الحب في زمن الكورونا.. قصص إنسانية صمدت أمام الفيروس القاتل (صور)
الجمعة، 14 فبراير 2020 03:12 مأمل غريب
منذ انتشار فيروس «كورونا» القاتل، في مدينة ووهان الصينية، وفرض حالة حظر التجول بجميع أرجاء المدينة العلمية الأكبر في الصين، وما أصاب العالم من ذعر ورعب بسبب خطورة هذا الفيروس الخطير، إلا أن هناك قصصاً إنسانية استطاعت الصمود أمام ما يحدث من انتشار الأمراض والأوبئة والفيروسات القاتلة، فبعد دخول مدن صينية بأكملها في حجر صحي كبير، وبات الموت هو المسيطر الأول على المشهد الدرامي الذي عم أرجاء الصين، إلا أن الحب في زمن الكورونا، هو البطل الحقيقي الذي استطاع أن يفرض كلمته على القلوب العاشقة بحق، فالحب الحقيقي هو الذي يظهر خلال الأوقات العصيبة التي يتوارى فيها الحبيب عن عيون الناس، في حالة المرض والضعف والانكسار، وأن يبذل كل حبيب قصارى جهده لإخراج حبيبه من هذه الحالة بكل قوة للحب.
للحب وجوه كثيرة كشفها فيروس كورونا، القاتل، مع انتشاره وفرض حالة الطوارئ القصوى بالصين، ودخول مدن بأكلمها في حجر صحي، فبات الموت يمثل ذروة الصراع الدرامي، بعد أن حصد مئات الأرواح على مدار الأيام القليلة الماضية، وبالرغم من جميع التداعيات التي فرضها الفيروس القاتل، إلا أن قسوته في تفريق الأحباب سلطت الأضواء على أروع قصص الحب في زمن الكورونا، فكانت المكالمة التي أجرت قناة سي إن إن الإخبارية، مع سيدة أمريكية، أجهشت فيه بالبكاء، لأنها لا تعرف سبيلا للعودة إلى بلدها بعد رفض الحكومة الأمريكية جلب مواطنيها، وهي ترغب في العودة لرعاية والدتها المسنة البالغة من العمر 88 عاما، وفي نفس الوقت تخشى السيدة حال عودتها أن تكون ناقلة للفيروس وتتسبب في موت أمها.
إلا أن القصة الأقوى، من بين قصص الحب الحقيقية التي ظهرت خلال فترة أنتشار فيروس كورونا، كان بطلاها شاب أمركي، وفتاة صينية، فبالرغم من الرعب الذي غزى كل القلوب بسبب هذا الوحش القاتل، وأجبر دول العالم على فرض حالات الطوارئ لمواجهته، إلا أن قلب ذلك الشاب الأمريكي، رفض ألا يسير إلا بمنطق واحد، «إن الحب يطرح الخوف أرضا ويهزم الموت»، فكان فيروس كورونا، لا يمثل للشاب الأمريكي «دوج بيريز» أي مخاطر، بل أنه استطاع مواجهة الوحش الذي أرعب العالم، بسبب عشقه لفتاته الصينية «تشاو فان»، التي تقيم في مدينة ووهان، مركز انتشار الفيروس، وأعلن رفضه لكل قرارات عائلته وأصدقائه ومحبيه، بالرجوع إلى بلده الولايات المتحدة الأمريكية، وقرر بكل حب البقاء مع حبيبته، وعدم التخلي عنها وعن حبه لها، حتى وإن كان الثمن هو الموت، وقال: «لا يوجد سببا في الحياة يمنعني من ترك حبيبتي، لكني أعشقها ولن أتركها وحدها تواجه هذا الوحش اللعين».
بدأت قصة الحب بين دوج بيريز، وتشاو فان، حبيبته الصينية، بعد حديث طويلا استمر لمدة لعام ونصف، دار عن الجسور الذهبية الموجودة في بلدته بمدينة سان فرنسيسكو الأمريكية، وتفاصيل المدينة التي ولد بها وعاش فيها، وبعدها سافر إلى ووهان، للعمل هناك في إحدى المدارس المنتشرة في المدينة الصينية، إلا أنه بعد 6 أشهر من عمله هناك، وقع في حب الفتاة الصينية، ويحكي دوج، الشاب العشريني عن قصة حبه لحبيبته تشاو، دون أن تخلو لهجته من الحب، ويؤكد أنها تعرضت للعديد من الاختبارات الحياتية، بداية من مساعدتها له عند قدومه للمرة الأولى إلى الصين، وكيف أن حبيبته استقبلته ودعته للإقامة معها في منزلها المكون من طابقين، وكيف أنها علمته أساسيات اللغة الصينية لتسهيل تعاملاته مع مواطنيها، وأنها لم تبخل عليه بالمساعدة في أي أمر، وأن لها الفضل في تعليمه بعض الثقافات المختلفة ليتمكن من التعايش وسط المجتمع الصيني الجديد عليه في كل عاداته وتقاليده.
