دراسة أكاديمية تفضح المستور: 200 إخواني انضموا لداعش منذ 2013
السبت، 28 ديسمبر 2019 09:00 ص
تبنى تنظيم الإخوان الإرهابي العنف المسلح بعد ثورة 30 يونيو 2013، إذ حاول التنظيم العودة إلى السلطة بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة من أجل ذلك لكن لفظها الشارع المصري ولم يمكنها مرة أخرى من مرادها، ولذا لجأ تنظيم الإخوان إلى التعاون مع داعش، بل أن عناصر إخوانية ثبت انضمامها فعليات لتنظيم الدولة الإرهابي.
وتحت عنوان «الإخوانية الجهادية..الأبعاد الفكرية والعملياتية»، سلطت دراسة حديثة الضوء على توجه بعض العناصر الإخوانية للعنف بل والانضمام للتنظيمات المتطرفة، إذ أوضح الباحث محمد جمعة فى صدر دراسته أن الصدمة الارتدادية داخل صفوف الإخوان، التي أحدثتها الإطاحة بمرسى عقب الثورة الشعبية فى يونيو2013 أدت إلى تحول كبير بدرجة ما، داخل الجماعة باتجاه تبنى العنف، أو بالأحرى العودة إليه من جديد.
كيف تحولت الجماعة لمبدأ العنف بعد ثورة 30 يونيو؟
وأكدت الدراسة أنه مع إعادة تشكيل الهيكل التنظيمى للجماعة، شهد التنظيم تمكينا لمجموعة من الشباب لم يؤكدوا معارضتهم – وبوضوح – لجدوى مبدأ "اللا-عنف" وفقط، ولكن كرسوا هذا التوجه "الجديد– القديم" داخل الإخوان لافتا إلى أن تحليل عمليات التأطير الفكرى التى حدثت يمكن تسميتها "الإخوانية الجهادية"، عبر رصد "الاجتهادات" الفقهية والسياسية التى حدثت داخل الفصيل الإخواني.
وقالت الدراسة أن التحليل انتهى إلى التصالح من جديد مع منهجية العنف، ولكن دون استدعاء المقاربة الخاصة بالسلفية الجهادية فى هذا الشأن،كما سعت الدراسة إلى رصد عمليات التدشين الحركى والتنظيمى لـ"الإخوانية الجهادية عبر مراحل ثلاث مارست فيها ما يسمى "اللجان النوعية" داخل الإخوان العنف والإرهاب المسلح، منذ فض اعتصامى رابعة والنهضة فى أغسطس 2013 وحتى الآن.
عمليات العنف العشوائى للإخوان
وذكرت الدراسة أنه يمكن تسمية المرحلة من أغسطس 2013 وحتى نوفمبر 2014، بـمرحلة "العنف العشوائي" نفذت الغالبية العظمى من الهجمات (84% منها) عن طريق مجموعات مجهولة، وبمسميات غير معروفة من قبل. استهدفت أغلبها قطاع الأمن بإطلاق نار أو متفجرات بدائية. هذا بالطبع إلى جانب أنشطة الجماعات الجهادية التكفيرية، التى نفذت عمليات أخرى فى تلك المرحلة، مثل محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم عن طريق تنظيم "أنصار بيت المقدس"، فى سبتمبر2013.
رئيس حزب الفضيلة المقرب من الإخوان أول من دعا للعنف المسلح
وقالت الدراسة أن محمود فتحى مؤسس حزب الفضيلة الذى كان على علاقة قوية بالإخوان، كان أول من دعا من إسطنبول إلى تشكيل ما أسماه مجموعات المجهولين التى تتشكل من 5- 6 أفراد تكون مهمتها الاشتباك المسلح، وفى يناير 2014 نشر محمود فتحى، عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك" رسالة من أحد متابعيه، تحرض على صنع قاذفات مولوتوف، يمكن استخدامها على مسافة تبعد من 80 إلى 100 متر تقريبا.
وأكدت الدراسة أن مؤسس حزب الفضيلة كذلك طريقة تصنيع هذه القاذفات، وهو ما يُعتبر دعوة لنشر العنف والفوضى، خاصة أنه زيل منشوره، بعبارة "التصعيد التام أو الموت الزؤام"، وفى أبريل عام 2014، دعا رئيس حزب الفضيلة أنصاره من الشباب إلى مهاجمة الجنود من الجيش والشرطة، مشيرا إلى أن هذه هى الوسائل التى ستسقط النظام، معتبرا أن اقتحام الميادين والاعتصام فيها غير مجدى، ولن يؤدى سوى إلى وقوع جرحى وقتلى.
