خاص: قطر تلاعبت في محاكمة المصري "علي سالم" ومنعوا عنه الأطباء والعلاج
السبت، 28 ديسمبر 2019 05:39 مطلال رسلان
فصل جديد من فصول التعسف القطري في محاولة لإخفاء ما يحدث داخل معتقلات الدوحة، بعد ما كشفته تفاصيل احتجاز المصري علي سالم أحد مؤسسي قناة الجزيرة ومنعه من السفر إلى مصر.
وفي التفاصيل، كشفت مصادر خاصة مضطلعة على التحقيقات وسير القضية لـ"صوت الأمة" أن الأمن القطري ماطل في الوقت وأجل جلسة مرافعة محامي على سالم الشفوية التي كان مقررا لها يوم 26 ديسمبر الماضي لاستهلاك مزيد من الوقت واستمرار الحبس الانفرادي.
الأخطر في محاولة التعسف، ما كشفته المصادر من عدم استجابىة المحكمة لطلب عرض "علي سالم" على الطبيب بعدما علمت أسرته ومحاميه سوء حالته الصحية ومنع العلاج اللازم عنه داخل أحد معتقلات الدوحة.
في أوائل ديسمبر الماضي كشفت تقارير نقلت "صوت الأمة" عن مصادر قطرية مقربة من أسرة المهندس المصري أن عناصر المخابرات القطرية منعت زوجته وأبناءه من السفر منذ يوم الـ 5 من شهر نوفمبر 2018 ومارست ضغوطا نفسية على الزوجة وأولادها الـ 4، منذ اعتقال زوجها من قبل السلطات القطرية، والتى وجهت له تهما بالتخابر لصالح مصر، والمملكة العربية السعودية، مدعية أنه قام بتسريب شفرات مجموعة قنوات «بى . إن. سبورت» الرياضية القطرية.
وأفادت المصادر القطرية أن أسرة المهندس المصرى «على سالم»، ممنوعة من السفر ورفضت سلطات قطر إعطاء الزوجة أية أوراق رسمية تفيد بالمنع من السفر، دون إبداء تفاصيل أو مبررات لهذا الرفض، لافتة إلى أن الزوجة علمت بقرار المنع بعد مرور ما يقرب من 9 أشهر كاملة، حينما ذهبت إلى مكتب الجوازات القطري، للاستفسار عن بعض الأمور، فاكتشفت أنها وأولادها موضوعون على قوائم المنع من السفر، وعند محاولاتها الحصول على ورقة رسمية تفيد بقرار المنع، حتى يتسنى لها تقديم طلب لرفعه ، فوجئت برفض طلبها من جانب المكتب القطرى، كما أخبرها مسئولو مكتب الجوازات بأن سبب الرفض يعود إلى تعليمات مشددة من قبل الأمن القطرى.
وأوضحت المصادر القطرية أن قرار منع زوجة المهندس المصرى المعتقل فى أمن الدولة القطرية، وأولادها الـ 4، غير مُسبَّب، لا سيما وأن الأسرة بالكامل لا تعمل فى قطر، كما أنها ليس لهم أى نشاط سياسى قد يضر أو يفيد بقطر.
المصدر القطرى المقرب من أسرة المهندس «على سالم»، كشف عن مرور الأسرة بظروف مادية بائسة، فهم لا يملكون قوت يومهم ولا يجدون ما ينفقون به على أبسط احتياجاتهم أو مجرد دفع إيجار المنزل، بسبب وقف السلطات القطرية صرف راتب الزوج أو معاشه أو حتى بدل العلاج الخاص به، منذ اعتقاله، على الرغم من أنه لا يزال يعمل فى قنوات «بي. إن. سبورت» القطرية، ولم يصدر أى مستند يفيد برفده أو فصله من عمله، مشيرا إلى أن أسرة مؤسس أهم قنوات قطرية، أصبحوا يعيشون حياة صعبة للغاية بين جدران الدوحة، فالزوجة لا تعمل وكذلك الأبناء لا يزالون فى صفوفهم التعليمية، 2 منهم فى المدارس والآخران ملتحقان بالجامعات، ولم يستطيعوا دفع المصروفات التعليمية من رسوم المدارس وأقساط الجامعات فى قطر، حتى الآن، وهو ما أضرهم بشكل كبير، موضحا أن أهل الزوجة فى مصر، يرسلون إليها نقودا مع أى من المصريين القادمين إلى الدوحة، أو ما إذا كان شخص سيحول أموالا إلى مصر، فإنها تحصل عليها مقابل أن تدفعها أسرتها له فى مصر.
