أنقرة تبحث وقف تنفيذ طريق الحرير.. هل تقف تركيا وراء صناعة فيديوهات مسلمي «الإيجور»؟
الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019 09:00 ص
انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية، عدد من مقاطع الفيديو المصورة، لعمليات تعذيب ممنهجة لأقلية المسلمين «الإيجور»، في الصين، وتطور الأمر ووصل إلى حد صناعة هشتاج وترويجه على مواقع التواصل الاجتماعي، يدعو لمقاطعة البضائع والمنتجات الصينية، من أجل دعم إخواننا المسلمين الإيجور.
تفاعل الكثير من العرب والمسلمين مع مقاطع فيديو تعذيب مسلمي الإيجور، وبدأوا في ترويج هشتاج مقاطعة المنتجات الصينية، حتى أن الأخوة المسيحيين أيضا، تأثروا بمشاهد التعذيب التي ضمتها مقاطع الفيديو، خاصة وأنها حملت كم غير عادي من العنف والألم وصريخ الرجال، إلى جانب مشاهد الدماء التي تسيل من أجساد الأشخاص الذين يتعرضون للتعذيب على يد قوات صينية، لكن تُرى لماذا هذا الانتشار الواسع الأن لمثل هذه الفيديوهات المؤلمة الأن؟.. وهل يقف ورائها أحدا؟.. ولماذا تحشد الأن قنوات الإخوان ومواقعهم الإلكترونية وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، المصريين ضد ما يجري لمسلمي الإيجور؟ وهل تقف تركيا وقطر خلف صناعة هذه الفيديوهات وانتشارها؟
بداية قصة مسلمي الإيجور
بدأت قضية مسلمي الإيجور، وهم أقلية عرقية تركية تسكن في إقليم شنجيانج، غرب الصين والمعروف باسم «تركستان الشرقية»، وترجمتها «أرض الأتراك»، بلغة الآريين في آسيا الوسطى.
وتبلغ أقلية الإيجور، حوالي 12 مليون نسمة تقريبا، يعيش معها في إقليم شنجيانج ملايين من القرجيز والكازاخ، وبعض الشعوب الصينية كقومية الهان، بحوالي 6 مليون نسمة، ويواجه الإيجور مشكلة فعليا، إلا أنها ليست خاصة بهم وحدهم، إذ معهم شعب القرجيز والكازاخ، باعتبارهم أقليات عرقية مسلمة طالبت بالانفصال عن الصين قديما، أي لا توجد مشكلة للإسلام في الصين كعقيدة.
هرب بعض قيادات الإيجور، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وطالبوا من هناك بالانفصال ضمن حركة تسمى بـ «الصحوة الوطنية لتركستان الشرقية»، وهي حركة انفصالية اتخذت من واشنطن مقرا لها، هي التي تمول وتحشد للحملة الآن على الصين برعاية الحكومة الأمريكية.
لا تعتبر الإيجور، أكبر عرقية مسلمة في الصين، حيث يوجد بها١٠ عرقيات ذات أغلبية مسلمة من ضمن حوالى ٥٦ عرقية تعيش هناك، كما أن أكبر عرقية مسلمة في الصين هي «الهويHui وتعدادها حوالي ١١ مليون نسمة، بينما تعداد الإيجور أقل من ٩ مليون نسمة، ورغم ذلك تعيش عرقية «الهوي»، بشكل طبيعي داخل المجتمع الصيني، وتمارس عباداتها من أداء الصلوات والصوم والحج، إلى جانب بناء مساجد وأولادهم يتعلمون في مدارس إسلامية دون أي مشكلات، ما يعني أنه لا وجود لأي اضطهاد ديني للمسلمين في الصين، بدليل وجود ٩ عرقيات مسلمة أخرى تعيش هناك، منهم عرقية تعدادها أكبر من تعداد الإيجور، بينما يوجد فعليا عداء كبير بين عرقية الهوي المسلمين، والإيجور المسلمين مثلهم.
لماذا يعاني مسلمي الإيجور من مشكلات واضطهاد ديني من السلطات الصينية ؟
يمتلك مسلمو أقلية الإيجور، نزعة انفصالية ويطالبون بالانفصال بإقليم شينجيانج أو ما يسمى بإقليم «تركستان الشرقية»، حيث ينتمي شعب الإيجور، عرقيا للشعوب التركية، وهي ذات انزعة الانفصالية التي لدى سكان إقليم «التبت»، الغير مسلمين.
بدأت النزعة الانفصالية تظهر على مسلمي الإيجور، منذ ثلاثينات القرن الماضي، ولم يتبعوا الطرق السلمية في نزعتهم الانفصالية لتحقيق هدفهم، بل ظهرت بينهم حركات انفصالية جهادية مسلحة، مارست الإرهاب وشنت عدة عمليات إرهابية.
أهم العمليات الإرهابية التي شنتها حركالت الإيجور الانفصالية:
تفجير ٣ أوتوبيسات عام ١٩٩٧ في أورومتشي، عاصمة إقليم شينجيانج، أسفرت عن مقتل ١٠ وإصابة ٧٤ شخص.