ظهور ما يسمى بأجناد مصر التابعة للإخوان الإرهابية
وأوضحت الدراسة أن مثل هذه العمليات العشوائية أفضت فى النهاية إلى مسميات إخوانية ، وهذه المواقف والدعوات استلهمتها مجموعات شبابية سلفية وإخوانية ، بالتزامن مع زيادة انخراط بعض الجهاديين ممن سبق لهم القتال فى الخارج، وجاء همام محمد عطية كمثال واضح على ذلك ومن ثم ظهر تنظيم ما يسمى "أجناد مصر" الذى كان يُعد طوال الفترة من يناير 2014 حتى أبريل 2015 أنشط جماعة إرهابية عاملة فى مصر، خارج شبه جزيرة سيناء، فقد نفذ هذا التنظيم، الذى عمل فى نطاق منطقة القاهرة الكبرى، 31 هجوما قبل أن يدخل فى مرحلة صمت بعد مقتل زعيمه همام عطية فى تبادل لإطلاق النار أثناء محاولة القبض عليه فى أبريل 2015.
وفى مايو 2015 ظهر ما يسمى بـ "نداء الكنانة"، وهو بيان وقّعه العشرات من الشخصيات الإخوانية –من جنسيات مختلفة- ذات الخلفية بالعلوم الشرعية، حيث أقر هؤلاء الموقعون على ذلك البيان بشرعية اللجوء إلى العنف فى مواجهة مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية، بل وزادوا على ذلك بأن ادعوا أن من واجب المسلمين الدينى مقاومة النظام الحالى فى مصر، الذى وصفه البيان بأنه "عدوّ للإسلام"، والعمل على "القضاء عليه بكل الوسائل المشروعة"، كما تضمن البيان ما يُعد تحريضا على قتل القضاة وضباط الجيش والشرطة وبعض الإعلاميين والسياسيين.
الإخوان تغادر العنف العشوائى وتبدأ فى تدشين حركات إرهابية
وقالت الدراسة أنه بالتزامن مع عمليات التأطير النظرى لـ" الإخوانية الجهادية" -على النحو الذى سبقت الإشارة إليه- كانت عمليات التدشين العملياتى لـ" الإخوانية الجهادية" تجرى على قدم وسابق، بما يعكس رغبة تنظيم الإخوان فى مغادرة مرحلة "العنف العشوائي" إلى مرحلة امتلاك القدرة على تنفيذ هجمات أكثر إيلاما، وأشد تأثيرا فى مواجهة مؤسسات الدولة. ففى الرابع والعشرين من يناير 2015، أعلنت خمس جماعات تحالفها وتشكيلها ما عُرِف بـ "تحالف حركة المقاومة الشعبية"، ويضم: حركة المقاومة الشعبية، وحركة حسم، وحركة العقاب الثورى، وحركة ثوار بنى سويف، وكتيبة الإعدام.
ووفقا للدراسة ركز هذا التحالف فى عملياته على هدفين رئيسيين: عناصر وضباط الشرطة، خاصة أشخاص محددين، وأهداف اقتصادية، فى محاولة لإضعاف الدولة، ونشرت الجماعة قائمة بأسماء ضباط الشرطة، مصحوبة بصورهم فى فبراير 2015، وانخرطت فى حملة محددة بشكل أوضح، متبنية شعار هاشتاج "الحصار الاقتصادى"، وجاءت عمليات إحراق المصانع، وتدمير أبراج الاتصالات، وتفجير أبراج الكهرباء، لتتناسب مع هذا الهدف.
انضمام عناصر إخوانية لتنظيم داعش الإرهابى
ولفتت الدراسة إلى أن مخزون الغضب لدى شباب الإخوان، المعرضين للتجنيد والتوظيف، كان قد تعمق بشكل خطير، نتيجة استمرار قيادة التنظيم ومنصاته الإعلامية فى الخارج فى تغذية الآلاف من شباب الإخوان بهذا الفكر، فى ذات الوقت الذى بدا فيه أنه لا فارق كبير –من الناحية العملية- بين من يقول بأن النظام كافر أو مرتد (كما هو طرح السلفية الجهادية) وبين من يقول بأنه نظام باغى (كما هو طرح الإخوانية الجهادية)، فالمحصلة تقود أو تدفع نحو هدف واحد يتمثل فى الرغبة فى النيل من "النظام" ومؤسسات الدولة بشكل عام، هذا المعطى تبدت خطورته –آنذاك – بالنظر إلى الظهور المتزامن لتنظيم "الدولة الإسلامية – مصر" (تنظيم مختلف عن نظيره فى سيناء) فى الوادى والدلتا، والذى كان قد أعلن مسئوليته عن هجمات فى ذات المنطقة التى تعمل فيها الخلايا النوعية للإخوان المسلمين، مثل الاعتداء على مبنى القنصلية الإيطالية وتفجير مبنى الأمن الوطنى فى شبرا فى صيف عام 2015 وغيرها من العمليات الأخرى.
