رواد الفضاء بشر لهم احتياجات إنسانية ولا يعنى وصولهم للقمر أنهم قد وصولوا لأعلى مراحل السعادة بل إن الحقيقة قد تكون أنهم رغم كل ذلك يعانون مشاعر الاكتئاب فى أسوء حالاته، وقد يصل بهم الأمر لمرحلة سيئة من إدمان المواد المخدرة والكحوليات فى صورة ربما لم نرسمها أبدا لحياة رائد الفضاء.
أوضح بز ألدرين، رائد فضاء مهمة أبولو وأول البشر مع نيل أرمسترونج الذين هبطوا على القمر، فى مذكراته ومقابلاته، أن إدمان رواد فضاء ناسا حقيقى وسائد وخطير.
ووفقا لما ذكره موقع "space" الأمريكى، تحدث ألدرين من قبل عن عقده "الضائع" كما وصفه فى السبعينيات، عندما مر بزواجين وعمل بمركز لبيع السيارات فى السنوات التى أعقبت هبوطه التاريخى على القمر بمهمة أبولو 11.
وقال ألدرين إنه تم تهميشه وتجاهله من جانب ناسا والقوات الجوية عندما كشف عن صراعه مع إدمان الكحول والاكتئاب.
ولم يكن هناك حركة فعلية من الوكالة الأمريكية حتى عام 2007، عندما استعرضت وكالة ناسا الادعاءات الخاصة بـ"الاستخدام الكثيف للكحول" من جانب اثنين من رواد مكوك الفضاء فى غضون 12 ساعة من الطيران، فى ذلك الوقت فقط الأمور بدأت تتغير.
وتحدثت ناسا لكى ترد على هذه الادعاءات، حيث أظهرت دراسة استقصائية لرواد الفضاء والجراحين التابعين لوكالة ناسا أنه لا يوجد أى دليل على أن رواد الفضاء فى الولايات المتحدة كانوا فى حالة سكر فى يوم الإطلاق.
وقد شمل الاستطلاع جميع جراحى الطيران الحاليين الـ31 فى ناسا و87 من رواد الفضاء الـ98 النشطين بين شهرى أغسطس وديسمبر من العام الماضى.
وعلى الرغم من قانون 1991 الذى يوجه ناسا لوضع سياسة لاختبار الكحول والمخدرات لموظفيها، لكن لم تكن هناك مثل هذه السياسة المعمول بها فى عام 2007، حيث تحظر لوائح ناسا استخدام الكحول خلال 12 ساعة من وقت الإطلاق، لكن لم تعتمد رسمياً رحلات الفضاء البشرية إلا فى هذا الوقت.
ولدى ناسا الآن دليل خاص بإرشادات مكان عمل خالى من المخدرات للموظفين والمشرف على البرنامج، ويحتوى الدليل على أقسام تتضمن الاختبار والخصوصية وحقوق الموظفين وخدمات الصحة العقلية والمزيد.
وقد أمر جيم بريدنشتاين، مدير وكالة ناسا مؤخرا، بمراجعة السلامة فى مكان العمل فى شركتين متعاقدين معهما وهما SpaceX وBoeing، حيث تعاقدت الشركتان على إرسال رواد فضاء ناسا إلى محطة الفضاء الدولية، وجاء هذا الأمر بعد أن قام إيلون ماسك، مؤسسSpaceX بتدخين الماريجوانا وشرب الويسكى علنا فى بودكاست "The Joe Rogan Experience" خلال سبتمبر 2018.
وإذا أرادت ناسا أن تكون أكثر نشاطًا فى مجال السلامة فى مكان العمل، فيجب على أن تفكر فى كيفية تعامل رواد الفضاء مع الاكتئاب سواء فى الفضاء أو على الأرض، وليس فقط كيف يمكن أن تستخدم القوى العاملة لديها بدون تعاطى المخدرات أو الكحول على الأرض.
رواد محطة الفضاء الدولية عرضة للاكتئاب وإدمان المسكنات
كما أنه فى بث مباشر من محطة الفضاء الدولية فى 7 فبراير 2019، قال رائد الفضاء فى وكالة الفضاء الكندية ديفيد سان جاك: "المشكلة التى تتطور هنا هى أن كل شىء هو نفسه، فيمكن أن يتسلل الاكتئاب أحيانًا إذا كنت لست حذرا".
وما يزيد من خطر اضطرابات تعاطى المواد المخدرة بين الرواد خلال رحلاتهم الفضائية، العلاج الطبي أيضًا فى حالة الإصابات التى تلحق بهم أثناء مهمات الفضاء، فعلى سبيل المثال، آلام الظهر شائعة بين رواد الفضاء، والتى يكتب الأطباء لها فى المقابل وصفة بها مواد أفيونية.
إن ناسا بحاجة إلى التركيز أكثر على قابلية رواد الفضاء للإصابة واعتمادهم على تناول المواد الأفيونية، ما قد يؤدى بإصابتهم باضطراب تعاطى المواد المخدرة، حيث إن المتطلبات البدنية للتدريب على مهمة ما أو القيام بها قد يسبب أو تزيد من آلام الظهر.
كما أنه ما بين الاعتراف بوجود مشكلة ومعالجتها، وبين الكشف عن إدمان الكحول والمخدرات، ووضع خطة لمساعدة الأشخاص الذين يتعافون من الإدمان، لدى ناسا الكثير لتفعله، فبدلاً من فصل العمال الذين لديهم خلفية كيميائية، يمكن أن نقفز قفزة هائلة لتحسين الجنس البشرى.