100 ألف في ساعتين.. «القرآن الكريم» التجارة الرائجة في مصر
الجمعة، 20 ديسمبر 2019 08:00 م
في أكثر من فتوى أكدت دار الإفتاء المصرية جواز حصول قارئ القرآن الكريم على أجر مقابل تلاوته، مؤكدة في الوقت نفسه أن «القرآن الكريم لا يباع ولا يشترى، وأخذ الأجر على قراءة القرآن الكريم فى العزاء وإنما هو أجر احتباس»، موضحة أن الاحتباس بمعنى أن قارئ القرآن الكريم قد جعل شغله الشاغل هو القرآن الكريم، فتعلمه وجوده على يد شيخ ويتعلم المقامات ونحو ذلك هذا كله يحتاج لتفرغ واحتباس، ثم إنه يذهب للمكان الذى يتلوه فيه ويجلس ساعتين أو ثلاثة أو أكثر أو أقل، وهو يحتبس ويبقى لمدة بيعنها، وبالتالى يأخذ أجر نظير ذلك فهذا جائز ولا شيء فيه.
لكن المغالاة فى أجور قراء القرآن الكريم للحد الذى يطلب فيه بعض القراء مبلغ 100 ألف جنيه مقابل إحياء ليلة، هو ما يثير حفيظة الكثير من جمهور ومحبى قراء القرآن الكريم، وفتح تساؤلات حول مدى التزام هؤلاء القراء بدفع الضرائب وكيفية حساب هذه الضرائب عليهم إذا لم يكن هناك فواتير تثبت ما يتقاضونه؟!
فى البداية، فإن رأى دار الإفتاء يستند عليه قراء القرآن الكريم، فالشيخ أحمد البنا، نجل الشيخ الراحل محمود على البنا، يؤكد أنه يحتبس من وقته لقراءة القرآن الكريم وبالتالى فالأجر حلال ولا شىء فيه مثله مثل أى مهنة أخرى يتقاضى من يؤديها أجرًا عليها.
وأضاف البنا، في تصريحات صحفية: «أما عن قيمة الأجر فكل قارئ يحدد ما يتقاضاه ولصاحب الحفل أو العزاء أن يتمم تعاقده معه من عدمه، فمثلا إذا طلب قارئ 20 ألف جنيه وصاحب الدعوة رفض أو رأى أن المبلغ باهظا فله أن يرفض ويبحث عن غيره»، مشيرًا إلى أنه فى بعض الأحيان يتفاوض ويقلل أجره مثلما كان يفعل والده قديمًا.
يتفق مع الشيخ البنا، القارئ الشيخ محمود الشحات، نجل الشيخ الشحات محمد أنور، قائلا: «نحن لا نطلب 40 مليون جنيه مثل بعض الممثلين والمغنيين، ولكننا نطلب أجرنا عن احتباسنا هذا الوقت وهذا حدث فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وأنا واحد من الناس لا أطلب أجرا بعينه ولكن أسأل من يدعونى عن مقدرته وكم يريد أن يدفع أجرًا لى ونتفاوض ونقرب المسافات، ولا اشترط أجر بعينه».
فيما يعلق الشيخ محمد صالح حشاد، نائب نقيب القراء، شيخ عموم المقارئ المصرية، على ارتفاع أجور القراء قائلاً: «وجهة نظرى الشخصية أنه ليس من المرغوب المبالغة فى الأجور، لأن ذلك يدخل فى نطاق الإسراف، فمثلا إذا أحضرت قارئ للتلاوة فى عزاء مقابل 50 ألف جنيه وأنفقت مثلها على السرادق وذبح شاه مثلا فبالتالى تكون تكلفة هذا العزاء 100 ألف جنيه أو أكثر من ذلك، فهذا من الإسراف وربما كان للمتوفى أبناء قصر، وشقيق المتوفى أو أحد أقاربه هو من ينفق من مال الورثة على العزاء من أجل التباهى ويهدر حق هؤلاء القصر، والله سبحانه وتعالى يقول: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا».
وحول مدى رقابة النقابة على القراء فيما يتعلق بالمغالاة فى الأجور قال حشاد، في تصريحات صحفية: «نحن مثل نقابة الأطباء لا نستطيع تحديد أجر أى قارئ، نحن نراقبه فى عملية الأداء فقط وأحكام التلاوة، وكل قارئ يحدد أجره فمثلا البعض يطلب مقابل احتباسه ساعتين أو ثلاث ساعات مبلغ 10 آلاف وآخر يقدره بـ 50 ألف جنيه».
وأكد حشاد، أن هناك بعض القراء لديهم بطاقات ضريبية فالإذاعة تشترط على القراء الإذاعيين فتح ملف ضريبى لأنه يتقاضى أجرًا من الإذاعة ولكنه يكون خاص بأجر الإذاعة وهو زهيد جدًا، قائلاً: «للأسف لا يدفع معظم هؤلاء القراء الضرائب على الحفلات الخاصة، وينكرون المبالغ الصحيحة التى يتقاضونها فى هذه الحفلات حتى لا يتم تقدير مبالغ أعلى، ويدعى مثلا أنه يتقاضى 1000 جنيه فى الليلة ويحيى ليلة واحدة أو اثنتين فقط شهريًا».
وكشف نائب نقيب القراء، عن أن مصلحة الضرائب أرسلت إلى النقابة كشفًا بالتهرب الضريبى الخاص ببعض القراء، قائلاً: «وافيناهم بالبيانات ولكن لا نعلم ما تم بعد ذلك». من جانبه، يؤكد عبدالمنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب السابق، أن هناك أزمة فى السوق المصرى بصفة عامة فى عدم إصدار فواتير أو إيصالات مهنية بالخدمة المقدمة، سواء كان قارئ قرآن كريم أو أطباء أو محامين أو مهندسين أو مدرسين دروس خصوصية.
وتابع مطر فى تصريحات صحفية: «نحتاج إلى وعى المجتمع بأن يحرص كل مواطن على المٌطالبة بفاتورة مقابل أى خدمة يتلقاها، فى هذه الحالة سنستطيع الوصول إلى حجم أعمال كل مقدم خدمات أيًا كانت الخدمة التى يقدمها ونعلم قدرها وقيمتها وبالتالى تحديد الضريبة المستحقة العادلة ونخرج من دائرة الخلاف الذى يقع حينما تجتهد المصلحة فى تقدير الضريبة المستحقة، وقد تكون لا تمثل الواقع سواء بالزيادة أو النقصان مما يسبب مشاكل بين المصلحة والممولين».
وأكد رئيس مصلحة الضرائب السابق، أن أى مؤدى خدمة لابد أن يكون له بطاقة ضريبية فالقارئ يدخل عن طريقة نقابة قراء القرآن الكريم وبالتالى يتم تسجيله فى الضرائب، ولكن السوق غير الرسمى الذى تعانى منه مصر فى مهن كثيرة والتجارة والمصانع الصغيرة «تحت بئر السلم»، على سبيل المثال كل ذلك يتهرب من الضرائب ولا نعلم عنهم شىء.