تأثير داعش على الجماعات المسلحة للإخوان
وذكرت الدراسة أن داعش كان لها تأثير كبير على استراتيجية وتكتيكات "العقاب الثوري" الإخوانية. وبالفعل، فى يناير 2016، زعمت "العقاب الثوري" وتنظيم داعش فى مصر مسئوليتهما عن هجوم إرهابى واحد فى أحد الشقق التى كانت تستخدم كمصنع للمتفجرات فى منطقة الهرم بمحافظة الجيزة، وتكرر الأمر فى هجوم الثامن من مايو 2016 على إحدى دوريات الشرطة بمنطقة حلوان، ولكن هذه المرة بين تنظيم داع شفى مصر وحركة المقاومة الشعبية الإخوانية أيضا، والملاحظ فى كلتا الحالتين أن تنظيم داعش والمكونات الإخوانية لم تنفيا مزاعم بعضهما البعض، إذن، من الطبيعى أن يثير هذا تساؤلات حول مستوى التنسيق بينهما فى تلك المرحلة؟!!
نماذج لأسماء عدد من القيادات الإخوانية المنضمة لداعش
وقالت الدراسة أن هناك نموذجين يبلوران كيفية العلاقة بين داعش والإخوان وانضمام بعض العناصر الإخوانية لداعش منها النموذج الأول، وهو محمود شفيق محمد مصطفى أو "أبوعبدالله المصري"، كما كانت تسميه داعش، والثاني، هو عمر إبراهيم الديب، نجل القيادى الإخوانى إبراهيم الديب، الحالة الأولى، تمثل أحد كوادر اللجان النوعية للإخوان المسلمين بمحافظة الفيوم، الذى قرر دون سبب معروف تسليم نفسه إلى "ولاية سيناء" التى أعادت "تأهيله" من جديد وأرسلت به إلى "الكنيسة البطرسية" لينفذ بها عمليته الانتحارية فى ديسمبر 2016، وقد ظهر واضحا بالصوت والصورة فى الفيديو الذى أذاعته “ولاية سيناء" فى فبراير 2017 تحت عنوان ،وقاتلوا المشركين كافة"، أما الحالة الثانية فتمثل أحد أبناء قيادة إخوانية معروفة.،كان قد انضوى مبكرا ضمن اللجان النوعية للإخوان، إلى أن أعلنت أجهزة الأمن المصرية اسمه فى قائمة من تم تصفيتهم فى إحدى المداهمات الأمنية لبعض البؤر الإرهابية، فى 10 سبتمبر2017، فيما عرف إعلاميا بـ"خلية أرض اللواء" التابعة لتنظيم داعش.
وأشارت الدراسة إلى أنه كان معروفا للكافة أن حركات حسم ولواء الثورة تمثلان نمطا جديدا من جماعات العنف والإرهاب، متمايز عن الحركة السلفية الجهادية فى الأيديولوجية، وفى الجمهور المستهدف، وفى الاستراتيجية المتبعة أيضا.
بدوره قال محمد جمعة الباحث السياسى في تصريحات صحفية، أن هناك عناصر إخوانية انضمت لداعش وتحديدا منذ 2013 وحتى الآن لافتا إلى أن بعض أعضاء حركة المقاومة الشعبية ومجموعة العمل الثورى والجناح المسلح داخل الإخوان انضموا لداعش وذلك لأسباب عديدة.
وأضاف جمعة، أنه ليس لدينا حصر دقيق لعدد العناصر الإخوانية التى انضمت لداعش مؤخرا ، إلا أننى أتوقع رقما تقريبيا ما بين 200 إلى 300 عنصر إخوانى انضموا لداعش بعد ثورة 30 يونيو 2013، لافتا إلى أن هناك أوجه تشابه بين جماعة الإخوان الإرهابية وبين داعش أدت إلى تأثر بعضا من شباب الإخوان بتنظيم داعش الإرهابى.
فيما قال عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية ، أن وجود فراغ حزبى أثر سلبا على بعض الشباب وكان سببا فى انضمامهم لجماعات متطرفة مؤكدا أن الدولة عليها أن تفتح الباب لممارسة ديمقراطية وتساعد الأحزاب على النهوض حتى نفتح الطريق أمام أى شاب راغب فى العمل السياسى.
أضاف ربيع، أنه بدون أحزب معارضة سلمية نجد اتجاه البعض للمعارضة المسلحة كما هو الحال فى بعض دول أمريكا الجنوبية ومن هنا يجب أن يكون لدينا أحزاب قوية لها ثقل فى الشارع ولها وزن حتى تستقطب كل الشباب الراغبين فى العمل السياسى بدلا من أن يتجهوا للعنف.