الأوقاف vs خطباء الجمعة.. متى ينتهي صراع «ملوك المنابر»؟
الخميس، 30 يناير 2020 01:00 م
معارك عديدة خاضتها وزارة الأوقاف خلال السنوات الأخيرة الماضية لمنع استغلال المنابر في نشر الأفكار المتطرفة، واعتلاء أرباب الفكر الإرهابي لها وتشكيلهم وعي مزيف في عقول مرتادي المساجد بما يهدد أمن واستقرار المجمتع، ويسيئ للإسلام والمسلمين، وبالفعل نجحت الوزارة في إحكام قبضتها على المنابر وإقصاء أصحاب الفكر المتشدد من التلاعب بعقول البسطاء.
واتخذت «الأوقاف» في هذا الصدد عددا من الإجراءات، كان أبرزها منع عشوائية خطبة الجمعة، وحددت لها موضوعات دينية يتم إلقائها في مد زمنية محددة تتناسب والمعلومات المراد تعليمها وإيصالها للمصلين، وتتراوح تلك المدة مابين 15 إلى 20 دقيقة كحدا أقصى لها، مؤكدة على الخطباء المصرح لهم باعتلاء المنابر بالالتزام بها، ثقة منها في سعة أفقهم العلمى والفكرى، وفهمهم المستنير للدين، وتفهمهم لما تقتضيه طبيعة المرحلة من ضبط للخطاب الدعوى، مع استبعاد أى خطيب لا يلتزم بموضوع الخطبة، مع تشديدها على جميع الأئمة الالتزام بنص الخطبة أو بجوهرها على أقل تقدير.
إلا أنه ومع مرور الوقت، ظهر بعض الخطباء والدعاة ممن أطاحوا بما وضعته وزارتهم من قواعد يجب الالتزام بها، مخالفين بذلك تلك الثوابت التي وضعتها الأوقاف والتي هي بالتأكيد أكثر فهما وعلما لما تحتاجه منابرها أكثر من معرفة كل داعية على حده، الأمر الذي دفع البعض إلى استنكار ما يفعله خطباء «الجزر المنعزلة»، وإطالتهم لمدة الخطبة والخروج عن موضوعات الدروس المحددة ليتكون عبئا على المصلين في يوم الجمعة.
«ملوك المنابر».. دائما ماتظهر تلك النوعية من الخطباء الذين يرغبون في الشهرة وذيوع الصيت بما يرددونه من عبارات رنانة وخطب نارية وألفاظ حماسية وقصص خرافية في بعض الوقت، كما كان يفعل دعاة الإسلام السياسي، المعتمدين على الخرافات وخطابات التفزيع والترهيب والإثارة لتكوين هالة حول شخصياتهم وزيادة عدد دروايشهم، وهو مايستدعي الوزارة التدخل لحسم خطاب المنابر فيما يشبه «تحديد أسلوب الخطيب» وشكل الخطبة وليست دروسها فحسب والتى وضع الإسلام لها ضوابط.
وفي هذا الصدد أوضح عبد الغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعضو مجلس إدارة مسجد الحسين، أن الإطالة فى الخطبة يعنى عدم تمكن الخطيب وأنه يفشل فى توصيل المعلومة المطلوبة لذاتها لتوجيه الناس، وليس للدعاية لنفسه أنه خطيب متمكن لتحقيق الشهر وأن يعرفه الناس، وأن يشار إليه بالبنان، موضحا أنه محددات رئيسية لأسلوب ووقت وملامح الخطبة يخالفها كثير من الخطباء، وهذا الملامح تمنع من الارتجال الذى يضر بالخطاب ويجهل الخطاب الدينى رهن الاجتهادات التى تخالف صحيح السنة وقواعد الخطابة وتوظف المنابر لصالح البعض، وتزرع النرجسية والفشل فى الخطاب الدعوى وتحوله من خطاب جمعى إلى خطاب نرجسى شخصى.
وقال «هندي»: «موجود كتاب لاسلوب الخطابة، ويتضمن أساسيات للخطبة لابد أن تشتمل هى: الحمد والشهادتين، وتلاوة آية وحديث، وأن تفيد افادة يحسن السكوت عليها، وان تشمل على خطبتين، فيما تضمنت فرعيات: أن تراعى مستوى المخاطبين، ومراعاة الوقت، وحال الناس، حيث إن راعى عدم الاطالة لظروف الناس، مؤكدا خطبة الوداع لم تستغرق 10 دقائق، مشيرا إلى أن الأيام أثبتت أن الإطالة لا تفيد وبلاغة الخطيب أن يوصل رسالة والتطويل علامة غير المتمكن».
ومن جانبها شددت وزارة الأوقاف، على جميع الأئمة بالالتزام بنص الخطبة أو بجوهرها على أقل تقدير مع الالتزام بضابط الوقت ما بين 15 – 20 دقيقة كحد أقصى ، واثقة فى سعة أفقهم العلمى والفكرى ، وفهمهم المستنير للدين ، وتفهمهم لما تقتضيه طبيعة المرحلة من ضبط للخطاب الدعوى مع استبعاد أى خطيب لا يلتزم بموضوع الخطبة، معلنة فى نظام ثابت لها إطلاق 18 نسخة مترجمة لخطبة الجمعة إضافة إلى الترجمة للغة الإشارة، مضيفة أن موضوع خطبة الجمعة (السماحةُ عقيدةً وسلوكًا والاصطفاف الوطنى واجب الوقت) يتناول الحديث عن السماحة وهى سلوك نبيل ينبغى أن يطبقه المسلم فى جميع مناحى الحياة، ومن ذلك: السماحة بين الزوجين، وكذلك السماحة مع الجيران، والسماحة فى الطرقات والمواصلات، وسماحة النفس بالمال، والسماحة فى البيع والشراء والاقتضاء.