اللواء محمد إبراهيم: خطة السلام الفلسطينية قد تحرك المياه الراكدة وتكون إحدى المرجعيات لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل
السبت، 08 فبراير 2020 12:06 م
أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أنه قد يكون من المفيد في هذا التوقيت الدقيق التي تمر به القضية الفلسطينية إعادة التذكير بخطة السلام الفلسطينية التي طرحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" أمام مجلس الأمن في العشرين من فبراير عام 2018 كخطة سلام شاملة لحل القضية الفلسطينية.
وقال اللواء محمد إبراهيم - في مقال له بعنوان "قراءة في خطة السلام الفلسطينية" نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية - " إن هذه الخطة رغم معرفتي بأنها ستكون غير مقبولة من إسرائيل أو واشنطن لكنها ممكن أن تحرك المياه الراكدة وتكون إحدى المرجعيات الرئيسية على مائدة التفاوض في حالة التوافق في أي وقت على استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية".
وأضاف أنه من الضروري أن يكون هناك حراك سلام فلسطيني وعربي على المستويين الإقليمي والدولي من أجل عدم ترك الساحة خالية أمام أية خطط لا تلقى القبول المطلوب، ولعل تفاعلات هذه الخطط والرؤى والمبادرات والتحركات قد تؤدي في النهاية إلى نتائج إيجابية تخرج بالقضية الفلسطينية من دائرة الجمود وعدم الحل إلى دائرة الضوء والحل العادل.
وأشار إلى أن كثيرا من السياسيين والمهتمّين والمتابعين للملف الفلسطيني - الإسرائيلي لم يقفوا عند مبادرة سلام فلسطينية طرحها الرئيس "أبو مازن" أمام مجلس الأمن منذ حوالي سنتين، وتحديدًا في العشرين من فبراير عام 2018، ومن ثم، قد يكون من المفيد إعادة التذكير بهذه المبادرة وبنودها وآلياتها والتي وصفها الرئيس الفلسطيني أمام المجلس بأنها خطة سلام شاملة لحل القضية الفلسطينية.
ولفت اللواء محمد إبراهيم إلى أنه لن يتعرض - في مقاله - لأية تفصيلات تتعلق بخطة السلام الأمريكية التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الثامن والعشرين من يناير الماضي، ولن يتطرق أيضًا إلى أية مبادرات أو رؤى أو خطط سلام أخرى بما فيها مبادرة السلام العربية المطروحة منذ 18 عامًا، وذلك بهدف إتاحة المجال فقط أمام قراءة متأنّية لهذه الخطة الفلسطينية.
وذكّر عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بأن الإطار العام للخطة الفلسطينية، أنها تتضمن عقد مؤتمر دولي للسلام يستند إلى قرارات الشرعية الدولية بمشاركة دولية موسعة تشمل إسرائيل وفلسطين والأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمون والرباعية الدولية، على أن يسفر هذا المؤتمر عن ثلاث نتائج رئيسية: الأولى، هي قبول فلسطين عضوًا كاملًا في الأمم المتحدة، والنتيجة الثانية، هي الاعتراف المتبادل بين دولتي فلسطين وإسرائيل على حدود 1967، والنتيجة الثالثة، هي تشكيل آلية متعددة الأطراف لمساعدة الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لحل جميع قضايا الوضع الدائم (القدس، الحدود، الأمن، المستوطنات، اللاجئون، المياه، الأسرى)، وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه خلال فترة زمنية محددة وبضمانات محددة.
وتابع أنه فيما يخص الإجراءات أحادية الجانب – وفق الخطة - فيشمل ذلك توقف جميع الأطراف عن اتخاذ الأعمال أحادية الجانب خلال فترة المفاوضات، خاصة ما يؤثر منها على حل قضايا الوضع النهائي، لاسيما الأنشطة الاستيطانية، مع تجميد القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكذا عدم انضمام فلسطين إلى بعض المنظمات الدولية التي سبق أن التزمت بعدم الانضمام إليها وهي (22 منظمة من أصل 500 منظمة ومعاهدة).
وفيما يتعلق بمبادرة السلام العربية..أشار إبراهيم إلى أن الخطة تؤكد على تطبيق مبادرة السلام العربية وعقد اتفاق إقليمي عند التوصل لاتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
أما بشأن مرجعيات التفاوض، لفت اللواء محمد إبراهيم إلى أن المرجعيات تشمل – بحسب الخطة - قرارات الشرعية الدولية، خاصة قرارين مجلس الأمن رقم 242، 338، ومبادرة السلام العربية، والاتفاقيات الموقعة.
وبخصوص مبدأ حل الدولتين، أوضح أن ذلك يعني قيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش في أمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل، بالإضافة إلى رفض الحلول الجزئية أو الدولة ذات الحدود المؤقتة.