ولفتت المصادر القطرية إلى أن زوجة المهندس على، وأولادها يعيشون فى حالة رعب منذ اعتقال الزوج، وأنهم يتعرضون لمضايقات وتهديدات مستمرة من جانب النظام القطرى، فى ظل مقاطعة تامة لهم من جانب الجيران والأصدقاء، فلا أحد يتواصل معهم أو يسأل عنهم، على الرغم من أن الكثير من أصدقاء الأسرة غير مصدقين للاتهامات الموجهة للمهندس المعتقل، وعلى يقين بأنها تهم ملفقة من نظام تميم بن حمد، إلا أنهم جميعا يخافون من البطش بهم، إذا حاولوا مجرد الحديث مع الأسرة، مشيرا إلى أنها صدرت توجيهات لكل المحيطين بهم بعدم الحديث معهم، وإذا ما حاول أحد التدخل لدى السلطات يقال له كلمة واحدة «ابعد عن الموضوع وابعد عنهم»، مشيرا إلى أنه كان هناك أحد الأصدقاء المقربين للزوج المعتقل يعمل معه فى قناة الجزيرة، حاول مساعدة الأسرة كنوع من أنواع رد الجميل، إلا أن إدارة القناة استبعدته وأنهت عمله فى قطر بالكامل.
وقالت المصادر إن حالة الرعب التى تعيشها أسرة المهندس المصرى المعتقل، بلغت إلى حد مراقبة السلطات القطرية للهواتف المحمولة الخاصة بالزوجة والأبناء، وجميع حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، حتى أنهم يخشون التواصل مع أى شخص من مصر، فى ظل تضييق أمنى كبير تعيشه الأسرة، ففى إحدى المرات ذهبت الزوجة إلى أحد البنوك لسحب أموال من حساب زوجها، وكان معها توكيل رسمى عن الزوج، فوجئت بالأمن القطرى يستوقفها 3 ساعات هى وأبناؤها للتحقيق معها بحجة التأكد من صحة التوكيل، على الرغم من أنه موثق فى الخارجية القطرية، بل وحاولوا مصادرته فعليا، وفتشوا سيارتها الخاصة، كما حاولوا الاستيلاء على هاتفها المحمول، إلا أنه لم يكن بحوزتها، كما احتجزوا أولادها داخل إحدى الغرف وأرهبوهم ومنعوهم من الذهاب للحاق بامتحانات نصف العام فى ذلك اليوم.
وعن التهم الموجهة إلى المهندس المعتقل لدى قطر، ووضعه القانونى، أكدت المصادر القطرية أنه كان أحد كبار مؤسسى قناة الجزيرة القطرية منذ عام 1996، ثم ما تبعها من شبكة قنوات، وكذلك قنوات الكأس والريان، ومركز الجزيرة للتدريب الإعلامى، وجميع مكاتب قناة الجزيرة الخارجية فى كل البلاد العربية والأجنبية، وأخيرا مجموعة قنوات الجزيرة الرياضية التى تحولت فيما بعد إلى بى. إن. سبورت، موضحا أن السلطات القطرية وجهت لعلى سالم، تهمة التخابر مع مصر، والسعودية، للإضرار بقطر، على الرغم من أنه يعمل فى مجموعة قنوات بى. إن سبورت، وهى شركة خاصة كما هو موضح بالسجل التجارى، ما يعنى أنه بحسب نص القانون لا يمكن توجيه تهمة التخابر إلا إذا كان يعمل فى جهة أو شركة أو مؤسسة حكومية قطرية، مما يؤكد أن القضية كيدية للانتقام من النظام المصرى فى شخص على سالم.
وأوضح مصدر قطري آخر أن إدارة قنوات بى. إن. سبورت، ألمحت إلى مؤسس قنوات الجزيرة، أكثر من مرة بأنه عليه ترك مكانه بالقناة بحجة إعطاء فرصة للشباب، وهو ما استجاب له بالفعل، وبدأ فى السير فى إجراءات إنهاء عمله والرجوع إلى بلده، إلا أنهم فور علمهم بنيته العودة إلى مصر، وعزمه تنفيذ دراسة جدوى لا ترقى للتنفيذ، وسلمها إلى رجل الأعمال المصرى أحمد أبو هشيمة، قبل خروجه من الإعلام، وهو ما أشعل غضب تميم بن حمد ونظامه وأتباعه، ودفعهم إلى توقيفه واقتياده إلى جهة غير معلومة، بعدما أوهموا أسرته بأنه فقط مطلوب للشهادة فى قضية شخص لبنانى يعمل فى قناة الجزيرة القطرية، كانت السلطات القطرية قد أعلنت عن إلقائها القبض عليه صباح ذلك اليوم، فى محاولة من نظام تميم بن حمد، استخدام المهندس المعتقل، للضغط على النظام المصرى.
