تعيين سيدة منتقبة لإدارة قصر ثقافة بالبحيرة يفجر الأزمة من جديد على مواقع التواصل ويشعل الأوساط الثقافية

السبت، 21 ديسمبر 2019 05:21 م
تعيين سيدة منتقبة لإدارة قصر ثقافة بالبحيرة يفجر الأزمة من جديد على مواقع التواصل ويشعل الأوساط الثقافية
طلال رسلان

برلمانيون وأحزاب ومثقفون يدخلون على خط أزمة ارتداء النقاب فى الأماكن العامة

الوزيرة تتدخل بإلغاء القرار.. ورئيس هيئة قصور الثقافة يُجمل وجه المسئولين
 
 
لم يوقف قرار وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم بإبعاد السيدة المنتقبة من كرسى إدارة قصر ثقافة دمنهور الجدل «القديم الجديد» المثار على شبكات التواصل الاجتماعى، حتى تجددت الأزمة داخل أروقة مجلس النواب.. الأزمة بدأت عندما انفجرت عاصفة من الانتقادات على وقع قرار رئيس الإدارة المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة أحمد درويش باختيار أسماء عبدالقادر خليل من العاملين على الدرجة الثالثة بالمجموعة النوعية لإدارة أعمال قصر ثقافة كفر الدوار مؤقتا.
اختيار سيدة لإدارة أحد قصور الثقافة بالطبع ليس فيه مشكلة، وخاصة مع القفزات التى حققتها وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم نفسها منذ توليها حقيبة الوزارة، والاتجاه نحو تمكين المرأة فى المؤسسات والهيئات الحكومية، لكن الأزمة التى أشار إليها عدد كبير من المحسوبين على الوسط الثقافى هى أن السيدة المذكورة فى القناة ترتدى النقاب، وأظهر ذلك صورها على حسابها الشخصى، إحداها وقفت أمام إحدى اللوحات الفنية فى معرض للرسوم.
 
حظر النقاب.. الأزمة القديمة الجديدة
 
فى أوائل 2018 أثارت دعوى قضائية تطالب بمنع ارتداء النقاب فى الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية الجدل، عرفت القضية إعلاميا بقضية «حظر النقاب» على خلفية تقديم قانون فى مجلس النواب بمنعه واقتراح تطبيق غرامة على المخالفين.
 
قالت الدعوى وقتها إن النقاب ليس له أصل فى الإسلام سواء القرآن أو السنة، ولكنه تعبير عن فكر بدوى قادم إلينا من جزيرة العرب فرضه المجتمع الذكورى على المرأة ليستمتع بها وحده دونا عن الآخرين ولو كان مجرد النظر، وتم شرعنته وتصديره إلى مصر على أساس أن النقاب واجب دينى علاوة على أنه عفة وفضيلة وعودة إلى العصور الذهبية الأولى للإسلام.
 
وأضافت الدعوى أن انتشار النقاب فى الآونة الأخيرة يعتبر ظاهرة خطيرة على المجتمع، ويعتبر النقاب زيا دخيلا على مجتمعنا وثقافتنا، مؤكدة أن قيادة المرأة المنتقبة للسيارة يمثل انفصاما عجيبا بين الإيمان بضرورة محاكاة الماضى وتكفير الحاضر، وبين الاستمتاع بكل ما أنتجه الحاضر من تكنولوجيا، علاوة على أن النقاب يمثل مشكلة أمنية لإمكانية التخفى وراءه فى نقل المتفجرات والمخدرات، بالإضافة إلى أن النقاب يحجب الرؤية من الزاويتين اليمنى واليسرى لقائد السيارة، ما يتسبب فى الكثير من الحوادث.
 
على أثر ذلك وقع خلاف حاد بين المحامين، وبالطبع رجال دين، وتدخل بعضهم يهاجم الدعوى المرفوعة بمذكرات تؤكد دفاعهم عن حق ارتداء النقاب، وأن القضية جانبها الصواب، وأنه ليس من حقه إلزام رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، بإصدار قرار لحظر النقاب، وأن من حق المرأة المسلمة ارتداء الزى الشرعى الذى أقره الإسلام، والذى ترى فيه المحافظة على احتشامها ووقارها، وهذا ما أرسته مبادئ المحكمة الإدارية العليا.
 
هدأت أزمة قضية «حظر النقاب» فى أواخر سبتمبر 2019 بحكم من الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، بعدم قبول دعوى حظر النقاب فى الأماكن العامة والشارع المصرى، لكنها لم تنته بعد بخروج مطالبات من حين إلى آخر تطالب جديا بمنعه فى الأماكن العامة أو على الأفل فى المؤسسات الحكومية وأماكن العمل.
برلمانيون وأحزاب يدخلون على خط الأزمة
 
 لكن تعيين الفنانة التشكيلية المنتقبة كمدير لقصر ثقافة دمنهور فى محافظة البحيرة نكأ الجرح القديم مجددا.
 
وعلق أحمد عواض، رئيس الهيئة لعامة لقصور الثقافة، على هذه الأزمة قائلا إن تعيين سيدة منتقبة مديرا لقصر ثقافة كفر الدوار «ليس صحيحا»، ولكنها كانت تقوم بتسيير أعمال مدير قصر ثقافة كفر الدوار بصفة مؤقتة لحين اختيار مدير جديد.
 
النائبة بمجلس النواب آمنة نصير، أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، طالبت بإصدار قانون، أو قرار حكومى يمنع ارتداء النقاب فى ربوع الدولة المصرية، وألا يقتصر ارتداؤه داخل الجامعة أو بعض المؤسسات.
 