قاموا بأعمال شغب في أورومتشي، عام ٢٠٠٩ أسفرت عن مقتل ١٩٧ شخص معظمهم من عرقية الهان الصينية، وإصابة ١٧٢١ وتدمير عدد كبير من السيارات والمباني.
شنوا هجوماً على مركز شرطة ببلدة هوتان، في الإقليم عام ٢٠١١ وقتل ٢ من أفراد الشرطة، واحتجزوا ٨ رهائن.
نفذوا هجوماً إرهابياً على محطة قطار العاصمة أورومتشي عام ٢٠١٤ بالمتفجرات والأسلحة البيضاء، أسفر عن مقتل ٣ وإصابة ٧٩، وأعلنت حركة شرق تركستان الإسلامية الإرهابية، «أسمها الآن الحزب الإسلامي التركستاني»، مسئوليتها عن الحادث.
في عام ٢٠١٤، وتحديدا بعد مرور شهر من الهجوم السابق، قام إرهابيين من الإيجور بقيادة سيارتين دفع رباعي محملتين بالمتفجرات والهجوم على المارة في شارع تسوق مزدحم بالعاصمة أورومتشي، وإلقاء المتفجرات عليهم من نوافذ السيارتين ثم اصطدمت السيارتين بالمتسوقين، ثم اصطدمتا ببعض وانفجرتا، مما أسفر عن ٤٣ قتيل وأكثر من ٩٠ جريح، فيما يعتبر أكثر إرهابي دموي في الإقليم.
في نفس العام ٢٠١٤ أيضا، شن ٨ من الإرهابيين الإيجور، بالأسلحة البيضاء على الركاب في محطة قطار مدينة كونمينج بإقليم يونان، البعيد عن إقليم شينجيانج أو تركستان الشرقية، وأسفر عن سقوط ٣١ قتيل من الركاب و١٤٣ جريح، في أكبر هجوم إرهابي شنه الإيجور خارج الإقليم التابعين له.
وبلغت العمليات الإرهابية التي شنتها الحركات الإنفصالية للإيجور، خلال الفترة من ١٩٩٠ إلى ٢٠١٤ أكتر من ٢٠٠ عملية إرهابية، وفي الفترة من ٢٠٠٧ إلى ٢٠١٤ فقط، أسفرت هجماتهم الإرهابية عن مقتل أكتر من ١٠٠٠ شخص، بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين.
حقيقة اضطهاد القوات الصينية لمسلمي الأيجور
تعد الصين، من الدول التي لا تتهاون إطلاقا في أي موضوع يتعلق بأمنها القومي، وتتعامل بقسوة شديدة وقوة مفرطة مع الحركات الانفصالية، سواء كانت لها علاقة بمسلمين مثل الإيجور أو غير مسلمين مثل التبت.
فيديوهات الإيجور صنيعة تركية.. ما سر وراءها؟
حملت التقارير الإعلامية التي تتحدث عن معاناة مسلمي الإيجور، والمواقف السياسية المعلنة بصددهم، هجوما حادا على الحكومة الصينية، بشكل مريب، إلا أن الأمور بدأت تتضح بشكل كبير، إذا ما كانت تخرج عبر وسائل الإعلام الأمريكية، التي لا تهتم بأي من الأقليات الدينية في العالم إلا إذا كان من وراءها هدف محدد، وهي السياسة التي كانت تتبعها مع مصر، لوقت طويل، فكانت من حين إلى أخر تلوح بملف الفتنة الطائفية واضطهاد المسيحيين في مصر، وبالمناسبة لم تحرز أي تقدم في هذا الملف، خاصة بعد الاصطفاف الوطني الذي أظهره الشعب المصري بعنصريه مسلمين ومسيحيين، بسبب فطنتهم إلى مخطط تقسيم مصر وشعبها، واللعب بورقة الفتنة الطائفية.
يوجد صراع تجاري معلن بين الجانب الصيني من ناحية، والجانب الأمريكي والأوروبي من ناحية أخرى، لوقف مشروع طريق الحرير الذي تنفذه الصين بقوة، وهو الأمر الذي وضح خلال الحملات المماثلة التي صنعت في مسألة مسلمي بورما، والتي روجت على أساس وجود اضطهاد للمسلمين بها، بينما كانت الحقيقة مجرد صراع ضمن صراعات طريق الحرير بين الغرب والصين، استخدمت فيه أوروبا وأمريكا المتطرفين من المسلمين، لشن عمليات إرهابية وعندما تحركت ضدهم الحكومة في بورما، تم تسويق الأمر على أنه اضطهاد، لشحن المجتمع الدولي والشعوب المسلمة، بغرض تعطيل إحدى المحطات الهامة في طريق الحرير الصيني.
على الجانب الأخر، تستخدم كلا من الولايات المتحدة وأوروبا، وتركيا، جماعات الإسلام السياسي، والحركات السلفية، وجماعة الإخوان الإرهابية، للترويج إلى وجود اضطهاد لمسلمي الإيجور، من أجل تنفيذ وقف طريق الحرير، وعرقلة مسيرة الاستثمارات الصينية، من ناحية، وكذلك فوز تركيا بانفصال إقليم كردستان الشرقية، وضمان ضمها إلى الأراضي التركية، لتنفيذ مخطط التوسع التركي وإعادة الدولة العثمانية.