خريطة توزيع مراكز القوى في ليبيا.. الجيش الوطنى يفرض سيطرته على معظم المدن.. وميليشيا السراج تبحث عن موطئ قدم فى الغرب

 

 

 

 

 

تتنوع خريطة مراكز القوى فى ليبيا، وتتميز بكونها أكثر تعقيدا، وفقا للمعطيات على الأرض، ففى الشرق الليبى، يحكم الجيش الوطنى قبضته على تلك المنطقة بأكملها، حيث تمكن من تطهير مدن الشرق منذ عام 2014 وحتى 2018، بعد معارك ضارية مع الجماعات الإرهابية والمتطرفة التى بسطت سيطرتها الكاملة على عدد من مدن الشرق الليبى، ومنها بنغازى ودرنة، فى الفترة التى تلت انتفاضة 2011.

ويحظى الجيش الليبى بظهير شعبى واسع، حيث تتواجد أبرز القبائل الليبية، منها قبائل العبيدات والبراعصة والمسامير والعواقير، وهى القبائل التى دعمت القوات المسلحة الليبية بانضمام عدد كبير من أبنائها فى صفوف قوات الجيش الليبى. 

ومنذ بداية الحراك العسكرى، أعلنت قبائل «البراعصة» دعمها للمشير خليفة حفتر، حيث احتفلت فى عام 2014 بتسليم قاعدة الأبرق الجوية، لكنها شهدت انقسامات لوجود ظهير إخوانى داعم لحكومة الوفاق، لكن سرعان ما تلاشت تلك الانشقاقات فى 2017.

ومن أبرز القبائل أيضا قبائل المغاربة، التى تمر بأراضيها موانيء النفط فى منطقة الهلال، حيث عقدت القبيلة فى مارس 2017، صفقة مع المشير حفتر؛ تم بموجبها تسليم منطقة الهلال النفطى للجيش. 

ومن بين القبائل «العواقير»، شكّلت النواة الأولى للجيش فى عام 2014، كذلك العبيدات أكبر قبائل شرق ليبيا عددًا وعدة، فهى مثل غالبية قبائل الشرق الليبى بعضها مؤيد لحفتر، إضافة لقبيلة الزاوية تسيطر على النصيب الأكبر من حقول ومنابع النفط.

وتعد فرنسا وروسيا ودول الرباعى العربى الداعى لمكافحة الإرهاب من أبرز الدول التى ترتبط بعلاقات متميزة ومتشعبة مع قيادة الجيش الليبى وكل المكونات الاجتماعية والسياسية التى تتمركز فى المنطقة الشرقية، خاصة مجلس النواب الليبى الممثل الشرعى الوحيد لأبناء الشعب الليبى.

وفى الغرب الليبى، حيث العاصمة الليبية طرابلس، يحاول فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسى، السيطرة على مؤسسات الدولة، حيث الوزارات والمؤسسات السيادية والاقتصادية الرسمية، من خلال الميليشيات المسلحة المدعومة بقوات تركية وقطرية، مستغلا بعض الدعم السياسى الذى تلقاه قبل عامين من الدول الغربية بعد اتفاق الصخيرات.

وترتبط بريطانيا وإيطاليا بعلاقة متميزة مع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وهو ما يعزز نفوذ البلدين فى غرب البلاد، فضلا عن دخول تركيا على الخط مؤخرا والانخراط بشكل سياسى وعسكرى غير مسبوق فى المشهد الليبى، وذلك بسبب أطماع الأتراك فى غاز ونفط ليبيا، وسعيهم لإحداث مشكلات فى منطقة شرق المتوسط.

ومن خلال الميليشيات المسلحة تحاول حكومة الوفاق برئاسة السراج السيطرة على عدد من مدن المنطقة الغربية عبر تأييد القبائل المتمركزة فى تلك المدن للمجلس الرئاسى، ولعل أبرز مدن مصراتة والزاوية والزنتان ومسلاتة وورافلة.