قررا الشابان الاستمتاع بحياتهما، فسافر دوج، برفقة حبيبته إلى عددة أماكن داخل الصين وخارجها، كما سافرا إلى الفلبين، وتايوان، والولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وحرصا على اصطحاب كلبهما، إلا أنه كما تسطره روايات الحب العظيمة، يجب أن يمر العاشقان باختبارات أشد عظمة تثبت مدى قوة وصلابة هذا الحب، فربما ظهور فيروس كورونا القاتل، كان أكبر الاختبارات التي تعرضت لها قصة الشاب الأمريكي وحبيبته الصينية، حين تحولت ووهان إلى مدينة للأشباح، وخوت الشوارع من المارة، وأغلقت المدارس ودور السينما والمحال التجارية، وتوقفت كل مناحي الحياة على أرض تلك المدينة المنكوبة، مثلما يحدث في أقوى أفلام الرعب الأمريكية التي تصور مشاهد لانتشار فيروسات قاتلة، وتوارى جميع سكان ووهان في منازلهم، يختبؤن من الوباء الذي أصاب كل من يتنفس الهواء في الشوارع، وأصبح الصينيون يتساقطون في الشوارع مثل تساقط أوراق الشجر، دون أي سبب معروف، وانتشر الرعب بين الناس وغزى الرعب أعين كل من يتعامل مع سكان هذه المنطقة الموبوئة، وباتت تلك الرقعة من العالم، بيتا للأشباح وعنوانا للفزع.
عاش الحبيبان في قصة حبهما، أقوى معاني الإثار، بعد ما شهده فيروس كورونا القاتل، من تطورت أرعبت كبرى دول العالم، وبالرغم من انتشار المرض في كل أنحاء ووهان، إلا أن الشاب الأمريكي دوج، لم يعر أيس اهتمام لمخاطر الإصابة الفيروس القاتل، وفضل البقاء بجانب حبيبته تشاو، على أن يهرب وحده ويتركها في هذا الموقف الصعب، تواجه مصيرا مرعبا قد لا تنجو منه إلا بمعجزة إلاهية محققة، وقرر البقاء معها وأعلنها للجميع بصوت عال «سنبقى دائما دون فراق، فإما أن نمرض سويا أو ننجي سويا»، فالرعب المنتشر في مدينة ووهان، لم يحرك في قلب الشاب العشريني ساكنا، ففي الوقت الذي تعيش الجالية الأمريكية بالصين، حالة من الفزع والرعب بسبب فيروس كورونا المنتشر في كل الشوارع، ولا يخرج الجميع من منازلهم إلا للسعي إلى الرحيل وتنفيذ إجراءات العودة للولايات المتحدة الأمريكية، قرر الشاب العاشق البقاء مع حبيبته في سلام، قائلا: «إن السفارة الأمريكية طلبت منا مغادرة مدينة ووهان، وغادرت بالفعل أغلب الجالية، لكنني قررت البقاء مع حبيبتي وعدم تركها وحدها، فإنا أن ننجو سويا أو نواجه الموت سويا»، متمنيا انتهاء تفشي فيروس كورونا وما سببه من فزع في العالم، وأن يتزوج من حبيبته تشاو، والسفر بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعد زواجهما، للعيش هناك وإنجاب أطفال كثيرة.
كما انتشر بكثرة مقطع فيديو على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه زوجين مسنين، يرقدان داخل غرفة العناية المركزة، أثناء احتضار الزوجة بسبب إصابتها بفيروس كورونا، ورغم ذلك فزوجها ظل ممسكا بيدها طوال الوقت رافضا تركها وحدها، مما يدل على أقوى معاني الحب وأسمى مشاعر الإثار، وهو المقطع الذي يذكرنا بـ «بفيوليتا» بطلة أوبرا «لا ترفياتا» لفيردى، التي هجرت حبيبها خوفا عليه من العدوى منها، ونقل مرض «السل» إليه، وفضلت أن تتألم وتحتضر بمرضها بعيدا عنه.
هذا النوع من الحب الذي مات في زمن هيمنت فيه التكنولوجيا على كل المشاعر البشرية، ولخصتها رسالة إلكترونية تحوي «ايموجي» على شكل قلب، استطاع فيروس كورونا بعثه مرة أخرى للحياة، وهو ما أظهره الفيديو الخاص بإحدى الممرضات، وهي تعانق ابنتها «افتراضيا»، عن بعد، خوفا من أن تنقل لها عدوى، فالحب باق ببقاء الحياة، بل أن الحب يستهين بالموت، مثلما قال الفيلسوف الفرنسي فرنسيس بيكون.