وحول تبادل الأراضي، ذكر بأن ذلك يشمل – وفقا للخطة - قبول فلسطين بمبدأ التبادل (الطفيف) للأراضي، على أن تتم بموافقة الطرفين وتكون بنفس القيمة والمثل.
وبشأن القدس الشرقية، أكد أن الخطة تقول: إن ذلك يعني أن تكون القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين، على أن تكون مدينة مفتوحة أمام أتباع الديانات السماوية الثلاث.
ولفت إلى أنه بشأن "الأمن"، فإن ذلك ينصرف إلى ضمان أمن الدولتين دون المساس بالسيادة والاستقلال لكليهما، وذلك من خلال وجود طرف (دولي) ثالث.
وفيما يخص قضية اللاجئين، فإن ذلك يتضمن التوصل إلى حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194 وفقًا لمبادرة السلام العربية، مع استمرار الالتزام الدولي بدعم وكالة الأونروا لحين حل هذه القضية.
وتعليقا على الخطة الفلسطينية.. قال اللواء محمد إبراهيم عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات السياسية والاستراتيجية: "إن هذه الخطة تم طرحها أمام مجلس الأمن في الوقت الذي كانت تعكف فيه الإدارة الأمريكية على بلورة خطتها لحل القضية الفلسطينية، ولعل ذلك قد يكون أحد أهم الأسباب التي أدت إلى عدم تفاعل المجتمع الدولي معها رغم تمشيها مع مواقفه المعلنة".
وأضاف أن هذه الخطة تعكس بوضوح الرؤية الفلسطينية والعربية المعروفة لحل القضية، ومن الواضح أنها راعت ألا تتعارض مع مقررات الشرعية الدولية حتى لا تلقى رفضًا صريحًا في حينه إلا من الأطراف المعروفة سلفًا بمواقفها المضادة لهذه الخطة، ولاسيما إسرائيل والولايات المتحدة.
وتابع: "رغم أن الواقع يشير إلى صعوبة وضع هذه الخطة الفلسطينية موضع التنفيذ في ضوء العديد من المتغيرات الأخيرة، إلا أنه قد يكون من الإنصاف النظر إلى الخطة في ضوء عدة محددات".
ووصف الخطة بأنها شاملة تؤكد أن الفلسطينيين كانوا ولا يزالون حريصين على عملية السلام، خاصة أنه من المقرر أن يتحدث الرئيس "أبو مازن" أمام مجلس الأمن في الحادي عشر من فبراير الجاري، وسوف يتناول الموقف الفلسطيني من الخطة الأمريكية وكذا متطلبات عملية سلام تؤدي إلى الحل الشامل والعادل للقضية الفلسطينية.
وأضاف أن الخطة تضمنت معالجة لكافة القضايا المرتبطة بالقضية الفلسطينية دون استثناء، وقدمت لها حلولًا طبقًا لرؤيتها، وحاولت أن تتعامل مع بعض متطلبات الأمر الواقع، خاصة فيما يتعلق بمسألة تبادل الأراضي، ووجود طرف دولي على الأرض لضمان الأمن، وأن تظل القدس مدينة مفتوحة.
ولفت إلى أنها تُعبِّر عن إجماع فلسطيني وتوافق عربي، ولا تخرج عن مبادرة السلام العربية التي لا تزال تمثل الرؤية العربية للحل.
وتابع إبراهيم: "أنها يمكن أن تكون إحدى المرجعيات الرئيسية على مائدة التفاوض في حالة التوافق في أي وقت على استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية".
وأوضح "أن هناك رؤى لإقرار السلام في الشرق الأوسط من حق أي طرف أن يطرحها، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن الطرف الذي طرح هذه الخطة هو الجانب الفلسطيني المحتلة أراضيه والساعي لإنهاء الاحتلال، وأن يعيش في سلام وأمن واستقرار بجوار إسرائيل في إطار مبدأ حل الدولتين".
وأشار اللواء محمد إبراهيم إلى أن الحديث عن إمكانية تنفيذ هذه الخطة أو قبول إسرائيل أو واشنطن بها أمر غير وارد في رأيي، بل ومستبعد تمامًا، وذلك بنفس منطق الرفض الفلسطيني والعربي -وفقًا لما جاء في البيان الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب في الأول من فبراير 2020- لخطة السلام الأمريكية، ولكن من جانب آخر، يظل من الضروري أن يكون هناك حراك سلام فلسطيني وعربي على المستويين الإقليمي والدولي من أجل عدم ترك الساحة خالية أمام أية خطط لا تلقى القبول المطلوب، ولعل تفاعلات هذه الخطط والرؤى والمبادرات والتحركات قد تؤدي في النهاية إلى نتائج إيجابية تخرج بالقضية الفلسطينية من دائرة الجمود وعدم الحل إلى دائرة الضوء والحل العادل.
ه ب ة
/أ ش أ/