وعن الوضع القانونى لقضية المهندس المعتقل على سالم، أوضحت المصادر، أن قطر، ترفض حتى الآن حضور محام مصرى لجلسات المحاكمة، أو الاطلاع على أوراق القضية والترافع فيها، مشيرا إلى أن الأسرة تقدمت بطلب منذ 4 شهور تقريبا، إلى وزارة العدل القطرية، وأنهت كل الإجراءات، ولم تتبق إلا موافقة وزير العدل القطري، الذى ترك الأمر لديه معلقا، فلا هو وافق ولا رفض.
وبحسب نص القانون القطرى، فإنه يحق لمكتب المحاماة القطرى، الاستعانة بمحام أجنبى من خارج قطر، من أى بلد بشرط أن يكون معترفا به كمحام فى بلده، ويترافع أمام القضاء فى بلده، إلى جانب شرط موافقة وزير العدل القطرى على طلب الاستعانة.
وترغب أسرة المهندس المعتقل على سالم، بالاستعانة بمحام مصرى، لحضور جلسات المحاكمة المقرر عقدها يوم 26 ديسمبر الجارى، خاصة أنها تحددت للمرافعة وتقديم المذكرات، خاصة أن الأسرة تقدمت بالفعل بطلب رسمى منذ شهر، إلى السفارة المصرية، وبدورها رفعته إلى القسم القنصلى بالخارجية القطرية، إلا أنها لم ترد حتى الآن.
وعن المهندس المصرى المعتقل داخل السجون القطرية، أكدت المصادر القطرية، بأن وضعه سيئ للغاية، حيث إنه لم يوضع فى سجن مركزى، بل تم اعتقاله داخل أمن الدولة القطرى بإحدى غرف الحبس الانفرادى المعزولة تماما، والتى تتواجد فى مبانٍ داخل مقر الأمن الصناعى، وأنه غير مسموح له بالحديث مع أى شخص، كما أنه لا يرى أحدا إلا فى يوم الجلسة، كما أن النظام القطرى يحرم أسرته من زيارته، رغم أن زوجته تقدمت بطلب رسمى إلى النائب العام القطري، وكذلك للخارجية القطرية، لكن دون جدوى.
أما عن الوضع الصحى للمهندس على سالم، فقد أفاد المصدر القطري، بأنه يمر بحالة نفسية وصحية فى غاية السوء، لدرجة أنه فقد حوالى 35 كيلوجراما من وزنه، كما أنه لا يستطيع الحركة، وأصيب بضعف شديد فى السمع والرؤية، بسبب وضعه فى الحبس الانفرادى منذ أكثر من عام، مشيرا إلى أنه أصيب بتضخم ونزيف فى البروستاتا، وعلى الرغم من أن مؤسس قنوات الجزيرة، مريض بالكوليسترول من نوع الدهون الثلاثية، ويحتاج إلى تحليل شهري، فإن السلطات القطرية ترفض إدخال العلاج الخاص به، كما يرفض المحامى القطرى تقديم طلب لعرضه على طبيب أو لجنة طبية.
ولفت المصدر القطرى، إلى أن النظام القطرى، وتميم بن حمد حاولوا الانتقام من مصر، فى شخص المهندس على سالم، بأن ظهرت الشيخة «مريم بنت حمد ال ثانى»، زعمت بأن المهندس على سالم، سرب شفرات قنوات بي. إن سبورت، إلى مصر، والسعودية، وأنه هو من ساعدهم فى إطلاق قناة «بى. أوت»، لافتا إلى أن الشائعة التى أطلقتها الشيخة مريم، لم تجد أى صدى أو رد لدى النظامين المصرى والسعودى، فنشروا تقريرا أعلنوا فيه القبض على على سالم، ثم أذاعوا حلقة تحت اسم «ما خفى كان أعظم»، شهروا فيها بمؤسس قنوات الجزيرة، ورجل الأعمال المصرى أحمد أبو هشيمة، بعد أول جلسة محاكمة، كما أصدر النائب العام القطري، بيان إدانة ضد سالم وأبو هشيمة، ولم ينتظر حكم القضاء، كأنها محاكمة صورية.
ووجه المصدر القطرى، مناشدة إلى منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، بالبحث فى قضية المهندس المصرى المعتقل فى السجون القطرية، وألا يكيلوا بمكيالين، فمثلما يولون اهتمامهم بأى أمر يحدث فى مصر، أو أى دولة عربية أخرى، فعليهم أيضا أن يدافعوا عن المعتقلين فى السجون القطرية، خاصة ما إذا كانوا أبرياء ومعتقلين دون تهما واضحة، كما أطالبهم كمنظمات حقوقية دولية من المفترض أنهم يهتمون بحقوق الإنسان، فعليهم إنقاذ سالم، قبل أن يموت داخل السجون القطرية، نظرا لتدهور حالته الصحية والنفسية بشكل خطير، ولا يلقى أى رعاية إطلاقا، فى ظل رفض النظام القطرى طلب أسرته بعرضه على لجنة طبية.