلى حد كبير نعم.. فنحن مقبلين على العام الثالث للأزمة مع قطر، فأول عام كانت هناك مواجهة عنيفة سياسية وإعلامية إذا ما قارنها بما نحن عليه اليوم سنجد هدوء إعلامي ملموس وتراجع ما.. فلم نكن نتوقع أن تحدث مفاوضات ومباحثات كما هي الآن تُجرى من قبل قطر مع السعودية نيابة عن الرباعي العربي .. صحيح لم تتوصل إلى نتيجة وإنما يُعد تطورًا إيجابيًا.. أيضًا شاركت دول الخليج جميعها في كأس الخليج وذهبوا إلى الدوحة مباشرة، وجميع اللجان الوزارية الفنية لمجلس التعاون بدأت تستعيد اجتماعاتها، كما استقبلت الرياض رئيس وزراء قطر بود في القمة الخليجية الاخيرة، صحيح لم تنحل المشكلة وإنما في تقديري القطار تحرك من الصفر إلى المحطة الأولى وتوقف.
هل ترى أنه ربما يحدث تغير في موقف قطر الداخلي رغم كل المؤشرات التي تتحدث عن أن موقفها سيظل كما هو ؟
اعتقد إن أتت المصالحة وانتهت المقاطعة فستتم بشكل تدريجي وليس فجائي، وما هو مطروح من مطالب والمبادئ الـ6، فإن توقفت قطر عن حدة تحريضها عبر قناة الجزيرة فهذا تقدم مهم جدًا، ويبدو في بعض الملامح أن قطر استجابت في البعض وليس الكل.. ايضًا إذا وافقت قطر على طرد ما تبقى من جماعة الإخوان واحتضانها لقادتهم، فهذا تقدم ايضًا.. وإذا توقفت عن دعم الإرهاب، وإذا خففت حدة التحريض فنكون أمام تحولات كمية ربما تدفع في طريق تحولات نوعية.
في كل الأحوال أعتقد أن هناك مباحثات منصبة على تفاصيل التفاصيل، كما أن التعقيدات كثيرة فأحيانًا ربما سنشاهد تقدم طفيف أو تراجع طفيف ولكن في المُحصلة نتجه نحو تخفيف حدة هذا الخلاف في البيت الخليجي.
هل ذلك رغم المؤشرات الدائرة حول أن أسباب التوتر زادت عن الماضي بدخول طرفين في المعادلة حيث التركي والإيراني وتوغلهم بشكل كبير داخل قطر ؟
الطرف الإيراني لاشك أنه لا يريد لهذه الدول أن تتصالح، لكن طهران في الوقت ذاته منهمكة في ظروف العقوبات وما يجري بداخلها وما إلى ذلك.. فبقدر ما هي مستفيدة من هذه الخلافات بقدر أن وضعها الداخلي لا يسمح لها تستغل الحالة الخليجية الحالية.
تركيا نعم لديها مصلحة كبرى في الإبقاء على هذا الخلاف، لأنها مستفيدة استفادة كبرى من احتضانها لقطر عسكريًا وسياسيًا وماليًا، لذلك فإن أكثر طرف لا يود لهذا الخلاف الخليجي الخليجي أن ينتهي هو الطرف التركي، الذي كان بإمكانه أن يقوم بدور إيجابي بحكم العلاقات الجيدة مع جميع الأطراف، ولكنه اتجه إلى أن يقحم نفسه في الخلاف الخليجي ويؤججه وقد استفاد منه بالفعل.
ما نوع الاستفادة التي حققتها أنقرة؟
سياسية ومالية وعسكرية وجميع النواحي.
في ظل اللحظة الراهنة هل قطر تفكر أن تتخلى عن تركيا؟
العلاقة العميقة بين قطر وتركيا تُمثل إشكالية فعلًا، لكن الاتفاقيات القطرية التركية دائمًا محدودة بفترة زمنية، فهل ستقوم قطر إن حدثت مصالحة بتجديد هذه الاتفاقيات؟ لا ندري، وحتى فترة الاتفاقيات أعتقد أقصاها 5 سنوات وستمر سريعًا.
تقييمك للوضع الداخلي في قطر.. هل هناك بعض التغييرات في المستقبل؟
اعتقد أن تغيير رئيس الوزراء لا علاقة له بالوضع الخارجي بقدر ما له علاقة بالداخل القطري، الذي أرى أن أهم شيء بالنسبة له هو التحضير لكاس العالم 2022 الذي هو أهم من كل شيء آخر، مع الوضع في الاعتبار أن رئيس الوزراء القطري السابق كان بطيئًا في متابعة ما يجري، لذلك تم تغييره لكي يتم التسريع في بعض الموضوعات الخاصة بالمونديال.
