أنهى 94 شابا وفتاة- يمثلون 37 دولة أفريقية- أعمال الدفعة الثالثة من البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب الأفريقى للقيادة، والتى استمرت لستة أسابيع، شهدت استخدام أساليب تدريبية غير تقليدية كورش العمل والأنشطة العملية ونماذج المحاكاة والزيارات الميدانية، بالإضافة إلى البرنامج السياحى الذى شمل الجانب الثقافى والاقتصادى والعلمى والرياضى، حيث زاروا مناطق كثيرة فى القاهرة منها الأهرامات والصوت والضوء، فضلا عن قناة السويس، ومكتبة الإسكندرية، ودارت الدراسة حول مهارات القيادة والتفاوض والتسويق، فضلا عن أجندة أفريقيا 2063، والتنمية المستدامة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتحديات التى تواجه القارة الأفريقية والفرص المتاحة فى القارة، والذكاء العاطفى، ودراسة القانون الدولى والاقتصاد، بالإضافة إلى علاقات دولية وأمن قومى.
وأجرت «صوت الأمة» معايشة مع أعضاء الدفعة الثالثة، من خلال أحد الورش التدريبية، التى كان محورها أدوات التغيير وآليات التعامل معها، والتغيير هنا ليس المقصود به فقط المغزى السياسى، وإنما تغير شخصية كل مشارك، وعدم الوقوف عند مرحلة معينة، وكان الحوار فى الورشة هو كيف يدير كل شخص التغيير فى حياته من خلال خطوات فعالة، حتى تكون هذه الشخصية قابلة للتعامل مع أى تغيير قد يطرأ مستقبل سواء على شخصيته أو فى المحيط المتواجد به.
وأطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى فكرة البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب الأفريقى للقيادة من مدينة شرم الشيخ، كإحدى توصيات منتدى شباب العالم نوفمبر2018، وبدأت الأكاديمية الوطنية للتدريب فى تنفيذها تزامنا مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى لعام 2019، وجاءت الفكرة فى إطار اهتمام مصر بخلق قاعدة شبابية واعدة مؤهلة لحمل لواء القيادة فى كافة المناحى السياسية، الإدارية والمجتمعية ذات وعى وطنى عميق وإدراك وتفهم شامل لما يواجهه الوطن من تحديات وفرص.
وكان لافتا أن كل المشاركين فى الدورة يترواح أعمارهم من 18 إلى 30 عاما، وغالبيتهم شاركوا فى النسخة الثالثة من منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، فى ديسمبر الماضى، حيث امتدت الدورة لـ6 أسابيع، وتولى الدراسة لهم محاضرون من مصر وآخرون تم استقدامهم من الخارج، خاصة من المنظمات الدولية والأقليمية مثل الأمم المتحدة.
وخلال المعايشة التقت «صوت الأمة» مع عدد من المشاركين، منهم محمد حران، طالب دكتوراه فى مجال الاتصالات، وهو أول مشارك فى البرنامج من موريتانيا، ويعتبر أن مشاركته سيكون لها أثر كبير فى تثقيف الشباب الموريتانيين، خاصة أنه يعمل حاليا مسئول إعلام شبكة الشباب العلميين الموريتانيين.
وقال «حران»: «لدى أصدقاء أفارقة شاركوا فى الدفعتين الأولى والثانية، وكنت على تواصل معهم، وعرفت من خلالهم تفاصيل البرنامج، وما تحقق لهم من استفادة سواء على المستوى الشخصى، أو توصيل هذه الاستفادة للشباب فى بلدانهم، وهو ما زاد من حماستى للمشاركة، خاصة أن كل من تحدثت معهم كان تركيزهم على استفادتهم فى جزئية تكوين الذات، فهذه جزئية كانت مهمة جدا بالنسبة لى، فضلا عن رغبتى فى التعرف على مصر بشكل أكبر»، لافتا إلى أنه بعد مشاركته فى الدفعة الثالثة تحقق بنفسه من الاستفادة التى تعود على المشاركين فيه، وقال: «بجانب تكوين النفس والذات، تعلمت دروس مهمة فى التفاوض والتحكم فى العواطف، خاصة أن المفاوضات هى محور عملى كونى أمثل الشباب فى العديد من المنتديات الدولية والإقليمية، وكذلك مهارات التحدث مع الإعلام، فكلها مهارات كنت بحاجة لها، وحصلت عليها هنا فى القاهرة، بجانب كيفية إدارة الأزمات، وهى نقطة فى غاية الأهمية، تحديدا للشباب الأفارقة، لأنها أتاحت للشباب أن يكون لهم دور ورأى أيضا فى الأزمات التى تواجه بلدانهم».
وأكد محمد حران أن «البرنامج مهم جدا، لأن أفريقيا مليئة بالقدرات والموارد البشرية، لكن هذه الموارد بحاجة لمن يثقلها من خلال التدريب، ومن هنا تأتى فكرة أن يكون هذا البرنامج فى دولة أفريقية قريبة جدا منا، وهى مصر، فلماذا نذهب لنتعلم المهارات فى الولايات المتحدة أو غيرها، فى حين أن مصر دولة أفريقية وتتشارك معنا فى المشكلات والحلول أيضا، وهى أدرى بواقعنا الأفريقى».