وردا على من يقول إن النقاب حرية شخصية، قالت «نصير» فى تصريحات خاصة : «النقاب ليس حرية شخصية، كما أن النقاب ليس من الإسلام، بل هو ضد القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى يقول :» قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ، ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ».
 
وتابعت: «النقاب يبطل  مفعول الآيات القرآنية الكريمة للإنسان صاحب الإنسان الذى يمتلك ارادة غض البصر، مضيفة» : «النقاب ليس من الدين الإسلامى بل هو ثقافة وتشريع يهودى كما أن الفقهاء اتفقوا على أن المرأة  تغطى جميع أجزاء الجسم باستثناء الوجه والكف».
 
وقالت: «أتمنى أن يتم منع النقاب بالقانون من مصر، من أجل الأمن والسلامة وأقول للجميع أنه ليس تشريعا إسلاميا بل عادة يهودية، لو النقاب من الدين الإسلامى كنت أول واحدة ارتديته».
 
وتساءلت من يدرك أن من يرتدى النقاب هو سيدة، فمن الممكن أن يكون رجلا يرتدى النقاب ويريد أن يقوم بأعمال تخالف القانون ويرتكب جرائم».
 
الكاتبة فريدة الشوباشى اتفقت مع الرأى السابق ودافعت عنه، وأعلنت رفضها التام  لأن تتولى منتقبة أى مناصب فى الجهاز الإدارى للدولة متسائلة: «كيف ستتعامل مع الجمهور دون أن يرى وجهها ويعرف مع من يتكلم»؟
 
وطالبت بحظر النقاب تماما قائلة: «أنا ليا الحق فى إنى أعرف مين اللى جنبي، إشمعنى هى قاعدة وشيفانا كلنا وإحنا قاعدين ومش شايفينها هى مين» مضيفة : «النقاب ليس له أى مبرر، وأرى أنه يجب أن يمنع نهائيا، ولو عايزة تلبس النقاب يبقى تقعد فى بيتها، لأننا منعرفش مين الشخص دا وأبسط حقوقى إنى أبقى ماشية وعارفة مين اللى جنبى».
 
وتابعت: «الشريعة الإسلامية أرست مبدأ عدم  التعسف فى استعمال الحق، أى حقك ينتهى عندما تبدأ فى مضايقة أو إزعاج غيرك، مضيفة : «المنتقبة تجاهر بحقها أى أنها تخفى وجهها وترانى، فأين حقى أنا فى أن أرى من يتعامل معى» مشيرة إلى أن هناك رجالا يستخدمون ارتداء النقاب لارتكاب الجرائم أو  أى شىء يخالف القانون».
 
وأوضحت أن النقاب ممنوع داخل الحرام المكى، فما الداعى إذن لارتدائه ولذلك لابد من اصدار قانون يمنع النقاب».
 
وردا على أنه حرية شخصية، قالت «الشوباشى» ليس حرية شخصية، وأصحاب هذا الحق فاقدين الحجة» مضيفة: «النقابة ثقافة صفراء واساءة لمصر وشىء زفت يجب منعه تماما».
 
بينما أصدر حزب التجمع بيانا أكد خلاله، أن ارتداء النقاب ليس حرية شخصية بل نوع من أنواع التعصب الدينى.
 
وأعرب الحزب فى بيانه عن تقديره لرد الفعل السريع والإيجابى للدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، والتى سارعت بإلغاء قرار تكليف سيدة منتقبة مديرا لقصر ثقافة كفر الدوار.
 
وشدد حزب التجمع على ضرورة تطهير مؤسسات الدولة - وفى القلب منها مؤسسات وهيئات وزارة الثقافة - من كل أشكال التعصب الدينى سواء بالممارسة أو الزى، مؤكدا على ضرورة إعادة النظر فى معايير اختيار قيادات وزارة الثقافة، التى تمثل إحدى مؤسسات حماية الهوية الوطنية، مطالبا بضرورة محاسبة المسئولين عن اتخاذ قرار تكليف سيدة منتقبة بهذا الموقع القيادى فى المؤسسة الثقافية وهيئاتها الجماهيرية.
 
وقال: «حزب التجمع ومع خالص احترامه وتقديره لمبدأ الحرية الشخصية فى الملبس، فإنه لا يرى فى ممارسة التعصب أى حرية شخصية، ويرى أن احترام الحرية الشخصية فى الملبس لا يجب أن يتعارض مع الأمن القومى، ولا يجب أن يكون حائلا أمام إمكانية التواصل الكامل بين المسئول والجمهور من رواد المؤسسات العامة، خاصة هيئاتها الفكرية والثقافية والفنية والإعلامية.
 
فى النهاية، ستستمر قضية ارتداء النقاب فى الأماكن العامة  أو  المؤسسات الحكومية فى محل الجدل، لكن أحدا لم يمنع سيدة منتقبة من ممارسة حقها فى المشاركة المجتمعية بل إن بعضهن يشغل مناصب إدارية داخل مؤسسات الدولة، إلا أن اختيار سيدة منتقبة كواجهة ثقافية معبرة عن الفنون بأنواعها بخلفيتها وأفكارها والقوانين التى يفرضها عليها ارتداء النقاب أثار تسؤلات بشأن الكيفية التى تدار بها الفعاليات الثقافية على وقع هذا، ما رأى السيدة أسماء فى الموسيقى والغناء والرقص والنحت؟، هل تقبل بإقامة ورش لتعليم التصوير أو الباليه؟ وهل اختفى المسئولون عن الثقافة من محافظة البحيرة لتمثلها سيدة منتقبة؟
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق