تغيير قواعد اللعبة السياسية بين البلدين.. سيناريوهات ما بعد اغتيال قاسم سليماني
السبت، 04 يناير 2020 02:00 م
فاجأ اغتيال قائد فيلق القدس الإيرانى الجنرال قاسم سليمانى فى العراق فجر الجمعة، على يد الولايات المتحدة عبر استهداف موكبه بالقرب من مطار العاصمة العراقية بغداد، صانع القرار الإيرانى، فحتى أمس لم يكن أكثر المتشائمين داخل إيران ولا منظرى السياسة الإيرانية، يتوقعون هذه الخطوة، لاسيما وأنها تأتى وسط توتر متصاعد لكنه مدروس بين طهران وواشنطن منذ صعود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب 2017، مما ينذر باشتعال نزاع قد يكون عسكريا بالمنطقة، الأمر الذى يثير التساؤلا حول امكانات طهران للرد، وما السيناريوهات المرجحة.
نقطة تحول جديدة فى الصراع الامريكى الايرانى
الحادثة أخرجت الصراع الإيرانى – الأمريكى من دائرة التوتر المدروس إلى مرحلة جديدة يمكن تعريفها بمرحلة تغيير قواعد اللعبة السياسية بين البلدين، تلك المرحلة اتخذت منحنى تصاعديا منذ صعود ترامب وتمثلت فى اجراءات عديدة صادق عليها فى مقدمتها ادراج الحرس الثورى على قوائم الإرهاب فى أبريل عام 2019، وفرض عقوبات على المرشد الأعلى سبتمبر 2019، والانسحاب من الاتفاق النووى مايو 2018، والاقدام على ضرب مواضع داخل إيران فى يونيو 2019.
يقول المحلل السياسى والأكاديمى الإيرانى دكتور مراد عبد الله، فى تحليله للموقف، أن اغتيال سليمانى يشير إلى أن الولايات المتحدة تجاوزت بشكل رسمي عدم المساس واستهداف مسئولى إيران، ويرى المحلل الإيرانى فى تحليله الذى نشره مركز الابحاث الايرانى "متن" وهو مركز لايتبع الحكومة، أن مواجهة ترامب ينبغى أن تتطابق للغته وأسلوبه، أى تستخدم ايران نفس لغة واسلوب الرئيس الأمريكى، وفى النهاية قال مرادى ينبغى تعليق العمل بكل بنود الاتفاق النووى وطرح الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووى NPTفى البرلمان، والاعلان الرسمى عن اجراءات انتقامية فى المنطقة مثل تهديد سفارات وقاعدا الولايات المتحدة فى بغداد وحتى رئيس وزراء إسرائيل.
وبشأن السيناريوهات المرجحة للرد الإيرانى، فمن المتوقع أن يكون سيناريوهات قاسية بحسب تعبير المسئوليين الإيرانيين، فالمرشد الأعلى الذى قيل أنه ترأس بنفسه فى الساعات الأولى من صباح اليوم المجلس الأعلى للأمن القومى، هدد برد قاسي، قائلا فى بيان نعى سليمانى "طريق قاسم سليماني لن يتوقف باغتياله، وقال: "ليعلم أصدقاء إيران وأعداؤها أن خط الجهاد والمقاومة سيستمر وبشكل أقوى".
السيناريو الأول: يرجح أن تتعامل طهران بنفس أسلوب ترامب وتغير قواعد اللعبة، وقد ينتقل الصراع لمرحلة تصعيد عسكري مباشر مع الولايات المتحدة، لكنه سيناريو لا يبدو مقبولا داخل إيران، فشن حربا سيكلف طهران الكثير وفقا لتقديرات عسكرية إيرانية، ولا تريده أيضا الولايات المتحدة، فى الوقت نفسه ترى طهران أن اغتيال سليمانى يعد بمثابة اعلان حرب مباشرة كونها ضربة فى عمق نفوذ طهران ببلدان محور للمقاومة (سوريا والعراق).
السياريو الثانى: التهديد وربما الاقدام على استهداف المصالح والقواعد الأمريكية وربما أيضا حلفاء واشنطن بشكل غير مباشر عبر الفصائل الموالية لطهران فى الشرق الأوسط، فقد هدد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني مجتبى ذو النور إلى قائلا "هناك 36 قاعدة أمريكية تحت مرمى نيراننا ومن السهل علينا توجيه ضربة قوية ولن تمر هذه الجريمة بسهولة". كما قال محمد نقدي، مساعد قائد الحرس الثوري، إنه "يجب على الولايات المتحدة أن تبدأ بإزالة قواعدها في المنطقة، أو أن توصي على توابيت لجنودها". والمتحدث باسم الحرس الثوري رمضان شريف، قال أيضا " اغتيال سليمانى بداية فصل جديد في تاريخ الحرس الثوري ويضع محور المقاومة أمام مرحلة جديدة"، محذرا من أن "الانتقام لاغتيال قاسم سليماني سيكون في كافة أنحاء العالم الإسلامي" وسيشمل إسرائيل أيضا.
السياريو الثالث: تسعى طهران لرد أكثر علاقنية لا يكلفها إلا القليل، وقد يكون ذلك عبر تشديد الصراع والنزاع السياسى مع الولايات المتحدة مع حربا اعلامية تشنها على واشنطن وحلفاءها، فضلا عن مواصلة التنافس لبسط النفوذ والتمدد وتعزيز التموضع فى سوريا عند بوابات إسرائيل، وهو الأمر الذى أكد عليه بيان المرشد الأعلى الذى قال أن "طريق قاسم سليماني لن يتوقف باغتياله".
وفى كل الأحوال حال لجأت إيران لأى من هذه السيناريوهات ستكون تداعياتها وخيمة عليها وعلى المنطقة بأكملها، فالنيران التى اتهمت جسد قائد جناحها الأبرز فى الحرس الثورى قد تمتد لتشعل الإقيلم.