ريبيكا برانيا، من جنوب السودان، تعمل فى منظمة «جنوب السودان المتقدمة»، وهى منظمة تعمل على إرسال رسالة سلام للجنوبيين، وتأهيل الشباب والمرأة للقيادة، لذلك جاءت مشاركتها فى البرنامج لتكون على دراية تامة بآليات تعليم الشباب قواعد القيادة، لنقل هذه التجربة إلى الشباب فى بلدها، التى تعانى من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، وتتمنى أن يكون لها دور إيجابى فى إيجاد مخرج لجنوب السودان من أزماتها الحالية.
وقالت ريبيكا برانيا لـ«صوت الأمة»: «أشارك مع شباب يمثلون دولا وثقافات مختلفة، تجمعهم أرضية واحدة، وهى العمل على تنمية القارة، وهو الهدف الذى تسعى له مصر من خلال هذا البرنامج، الذى يستهدف الشباب من خلال تأهيلهم وتدريبهم على مهارات القيادة والتعامل مع التحديات التى تواجه أفريقيا، واستخدامهم للفرص المتاحة بالأسلوب الأمثل، وخلال مشاركتى تعلمت الكثير سواء من البرنامج بشكل عام، أو من زملائى المشاركين، لأن كل واحد منا لديه تجربة خاصة به أو بدولته، ومن خلال المشاركة فيما بيننا كنا على دراية بهذه التجارب وكيفية التعامل معها».
واختمت ريبيكا برانيا حديثها بقولها: «لا يخالجنى شك فى أن المشاركين فى البرنامج سيكونون فى المستقبل القريب قادة فى دولهم، لذلك فإن تواجدنا فى مكان واحد أوجد قاعدة تعارف وتبادل للأفكار والتجارب، والبرنامج وحدنا كقارة أفريقية فى بلد واحد، وعلمنا كيف نواجه الحياة العملية، وألا نفكر فقط فى دولنا، لكن نفكر فى مستقبل القارة ككل، خاصة ونحن نتحدث الآن عن أجندة أفريقيا 2063».
من الكاميرون جاء أينوا أواه جورجيس، الذى يعمل طبيبا، وكل هدفه أن يستفيد كثيرا من التبادل والتنوع الثقافى خلال البرنامج، وقال: «أرى أن الشباب- بشكل عام- يجب أن يعملوا على تطوير مهاراتهم فى القيادة، بالإضافة للسعى لاكتساب مهارات جديدة، فتعتبر مهارات إدارة الأزمات التى تعلمناها فى البرنامج من أهم المواد التى يمكن أن نتعلمها فى أى مكان، خاصة أنها تتوافق مع المشكلات التى تواجهها أفريقيا فى الوقت الحالى والمهارات الشخصية التى يجب علينا جميعا أن نتعلمها، فمثلا، إذا طبقنا ما درسته هنا على الأزمات التى تمر بها بلدى (الكاميرون) فقد تعلمت الكثير من خلال المحاضرات التى سمعتها والمناقشات التى شاركت فيها، والآن سأعود لبلدى كسفير للسلام وأنا على دراية كاملة بالمهارات التى تتطلبها إدارة الأزمة بطرق هادئة وسليمة».
وأكد أينوا أواه جورجيس أنه سيحرص عند عودته لمشاركة أمرين هامين جدا مع الشباب فى الكاميرون حول البرنامج، الأول- هو أن يستثمروا فى أنفسهم وأن يستغلوا كل المصادر المتاحة أمامهم من أجل ذلك، لان أكثر ما يفتقده الناس فى الكاميرون هو مهارات القيادة، والثانى- هو أن يتحدوا، لأن الاتحاد قوة.
وتحدث أينوا أواه جورجيس عن مصر، وقال: «مشاركتى فى البرنامج لم تغير كثيرا من نظرتى لمصر، لكنها أكدت لى ما كنت أقرأه عنها، فهى «المثال الحقيقى للحضارة فى العالم، وهنا أريد أن أشكر الرئيس السيسى على هذه المبادرة، وعلى إعطائه الفرصة لكل هؤلاء الشباب من أفريقيا، وإذا كانت لى رسالة أوجهها لزملائى الأفارقة، فهى أن هناك أملا كبيرا فى الشباب الأفريقى، لكننا فقط يجب أن نثق فى قدراتنا ونستثمر فى أنفسنا من أجل النهوض بقارتنا».
أوليان شينابين، كان الشاب الوحيد من موريشيوس، الذى شارك فى البرنامج حتى الآن، وهو يعمل كرئيس لمنظمة غير حكومية تسعى لرعاية الأطفال الفقراء وتوفير كل الموارد التى يحتاجونها لتقديم التعليم الجيد لهم وبالتالى القضاء على الفقر، مؤكدا أن البرنامج هو الوسيلة المثلى لإعداد القادة، وذلك بسبب كل الأدوات التى تتوافر للمشاركين من خلاله، يمكننا بسهولة من تعلم طرق وأساليب الإدارة والقيادة. وأضاف: «أعتقد أننا كمجوعة أفريقية تمكنا من خلال مشاركتنا فى هذا البرنامج من تكوين شبكة للتواصل بين بعضنا البعض فى المستقبل، مما سيجعلنا قادرين على النهوض بأفريقيا من المستوى الحالى إلى درجات أعلى كثيرا، بالإضافة إلى أن مصر ستحتل دائما مكانا خاصا فى قلبى، لدى الكثير من الذكريات الجيدة فيها، وأتوقع أنه سيكون لى المزيد منها خلال الأيام والسنوات المقبلة».