طلال رسلان يكتب: رائحة الحرب تفوح.. كيف يغير مقتل سليماني قواعد اللعبة؟
الجمعة، 03 يناير 2020 06:40 م
وتيرة تصريحات متسارعة منذ 24 ساعة على إعلان مقتل قاسم سليماني قائد ما يسمى بفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ومعه قادة آخرين بينهم أبو المهدي المهندس نائب رئيس مليشيا الحشد الشعبي العراقي، في استهداف جوي تبنته الإدارة الأمريكية.
هدوء حذر وتلويح بالتهديدات وأوضاع مشحونة برائحة الحرب أعقبت استهداف السفارة الأمريكية في بغداد ومحاولة اقتحامها وقبلها مقتل جندي أمريكي، وظهر في الصورة قيادات وعسكريين محسوبين على حزب الله والحشد الشعبي الإيراني في العراق.
خرجت بعدها الإدارة الأمريكية بتهديدات بالرد القاسي على إيران، كان أبرزها تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن "إيران ستدفع الثمن غاليا، وهذا ليس تحذيرا بل تهديدا، وستشهد الأيام القليلة المقبلة ماذا سيحدث.. عام جديد سعيد".
زاد حدة الأوضاع خروج قيادات من الحشد الشعبي العراقي على وسائل إعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي بتصريحات تتبنى فيها الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد ومهددة بمزيد من الأعمال ضد "العدو الأكبر" في البلاد، على حد وصفها، ومزيد من التهديدات والرد من جانب مسؤولين عسكريين أمريكيين.
لم يكن يتوقع أكثر المحلليين العسكريين والسياسيين دقة أن يكون رد واشنطن على استفزازات إيران في العراق ومن ثم المنطقة باستهداف أحد أبرز القادة ورجل طهران القوي.
لماذا قاسم سليماني؟
النشاط العسكري لرجل إيران
ما بعد مقتل سليماني.. التصعيد مستمر
يبدو أن خبر مقتل سليماني وأبو مهدي المهندس لن يمر مرور الكرام على المنطقة، ويحمل مقتل الشخصيتين، إضافة لأنباء عن مقتل نعيم قاسم نائب الأمين العام لمليشيا حزب الله اللبناني، وقيادات عسكرية في الحرس الثوري والحشد الشعبي، سيناريوهات كثيرة في ظل توتر متواصل بين طهران وواشنطن.
في مقابل ذلك نعى المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، سليماني، في بيان، مشيداً به وبمسيرته، مؤكداً أنه "بغيابه لن تتوقف المسيرة التي سلكها"، متوعداً بـ"انتقام قاسٍ للغاية بانتظار المجرمين".
وحذر مراقبون من أن الضربة تنذر بتداعيات خطيرة قد تستمر طويلاً، مذكّراً بما قاله قياديون في الحشد الشعبي في الآونة الأخيرة؛ من أن المعركة مع الولايات المتحدة باتت مفتوحة على كل الاحتمالات.
وجاءت تلك التطورات على خلفية قيام عشرات المحتجين، الثلاثاء الماضي، باقتحام حرم السفارة الأمريكية في بغداد، وإضرام النيران في بوابتين وأبراج للمراقبة، قبل أن تتمكن قوات مكافحة الشغب العراقية من إبعادهم إلى محيط السفارة.
الاقتحام جاء رداً على غارات جوية أمريكية، الأحد (29 ديسمبر 2019)، استهدفت مواقع لكتائب "حزب الله" العراقي، أحد فصائل "الحشد الشعبي"، بمحافظة الأنبار (غرب)، ما أسفر عن سقوط 28 قتيلاً و48 جريحاً بين مسلحي الكتائب.
وشنت الولايات المتحدة الضربات الجوية رداً على هجمات صاروخية شنتها الكتائب على قواعد عسكرية عراقية تستضيف جنوداً ودبلوماسيين أمريكيين، قتل خلال إحداها مقاول مدني أمريكي قرب مدينة كركوك (شمال).
ويتهم مسؤولون أمريكيون إيران بشن هجمات صاروخية ضد قواعد عسكرية تستضيف جنوداً ودبلوماسيين أمريكيين في العراق، عبر وكلائها من الفصائل الشيعية، وهو ما تنفيه طهران.
وكان وزير الدفاع الأمريكي، مارك أسبر، قال الخميس (2 يناير 2020)، إنه يتوقع أن تقوم الفصائل الموالية لإيران في العراق بشن هجمات جديدة على القوات الأمريكية، وقال: "سنجعلهم يندمون" عليها.
تغيير قواعد اللعبة
ويبدو أن قواعد اللعبة ستتغير في الشرق الأوسط مع مقتل سليماني، وسياسة ترامب غير أوباما في التعامل مع قيادات إيران، فهو عازم على بدء مرحلة جديدة أكثر قوة وصرامة مع طهران وبدأها بالعقوبات، في الجانب الآخر لن تقف إيران صامتة كثيرا أمام الضربات الأمريكية وتوعدت بالرد القريب وفقا لتصريحات مسؤوليها.
واعتبرت كبرى الصحف الأمريكية بينها "واشنطن بوست" ونيويورك تايمز"، أن هذه الضربة العسكرية تشكل تغيرا جوهريا في التعاطي مع المسألة الإيرانية.
وقالت صحيفة ذا هيل التي تصدر عن الكونجرس: إن "الضربة الجوية جاءت ردا على أفعال إيران في الشرق الأوسط"، وأكدت أن "سليماني كان يعمل على استهداف مواطنين أمريكان في أماكن مختلفة".
وأشارت إلى أن "الضربة الجوية جرس إنذار لإيران لبداية مرحلة جديدة في التعامل مع أفعالها العدوانية في الشرق الأوسط".
واعتبرت صحيفة "بلتكو Politico" الأمريكية، أن الرئيس دونالد ترامب قام بمغامرة كبيرة، وبدأ مواجهة أكثر حسما مع النظام الإيراني.