وإذا نظرنا إلى الوضع القطري فبكل صراحة وشفافية لا يشعر بأي تهديد داخلي، فالأمير أقوى من أي وقت آخر، والأسرة محتفظة بتماسكها، فالمقاطعة رغم الصعوبات التي أدت بها إلى قطر على عدة مستويات إلا أنها لم تكن من الحدة بحيث أنها تدفع بالتغيير في سياسة قطر أو حكومتها.
من يدير قطر بحكم خبرتك وتخصصك في الشأن الخليجي ووفق قراءتك للمشهد؟
الشيخ حمد بن خليفة رغم ابتعاده الرسمي إلا أنه الحاكم الرسمي هو الذي يُقرر ولديه السلطة المطلقة ومن هم حوله، أما الأمير تميم له صلاحيات كثيرة لكن في النهاية ليس هو صاحب القرار.. هو فقط في الواجهة ويتابع الأمور اليومية، وربما هو يُنفذ السياسات أكثر مما يصنعه.
هل سيكون للأمير السابق حمد بن خليفة دور في مسار الأزمة القطرية؟
بعد الربيع العربي وقبل استقالته اكتشف حمد بن خليفة كم أن طموحاته كانت مبالغة جدًا، وكم أن رغبته في تغيير الأوضاع العربية وأنظمتها مبالغ فيها، فهناك حد وحدود لما يستطيع أن يعمله، لذلك أعاد النظر في كثير من مشاريعه ونهجه تغير كثيرًا، وبالتالي جزء من تغيير هذا النهج أنه سلّم القيادة لتميم.. اللهجة قبل الربيع العربي اختلفت عما بعدها.
هل قطر تخلت تمامًا عن ملف الإخوان؟
لا أعتقد فهم اكتشفوا كم هم مهمين بالنسبة لهم وأن للإخوان أدور، فالتخلي الكلي والنهائي غير موجود، لكن اعتقد أنه يمكن أن يخفف من الدعم المالي أو الإعلامي أو الوجود الإخواني في الداخل القطري، لكن التخلي الكلي عنهم كحليف غير وارد، لأنهم أيضًا متوافقين مع تركيا واردوغان، لذلك فلن يصلوا إلى تصنيفهم إرهابيًا كما هو في قائم في بعض من الدول العربية، لكن أتوقع في ظل المصالحة فإن المطلوب منهم تخفيف ارتباطهم، فإذا كانت هذه المقايضة فربما قطر مستعدة لذلك، وربما هم طلبوا من بعض كوادر الإخوان للمغادرة وخففوا من دعمهم المالي لهم.
لكن الشواهد جميعها تُنذر بأن دعم قطر للإخوان مستمر وربما لازال في تزايد وهو ما يظهر في الوسائل الإعلامية التابعة لهم، ولن يتخلوا عنهم ولكن هل زاد أم خف فهذا يعود لتقدير كل واحد.
هل ستسير سلطنة عُمان على نهجها السابق بعد رحيل السلطان قابوس وفي ظل السلطان هيثم ؟ ما هي قراءتك للمشهد في سلطنة عمان مستقبلًا؟
لكل سلطان نهجه ولكل شيخ طريقته ولكل حاكم رؤيته، فأنا أعتقد أنه صحيح ربما هناك إقرار واجماع حول أن نهج السلطان قابوس نفع عمان خاصة في السياسات الخارجية، لكننا مازلنا في المراحل الأولى لمعرفة توجهات السلطان الجديد .. وهل سيتخذ نهج داخلي وخارجي مختلفًا أم سيظل على نفس النهج، تقديري الخاص لهذا أن لكل سلطان نهجة وهذا السلطان ربما سيختلف في تعامله مع الظروف من حوله.. عمان اليوم كأي دولة أخرى ربما تمر بصعوبات مالية واقتصادية وبحاجة على رؤية جديدة، ومعروف عن السلطان هيثم حبه ورغبته واندفاعه نحو التكنولوجيا والتطورات التقنية، وربما هذا سيكون إضافة وكان هو المعني بالرؤية العمانية 2030 وربما هذه فرصته لتطبيقها، والأهم من ذلك أنه دائمًا لكل زمان دولة ورجال والسلطان هيثم ربما سيستند إلى فريق ربما مختلف عن الفريق السابق، لكن في النهاية لا نستطيع أن نُجزم بالمطلق ولكن المؤكد أننا نرى عهدًا جديدًا في تاريخ عمان.