وقبيلة «الورفلة» التي تعد أكبر القبائل الليبية فعدد أبنائها يصل إلى 1.5 مليون شخص من بين 6 ملايين ليبى فى المجمل، فمعقلها الرئيسى هو بلدة بنى وليد (جنوب غرب)، وهى تتمركز فى منطقة فزن فى جنوب وجنوب شرق العاصمة طرابلس؛ وتشكل هذه القبيلة إحدى أبرز دعائم مواجهة الإسلاميين فى ليبيا.

ووفق تقارير، تسيطر على الغرب الليبى خمس قبائل كبيرة، لها تأثير على صناعة القرار السياسى والأمنى فى المنطقة غرب ليبيا، وأهما قبائل «مصراتة»، التى تمتلك قوة عسكرية، تتمثل فى كتائب مدينة مصراتة المسيطرة على سرت ومصراتة والخمس وزليتن شرق طرابلس، ومدن الزاوية وصرمان وصبراتة والزوارة غرب طرابلس، كما تخضع لها «القوة الثالثة»، التابعة لكتائب مصراتة، وتضم أيضا وحدات من سرايا الدفاع الذاتى عن بنغازى.

أما «الزنتان»، الذين ينحدرون من بلدة الزنتان فى الجبل فهم أيضا من القبائل الرئيسية فى الغرب الليبى، وتسيطر كتائبها العسكرية على قاعدة الوطية الجوية (غرب) الاستراتيجية والمناطق المحيطة بها، لكن الزنتان منقسمة الآن بين مؤيد لحكومة الوفاق وبين مدعم لخليفة حفتر.

وسيطرت على طرابلس كتائب أغلبها من مصراتة مع مجموعات من مدن أخرى، تحت مظلة ما أطلق عليها بعملية «فجر ليبيا» المضادة لحفتر، وانكفأت فصائل الزنتان بعد طردها إلى مدينتها الواقعة جنوب غرب طرابلس، حيث تسيطر على حقول النفط فى غرب ليبيا، وبعد 2014 أصبحت مصراتة القوة المهيمنة فى طرابلس، والمصدر الرئيسى للمعارضة العسكرية للجيش الليبى. 

كما تتواجد أيضا ميليشيات طرابلس، وتضم: ميليشيا منطقة تاجوراء، وميليشيا النواصى، وميليشيا كتيبة ثوار طرابلس، وميليشيا قوة الردع، وميليشيا المدينة القديمة، وميليشيا 42 حرامى، وميليشيا أبو سليم، وميليشيا القوة المتحركة جنوزر، وميليشيا فرسان جنزور.

ومن المتوقع أن تنتشر القوات التركية المزمع إرسالها، لدعم ميليشيات حكومة الوفاق، فى العاصمة طرابلس، لتقديم الدعم اللازم للمجلس الرئاسى وميليشياته المسلحة، وتأتى مدينة مصراتة فى المرتبة الثانية التى يمكن أن تحتضن عددا من القوات التركية المزمع نشرها فى الأراضى الليبية.

الجنوب الليبى.. الأكثر هدوءا

تسيطر قوات الجيش الليبى على مدن الجنوب بعد تمكن القوات المسلحة منذ عدة أشهر من بسط سيطرتها الكاملة على مدن الجنوب الليبى التى يطلق عليها «إقليم فزان»، وتعد من المدن التى تزخر بوجود ثروات طبيعية ضخمة فيها من الغاز والنفط واليورانيوم والذهب.

ولطالما كانت مدن الجنوب الليبى مناطق نفوذ لفرنسا التى تتواجد بشكل واسع فى مثلث تشاد والنجير والسودان، والتوسع بشكل أكبر بمدن الجنوب الليبى، وتتواجد فى المنطقة عدد من القبائل التى لها نفوذ وتأثير كبير منها قبائل أولاد سليمان والمقارحة والطوارق والتبو.

وتعد مدن الجنوب الليبى أحد أبرز المناطق التى تتعرض لهجمات من تنظيم داعش الإرهابى خلال السنوات الأخيرة، ونفذ سلاح الجو الأمريكى ضربات جوية ضد عناصر التنظيم المتطرف فى عدد من الجنوب الليبى.