هل تعتقد أنه سينهي عزلة عمان عن منطقة الخليج؟
مرة أخرى النهج العماني السابق أفادها كثيرًا، فهل سيستمر على نهجه بنفس التفاصيل والمفردات أو ببعض التغييرات بها.. هذا السؤال لا يستطيع أحد أن يجزم به لأن الفترة قصيرة ولم نكن نعرف السلطان هيثم كما ينبغي، لأنه لم يكن في الواجهة، فالمعلومات والتفاصيل كانت غائبة وعن أقرب الناس فهمًا للوضع العماني.
كيف ترى المشهد الإعلامي في المنطقة العربية؟
لحظة الخليج لم يكن لها أن تستقيم أو يكون لها الحضور بدون البعد الإعلامي بمختلف أنواعه، خاصة المرئي؛ فلحظة الخليج مرتبطة ببروز قنوات وفضائيات خليجية متنوعة.. عندما ننظر إلى المنابر الإعلامية الخليجية نجدها هي السائدة على جميع المستويات ولا أرى أن أي فضائيات أخرى بما فيها المصرية هي الحاضرة.
الإعلام الخليجي متنوع وشديد التنوع وأحيانًا في حالة تصادم فيما بعضهما البعض، ونعم أحيانًا يكون هناك منافسة بين الإعلام الإماراتي والسعودي والقطري بما لا يُمكن تخيله حتى من قبل المقاطعة وستظل هذه هي المنابر الإعلامية في حالة تنافس، لأن الأجندة القطرية مختلفة عن الأجندة السياسية الإماراتية وايضًا السعودية، فالأمر يتبع الأجندات وهي مختلفة.
المؤكد الوحيد ان الإعلام الخليجي ككل متكامل هي حتمًا الأكثر تأثيرًا في الرأي العام العربي وتشكله، وايضًا الذوق العربي.
وما نلاحظه الآن أن الإعلام المصري أصبح مصريا، واللبناني أكثر انكفاءًا، والعراقي حتمًا أيضًا والجزائري كذلك، وبالتالي المنابر الإعلامية لم تكن كالسابق مهتمة بالخارج بل أصبحت منكفئة على ذاتها، لكن الإعلام الخليجي هو الذي اصبح متواصلًا مع القارئ والمشاهد العربي.
هل اتخذ قرار خليجي بتقليل الدعم والتمويل للإعلام المطبوع لصالح الإعلام المرئي؟
لا أعتقد، فالإعلام الافتراضي هو الذي يستأثر اليوم في الأساس باهتمام الجيل الجديد وصاحب القرار الخليجي.
الحالة اليمنية .... كيف ترى المخرج من الأزمة ؟
ستظل حرب اليمن واحدة من أهم التجارب والمحطات التي مرت بها الإمارات والسعودية بشكل خاص، وقرار الدخول إلى اليمن ووقف حد للتوسع الإيراني في المنطقة هو من القرارات المهمة.
كيف ترى لحطة الخليج المستقبلية في ظل سواء المقاطعة أو التغيرات الخارجية؟
إذا أردت أن تنظر للخمس سنوات المقبلة للحظة الخليج ولما يجرى في الخليج اعتقد ان ما يمكن توقعه هو استمرار ما هو موجود حاليًا، ولا اعتقد أنه سيكون هناك انتكاسة وإنما ستكون مستقرة ومزدهرة.. النفوذ والحضور الخليجي ربما سيستمر لسنوات قادمة.. والعواصم الخليجية ستظل هي عواصم القرار في ظل انشغال باقي الدول العربية.
لكن لا يمكن التخلي عن التنسيق مع مصر على الرغم من انشغالها في الوضع الداخلي أكثر من الخارجي، حتى أقرب جبهة لها وهى ليبيا لا أعتقد أنها تريد الانغماس فيها بشكل مباشر.. التنسيق مع مصر من أجل دعم قوى الاستقرار والاعتدال ومواجهة قوى الفوضى في المنطقة لابد منه فالثلاثي اليوم الذي يتصدى لكل ذلك لاستقرار المنطقة هو مصر والسعودية والإمارات والتنسيق بينهما في أعلى المستويات والعلاقات أقوى من أي وقت آخر وأتوقع أنها ستزداد رسوخًا وقوة.